الخميس، ديسمبر 06، 2007

شهداء حريق الحويه

شهداء «حريق الحوية»
عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 04/12/07//

«إنا لله وإنا إليه راجعون»... مأساة وحزن كبيران يلفاننا ويلفان أسر شهداء الواجب كافة، الذين وافاهم الأجل المحتوم، وكانوا على موعد مع القدر ليل الأحد الماضي، قرب الإحساء، وقرب معمل غاز الحوية التابع لمشاريع شركة أرامكو السعودية... الانفجار الذي وقع، بحسب التحليلات والأخبار، بسبب تسرب غاز مفاجئ كان هائلاً لدرجة انقلاب الليل نهاراً بظهور شمس ساطعة في عز الليل، بحسب ما طالعته من وصف، وما شاهدته من صور شتى يمثل حادثة هائلة لا يستهان بها، إذ امتدت ألسنة اللهب إلى دائرة قطرها 100 متر من النيران شديدة الحرارة الحارقة لدرجة انصهار المعدات والكائنات الحية في كل محيط الدائرة، ولدرجة التلف الكامل للآليات الكبيرة التابعة لشركة المقاولات المتعاقد معها من شركة أرامكو، وبعضها من قوة الانفجار تطاير بعيداً عن مركز الانفجار!
بالفعل، الصور مؤلمة جداً، والكارثة أكثر إيلاماً عندنا في الإحساء، نظراً إلى أن عدداً غير قليل من المتوفين والمصابين من المحافظة، أحد الموظفين عندما حاول أن يتمالك نفسه حين علم بالحادثة، خصوصاً أن أحد أصدقائه المقربين كان من العاملين في الموقع، غطت سحابة من الحزن وجهه طيلة اليوم. الإحصاءات الأولية للمصابين والقتلى كانت تتحدث عشرة واثني عشر، في ما ارتفع العدد إلى الخمسين قتيلاً عدا المصابين، في ما تجري التحقيقات لمعرفة أسباب الانفجار الحقيقية، وتقدير الخسائر المادية. مسكين الناجي الوحيد «محسن العلي» الذي أبلغ بالحادثة، إذ أصيب بحالة من الهستيريا من هول الموقف، وما جرى وما شاهد من صور قاسية جدا للجثث وأشلائها المتناثرة هنا وهناك، ما جعل من الصعب التعرف على هوياتهم من دون الاستعانة بالحمض النووي للتعرف عليهم، ولعل أشد الصور إيلاماً تلك الجثة القريبة من الموقع، إذ عثر على صاحبها في وضع يغطي وجهه محاولاً حمايته من ألسنة النيران الحارقة من دون جدوى، خصوصاً أنه أحد المفتشين ويعرف معظم العاملين هناك.
العمال الذين لم يكونوا في الموقع ووصلوا هناك لاحقاً وشاهدوا موقع الحادثة بعد السيطرة على النيران المشتعلة، وهو ما للإشادة بسرعة وصول الفرق المتخصصة في الإنقاذ، ووضوح أثر التدريب والتأهيل الكافيين لأفراد الدفاع المدني، وفرق الإنقاذ المتخصصة في التعامل مع نيران معامل الغاز بمشاركة الطائرات المروحية وعربات الإسعاف، والتوزيع الجيد للمصابين على المستشفيات القريبة والتنسيق الرائع بين تلك الفرق الإنقاذية... كل ذلك خفف من المأساة وسارع بمعالجة الموقف، أيضاً حضور مسؤولي الشركة في وقت قريب لمتابعة عمليات الإطفاء والإنقاذ والإشراف عليها أسهم في السيطرة على الحدث وتجنب امتداد واتساع دائرته وانحسار خسائره، على رغم أن الانفجار الهائل كان صعباً للغاية وهائلاً لدرجة أنه ربما يكون من أقسى الحوادث التي وقعت في أحد مرافق الشركة أخيراً وربما منذ إنشائها حتى عبّر عن ذلك أحدهم بقوله أنه «أحد أرامكو الأسود»، كما عبر أحدهم قائلا «إن الموت مرّ من هنا»!
كل التعازي لأسر شهداء الواجب العاملين الذين ماتوا وهم يسعون من أجل أرزاقهم وهم بملابس العمل الشريف والعمل عبادة، يجب أن نحتفي بهم ونترحم عليهم ونواسي ذويهم، ونكافئهم بأعطيات وتعويضات تساعدهم على تجاوز مآسيهم، خصوصاً أن بعضهم هو العائل الوحيد لأسرته، وبعضهم ترك أماً مريضة بالكلى وغيرها وغيرها، ولعلي أشيد بموقف رئيس أرامكو عبدالله جمعة وحضوره شخصياً مجالس العزاء وهو موقف نبيل يحسب له. نسأل الله تعالى أن يتغمد أرواح شهدائنا بالرحمة ويرزقهم الجنة ويسلي أهاليهم، وأن يرشد المسؤولين هناك إلى الطرق والوسائل التي تمنع تكرار الحادثة المأسوية... و»إنا لله وإنا إليه راجعون».

الجمعة، نوفمبر 30، 2007

إغماءة الحديقة

إغماءة الحديقة

مقالة لم يكتب لها النشر في أي من الصحف

الكل يقول إنه حق وإنه حق مشاع وأنّ الفطرة معه وأنّ الأبحاث العلمية بينت أن الرجال في تركيبتهم العقلية يتوقون للارتباط بأكثر من أنثى كما قرر ذلك مؤلف كتاب زوجة واحدة لا تكفي وكثير من المشكلات تقع في الغرب من جراء مشكلة الخيانة الزوجية وأكثر من ذلك بجاحة لما تقع في سن متأخرة ويكون بها الرجل ضرب أروع المثل في نكران العشرة والوفاء والسلوك العدواني التوسعي بغريزة حب التملك والتنوع والتذوّق نحو نساء أخريات ، والعجيب أنّ الرجال يمارسونه على أنه حق مشروع كفله لهم الشرع بتعدد الزوجات بأي طريقة كان ذلك الزواج متعة أو مسيار أو مصياف ...أي شيء المهم بصبغة شرعية يتوجه الزوج ليرتبط بزوجة إضافية بسبب أو بدون سبب فهو لا يحتاج أبدا أن يعطي مبررات ولا أسباب بل لا يلزمه أن يعطي زوجته وقرينته الأولى أي خبر أو علم أو إفادة بمشروعه التوسعي الجديد بل هي تعلم بخبر زواجه من الناس أو بالصدفة ، وليس كل ذلك مؤداه بسبب خوف من الزوجة الأولى بل هي أسباب متعددة معقدة اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا تجعل الزواج الثاني غالبا ينطلق سريا في عصر الفضائيات وعصر الجوال والكاميرات والانترنت لكنها محاولة تقليدية تشابه سلوك وزارة الثقافة والإعلام من منع بعض الكتب والمطبوعات ومن مثل سياسة حجب المواقع على الانترنت غير المجدية ففي النهاية سيشاع أمر الزواج بعد ساعات من نية الزوج وليس من عقد النكاح وبالتالي أنا شخصيا أدعو كل زوج يفكر بالاقتران بزوجة إضافية أن يخبر بذلك المشروع الزواجي فور وقوع الزواج ولا يعمل أي أعمال أو أقوال تمهيدية أو تهديدية يعكر بها صفو حياته الزوجية والتنكيد على الزوجة الأولى كل حياتها الزوجية بهذا الهم والترداد ليل نهار سأتزوج عليك ...إلخ ، وفي الأسبوع المنصرم وفي إحدى حدائق عنيزة كان أحد الرجال جالسا بالقرب من زوجته على كرسي واحد وفي آخر جو رومانسي حالم وفي حالة انسجام تام ولا يشعر أبدا بالمارة من حوله من الأسر والصغار الذين يقتربون منهما ويلهون غير مكترثين لوجودهما أبدا وإذا بتلك السيدة التي تقترب من مكانهما وهي مشدوهة وتطل في وجه الرجل وكأنها تعرفه وتريد التأكد من هويته حتى إذا اقتربت منه وإذا به زوجها بسلامته جالسا مع سيدة أخرى وتتوجه بسؤاله عن هوية المرأة التي بجانبه ومن تكون ؟ وهي تصرخ بشكل هيستيري جمعت الناس والفضوليين منهم بشكل خاص حولهما ومن خوف الفضيحة وبل هدوء ومحاولة يائسة من الزوج في السيطرة على الوضع والإمساك بزمام الأمور ليجيب بأن الجالسة بجانبه هي زوجته الثانية وقد اقترن بها منذ سنة كاملة ولم يرد أن يخبرها بذلك لتهبط المفاجأة على رأس الزوجة كهبوط مؤشر الأسهم لتصاب بإغماءة في الحديثة من وقع الخبر المفاجئ الذي أخبرها به الزوج ، قصص وحكاوي مشابهة كثيرة تكتشف بها الزوجة اقتران الزوج متولي بأكثر من زوجة لتكون بعد ذلك ردات فعل مختلفة ليس لها أي حد ، ففي الأسبوع الماضي أيضا قامت زوجة أمريكية اقترن زوجها بأخرى مغربية بقتل الزوج بمسدسه الخاص والادعاء بأن شخصا ما اقتحم المنزل وهاجم الزوج المسكين وقتله .

لكن أغرب ردة فعل كانت لمعلمة من جنوب السعودية بنت مع زوجها بيت العمر ثم تزوج زوجها عليها بخطوة مفاجأة فتعاملت ببرود وهدوء للغاية ولم تطلب منه سوى كتابة البيت باسمها نظرا لأنها ساهمت فيه ، ففعل وفور كتابة ذلك في المحكمة طلبت الطلاق مباشرة ولم تفلح كافة الجهود بالتسوية وحصلت على الطلاق وطلبت إخلاء المنزل منه ومن زوجته الجديدة وفور انتهاء العدة رتبت لها عقد زواج مع شاب صغير السن يبدو أنها دفعت له كافة تكاليف الزواج ، فلم يتحمل الزوج الأول ردة الفعل المعاكسة والعنيفة بهذا الشكل فأصيب بلوثة في عقله ولم بتجاوز الأزمة شبه التعددية التي رتبت أمرها الزوجة الأولى بمكر شيطاني ( إن كيدهن عظيم )

الأربعاء، نوفمبر 21، 2007

حتى الفول له أب !

