الخميس، نوفمبر 02، 2006

حياة الحساوي تساوي ثمانية آلاف ريال

حياة الحساوي بثمانية آلاف ريال فقط

حينما نقلت إحدى الجرائد السعودية خبر الشاب الأحسائي الذي ارتقى مبنى عاليا في أحد الأحياء وأوشك على أن يرمي بنفسه من سطح عال نظراً لضائقة مالية يمر بها

فعزم المسكين على أن يرمي بنفسه وتجمهر الناس وجاء الدفاع المدني وجاء الصحفيون وما بين عزمه وبين محاولة الناس معه بأن يعدل عن رغبته ، تبرع أحد الخيرين بالمبلغ الذي لم يتجاوز ثمانية آلاف ريال سعودي فقط لتنتهي بذلك مسرحية الإلياذة الحساوية في مأساة همويروس الحساوي

الحمد لله أن الشاب طلب المبلغ بالعملة المحلية ولم يحسب عامل انخفاض القيمة الشرائية للريال مع ارتفاع اليورو الأوربي بنسبة 40% ؟!

يقال والعهدة على الراوي أن الشاب صرف المبلغ وعاد مرة أخرى ليبحث عن متبرع جديد ولكن هذه المرة لم يجد من يضحك عليه وبالتالي نزل بهدوء بعد انتهاء المشهد ، إذن لم يسقط الشاب لكن سقطت أسئلة كثيرة مع الحادثة ...

لماذا ننتحر ؟ وما الأسباب المؤدية للانتحار ؟ هل ضعف الوازع الديني عند الناس لهذا الحد ليضربوا بعقاب الخلود في النار عرض الحائط ؟

ولماذا ثمانية آلاف فقط ؟

ومتى ستصلنا ثقافة الانتحار الجماعي ؟

ومن المسؤول عن الظاهرة؟ وكيف نعالجها ؟

وهل يعلم القارئ أن هناك مواقع في الانترنت تشجع بل وتساعد على الانتحار ؟

على ذمة " زافين " مقدم البرامج في إحدى القنوات الفضائية أن السعودية أعلى الدول العربية انتحارا وفي إحصائية أخرى اطّلعت عليها مؤخرا أن مصر هي الأعلى، لكن بغض النظر أين موقع السعودية من الانتحار إلا أن ثقافة الانتحار وجدت طريقها إلى عقول الفتيان والكهول بشكل مفاجئ يدعو للتملي والدارسة ؛ الدراسات طرحت سببا رئيسا لقضايا الانتحار وهو المال ومع ذلك نجد أن السويد تسجل حالات انتحار كثيرة رغم الحالة المادية الممتازة .

ولقد تتبعت لمدة عام كامل أو يزيد الصحف اليومية بحثا عن حالات انتحار أحسائية فوجدتها نسبة قليلة جدا تكاد تقترب من العدم إن لم تكن العدم نفسه .

وأظن أن الطبيعة الاجتماعية لأهالي الأحساء وعدم دخولها النادي الصناعي المادي قلّلا من أزمة الانتحار لكن بطل المسرحية الانتحارية السابقة لم يهدف إلى الانتحار أبدا بل قصد طريقة جديدة من طرق وأساليب التسوّل التي ما تلبث أن تجدد وتتلون دائما .

وأذكر أن أحد أولياء أمور الطلاب جاءني يطلب المساعدة في مشكلة أخيه الأصغر الذي يهددهم بالانتحار مع أن أخيه لم يتحمل مسؤوليات فهو طالب مرحلة ثانوية .

وإن أبشع ما قرأت من قصص الانتحار بسبب المادة هو ذلك المصري رب العائلة الذي لم يجد ما يقوت به أولاده فلجأ لاحتساء السم وكانت جريمة الانتحار .

إذن لنتحمل مسؤوليتنا جميعا أمام شبح الانتحار الذي يوشك أن يغزونا ولتقم المؤسسات الاجتماعية خاصة النوادي التي اكتفت بنتائج مباريات القدم فقط ولا نشاط آخر تقوم به ولنفسح الطريق أمام المؤسسات الاجتماعية الخاصة لتزوال مهامها بل لا أبعد إذا ما قلت أن ننشئ عيادات خاصة لمكافحة الانتحار قبل وقوعه فثمانية آلاف ليست بالكثيرة لحياة إنسان حتى ولوكان حساويا .