السبت، نوفمبر 04، 2006

قلب المدرسة إلى بيت والعكس

قلب المدرسة إلى بيت والعكس

لماذا يندفع الطلاب مع أو قبل قرع جرس الحصة الأخيرة من كل يوم دراسي ويزداد هذا الاندفاع قوة وشراسة وأصواتاً صاخبة إذا كان اليوم هو يوم الأربعاء ولربما شاركهم هذا الاندفاع بعض المعلمين.
ونجد الحال مختلفة حال انطلاق الطلاب متثاقلين من أسرة النوم وتململهم عند الإفطار وصمتهم المطبق وبعضهم يزيد على الصمت (تلثما بالشماغ) لا تكاد ترى إلا عينين تنكفئان على بعضهما توجسا وخيفة وسأما ومللا.
وبعض الصغار وقبل أن ينتهي الأسبوع التمهيدي لاستقبال الطلاب الجدد ما إن يتذكر البيت إلا ويصيح قائلا: (أبي أمي أبي أبوي).
السؤال هنا هل البيت هو مراد الطالب؟ وأن المدرسة تشكل الحبس والسجن إلى درجة يفكر معها بعض الطلاب بل ويقدم على الهروب منها قفزا على الأسوار.
لا أظن ذلك وقد يكون..! ودعني أتبع السؤال بسؤال آخر هل نحاول قلب بيئة المدرسة إلى بيئة المنزل لكي يقبل الطلاب على المدرسة بنفس إقبالهم على البيت؟!
كل التربويين يسعون إلى عملية تبييت المدرسة ويشجعون على جعل المدرسة بيوتا للطلاب وسكنا لهم بل يعملون جاهدين لتكون المدرسة أفخم من البيت، وتتعدد بها وسائل التعليم والترفيه واللعب ومع ذلك مازال الطلاب يندفعون بسرعة عند الخروج من المدرسة ويتهادون عند الدخول إليها.
أظن، وبعض الظن ليس اثما، أن المشكلة التي وقع فيها التربويون أنهم لم يتوجهوا للطلاب الهاربين من جحيم المدرسة، ما الحل؟ وما المطلوب لكي يحبوا المدرسة، بل اجتهدوا من تلقاء أنفسهم ليجيبوا عن طلابهم؟ لماذا يحبون المدرسة ويكرهون البيت أو العكس؟
بعض الطلاب ربما يكره الاثنين ويحب الشارع، والبعض الآخر يجد في التسكع والمقاهي و(الدشرة) مراده وشخصيته، وتلاحظ قارئي العزيز تعدد الإجابات والرغبات والمؤثرات، وبالتالي يجب علينا أن نعدد الحلول أيضا، ولا نكرر العلاجات المستخدمة قديما، التي قد لا تصلح في هذا الزمن، ولنعمل على الاستفادة من علوم النفس الحديثة لقراءة شخصيات الطلاب والمؤثرات التي عليهم، ثم العمل ببرامج نفسية مبتكرة إيحائية تجعل الطالب يبيت المدرسة إن كان محبا للبيت ويمدرس البيت، إذا كان محبا للمدرسة ويمشرع المدرسة إن كان محبا للشارع.
وعند هذه النقطة يمكن أن يأتي سؤال متمدداً ـ أقصد يطرح نفسه ـ هل تقصد أن يكون هناك جو خاص لكل طالب، حتى يحب المدرسة وبالتالي يبدع وينتج ويتعلم؟
لأجيب إذا تعرفنا بالضبط ماذا يريد الطالب.. أعتقد أن من السهل أن نوفر له ما يرضيه أو قريبا منه، لكن المشكلة أننا لا نعرف، وبالتالي نضع حلولا لمشكلات ليست أساسا، وإلى أن نجد الحلول ستواصل الأجيال تذهب إلى المدرسة بأشكال جديدة من العبوس.

نشرت في جريدة اليوم ملحق الأحساء عدد يوم الخميس الموافق 16/9/2004