حتى« الفول» له أب!
عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 20/11/07//

كَثُر الكلام عن غلاء السلع التي ارتفعت أسعارها ارتفاعاً فاحشاً وغير مبرر لجميع المستهلكين، وسط نوم وصمت من وزارة التجارة، وعدم تحرك ملموس منها لحماية المستهلك، وكذلك عدم وجود جمعيات أهلية تدعم المستهلك «الغلبان»، الذي أصبح فريسة تهور واندفاع الجشعين لرفع السعر حتى بلغ التضخم أشده... والنصائح الوحيدة التي توجه للمستهلكين المساكين هي «التزام سياسة شد الحزام» لمقاطعة سلعة معينة مثل الأرز البسمتي الهندي، الذي رفع رأسه علينا أخيراً، ومارس علينا الحرب التي يمارسها مروجو المخدرات، الذين يقدمون المخدرات بدايةً بأسعار تشجيعية أو مجانية، حتى إذا أدمنها المتعاطي بادر المروّج إلى رفع السعر والتحكم برقاب ضحاياه من المدمنين!
نعم شبه ذلك هو ما حصل من إخواننا في البشرية الهنود، الذين رفعوا السعر، غير آبهين بهزة المستهلك الفقير الذي اعتاد الحصول على السلعة بسعر مناسب في السابق، وصارت الوجبة الرئيسة المحببة للأسرة السعودية الفقيرة والغنية على حد سواء (الكبسة) بعد موجة الغلاء التي أصابت الرز ورفعت أسعاره إلى ما يقارب 30 في المئة زيادةً، ثم تسرب الغلاء إلى البدائل التي دعت لها وزارة التجارة باعتمادها أنواعاً أخرى من الأغذية. الفول هو أحد «البدائل» الغذائية، أصابه هو الآخر جنون الأرز، وفجأة جاءته علاوة «UP -أب»، ومن دون أي اكتراث أو مقدمات أو خواتيم طيبة، علقت محال بيع الفول تسعيرتها الجديدة واللي «عاجبه» يشتري ومنْ لا يعجبه يأكل من الهواء ما يشاء!
توقعت تراجعاً في أعداد المتزاحمين على الفوّالين والتوجه نحو سلع بديلة أخرى، خصوصاً أن الزيادة التي طالت الفول وصلت إلى 50 في المئة، لكن لا بدائل أخرى أمام الغلابة غير فول «القلابة»، أنا منذ أن وعيت على الدنيا أسمع أن الفول وجبة الفقراء، لكن لم أتوقع أن يضرب الغلاء هذه الوجبة الشعبية!
ما يحدث الآن من غلاء طاحن يبدو أنه فوق قدرة المحللين الاقتصاديين ليقنعونا بمبرراته، فالتجار يعلنون أنه من الخارج، وأنهم لا قدرة لهم عليه لوقفه، وأنهم تعاونوا مع المستهلكين وباعوا بسعر الكلفة لمدة معينة، وأنهم بريئون كل البراءة من تهمة الجشع، بينما تلقي وزارة التجارة بكل اللائمة على الأسواق الخارجية، وأن المستهلك طرف في الموضوع بتوجهه الاختياري إلى سلع ومواد معينة، وهو ما لا نتفق معه فيه، إذ إن المستهلك عندنا متنوع ومتعدد، والمطاعم تبحث عن الأنسب ولا تركز على سلعة بعينها، بل تتفنن في تقديم الأنواع الجديدة التي لا نهاية لها، وكذلك بعض المراقبين لأسعار المواد في البورصات العالمية يلاحظون ارتفاعاً، لكن هو الآخر ارتفاع قليل لا يبرر الزيادات الحاصلة حالياً، التي وصلت حد الجنون. هناك نوع من فساد الترف خارج عن السيطرة بلا عقوبة عليه، يتعلق بتصرفات البعض، الذين لا يزالون يملأون أكياس النفايات ببقايا الأطعمة الصالحة للأكل، خصوصاً عند المناسبات في قاعات الأفراح، مع تواصل ارتفاع أسعار السلع الغذائية، بينما تتجه خدمات الاتصال وأجهزة الاتصال - على سبيل المثال - نحو انخفاضات متتالية تصل إلى ما يقرب من 100 في المئة من أسعارها قبل سنوات. الشاهد من الحديث هنا هو دعوة للتاجر والمستهلك، والفقير والغني، والمؤسسات الخيرية والقطاع الخاص والمؤسسات الحكومية، لمعالجة الوضع على الأقل بالعودة إلى فكرة السلع المدعومة والخدمات الأساسية التي يجب أن يحافظ عليها عند مستويات معينة تناسب الفئة، لا أقول محدودة الدخل وإنما شبه محدودة الدخل، ولو بطريقة الطفرة الأولى من تقديم دعم حكومي لبعض السلع الأساسية، مثل الفول وإخوانه من كل السلع التي يحتاجها المواطن، ليبقيها عند سقف سعري معين، كي لا يأكل الغلاء والتضخم المساكين المتحلقين حول جرة الفول

الأربعاء، نوفمبر 14، 2007

من أجل المال


من أجل المال...
عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 13/11/07//

المال عصب الحياة، ومحرك مهم لا يمكن لأحد أن يزهد فيه حتى لو أراد أن يكون مثل أبي الدرداء (عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي، توفي سنة 38 هـ) - رضي الله عنه - وأمثاله من قمم التاريخ الإسلامي، الذين عملوا لأجل الآخرة، ولم تفتنهم.
وعن هوس المال استفزتني دراسة عملت في ألمانيا، الدولة الصناعية الأعجوبة، الدراسة كانت تسأل الناس سؤالاً غريباً، وهو هل يقبلون القيام بأعمال معينة تكون مستغربة، أو المستهجنة أو من «اللاينبغيات»، بحسب مصطلحهم، أعمال نعتبرها نحن بمفاهيمنا وتقاليدنا مرفوضة وفي مكان عام، مقابل مبالغ معينة لمجرد أن مثل تلك الأعمال تتم تحت إغراء المال!
وافق عدد من المشاركين في الإجابات على الصعود فوق كرسي في مقهى عام وأمام الجمهور لقراءة قصيدة بصوت عالٍ، في حين أن كلمات القصيدة كلها فحش وفجور، علماً بأن المقابل الذي سيناله الشخص الذي يلقي القصيدة مبلغ بسيط من الماركات الألمانية، ولسان حاله يقول «المهم أن هذا المبلغ البسيط سيكون رقماً في خانة آلاف الماركات»، كما وافق بعض النساء على النوم مع أشخاص لا يستسيغونهم في مقابل الماركات!
نتيجة الاستلانة كانت صدمة بالنسبة لصاحب الدراسة، ولكل الباحثين الاجتماعيين والمهتمين بالعلوم الإنسانية المتقدمة، إذ تساءلوا: كيف يمكن أن ينحط الإنسان بسب المال إلى حد عبادة المادة، حتى أصبح في الحال التي ذمها رسونا الكريم «صلى الله عليه وسلم»: «تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش».
إنها تعاسة ما بعدها تعاسة، أن يعيش الإنسان في سجن المادية، وعبادة المادة والمال، ويقوم بأي عمل لا يتفق مع إنسانيته وكرامته، للأسف إن ظاهرة اللهاث والجري المسعور وراء المال ليست آفة ابتلي بها الألمان وحدهم، وكشفتها الدراسة المشار إليها، ولكنها ظاهرة أخذت تسيطر على أصحاب الثقافات الإسلامية، والمجتمعات العربية التي لم يكن ذلك اللهاث وراء المال يسيطر على تفكيرهم، أو يتحكم في علاقاته، لأنه ليس من عاداتهم وشيمهم ونخوتهم.
ولكن خلف من بعد الأسلاف الأماجد خلف يتصارعون على معشوقهم المال، الذي كان ينبغي أن نتحكم فيه، لا أن يتحكم فينا ويوجهنا في علاقاتنا وتصرفاتنا، بدعوى ضغط الحاجة الملحة وتلبية المطالب الأسرية الضرورية منها والكمالية، ما يدفع البعض إلى السرقة والرشوة والنصب والاحتيال والغش والكذب في البيع والمتاجرة في مواد محرمة، مثل الدخان والمخدرات، كل ذلك تحت ضغط إغراء المال.
أختم بقول نبينا المصطفى «صلى الله عليه وسلم»: ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم»، وقوله «يا أيها الناس إن أحدكم لنْ يموت حتى يستكمل رزقه وأجله، فأجملوا في الطلب، فإن ما عند الله لا يُنال بالحرام».

الاثنين، نوفمبر 12، 2007

طلاق بقرار رئاسي


طلاق بقرار رئاسي!

عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 12/11/07//

تابعت كغيري مجريات إعلان طلاق الرئيس الفرنسي ساركوزي لزوجته - سابقاً سيليسيا - والكل في ذهول لهذا التوقيت المفاجئ، إذ كيف لرئيس دولة أن يطلق وهو في موقع رئيس دولة من الدول العظمى، ويزعزع الصورة المخملية التي ينبغي أن يظهر بها أمام الناس كرجل مستقر عاطفياً، يستطيع أن يتخذ قرارات مهمة بشأن مصير دولة وشعب، لكن يبدو أن ذلك بالفعل ما حاول أن يبقى عليه أمام شعبه وأمام الناس، وحاول محاولة مستميتة في ثني زوجته السابقة سيليسيا التي لم ترشحه لموقع الرئاسة أصلاً، ولم تكن ترغب في أن تتخيل نفسها في موقع زوجة رئيس الدولة، وهي محاطة بكل هذه الأضواء، وعليها مسؤوليات محددة في تحركاتها وتصريحاتها وأعمالها، وأيضاً مطلوب منها أن تظهر معه في عدد من المناسبات. نعم حاول الرئيس إخفاء حقيقة إصرار قرينته على الانفصال وتوديع حياة القصور والرئاسة والشهرة، وأن تكون في المكان التي تحلم به أي سيدة في فرنسا، كان ساركوزي يجيب بإجابات عامة غير واضحة حين يُسأل في كل ظهور له عن حقيقة الطلاق، لكن يبدو أن سيليسيا الزوجة المطلقة لم تستطع أن تتعايش مع جو الرئاسة ومتطلباته، وفضلت الانسحاب من الزواج بكليته، وتبقى مطلقة حرة، على أن تبقى أسيرة البروتوكولات الرئاسية!

