السبت، نوفمبر 04، 2006

لماذا استمر «طاش ما طاش» وتوقف القرني؟
عبدالمنعم الحسين الحياة - 27/12/05//
في السنوات الأخيرة، كثرت الانتقادات على مسلسل الترفيه والفكاهة الأول على مستوى الخليج «طاش ما طاش» والذي توسع هذه السنة بدرجة كبيرة، صار معها يضخ الملايين في حسابات أصحاب المنتج (السدحان والقصبي) وتوسعت شركتهم الخاصة لمنتجات أخرى مثل مسلسلات الرسوم المتحركة، والألعاب، والكماليات الشبابية.
الانتقادات توالت وتواصلت على الجوال وعلى الانترنت بل أكثر من ذلك صدور فتوى من هيئة كبار العلماء في شأن مسلسل، وإلى حد وصلت معه التهديدات بالقتل للقائمين بالأدوار الرئيسة في العمل.
وفي كل سنة ينتهي العرض ويقال إن هذه آخر مهزلة تقدم وستتوقف المسرحية، ومع ذلك يستمر الإسفاف ويجلس الناس أمام الشاشات حتى يطمئنوا إلى أنه الإسفاف ذاته أو زاد قليلاً، ويستمر الكتاب في نقدهم للعمل على أطيافهم ومشاربهم كافة، وكأن العمل بات شكلاً من أشكال رمضان، يصعب تصور رمضان من دونه ومن دون الكلام فيه
المسألة لم تقف عند التيار الديني المتشدد، بل وصلت إلى خطب منبرية ومطبوعات وكتابات وأشرطة وإصدارات تحذر الناس من مشاهدة المسلسل، وبذلك - شعروا أم لم يشعروا -سوقوا المسلسل أكثر وأكثر حتى بلغ مبلغاً يدخل فيه إلى مكتبة الكونغرس الأميركية كعمل فني مميز.
ولعل من الطريف أن جاءني أحدهم يناشدني تأخير صلاة العشاء قليلاً أيام رمضان، والسبب حتى يتمكن من مشاهدة حلقات المسلسل، وأنه يدخل إلى الصلاة وقلبه مشغول بما سيعرض من أحداث طاشية!
إن ما حدث مع هذا المسلسل هو أمر ينبغي أن ينتبه له الدعاة والمصلحون والذين انبروا لمهاجمة طاش دون غيره، والعلة أن الناس يشاهدونه ويتابعونه، وبالتالي يجب أن يدلوا بأصواتهم التحذيرية من مشكلات المسلسل مثل بعض الصور الآثمة التي تنقض الوضوء. إن فقاعة طاش ما كان لها أن تمتلئ بالهواء وتعلو إلا بسبب نفخ هؤلاء المحاربين الأشداء. فكلما زاد نفخهم ارتفع صوت طاش في الأرض، حتى غدا طاش شكلاً من أشكال الهزائم المتتالية التي تلقاها أعداؤه من الصف الديني في هذا العصر. وهي ضحكة مثل ضحكة الجهاد الأفغاني وغزوة نيويورك ومحاولات التخريب داخل الأراضي السعودية. وانتهاء بأشرطة وفتاوى وأناشيد التفجير والدعوة له. هي هزيمة، ويجب أن يعترفوا بأنهم هزموا أمام مسلسل، وليس القوة في المسلسل، ولكن لأنهم تركوا ما هو أهم وانبروا لمحاربة مسلسل موسمي، وكأن ما حصل ما هو إلا نوع من تلبيس إبليس وألاعيبه وخدعه التي يَخدع بها الدعاة المندفعين.
السؤال الذي يواجهنا هنا: هل يقارن الهجوم الذي تلقاه القرني بالهجوم الذي تلقاه أصحاب المنتج الطاشي؟! هل يحمل «الطاشيون» أمصالاً واقية من الهجوم الحاد والمتنوع والكثيف يقيهم التوقف والاعتزال؟! أو لنقل بطريقة أخرى ما الذي يحمل شيخاً من شيوخ الكتب وأشرطة الكاسيت والفضائيات والإذاعات وأغلفة المجلات وموائد الانتخابات على أن يعتزل هكذا فجأة؟
إن ما حصل من الدكتور عائض لهو غريب جداً، ولا ينسجم أبداً مع ما يردده من أبيات وحكم وقصص في أحاديثه حول الصبر والابتلاء ومواصلة الطريق... وغيره.
أختم بهمسة في أذن الدكتور عائض - بغض النظر عن قناعتي الخاصة بآرائه أو عدم اقتناعي -: «إن طاش لم يتوقف... فكيف تتوقف أيها الشيخ؟!»