السبت، نوفمبر 04، 2006

حدوته حساوية

حدّوته حساوية نشرت في جريدة اليوم محلق الخميس

انتهى بها المطاف إلى مستشفى الصحة النفسية لتكتب لها المهدئات وتظل هكذا تلوم حظها وتدعو على من تنكر لها وتنتظر الممات ، أقسم بالله أن القصة التي سأنقلها لكم حقيقية وليست من نسج الخيال وأنها وقعت عندنا في الأحساء ولشخوص أستطيع تسميتهم , وربما ألقوا علي الملامة أن حدّثت بقصته أو قصتها ، لكن أذكر القصة هنا لأبث لكم شيئا من الألم يعتريني بين الحين والحين إذا تذكرت قصتها .

... امرأة حباها الله من الجمال ما الله به عليم - يا مفتوني فتيات الفضائيات ويا متابعي مسابقات جمال العالم أكاد أقطع بأن تاريخ المسابقات لم يأت بمثلها أبدا- ولا أريد أن أبعد في وصف تلك المرأة الجميلة التي فزت منها بقبلة طبعتها على خدي ذات مرة (طبعا وأنا صغير )!!

أضف إلى هذا الجمال جمالا في الروح وخفة الظل والابتسامة التي لا تكاد تفارق محيّاها ، وتستطيع أن تسمع وسوسة حليها أو ما نسميه (معاضدها ) إذا تحدثت وأخذت تشير بيدها

ما المشكلة إذن ؟

تزوجت كغيرها من الفتيات وهي صغيرة السن ولم يكن زوجها بصاحب الأموال الطائلة ولا التجارة الكبيرة،بل فقيرا يسكن شيئا يشبه البيوت وليس يصح تسميته بالبيت ،عاشت معه وليس عنده سيارة ، امتهن البيع والشراء في غير محل يعني تاجر خردة ، فالحال معهما مستورة ربما وجدا عشاء وربما لم يجدا فيبيتان طاويين ،

في أيام شهر آب ( أغسطس ) وأيلول تكون الحرارة عندنا في الأحساء أشد ما يحتمله البشر ، يرجع زوجها إلى عشه ويجد تلك العصفورة ( الزوجة ) الوفية في انتظاره وخلف الباب مباشرة وقد جهزت فوطة بللتها بشيء من الماء ( طبعا لا يوجد عندهم جهاز تكييف الهواء )فتستقبل ذلك الزوج المحظوظ استقبال (سي السيد ) وتساعده في إيقاف الدراجة الهوائية ( السيكل ) عند الباب الذي عاث به الصدأ .

صبرت هذه الزوجة على هذا العيش ، وقنعت بهذه المعيشة وتظل تهذي في مجالسها بهذا الزوج وتمجّده ولا تمل من حديث المدح فيه بالحقيقة والخيال والصحيح وغير الصحيح حتى أصبح اسم زوجها يجري على فمها أنشودة جميلة شجرة وارفة تظلله

ما أجمل الشجرة خضراء مزدهره ( اعتبروها فاصل إعلاني مع وافر التحية لشركة سنا)

ثم ، فتح الله بابا من الرزق واسعا على الزوج وأصبح الرجل يعيش عيشة مختلفة ...تغيرت الثياب ، وتغيرت العطورات ، وأخذ يغير في السيارات يركب هذه ثم هذه ويروح ويجيء ، سعدت كثيرا صاحبتنا وحُق لها أن تفرح ، لكن شيئا كان يعكر على الزوجين السعيدين صفو حياتهما وهو أمر ليس بالهين ، ويصعب على النفوس تجاوزه – أثق كثيرا في حدس القارئ بتوصله إليه – وهو أن الله لم يكتب لهذين الزوجين الولد !

حكمتك يارب ، )لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) الشورى49-50 شعر الزوج أن كل ما ينقصه الآن هو الولد لتتم له السعادة ، وبالطبع هداه الشيطان إلى أن الزوجة الطيبة هي سبب تعاسته وأنها العقيم النكدة التي يجب التخلص منها فهي لا تستحق العيش في هذا القصر المنيف ؛

ونفذ خطته وطلق زوجته ورمى بها في بيت أبيها بعد كل هذه السنوات وبعد كل هذه العشرة الطيبة ، لم تحتمل صاحبتنا هول الصدمة والفاجعة وحق لها ذلك فمصيبتها تنوء بحملها عصبة من الرجال فكيف بها امرأة ؟! أخذت تهذي ،أخذت تبكي ، تضحك ،تتوعد، توصلت بعد مدة إلى المصحة النفسية !!

لازال أبطال القصة أحياء و لم تنته القصة المؤلمة وأترك لكم وضع النهاية المناسبة أنتم لكنها حدوته حساوية .