هل ستكون كميسون بنت بحدل الكلبية السيدة الجميلة التي أعجب بها الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان «رضي الله عنه» فرفضته ورفضت حياة القصور وفضلت العيش في الخيام، وأنشدت:

لبـيـــت تخـــفـــق الأرواح فيــه

أحب إليّ من قصر منيف

ولبس عباءة وتقرّ عيني

أحب إليّ من لبس الشفوف

وأكل كسيرة من كسر بيتي

أحب إليّ من أكل الرغيف

وأصوات الرياح بكل فج

أحب إلى من نقر الدفوف

وكلب ينبح الطُرّاق دوني

أحب إلي من قط أليف

ربما الخطوات التي كانت تخطوها سيليسيا على خشبة المسرح، والنظرات الفاحصة لها ولزيها وجمالها وقوامها، كانت تروق لها أكثر من النظرة الرسمية التي وجدت نفسها فيها فجأة، اختارت أن تكون عينة غريبة من عينات المطلقات اللاتي أصبحن سمة من سمات العصر الحديث، سمة عالمية وجعلت من نفسها سيدة أولى في الطلاق الرئاسي الجمهوري، التي يعلن طلاقها القصر الرئاسي في بيان صحافي يوزع على وكالات الأنباء والصحف، ويذاع بصيغتين، مرة بصيغة الانفصال، ثم مرة أخرى لأجل تأكيد الطلاق حتى تقطع بذلك الإشاعات والأقاويل كافة التي لم تتوقف حول الرئيس، حتى بعد ذلك الإعلان، إذ خرج في مقابلة تلفزيونية مع مذيعة إخبارية وجهت له سؤالاً حول انفصاله عن سيليسيا، فما كان منه إلا أن غضب ورمى بالميكروفون، ووصف منسق اللقاءات الصحافية الخاص به بالغباء لجدولة تلك المقابلة الصحافية له.

وضع صعب يمر به الرئيس الفرنسي ساركوزي، إذ إنه الرئيس الثاني بعد نابليون الذي ينفصل أسرياً وهو في مقعد الرئاسة، ويحقق هذه المزية غير المحبّذة، ووضع أصعب على الشعب الفرنسي أن يبقى تحت رئاسة مسؤول مضطرب الحياة الخاصة، ويمر بظروف أسرية صعبة، أو من الممكن أن نصيغ الخبر بالطريقة التالية: أن عقيلة الرئيس لم تطق العيش معه، ربما الشعب نفسه يكتشف ذلك بعد حين. ويحق لنا أن نراقب بحذر مشكلة قصر الإليزيه، إذ إن مشكلة كلينتون ومونيكا كانت نتيجتها صواريخ عشوائية على السودان وعلى أفغانستان في ذلك الحين، ولا ندري أي تهور يمكن أن ينقاد له الرئيس الفرنسي في حال أحب لعبة صرف الأنظار عنه وعن مشكلته الاجتماعية، الاضطرابات في فرنسا من عمال السكك الحديدية وغيرها من النقابات، مثل سائقي حافلات النقل العام، هي الأخرى مظاهر للأزمة الرئاسية التي تمر بها فرنسا من الطلاق الرئاسي العالمي المعولم الآثار، وستجلي لنا الأيام المقبلة آثاراً أخرى لذلك الطلاق.

الأحد، نوفمبر 11، 2007

حدث في مثل هذا اليوم

حدث في مثل هذا اليوم !
مقالة لم يكتب لها النشرفي الصحف المحلية
منظر جميل وأكثر من جميل ذلك الذي نشاهده من إقبال الشباب من الجنسين في مقتبل العمر على المساجد ويشهدون في هذه الليالي الفاضلة صلاة القيام ، ورغم كل أحاديث أصحاب نظرية المؤامرة وتأثير الفضائيات السلبي في انصراف الشباب عن الصلاة ومظاهر التدين ، إلا أن أكثر المصلين في المساجد هم من فئة الشباب ، فيما في السابق كما حدثني بذلك أكثر من شخص مخضرم يؤكد على أن في الوقت السابق لم يكن الشباب يرتادون المساجد بمثل هذا الإقبال الآن وكأن المساجد فقط لكبار السن ، وبالتالي نحمد الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة ولنسعد بهذه الصورة المشرقة لشباب الأمة الذي أقبلوا على المساجد يشهدون صلاة القيام حتى النهاية وتظهر عليهم سيما الخشوع والتأثر، لكن في الأحساء وفي أحد المساجد التي يؤمها أحد المشايخ المعروفين وقبل كذا سنة حدث المشهد التالي : الشيخ يقرأ القرآن بذلك الصوت الحسن والترتيل المتقن وجماعة المصلين منكسرة رقابهم في مشهد أخّاذ مؤثر ينصرفون من ركعتين ويدخلون في التي تليها بإقبال على الطاعة ذلك الجو الإيماني المفعم بالمشاعر بدأ يتوتر في ذلك المسجد بحركات هنا أو هناك بداية الصف أو وسطه أو آخره .. أصوات بدأت تتعالى ... الإمام المنهمك في القراءة والترتيل ...لا يعلم ما الذي يحصل في الصفوف من خلفه ولا يستطيع في الوقت نفسه أن يلتفت أو يقطع القراءة .. هل أخطأ في آية هل زاد ركعة ...الله أعلم ؟! شيء محير وثواني قاسية على الإمام والمأمومين وزاد الأمر ارتباكا صياح الأطفال واندفاعهم إلى داخل المسجد من كل الجهات والإمام لا يزال في الصلاة لا يستطيع عمل أي شيء ،بدأت تتضح بعض معالم المشكلة وتزداد غموضا في نفس الوقت بصياح الأظفال ( رجّال ..رجّال ) يعني : واحد نفر ، ومرة أخرى ( خنقة ) يعني : مضاربة ومرة أخرى (امسكوه) ومع نهاية الصلاة بان الأمر وبوضوح حيث دخلت أكثر من سيدة إحداهن قوية البنية وهن ممسكات بشاب يحاول التفلت من قبضتهن وهو بشكل مضحك بالعباية التنكرية وآثار غير قليل من الضرب تبدو عليه واندفع الرجال نحو الشاب ليقبضوا عليه وينهالون عليه ضربا وركلا ورفسا ولكمات وكفوف حادة وشتائم من كل نوع لقليل الحيا الذي دخل مصلى النساء متسترا بالعباءة وعبثا يحاول الإمام تخليص الشاب من أيديهم ، حتى أنه بالكاد أخذ الشاب نحو المحراب وأغلق عليه الباب الخاص به ليمنع المصلين من الوصول إليه واتصل بالأمن ليقبضوا على ذلك الشاب ويخلصوه من غضبة الشرف التي انتابت المصلين ، ويظل يحرسه حتى وصولهم واستلامهم لذلك الشاب المتلصص الذي برر فعلته بحاجته للمال وأنه قصد التسوّل فقط ، ومن عجب أن والد الشاب كان حاضرا مع المصلين وطلب أن يسلم له ابنه لكن الإمام بحكمته يعرف أنه ستكون كارثة كبيرة لو وقع الابن في قبضة أبيه وانتهت على كذا ، لكن سؤالي لكم وأنتظر الإجابة : في مساجدنا التي تعمد إلى فصل المصلين عن المصليات :كيف نمنع تكرار مثل ذلك الحدث ؟
!

الأربعاء، أكتوبر 31، 2007

جامعة الملك عبدالله

نشرت في جريدة الحياة 30-10-2007

جامعة الملك عبدالله

كنت قد كتبت هنا في جريدة الحياة بتاريخ 6-9-2006 م بعنوان : " الموهوبون في الأرض " وذكرت فيها أول بشارة كسبق صحفي يعد ويحسب للحياة الجريدة المفضلة للسعوديين حاليا أن هناك جامعة تحمل اسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود هي جامعة فريدة على مستوى العالم وليست جامعة عادية كبقية الجامعات الآن أعود للكتابة حول هذه الجامعة بيت الحكمة والأمل المنشود في انتشال الأمة من التبعية العلمية بعد أن ودعنا الريادة فيها من أيام زمن الدولة الأندلسية ، الملك عبدالله حفظه الله وسدد خطاه يقول أنه كان يحلم ويحدث نفسه بهذه الجامعة منذ 25 سنة وأخيرا انطلق المشروع الأمل في ساحل البحر الأحمر وبالتحديد قرية ثول لتشهد عملا جميلا رائدا من أعمال هذا الملك الذي يسير بهذا الوطن نحو الريادة عبر هذا المشروع العظيم ومشاريع أخرى شبيهة مثل مشروع تطوير التعليم الذي ابتدأت انطلاقته مؤخرا ولعلنا سنبدأ نجني ثماره سريعا خاصة وأنه مشروع يسير بخطى عملية علمية تشاركية شاملة وبالمناسبة يمكن للقارئ الكريم أن يزور موقع المشروع على الرابط التالي www.tatweer.edu.sa ليشارك برأيه ومقترحاته للمشروع الوطني ولا يكتفي بسماع الأخبار ويكون إيجابيا مشاركا .

أعود للجامعة الحلم الذي ابتدأت وانطلقت أعمالها بالمؤتمر الأول الذي انطلق مؤخرا بالشرقية وهو مؤتمر تقني علمي بحضور قادة الفكر الحاسوبي في العالم كشاهد أول على جدية منهجية تلك الجامعة ، لقد قرأت واستمتعت عن الجامعة وفكرتها الشيء الكثير وأن القائمين عليها قاموا بزيارات واتفاقات مع أعرق الجامعات في العالم لتكوين جامعة توازي الجامعات الرائدة حاليا في العالم وربما بعد حين تكون قبلة لتك الجامعات لأجل الاستفادة منها ومن تجربتها ولا غرو فهي الأحدث حاليا وهي عالمية ليست إقليمية وأن التمويل الوقفي المبتكر الخاص لتمويل هذه الجامعة وضمان مسيرتها هي فكرة ثاقبة أصيلة إسلامية مجددة ، ما يفرحنا أيضا أن (الجامعة ومشروع تطوير) ليستا الفكرتين والمفاجأتين اللتين يقدمها الملك عبدالله لشعبه وأمته بل إن خادم الحرمين الشريفين يحمل في جعبته الكثير والذي منه مشروع زيادة موازنات البحوث العلمية في الجامعات تراكميا ليصل بعد حين إلى مستويات إنفاق الدول المتقدمة ويقلص الفجوة بيننا وبينهم في البحث العلمي والاهتمام بالنوابغ واستقطابهم والاستفادة من كفاءاتهم لحمل الوطن إلى سماء الكواكب المنيرة .

