السبت، نوفمبر 04، 2006

قاوم لو تقدر

قاوم لو تقدر؟!
عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 17/10/05//
في العصور القديمة القديمة، كان البيع والشراء يتم على الفطرة، يعني «شاطر ومشطور وبينهما طازج»، بائع ومشتر وسلعة وبين البائع والمشتري «يفتح الله».
أما في آخر القرن الثامن عشر، عصر الإنتاج وثورة الصناعة وكل ما يصنع يباع، فالأسواق تحتاج إلى بضائع، والعالم يعيش ثورة صناعة ويحتاج مستهلكات كثيرة، لا تكاد تفي مصانع أميركا العجيبة بها، ناهيك عن دول العالم المتشوقة لكل منتجات أبناء «العم سام». وعلى فكرة، الكثير يسميها بلاد العم سام، لكن القليل يعرف قصة التسمية، وهي أن البضائع الأميركية كانت تأتي في صناديق ويكتب عليها الولايات المتحدة وبحرفين فقط وهما US، اختصاراً للكلمتين، وكانت مشابهة لاختصارات الظروف البريدية التي تكتب عليها كلمتا العم سام بالانكليزية Sam uncle.

ولعل فترة الانتخابات التي مرت علينا هي أكثر مدّة هاجمتنا فيها إعلانات المرشحين حيث تنوعت بين الورقية والرسائل والإعلانات في الصحف والصور في الميادين والطرقات والأشرطة السمعية والمخيمات... فيوم ما قبل الاقتراع أحصيت أكثر من 30 رسالة تلقاها جوالي للمرشحين.
ومع هذه الهجمة الشرسة للإعلان عن السلع والمنتجات بكل الطرق والوسائل إلا أن المقبل أكثر خصوصاً بعد دخول السعودية منظمة الغات قبل نهاية العام.
الإعلانات تهجم على المستهلك المسكين لتقضي على وسائله كافة للحفاظ على مرتبه، وهناك دراسة بينت أن حصة المواطن العربي لا تزيد على ثلاثة دولارات في العام من الإعلانات، بينما الياباني تزيد حصته على 45 دولاراً. وكلما انتعش الاقتصاد زادت حدة الهجمة.
وليس بسر أيضا الزيادة الكبيرة والضخمة في سوق الإعلان الخاصة بشهر رمضان المبارك وأنها مثل هذا العام تضخمت بشكل حاد جداً حتى انها وكما عبر بعض المتخصصين أخذت منحى خفياً بدخولها وسط مشاهد البرامج الفضائية والتمثيليات التي تتعمد إظهار نوع من السيارات أو المشروبات.
وإن الكاسبين الكبار لتنامي غول الإعلان وشركات الإعلانات هم المشاهير من اللاعبين والممثلين والمغنين حتى ان شركة أميركية دفعت لمغنية لبنانية مشهورة من النوع الذي تقتصد كثيراً في الملابس التي تظهر بها. ودفعت لها ما يقارب مليوني دولار لتصوير إعلان واحد عن منتج مشروبات غازية.
وحالياً نعاني من إعلانات العقاريين وتجار العقار والمساهمات التي غطت على كل الإعلانات السابقة. وإن من أسباب زيادة الإعلانات أيضا توجه الشركات الأجنبية للإعلان عن منتجاتها في المنطقة بذاتها بدل الوكيل والموزع فالشركات ترصد موازنات ضخمة للإعلان، فهل تعلم عزيزي القارئ أن موازنة الإعلانات الخاصة بشركات مطاعم الوجبات السريعة تزيد على بليوني دولار سنوياً ولعل هذا يفسر لنا المجلاّت الإعلانية الفاخرة التي توزعها مطاعم الوجبات السريعة علينا بالأطنان على سياراتنا وتحت أبوابنا وعند الإشارات الضوئية ومع صحفنا اليومية ما سبب نكسة للمطاعم الشعبية والعربية.
نحن الآن في عصر ثقافة الاستهلاك غير الواعي، والمطلوب فقط يا عزيزي، قاوم الإعلان لو تقدر!
بعد عصر التصنيع جاء عصر التسويق بكل طرق التسويق، حيث الإعلانات تحاصر الناس في كل الأرجاء والطرق والبيوت، تفتح الجريدة فتجدها ملأى بالإعلانات، تخرج إلى الشارع فترى الإعلانات من حولك، تفتح التلفاز فتشاهد إعلانات، تفتح الراديو فتسمع إعلانات، أصبح الإعلان تجارة كبيرة في الانترنت، والجديد تباغتك رسائل على جوالك لمنتجات دعائية كثيرة.