الثلاثاء، نوفمبر 07، 2006

يا فرحة ما تمت

يا فرحة ما تمّت ؟! نشرت في جريدة الحياة عدد يوم الإثنين 6-11-2006

تتحرك الأوراق النقدية أمام أعين ( ع.ع) وهو يسمع صوتها ترتطم الواحدة بالأخرى بين أصابعه بطريقة أوتوماتيكية تجمعت عنده بعد سنوات من عمره ووظيفته التعليمية التي علمته العد وجدول الضرب والقسمة وحساب الأرباح والخسائر ، موسيقى الأوراق النقدية ومنظرها الأخّاذ اللذيذ ، لم يقطعا فكره وهو يتذكر أنه عمل في وظفيته الحكومية وقارب التقاعد لكنه لم يصبح من أصحاب الثروات كما كان يحلم في صغره ، لكن - ويبتسم ابتسامة فيها نوع من المكر والدهاء – أحسن مشروع استثماري قام به ، هو زواجه من ( معلمة ) الله عليك يا أم محمد إذا انتهى الشهر وأعطيتني( الشيك )وأنت تقولين لي (سم يابو محمد) ، يا أم محمد؛ الخير قادم في الطريق ، والفقر راح ، و الزمن تغير ، وهذه الخمسة آلاف ريال التي استعدتها من أخي بعد أن ماطلني فيها كثيرا قد رجعت وغدا أضمها مع بقية المبلغ لتكون عندي 100 ألف ريال ، أغامر فيها مغامرة العمر ! نعم المغامرة كبيرة ، لكن أنا لست فأر التجارب بل تريثت و شاهدت وسألت عن شركات استثمار الأموال حتى وصلت لمرحلة اليقين أنّ المال فيها أمان ، و الأرباح سوف تأتي بعد ستة أشهر بالضبط.

تخلص (ع.ع) من أي خوف تسرب إلى نفسه أو تشكيك وقلّل من قيمة التحذيرات التي قرأها في الجرائد،نحن أذكياء ولا تؤثر فينا مثل هذه التحذيرات فالتجربة خير برهان فما دام الناس حققوا أرباحا فحشر مع الناس (عيد) ،

بعد شهرين من عملية المغامرة المحسوبة والمحسومة النتائج ، جرت الرياح بما لا يشتهي ( ع.ع) وانقلبت الأرباح الكبيرة إلى خسارة فادحة ، نحن هكذا ، نحب هذا النوع من المغامرات وننجرف وراءه ، ولا نتوب ، ونكرر الخطأ تلو الخطأ ، والمشاكل التي من هذا القبيل تقع أحيانا بشكل وبائي وفي عائلة واحدة تجد أكثر من مصاب ولعل خسارة أكثر من خمسين فردا و من عائلة واحدة في مساهمة شركة خليجية وهمية وبمبلغ طائل وبالملايين شاهد آخر ، والرحا تدور وتطحن المزيد من الطامعين ، تلك المأساة التي خرج بها الناس من شركات توظيف الأموال لم يتوبوا منها بل لملموا جراحهم بعدها ودخلوا في منافسة حامية الوطيس ومع سوق الأسهم التي لا يعرفون أدبياتها ولا طريقة التعامل معها وبدون أدنى ثقافة دخلوا برؤوس أموالهم بل وبقروض بنكية في تلك الأسهم ليخرجوا بجراح جديدة غيرت من واقع بعض الأسر والمستوى المعيشي الخاص بها وقلبت وغيرت من تركيبة المجتمع لتهوي بأناس إلى الفقر ومد اليد !

ولا ندري ما تخبئه الأيام من مفاجآت خاصة باستثمار الأموال وحلم الثراء السريع الذي يداعب أخيلة أناس كثر وفي انتظار ضحايا جديدة لتلك المغامرات التي أصبحت سمة من سمات هذا الجيل المندفع وراء الأحلام .