موقع تلك الجامعة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الذي ابتدأ فعليا في استقبال طلبات الالتحاق والدراسة http://www.kaust.edu.sa/ فهي تهدف إلى توفير البيئة المحفزة والجاذبة لاستقطاب العلماء المتميزين من مختلف أنحاء المملكة والعالم.وكذلك استقطاب ورعاية الطلبة المبدعين والموهوبين في مجالات الصناعات القائمة على المعرفة من السعودية وغيرهم. كما تسعى لتطوير البرامج والدراسات العليا في المجالات المرتبطة بأحدث التقنيات التي تخدم التنمية والاقتصاد الوطني. وتعمل على الإسهام عالمياً في تنمية المعرفة في مجالات التقنية الحديثة. كما هي ستكون محضنا رائعا لتنمية روح الإبداع والتحدي بين الموهوبين. وستقوم على رعاية الأفكار الإبداعية والاختراعات وترجمتها إلى مشاريع اقتصادية ، من حقنا أن نفرح ونبتهج بهذه الهدية العظيمة من خادم الحرمين الشريفين وسيكتب الكتاب مشاعرهم وانطباعاتهم حول هذا المشروع وسيسهبون فيه وفي فكرته وسيملأون بياض الصفحات في الحديث حوله لكن مهما كتبوا فهم مقلون نظرا لأن المشروع أكبر وسيظل أكبر من كتابتهم جميعا .

الأحد، أكتوبر 21، 2007

الجاموسة بين العرض والطلب

الجاموسة بين العرض والطلب!
عبدالمنعم الحسين الحياة - 20/10/07//

"BBC"نشرت مجموعة
الإخبارية البريطانية خبراً عن مقطع فيديو قام بتصويره هاوٍ بكاميرا عادية ومن دون مؤثرات، نُشر على موقع متخصص لبث مقاطع الفيديو على الانترنت، ذلك الفيلم القصير الذي لم تتجاوز مدته الدقائق العشر، تجاوز عدد المشاهدين لذلك المقطع الـ 12 مليون مشاهد، المقطع بسيط في تصوري، وليس مثيراً أو جاذباً لهذا الحد بعد مشاهدتي له، إذ يصور مجموعة من الجواميس وهي تنتقم من مجموعة من النمور لافتراسها صغيراً من صغار الجواميس - يعني المقطع صالح للمشاهدة لفوق وتحت سن الـ 18!
تلك الإحصائية التي تظهر أسفل مادة العرض المرفوعة على موقع youtub التابع لمجموعة google تنذر بتغيرات كبيرة في الإعلام، وأن عصر التلفزيون، صاحب التأثير الأعلى على المتلقين، مهدد وبقوّة من الانترنت، خصوصاً تلفزيون الانترنت ومواقع بث مقاطع الفيديو الأخرى، إذ تأخذ تلك المواقع نصيباً كبيراً من متابعة متصفحي الشبكة العنكبوتية، بدليل إحصائية ذلك المقطع، ومقاطع أخرى أصبحت ذات تأثير على توجهات الرأي العام، تماماً كما الصحافة والفضائيات، إذ يستطيع الوصول لها أي أحد وفي أي وقت.
ذلك التغيير يطال مجتمعنا كما هي الحال، بتأثره ببقية الأمور الأخرى من اتجاهات العولمة، ربما توقف بعض اللاعبين عن مواكبة التغيير الحاصل في قانون العرض والطلب والاختيارات المفضلة بالنسبة للمشاهد الجديد، الذي أصبح يختار بحرية أكثر ما يشاهد، ويحدد الأوقات ويحدد مستوى الخطوط الحمراء والرقابة لنفسه، وبإعلانات محدودة لا تقلب الطاولة عليه، فتجعله يشاهد إعلانات بينها مواد عرض، فيما هو يرغب في مشاهدة عروض فقط.
بعض قنواتنا العربية فهمت الموقف وتوجهت لبث موادها على مواقع الانترنت الخاصة بمجموعتها، وبعضها لم يفهم ولم يستوعب التغيير ولا يزال يعيش فهم الأمس، ويحتاج مدة ليستوعب الدرس الجديد والتغيير الحاصل، ويقرأ من خلاله التغيير المقبل، ويُعد نفسه له قبل أن يتجاوزه الزمن المتسارع، حتى الشركات الإعلانية في الخارج باتت تستوعب التوجه الجديد نحو تلفزيون الانترنت، وتعلن فيه بإعلانات بسيطة غير مزعجة لمشاهد الانترنت الثائر على القيود.
إحدى شركات الحاسب قدمت مجموعة أجهزة محمولة حديثة هدايا لأصحاب المدوّنات التي تُعنى بأخبار الحاسب، في دلالة صريحة لإيمان تلك الشركات بتأثير تلك المدونات على الرأي العام، وأن المتابعين باتوا يتأثرون بما ينشر على تلك المدونات... ولعل حادثة النشر التي تمت في مصر لما حصل مع العيد وما سمي "السعار الجنسي" ونقلت عنه جميع الصحف المصرية والعربية وربما الأجنبية، يفسر لنا مدى الدور والأثر الذي باتت تقوم به المدونات ومواقع بث الفيديو على المتلقين، وأن على الساسة وأهل الاجتماع والإعلام مواكبة ذلك التغيير.
كذلك إحدى الجامعات الأجنبية قامت أخيراً ببث محاضراتها بالصوت والصورة على موقع مقاطع الفيديو آنف الذكر في طريقة جديدة لاستيعاب التغيير والاستفادة منه، وكذلك ما قامت به أخيراً هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من بث مقاطع توعوية عبر جهاز بث خاص يوضع في الأسواق عبر تقنية البلوتوث، هو نوع قراءة جيدة للتغيير ومواكبة له واستثمار نافع له، ويجب على كل المؤسسات التعليمية والاجتماعية أن تعيد النظر مرة أخرى في طريقة قراءتها للمتغيرات، وتفكر دائماً كيف نستثمر الجديد وليس كيف نحارب الجديد؟!

الخميس، أكتوبر 18، 2007

مشروع الإفطار

مشروع الإفطار - جريدة الحياة - 1-10-2007
رمضان مبارك عليكم، وتقبل الله منكم معشر القراء الكرام، تقبل الأنفس الكريمة على الجود والكرم وابتغاء الأجر والمثوبة وطلب العتق من النار ببذل الصدقة والإطعام، والتوسعة في المأكل والمشرب بشكل يجعل رمضان موسماً خاصاً للأكل والمطاعم والمشروبات، إذ تتسابق محال التموينات ومحال المونة بعروض «التخفيضات» الخاصة بمناسبة الشهر الكريم، جعلنا الله وإياكم فيه من المقبولين.
من المظاهر الخاصة والملازمة لهذا الشهر انتشار موائد إفطار الصائمين التي يجود بها أهل الخير ويتكفلون بصفها في المساجد طيلة الشهر الكريم ليفطر عليها المصلّون ويعقدون الصّفقات والاتفاقات مع المطاعم التي تقدم عروضها الخاصة بتوصيل وجبات الإفطار للمساجد مباشرة، وربما إلى منازل بعض الأسر الفقيرة عن طريق الجمعيات والمؤسسات الخيرية، فما الذي جدّ هذا العام؟ الجديد هو بعد اكتشاف التسريبات التي تحصل من التبرعات التي يبذلها الناس للمشاركة في إفطار صائم، ثبت أن هناك أموالاً تتسرب من هذه التبرعات لتمويل «الخوارج وشراء الأسلحة والمتفجرات لهم»، بدعوى أنهم يأخذون تلك التبرعات لتفطير صائمين أو لتنفيذ مشاريع خيرية، ثم ما تلبث أن تتحول هذه التبرعات بقدرة قادر إلى رصاصات تصوب نحو نحورنا والنيل من أمننا، خصوصاً أيام السماح بالجمع غير المنظّم والمنضبط عن طريق الشوالات والأكياس والحصّالات والكوبونات والجمع العشوائي من المساجد والمصلين، ومن المدارس ونداءات الاستجداء من الأطفال الذين يحملونها.
لكن بعد صدور التنظيمات تم ضبط عملية التبرع أكثر وأكثر، وضيّقت الجهات الأمنية على المارقين والخوارج وصول الأموال إليهم، والحمد لله على ما تم من إنجازات في هذا الباب... لكن بالنسبة لمشروع التفطير كمشروع مفضّل لأهل الخير في هذا الشهر نتساءل «هل يحقق المقصود منه في توجّه التفطير نحو العمالة الوافدة ومن مختلف الجنسيات التي تجعل من المساجد تجمّعات ضخمة لهم، بينما لا يشارك في ذلك الإفطار الجماعي أي سعوديين ولا جنسيات عربية أخرى، وهم فئة عمالة لهم رواتبهم التي يتقاضونها وليسوا محتاجين؟».
وربما ببعض الاجتهاد يتوجه التفطير نحو الأسر الفقيرة بطريقة تحفظ كرامتها عبر مؤسسات خيرية، ولكن ليس بطريقة التجمعات العشوائية في المساجد، ولو افترضنا اعتباطاً أن المواطن الفقير سيجلس مع العمال الوافدة التي تنتظر موائد الإفطار، فهل سيحضر هذا المواطن أولاده الذكور الصغار والكبار منهم معه، ثم ماذا عن نسائه هل سيجلسهم أم سيحمل لهم طبقاً ويذهب به إلى بيته، ثم التنظيمات التي أقرّتها أخيراً وزارة الشؤون الإسلامية وشددت فيها على الأئمة والمؤذنين والخدم بشأن مشروع إفطار الصائمين، جعلت الأئمة يتكالبون على المؤسسات المنفذة لمشاريع التفطير، ويواجهون الحرج مع جماعة المسجد، ومع المحسنين الذين يتكاسلون عن الوصول للمؤسسات الخيرية... فيما المؤسسات الخيرية تعتذر عن عدم تلبية كلّ طَلَبات المَسَاجِد، لأنّها لا تضمن وجود الإيراد الذي يغطي كل الكلفة طيلة الشهر، وبذلك يرتبك المشروع التفطيري.
وأقترح أن يكون التفطير أكثر ما يكون نشاطاً لدول الخارج، نظراً لما يمثله عندهم من أهمية ولما يكون معه من دعوة للدخول في الإسلام ومساعدة الدول الإسلامية الفقيرة، مع تمثيلها لشعار السعودية مملكة الإنسانية، ولقلّة كلفة المشروع في الخارج عنه في الداخل، إذ إن كلفة الوجبة الواحدة هنا تغطي كلفة العديد من الوجبات للكثير من الناس هناك، وكذلك يتم التوسع من المؤسسات التي تتولى التفطير في إيصال وجبات الإفطار لبيوت المستحقين، وتنفيذ مشروع الإفطار الجوّال في الطرق وللمسافرين، وعند الإشارات الضوئية، لما يحقّقه من تهدئة حركة السيارات المستعجلة لإدراك الإفطار، وكذلك اعتبار وجبة الإفطار الجافة التي تجهّز للأسرة الفقيرة كمستلزمات رمضانية من
مشروع التفطير، فتستفيد منه الأسر بدلاً من الطريقة التي ينفذ بها هذا المشروع الخيري الآن

