الثلاثاء، نوفمبر 07، 2006

مع المباراة اضبط مقاس الزوجة

مع المباراة اضبط مقاس الزوجة نشرت بجريدة اليوم ملحق الأحساء بتاريخ 13-6-2005
لا زالت صورة النافذة الزجاجية الصغيرة مع الإطار الخشبي ورائحة الأقمشة الجديدة والألوان العاصفة مع الأوساخ التي هنا وهناك والأوجه الداكنة النحيلة غير البريئة ، وأصوات متقطعة لمكنة تزعج الأذن لعشر ثوان ثم تتوقف ثم تعاود وهكذا ..
الوجه المغطى طيلة الطريق والسكة ،والذي منعت منه السيدة أو الفتاة بني عمومتها وأخوالها لا يلبث أن تقوم برفع الغطاء لتكشف عن وجهها وبكامل زينتها من كحلة العين إلى مورّد القدود إلى أحمر الشفاه ، والحديث الذي يمتد مع الخياط الهندي بكل تفاصيل الفستان من الموديل وإلى الموضة ومن البلوزة وإلى التنورة وإلى مصطلحات كثيرة لا أفقه فيها شيئا حتى هذه اللحظة ، لكن لأني صغير في السن حينها فكانت السيدة لا تأبه لوجودي أيضا داخل المحل وبالتالي إذا انتهت كافة اتفاقية الفستان ، وموعد الإنجاز ، والتأكيدات على السيد (رفيق ) بكافة العبارات مثل ( تِكءفَى ) و ( الله يخلّيك ) كلمات ربما حرِم منها الزوج إلى كافة الرجاءات بأن ينتهي من الفستان بسرعة وفي التاريخ المحدد لأنه موعد الحفلة الفلانية أو العلاّنية ، وبعد الاتفاق على السعر ولم يبق إلاّ المقاسات التي ربما لا يسعفها فيها الثوب القديم لتغير طرأ في مقاساتها ، فحينها لا تمانع بدخول المحل ليأخذ الأستاذ رفيق المقاسات بنفسه ليتوقف بشريط المقاس في الأماكن التي يريد أن يتوقف عندها بحجة أخذ المقاس !
تلك المهزلة التي عشناها في أول الثمانينيات الميلادية ، قضت عليها جهود الخيرين والغيورين بأنظمة مثل منع دخول الزبونات إلى داخل محل الخياطة ، ومثل عدم السماح بفتح دكاكين خياطة في وسط الأحياء واشتراطهم كونها في الزوايا ، وغيرها من الاشتراطات التي حدت من مشكلات الخياطين .
لكن ما حدث في إحدى ليالي عروض مباريات المنتخب الأخيرة ، أني ذهبت مع زوجتي إلى أحد خياطي النساء ، فصادف وصولنا وجود عدد من النساء عند النافذة الأولى ووجود امرأة مع زوجها فيما يبدو عند النافذة الثانية لمحل الخياط
وكانت الزوجة تتحدث إلى الخياط مدة طويلة في شرح لأمور وتفاصيل الفستان ولم يتبق إلا المقاس ، فقام الزوج بالتبرع بأخذ متر المقاس من الخياط وفي الشارع وأمامنا أنا والزوجة والأطفال تم أخذ المقاسات المطلوبة تحت توجيهات السيد الخياط ( رفيق )
طفلي (عبدالمجيد) وآه طويلة من عبدالمجيد يمتلك ضحكة مستفزة لم يتمالك نفسه بإطلاقها حين رأى هذا المشهد غير المألوف حتى لطفل لم يتجاوز الخامسة ، كانت اللقطة سريعة وأصابتنا جميعا بالذهول ، لكن فيما يبدو لي أن عجلة الزوج ليدرك ما تبقى من المباراة ، وخلو الشارع من المارّة مبرر قوي لأخذ المقاسات في الهواء الطلق