الأحد، سبتمبر 09، 2007

خراب بيوت
عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 10/09/07//



أسماء الفنانات والممثلات اللاتي يظهرن على شاشات الفضائيات صارت مشهورة وذائعة وتتردد في البيوت بين الأزواج في تهكم ومعاناة شديدة جداً من الزوجات ، ومع كل ظهور لواحدة منهن بزينة وملابس ودلع وإثارة مكشوفة ، يجعل رغبات وأحلام الأزواج تتحرك نحو الحصول على واحدة من أصحاب تلك الأسماء ، ويزهد تماما في زوجته ، بل يذهب أكثر من ذلك لمطالبة زوجته بأن تلبس مثل هذه أو تلك وتحاكيها ، أو يطلب أن تكون عنده نسخة مستنسخة من فنانته المفضلة ، فإذا لم تستطع أن تلبي تلك المسكينة كل طلباته ورغباته ونزواته ، صار يعيرها بدمامتها ويندب حظه العاثر في الارتباط بها زوجة دميمة وحشة ، غلطة عمره الكبرى كانت في الارتباط بها ، وأنه يضيع عمره في الاستمرار بالعيش معها ، متحملاً نكدها وطلباتها ودمامتها. في دراسة أجريت في مصر تبين أن تلك الأسماء من الفنانات تسببن في رفع نسبة الطلاق ، بل حوادث غريبة تقع بسبب المقارنات ، ومن المفارقات العجيبة ذلك الميكانيكي الذي عاد من عمله ليفتح شاشة التلفاز فيما زوجته الكريمة تعد له وجبة الغداء، فتطل إحدى مغنيات الفيديو كليب ، ويذهب في سكرة نظراتية استمتاعية بالصوت والصورة والحركات والأصوات المصاحبة ، مما ليس له علاقة بالفن ولا بالكلمات ولا الغناء ، فيدخل المطبخ على تلك العفيفة المجتهدة في مطبخها ويطلب منها أن تغني وترقص له ، كما تعمل المغنية في الفيديو كليب ، ولما لم تستجب له المسكينة افتعل معها خناقة تطورت للطلاق والشروع في القتل.
ينسى أولئك الأزواج مناظرهم وروائحهم وأشكالهم ، وأن نساءهم يتمنون أيضاً أن تكون أشكال أزواجهم أفضل ، كما الممثل الفلاني أو المغني الفلاني ، لكن يتعايشن بواقعية مع أزواجهن من دون استغراق في المقارنة غير المنطقية ، فتلك الممثلة أو المغنية اختيرت بعناية من بين مئات النساء ، وأنها خضعت لجراحات تجميلية متعددة جعلت منها هذا الشكل. في أميركا وقفت مغنية على المسرح وشكرت جمهورها وطالبتهم بالاستمرار في حضور حفلاتها ، لأن ذلك يساعدها على دفع تكاليف المزيد من الجراحات التجميلية ، وأشارت بيدها إلى صدرها بأنها ستدفع من عائدات الحفلة على جراحة قادمة تجميلية خاصة بمنطقة الصدر ، ثم إنها قبل أن تخرج على الشاشة تمر بجلسات ممتدة تصل لساعات على يدي أمهر محترفي المكياج والتسريحات والأزياء حتى تكون إطلالتها فاتنة ، ويلعب بعد ذلك المصور والمخرج لعبتهما في إظهار المحاسن وإخفاء العيوب ، ما يصور تلك الفنانة وكأنها حورية من الجنة نزلت للدنيا ، فأنى للمسكينة العفيفة التي تعمل في وظيفتها أو المربية وربة المنزل التي تقوم على أعباء البيت ، أن تعمل وتصنع في نفسها مثل تلك ، فهي مقارنة ظالمة غير منطقية ، والرجال يبحثون عن سراب ولو ارتبط أحدهم بتلك الفنانة أو الممثلة لما طاق المعيشة معها ، ولم تفلح أن تكون زوجة تقوم بخدمة الزوج ورعاية البيت وتربية الأولاد ، وهذا ما يفسر لنا كثرة الطلاق في وسط الفنانات ، كونهن لا يعشن زيجات طبيعية بل زيجات غير مستقرة موقتة تبنى على المصلحة والمنفعة العاجلة ثم يمضي كل واحد لسبيله.
يجب أن يأخذ الأزواج دروس توعية وتثقيف وأمصال مناعة تجعلهم يستخدمون عقولهم وبصيرتهم مع مناظر تلك الفاتنات ، والأفضل أن يغضوا أبصارهم كما أمرنا الله تعالى ، وقديما قال:
ولئن أنت أطلقت طرفك رائدا في كل المناظر أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قــــــادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ولعل من المناسب أيضاً أن تقوم الزوجة بالواجب عليها من التزين والتجمل لزوجها ، لحفظه وإعفافه عن الحرام والنظرة الحرام ، وشغله بطريقة أو أخرى عن التطلع لتلك المناظر الفضائية باختيار القنوات الجيدة النقية التي تحفظ على الأسرة أمنها واستقرارها

السبت، سبتمبر 01، 2007

وفشلت «HI»
عبد المنعم الحسين نشرت في جريدة الحياة - 27/08/07//

مع أحداث 11 أيلول (سبتمبر) ولخبطة حسابات الساسة والاستخبارات والدراسات الأميركية، وقراءة الحدث بزوايا متعددة، وردود أفعال متوازية، كان من ضمن الأعمال التي توجهت بها الإدارة الأميركية إستراتيجية تقوم على فكرة لماذا يكرهون أميركا، ولماذا هوجمت أميركا، وماذا علينا أن نعمل لتصحيح النظرة المعادية وتحسين العلاقة بين أميركا والشعوب الناطقة بالعربية، خصوصاً جيل الشباب؟
وهكذا انطلقت فكرة علاج قضية العلاقة التي يراد تحسينها من زاوية إعلامية في خطاب موجه للشباب في الوطن العربي الكبير، ولمواجهة اللغة التحريضية التي تتحدث بها بعض القنوات الفضائية في المنطقة، فرصدت أميركا لذلك مشروعاً إعلامياً ضخماً يعمل في ثلاثة اتجاهات تخاطبية: مسموع، ومشاهد ومقروء، فكانت هناك قناة «سوا» المنوعة التي تبث الأخبار والمعلومات والأغاني العربية والأميركية جنباً إلى جنب في محاولة لنشر ثقافة الصداقة بين الشعب الأميركي والشعوب العربية، واجتذاب البصر، كما انطلق البث عبر موجات الأثير الإذاعي في عدد من الدول العربية لإثارة حاسة السمع.
وأخيراً استطعت أن ألتقط موجات راديو «سوا» في الشرقية، وبعد سنوات من البث تتمدد رقعة التغطية، لكن لا تزال الأذن العربية تحفظ الكثير من الولاء لمحطات إذاعية معينة من الصعب تحريكها نحو صوت أميركي جديد سواء من «سوا» أو غيرها.
وهناك - أيضاً - قناة «الحرة» الفضائية المرئية التي فشلت هي الأخرى في جذب المشاهد العربي ومتابعة ما تبثه من مواد وبرامج، مع أن القناة تبث بلسان عربي، ودفعت مبالغ طائلة لاستقطاب كفاءات إعلامية مميزة، إلا أن «الحرة» لا زالت تعمل بأداء أقل ما يوصف به أنه مخيب لآمال من أنشأوها، على رغم كل الأفكار والأعمال والتحسينات التي تقدم عليها، ولكنها - في الغالب - لم تلفت اهتمام المشاهد العربي، ربما لأسباب لا تحصى وتختلف من فئة لأخرى، على رغم إنفاق 200 مليون دولار لكي تنجح في مهمتها الإعلامية.
وبين المشاريع الإعلامية التي أطلقتها الإدارة الأميركية مجلة اسمها HI، وهى فاخرة الطباعة وتباع بثمن لا يكاد يذكر إذا ما قورن بكلفة تحريرها وطباعتها الفنية الراقية، فهى تنشر أخبار المجتمع الأميركي والحياة الأميركية والفن والفنانين والفنانات وغيرها من المواد الترفيهية التي تعمل على فك أزمة الانغلاق أو التوتر الذي يسود علاقة الشباب العربي مع أبناء مجتمع العم سام، فالمجلة لم تحقق الهدف المطلوب منها، واستمرت في تكرار نفسها حتى موقعها الالكتروني لم يفلح هو الآخر في جذب الزائرين المترامين على المواقع العربية والأجنبية الأخرى!
والسؤال هو: كيف تفشل مجلة بهذه المقومات وهذا الدعم، وما الذي ينشده المواطن العربي ولم تستطع أن تعطيه إياه هذه المجلة، وهل القرار الجريء الذي توقفت به المجلة بعد ملاحظة ضعف أدائها وعدم تحقيقها للمأمول منها، هل سيكون مقدمة وتوطئة وتمهيداً لتوقف المشروعين الآخرين «إذاعة سوا» و»قناة الحرة» خصوصاً أن مؤشرات الفشل لم تتغير نحو التحسن؟
إنّ مآل هاتين الوسيلتين الإعلاميتين سيكون قريباً من مآل ومصير المجلة (HI) لكن المسألة فقط مسألة وقت، خصوصاً أن المشاهد أخذ انطباعاً سلبياً عن القناة منذ لحظة ظهورها، ومن الصعب إقناع المشاهد الذي له مطلق الحرية في ما يشاهد أن ينتظر منه مرة أخرى العودة لمشاهدة «الحرة

».

الاثنين، أغسطس 20، 2007

احترس أمامك إعلان

احترس أمامك إعلان

عبد المنعم الحسين الحياة - 20/08/07//

ضوابط الإعلان التي وضعت من الجهات المراقبة من حيث المحتوى والفكرة وطريقة العرض، تكسرت وتحطمت مع موجة إعلانات تبث على الرّائي والراديو، وعلى صفحات الصحف اليومية والمجلات ولوحات الطرق، التسامح والتغاضي عن لغة الإعلان وتجاوزتها والمستحضرات التي يعلن عنها بات واضحاً لكل متابع، ففي السابق ربما كانت شوارعنا نظيفة وعفيفة من تلك الإعلانات الخادشة للحياء... فيخبرني صديقي سعد أنه أحرج كثيراً في سفرته في الصيف مع أولاده إلى لبنان من صور الإعلانات في الشوارع العامة، إذ الإعلان بالصورة الكاملة وبالألوان وتبقى المساحة المغطاة من الجسد محدودة، ويكمل سعد أن أكثر ما يوقعه في الحرج سؤال أحد الأولاد بكل براءة: بابا ما هذا وكيف ولماذا؟
الموضوع ساخن ويحرج حتى الزوجين أمام بعضهما البعض في لغته وشكله ومعلوماته، ما بودّ كل منهما أن يرى أحد هذه الإعلانات منفرداً حتى لا يعيش لحظات الحرج مع أقرب طرف وهو الزوج أو الزوجة، لكن الطمع والجشع وروح العولمة بعثت لنا بالإعلانات نفسها وطريقتها المقبولة في الغرب إلى الداخل، فإعلانات للشامبو تسمح بظهور امرأة عارية من خلف زجاج مثلّج بدورات المياه، أو إعلان لملطف رائحة العرق، أو عطر يجعل من مجموعة نساء يجرين خلف شاب لأجل أنه وضع من منتج ملطف الرائحة إياه أو العطر الجذاب الذي حمل كل نساء الشارع على التوجه نحوه بقوة مغناطيس العطر الفواح. ومشاكسة مخرجي تلك الإعلانات وعبث الكاميرا والتقنيات المستخدمة ومساحة إبداع أكثر من خلاّق يأتي بأفكار شيطانية لتسويق تلك المنتجات.
في صبيحة اليوم التالي للعرض يتقابل الموظفون بتعليقاتهم على ذلك الإعلان أو تلك الدعاية التي جاءت مولّدة لفكرة جديدة مثل إعلانات الحبوب المنشّطة وحبوب علاجات اختلال الوظائف الزوجية التي تصوّر مسامير تنحني مع الضرب بالمطرقة، ومع تلك الحبات السحرية تستطيع تلك المسامير اختراق الجدران... تلك الإعلانات تأتي وسط برامج عادية ومن دون أي تحذير مسبق مثل «احترس أمامك إعلان» أو كما يقال تبث في قنوات الأسرة وليست البرامج فوق سن ثماني عشرة أو أقل، بل هي مشاهدة لكل أفراد الأسرة، وبكل براءة سيسأل الأطفال الصغار عن تلك المشاهد ومغزاها وما تلك المنتجات الغريبة وأحيانا يقولون «اشتر لنا يا بابا!
أحد رسامي الكاريكاتير صور لوحة تعبيرية عن أسرة جالسة تتابع أحد البرامج، وفور مجيء وقت الإعلان يقفز لأعين الأطفال ويغمها خوفاً عليهم من مشاهد الإعلانات الخادشة للحياء، لكن ما العمل مع إعلانات على صفحات الصحف التي تدخل المنزل يومياً أو بإعلانات توضع على لوحات الشوارع مع صورة الحبة فقط وبعبارات خادشة للحياء، وكأن الحال وصلت إلى شكل استفزازي لا يراعي حتى القوانين التي تمنع الإعلانات عن الأدوية مهما كانت وليست المنشطات أو ما شابهه، والحال هو استجابة كبيرة من الأطفال لتلك الإعلانات، بدليل ما تحدث به أحد الصيدليين بأن أكثر من يشترون تلك المنتجات هم من فئة الشباب صغار السن للتجربة والفضول، ومن دون استشارات طبية ربما ألحقت بهم الضرر حالاً أو مستقبلاً.
أتذكر تماماً أنني عثرت على منتج من تلك المنتجات في سترة طالب في مرحلة متوسطة أثناء جولة تفتيشية مفاجئة، وحين سُئل أجاب بإجابات مختلفة مرتبكة تضع علامة استفهام بحجم السبورة التي في الصف، إحدى الصيدليات التي نشتري منها الأدوية نسيت كل الأدوية التي تبيعها واهتمت بوضع إعلان على أكياسها عن منتج من تلك المنتجات وبعبارات ورسومات مثيرة للفضول، ونحن نحمل تلك الأكياس إلى منازلنا، فهل نخبئها أم نتعامل معها بلامبالاة، هل نرمي بها قبل الدخول للمنزل. إنها مشكلة حين يمتد العبث الإعلاني المتهور ليتجاوز المثل والآداب ليرمي بإعلانات المنتجات المشبوهة على السيارات وتحت الأبواب بشكل محرج للغاية مع وقوع تلك الإعلانات في أيدي الفتيات الصغيرات للأسف، أيضاً العبث تجاوز كل الجدران النارية التي افترضناها لتصل لي رسالة على جوالي من رقم من أرقام الخطوط الدولية الساخنة بعبارات خليعة وماجنة ربما وصلت مثلها على جوال صغيري «عبد العزيز» لأنها هوجاء تنفث سمها ولا تدري أين تضع رحالها أم قشعم؟

السبت، أغسطس 18، 2007

لست كيسا بلاستيكيا

لستُ كيساً بلاستيكياً

عبدالمنعم الحسين الحياة - 18/08/07//

ندور ونلف بعربات التسوق التي ربما لا تكفيك أحياناً سلة واحدة أثناء التسوق بين ممرات «السوبر ماركت» ومعك الزوجة والأطفال الصغار وهم يمارسون لعبة الاختيارات من الأطعمة والمشروبات وغيرها وكأنها مسابقة من مسابقات «تلي ماتش»... فالزوجة تضع وأنت تضع والأطفال يضعون في السلة أو السلات بموجة كرم حاتمية في التبضع لا حدود لها، خصوصاً مع وجود بطاقة ائتمان صرفت حديثاً من البنك، إضافة إلى وجود سحوبات وجوائز وهدايا على مشترياتك حال وصولها إلى رقم معين لقيمة المشتروات، وأنت تنتظم في الصف الطويل بانتظار وصولك للمحاسب وبجانبه العامل الذي يجمع المشتريات ليضعها في أكياس بلاستيكية بحسب مجموعاتها وموسيقى التعرف على المشتريات وحساب قيمتها من الآلة تطن وبسرعة ومهارة الكاشير، وتدفع المطلوب ثم تدفع كل تلك العربة التي تحوي ما لا يقل عن 20 كيساً بلاستيكياً للمحل تذهب بها للمنزل ثم يكون مآلها إلى سلة المهملات والنفايات لتأخذ طريقها بعد ذلك إلى منظومة التخلص من المخلفات بالطريقة المعتادة غالباً وهي الحرق، فتتحول تلك الأكياس إلى مارد ضخم وهائل الحجم يخيف المراقبين له ولو من أماكن بعيدة، لسواده ورائحته المميزة الخانقة والسامة والتي تنشر مواد ضارة بالبيئة ومسرطنة كما بينت ذلك الأبحاث التي دلت على أن هذه الأكياس البلاستيكية يمتد ضررها إلى الحيوانات والطيور، إذ وجدت بقايا مواد بلاستيكية في أحشاء تلك الحيوانات النافقة، فكل تلك الأكياس تتحول بقدرة قادر إلى خطر يهدد حياتنا وصحتنا وسلامة بيئتنا!
الرجال الخضر والنساء الخضراوات أعضاء جمعية البيئة ومكافحة التلوث، يرون خطراً محدقاً بنا من هذه الأكياس، ونجحت نداءاتهم في الخارج في لفت الأنظار إلى خطرها، خصوصاً إذا ما عرفنا الكمية الضخمة من الأكياس البلاستيكية التي تستهلك عالمياً، فدولة مثل الصين الشعبية تستهلك 50 بليون كيس بلاستيكي في متاجرها سنوياً، بينما ينخفض هذا الرقم في الدول الأقل تعداداً سكانياً والأقل استهلاكاً للسلع والبضائع. وبالنسبة إلينا فإن كمية استخدامنا للأكياس البلاستيكية مهول، ويجب أن نبدأ ولو على مستوى فردي في التقليل من هذا الخطر بخطوات عملية وليس فقط بالمشاعر أو التباكي، فالمسألة أصبحت جدية ولم تعد لعباً وهي مسألة حياة أو موت بالسرطانات، ما يعني ببساطة أننا ننتحر، أو نموت موتاً بطيئاً بهذه الأكياس التي نفرح بأشكالها وأحجامها وما تقدمه لنا من سهولة حمل البضائع وحفظها
!
في اليابان وفرنسا انطلقت إشارات تحذيرية من حفظ المواد الغذائية في الأكياس البلاستيكية، بل حتى الماء سواء مع الحرارة أو في الوضع المعتاد يتأثر بحفظه في قوارير وعبوات بلاستيكية، حتى أصبحت شركات الألبان في فرنسا تضع الحليب في عبوات كرتونية وليست بلاستيكية، وهو ما تأخذ به بعض شركات الألبان المحلية هنا الآن... أما في سنغافورة وبعد أن لاحظوا أن معدل استهلاك الفرد بلغ أكثر من 625 كيساً سنوياً بادروا إلى إطلاق حملة بعنوان « أحضر حقيبتك معك»، شاركت= فيها أكثر من 200 متجر لحث الناس على إحضار أكياس خاصة بهم أثناء التبضع بدل استخدام تلك الأكياس البلاستيكية الضارة بالإنسان والبيئة من حوله.
إحدى الشركات وضعت زيادة في سعر الكيس البلاستيكي كعقوبة على من لم يحضر كيسه أو حقيبته معه، تصل الزيادة إلى يورو أوروبي أي قرابة خمسة ريالات، مع شعار حملة غريب نوعاً ما يقول «أنا لست كيساً بلاستيكياً»، كإشارة إلى كثرة تلك الأكياس من حولنا حتى لتكاد تلفنا وتكيسنا، ولعل هناك بدائل غير الأكياس البلاستيكية مثل الورقية التي نسميها «قرطاساً» التي تتحلل بسهولة وكذلك الأكياس القماشية
.
سعدت صراحة بأن العولمة بدأت تأتي بثمار طيبة على مجتمعنا، وإن كان تأثيرها محدوداً وبطيئاً علينا، وإذ شاهدت في الأسبوع الماضي إعلاناً لمتجر من متاجر التسوق الضخمة عندنا يعلن عن توفيره لأكياس قابلة للاستخدام المتكرر بمعدل ست مرات تقريباً، ويحث الزبائن على استعمالها وإحضارها معهم مع وصولهم لمتجر التسوق... إنه شيء جميل أن تتوجه المتاجر الكبيرة إلى مفاهيم المصلحة العامة والحفاظ على الصحة، وأجمل من ذلك أن نتجاوب معها ونتعاون في الحفاظ على البيئة من حولنا ولو بمحاربة الاستهلاك المتنامي للأكياس البلاستيكية


.

الثلاثاء، أغسطس 14، 2007

مرحبا بغرامات المياه

مرحباً بغرامات المياه!
عبدالمنعم الحسين جريدةالحياة - 13/08/07//

بلاد صحراوية، المطر فيها نادر وقليل، ومعدل استهلاك الماء بالنسبة للأفراد عالٍ جداً ولا يتناسب أبداً مع بلد معرض للتصحر، ومعرض للجفاف، والسكّان فيه يستهلكون المياه من دون تنبه لمشكلة قلة مصادرها التي تعاني منها البلاد... ومحطات التحلية التي أصبحنا بها أعلى بلد منتج للمياه المحلاة في العالم، لم تعد تفي بحاجات الناس، ففي كل صيف تتكرر أخبار انقطاع إمدادات المياه هنا وهناك، ما سبب ظاهرة ازدحام المصطفين لأخذ دورهم من ناقلات المياه «وايتات» ونشوء سوق سوداء للحاويات المائية، وتصريحات مسؤولين مطمئنة رطبة تأتي كحبات العرق التي تسيل على وجوه المزدحمين تحت شمس شهر آب (أغسطس) الحارقة، تتجمع وتسيل ولا توفر حلاً لمشكلة نقص الماء في أجواء الحرارة اللاهبة.
حملة الترشيد التي قادتها وزارة المياه كلّفت الكثير وقدّمت للمرة الأولى برنامجاً عملياً احتوى أدوات ترشيد صنعت خصيصاً للحملة، المؤمّل أنها حققت شيئاً وأثراً، وليست كباقي الحملات التي تقتصر على التوعية.
لكن الاحتقان لا يزال موجوداً يشوب أداء الوزارة، خصوصاً في مجال توفير المياه، المهمة المطلوبة منها قبل التوعية كما علّق أحدهم: إنّ انطلاقة حملة الترشيد جاءت باكرة واستباقاً لوصول المياه إلى أحياء تنتظرها سواء كانت محلاة أو غير محلاة، فسكان هذه الأحياء تعبوا وأضناهم التعب من ملاحقة حاويات المياه التي ترتفع أسعارها ارتفاعاً حاداً مع تعطّل وصول الإمدادات.
ولا زلت أتذكّر حال الحنق الحادة جداً إبان شهر رمضان الماضي مع انقطاع المياه وتحوّل الحي لزاوية من زوايا الربع الخالي، ثم يأتي التبرير بأن المشكلة مجرد انقطاع أنبوب لا أقل ولا أكثر، أتذكر أني شاهدت من بعيد شبح سيارة من السيارات التي تنقل المياه إياها فتوجهت إلى مكانه لعلّ يتبقى بعد ملء خزان ذلك المنزل منه شيء، وبعد انتظار طويل تبقى معه شيء، فطلبت منه أن ينتقل لمنزلي فاعتذر بأن هناك حجوزات تنتظر باقي الكمية، وأن السبيل السريع هو ملء خزان مياه الشرب واستعماله للوضوء والطهارة والغسيل... إلخ!
ذلك الموقف ومواقف شبيهة كافية وبشدة لشعورنا وإحساسنا بضخامة المشكلة، لكن ماذا نعمل مع أناس متى ما عاد الماء يتدفق في منازلهم نسوا معاناة الانقطاع وعادوا لممارسات مستهترة جداً بترك الماء يتدفق بغزارة من الصنبور ليذهب هدراً لا لسبب ولكن لأن رقاق البشرة لا يحتملون حرارة الماء فيتركونه متدفقاً بكثافة لكي يصل إلى الماء المعتدل الحرارة، ومثله في الشتاء يهدر الماء بالطريقة نفسها في انتظار تدفق الماء الدافئ الذي يتأخر من السخان المركزي البعيد.
هكذا نحن ربما لا نفهم لغة التوعية ولا ندري بالضبط إلى أي مدى استجاب الناس لتركيب تلك الأدوات المرشدة لاستهلاك المياه في منازلهم، وماذا عن استهلاك المياه في الأماكن العامة، مثل دورات مياه المساجد والمدارس والعمالة السائبة التي تملأ سطولها بالماء العام وتتكسب بغسل السيارات... ولا ندري عن التسربات التي تكون من الأنابيب في باطن الأرض وداخل المنازل والمحابس غير المُحكمَة، وهناك حكاية طويلة اسمها المسابح في الاستراحات والمنازل التي تملأ وتفرّغ ولا تستخدم معها المرشحات الحديثة وإنما كل مرة ماء جديد مستهلك.
سعدنا هذا العام بخطوة فرض الغرامات على المنازل التي تهدر الماء متدفقاً من أسفل الأبواب نتيجة طريقة خاطئة في الاستهلاك، ومثل ذلك على مغاسل السيارات، وكنتيجة واضحة حتى الآن يمر هذا الصيف متجاوزاً نصفه والماء لم ينقطع ولا ليوم واحد بعكس الأعوام السابقة.
نريد استمرار تلك المتابعة والغرامات وفرض زيادة في أسعار الفواتير على الاستهلاك العالي - وليس الكل - فليس الماء بأقل أهمّية من ثرثرة الثرثارين في الجوّالات حتى تكون فاتورة المياه هي أقل فاتورة مدفوعات عند من لم تنفع معه كل أساليب التوعية، خصوصاً مع المنازل التي تكون بها مدبّرة منزل أو أكثر، إذ يكون هدر الماء ملازماً لعمليات التنظيف والجلي اليومي للأثاث وردهات المنازل الممتدة استغلالاً لوجود الخادمة وعدم جلوسها من دون عمل، وليذهب الماء حيث لا يعود.

السبت، أغسطس 11، 2007

النادي الأدبي في الأحساء

النادي الأدبي في الأحساء

عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 11/08/07//

لا أظن أن أحداً يختلف على أن أداء النوادي الأدبية في المملكة لا يرقى لتحقيق طموحات المستفيدين والمهتمين إلا ما ندر، بل الكل يشكو ويتذمر وينتقد اختيار الأعضاء ويتهمهم بالشللية أو الفرقة أو غيرها وينتقد الأداء، وأظن أن مشكلة النادي الأدبي تشبه تماماً مشكلة كل مؤسسة يتولاها متخصصون في فن معين من دون خبرات إدارية، فالمشكلة تكمن - كما تقول نظريات الجودة - في الإدارة، لا أقصد الأعضاء وإنما الممارسات الإدارية التي يمارسها منسوبو الإدارة، ففرق أن تكون عالماً وأن تدير مؤسسة علمية... إذن نحتاج لمتخصصين أو عارفين بمهارات إدارية لإدارة الخدمة والتخصص أكثر من حاجتنا لفنيين ماهرين ولعل المشاهد لمشاريع تجارية وليس خيرية أو اجتماعية فقط لما تقع تحت إدارة غير خبيرة بأصول فنون القيادة والإدارة الحديثة من أخطاء كبيرة وربما خسائر مهما كان أفراد العمل نفسه خبراء في العمل والمهنة والحرفة ويتفوقون على أقرانهم بمراحل في الفن (مربط الفرس أو بيت القصيد).
إذن، لنحاول مساعدة أعضاء النادي الأدبي المرشحين من الوزارة ونقدم لهم في البداية تهانينا بهذا الترشيح، ونكاد نجمع على استحقاق جميع المرشحين لأن يكونوا أعضاء في النادي الأدبي الإحسائي، ونهنئ الوزارة على الخلطة التي شكلت بها أعضاء إدارة النادي والتي أرضت بها كل الأطياف.
ما الذي نأمله من النادي الأدبي؟ سؤال كبير يجب أن يبدأ الأعضاء بعد اتفاقهم على التشكيل الإداري بهذا السؤال والبحث عن إجابة عليه، ويجب كذلك أن يعملوا بالمقارنة المرجعية فينظروا في أفضل أداء قائم من الأندية الأدبية وكذلك جمعية الثقافة والفنون والتنسيق معهم على عدم التكرار والدخول في ساحات بعضهم البعض، مع مشاهدة الممارسات خارج البلد لأنشطة شبيهة ومحاكاتها والتفوق عليها والاستئناس بالمجالس الأدبية القائمة أو التي توقفت بسبب أو آخر والاتصال بروادها لمعرفة ماذا يريدون من النادي الأدبي الجديد؟
أتمنى حقيقة أن يعمل المرشحون على وضع صورة مثالية تتشكل من تطلعات المستفيدين مهما كانت طموحة، ثم السعي لتحقيقها أو جزء منها في الدورة الحياتية للمجلس وأعضائه بخطة مدروسة، وبدوري سأرسم لوحة تعبيرية للنادي الأدبي في الأحساء تعبر عن أملنا فيه، سأذكرها على علاتها سريعة غير مرتبة تماماً كمن يصف طريقاً في تلك المدينة المتاهة غير المخططة تخطيطاً جيداً فأقول: آمل أن يحتوي النشاط على أمسيات شعرية لكبار الشعراء ومحاضرات مجدولة لرواد الأدب على كل أطيافه من قصة وشعر ومقال وتأليف وخطابة وإلقاء وتعبير وتدوين... إلخ، وأن يستضيفوا المواهب حتى الأجنبية منها، ولا أقول الخليجية والعربية، وكذلك عمل المعارض والمشاركة في المناسبات والأسابيع، آمل أن يشمل النشاط الجنسين والاتصال بكل المنتجين في المحافظة ودعوتهم للحضور والمشاركة والسماع منهم مهما كانوا غير راضين ومختلفين، وعدم الخلط بين الخلافات الشخصية والتاريخية وبين احترام الآخر وما عنده، فالخلاف لا يفسد للأدب أي قضية ولنكن مؤدبين في مظلة الأدب ومؤسسته، والعمل على خدمة المبدعين وتقديمهم والاعتراف بهم، وعمل قواعد بيانات لهم وتقديم مشاريع منوعة تسهم في حفزهم واستمرارهم، وعمل دورات تدريبية مجانية أو مدفوعة، يكون هناك موقع الكتروني خاص بالنادي على الشبكة العنكبوتية تنقل فيه المناشط ويكون به أرشيف لها، ويعرف من خلاله أخبار النادي، إصدارات متوالية تقوم على قواعد معروفة ومعلنة ومقننة في الاختيار والطباعة والتوزيع الشامل الذي يقوم على مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة، كما يترفع كل الأعضاء المرشحين عن طباعة منتجاتهم واستغلال مواقعهم! أتمنى أن يحوي النادي مكتبة أدبية سمعية وبصرية والكترونية لمواد أدبية منوعة.
آمل من النادي الانفتاح وعدم الانغلاق على نفسه بل الاتصال بالمؤسسات الحكومية والأهلية والتجارية والخيرية والاجتماعية والنوادي الرياضية القائمة وبحث سبل التعاون معهم، ومن أهم النقاط البداية بما انتهى به الآخرون، مثل الاستفادة من قاعدة بيانات مركز الحوار الوطني للمثقفين وعمل إصدارة موسوعية سنوية شبيهة بموسوعة البابطين وغيرها من المؤسسات المماثلة. هذا ما تبرع الفكر به... آمل من الأعضاء الاستماع لبقية وجهات نظر المهتمين الآخرين.

الثلاثاء، أغسطس 07، 2007

حين ترقص نانسي في كفك!


عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 07/08/07//
سرعة تطوّر تقنيات الاتصال والسباق المحموم بين تقديم خدمات أكثر وبأسعار أقل يجعل التنافس الحاد بين شركتي الاتصالات في السعودية تسارعان إلى توفير خدمات متطورة ضمن تطبيقات تقنيات الجيل الثالث للجوال، ومع توافر أجهزة محمولة حديثة تحمل تقنيات متقدمة جداً تتعامل مع تلك الخدمات وتتعامل معها.
للأسف حتى الآن لا زالت الشركتان تقدمان خدمات من دون المستوى المأمول من حيث جودتها، فالمكالمات متقطعة والإرسال ضعيف والتغطية محدودة وغير كافية... وهيئة اتصالات نائمة ربما تظن أن دورها فقط ينحصر في منح رخص لشركات الاتصالات من دون مراقبة أداء هذه الشركات، خصوصاً في مجال مصلحة المستهلك المسكين، خصوصاً في مجال الانترنت وخطوط الانترنت العريضة.
الأسبوع الماضي قدمت إحدى الشركتين عرضاً جديداً يسمح بمشاهدة لمحطات تلفزيون فضائية تبث بثاً حياً على الهواء مباشرة طيلة ساعات اليوم، وذلك بمبلغ محدد وفي متناول الجميع... تغير مفاجئ في لعبة السوق، إذ سيسمح النظام الجديد للمراهقين والمراهقات بحمل شاشاتهم معهم في كل مكان، وتسمح لقليلي الذوق بفتح شاشات التلفزيون التي ستعمل بالصوت والصورة على كل ما تبثه تلك المحطات من دون قيمة عالية وبكل سخافة في أي مكان من مكاتب العمل أو مقاعد الدراسة أو حتى أماكن العبادة وستطل «الأبلة» الجديدة (نانسي عجرم) وأخواتها بكل حشمة واتزان بأغانٍ ورقصات في قاعات التربية والتعليم، ولكن هذه المرة في شاشة الجوال الصغيرة، لتظل تغني وترقص في كفك وبين يديك وهاك يا «شخبط شخابيط»!
من سيضبط الانفلات المتوقع من فتح شاشات التلفزيون في تلك الأجهزة التي تستغل خدماتها وتطبيقاتها كافة أسوأ استخدام لتجعل من تلك الخدمة باباً جديداً لهزة مقبلة في أوساط الشباب، الذين صاروا يرضعون الثقافة والتربية ليس من أمهاتهم وإنما من عيون متسمرة جفت واحمرت من التطلع والبحلقة في شاشات الجوالات، وتحرمهم من نومهم حتى ساعات متأخرة من الليل، وآذانهم صماء بسماعات «البلوتوث» وسماعات أجهزة لاعب التسجيل الحديثة (ipod) وما على شاكلتها.
الأولاد باتوا لا يلتقون آباءهم ولا يجتمعون معهم، فغابت كل معاني الروابط الأسرية مع استغراق كبير في مشاهدة شاشات الفضائيات والانترنت في غرفهم الخاصة، حتى أبدع أحد رسامي الكاريكاتير في رسمة معبرة جميلة، صوّر فيها حال أحد الآباء حين أراد أن ينادي ابنه القابع في غرفته في المنزل، ويرسل رسالة بريد الكتروني عبر برنامج «الماسنجر» يترجاه فيها أن ينزل ليتناول الغداء معهم!
النظريات التربوية تؤكد على ضرورة مراقبة مشاهدة الأولاد للتلفاز، وتوصي بعدم مشاهدة الأولاد لشاشات التلفزيون بأكثر من ساعتين في اليوم لما تسببه لهم من أضرار صحية وبلادة ذهنية... لكن هذه المرة سنسلم هؤلاء الأولاد الصغار ومتأخري المراهقة ليحملوا تلك الأجهزة المحمولة في الأماكن العامة والمجالس وفي سياراتهم، وسيعيشون عزلة اختيارية عن مجتمعهم وأهليهم مع الأغاني والأفلام والمباريات، ليصرخوا ابتهاجاً مع الهدف أو يرتكبوا حماقات وصراخ مع الهزائم!
هذا الوضع حتّم على بعض المدارس في أوروبا منع حمل الجوالات من الطلاب والطالبات، نظراً لتفشي ظاهرة تجمعاتهم حول بعضهم البعض في الفُسَح وأوقات الاستراحة، متسمرة عيونهم على الشاشات، وتبادل مستمر لمقاطع الفيديو عبر تقنية «البلوتوث» وسباق بينهم في حيازة اللقطات الغريبة التي لا تقف عند حدود معينة أخلاقياً... تقنية جديدة وتجربة مثيرة ودعوة لتربية مراقبة ذاتية وتوجيهية لأولادنا في حسن اختيار المشاهدات على الشاشتين الصغيرة والكبيرة.

الاثنين، أغسطس 06، 2007

الله معك يا بلادي

الله معك يا بلادي
عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 06/08/07//
الأجواء الساخنة التي نعيشها، إذ وصلت الحرارة في شهر آب (أغسطس) الجاري إلى أعلى درجات مسجلة منذ ثلاث سنوات أو يزيد في العاصمة الرياض، وليست الأجواء الحارة بعيدة عنها في باقي مدن المملكة، لكن ربما الأوضاع السياسية التي تُطبخ وتُغلى من حولنا أكثر سخونة وحرارة من الجو نفسه!
التصريحات غير المستغربة التي أدلى بها رجل دين إيراني بصيغة حديث صريح ومباشر عن «الأطماع الفارسية» في البحرين الدولة العربية الخليجية بعد التغلغل الإيراني الواضح داخل العراق، والذي عبّرت عنه الولايات المتحدة الأميركية في أكثر من مناسبة، كما فشلت نداءات العقلاء في أن تجد استجابة إيرانية لوقف عمليات التصعيد والتصفية وبعث الطائفية المقيتة داخل العراق التي يشجعها التدخل الإيراني. لو كان لطرف خليجي أسباب للتدخل في العراق، لكان هذا الطرف هو المملكة العربية السعودية التي تمثل المدرسة الدينية السنية السلفية بدافع حماية السنة الذين يتعرضون لما يشبه الإبادة الجماعية، أو الطرد الجماعي من وطنهم العراق، لولا أن أحد أهم مبادئ السياسة السعودية الخارجية إقليمياً ودولياً هو مبدأ عدم التدخل المباشر أو غير المباشر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، خصوصاً جيرانها... وبدلاً من التدخل في الشؤون الداخلية العراقية، مثلما تفعل إيران، حصرت المملكة السعودية جهودها في مساعدة العراقيين سواء منفردة أو في إطار جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، مستندة إلى خبرتها في معالجة النزاعات الداخلية للدول الشقيقة بحكمة يشهد لها بها الجميع، مثل دعوتها للفرقاء الفلسطينيين لاجتماع في رحاب البيت العتيق أسفر عن «اتفاق مكة»، والتزمت سياسة المحافظة على الموازنة في العلاقات مع الجميع من أميركا وإلى إيران نفسها وبينهما العراق. لكن يبدو أن الأمور لا يراد لها أن تبقى هادئة لمدة طويلة، وهي الصفقة التي صرح بشأنها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل حول أحقية السعودية في التسليح اللازم لحماية أمنها وشعبها من أي خطر، خصوصاً بعد ظهور سباق تسلح وعروض ومناورات عسكرية لاستعراض القوة من إيران، الدولة الجارة الصديقة غير المطمئنة لجيرانها، فهددت بكل صراحة بضرب منابع النفط والمصالح الأميركية كافة في دول الجوار، إذا تعرضت لهجوم أميركي، مع تصاعد التهديدات الأمريكية بشأن أزمة تخصيب اليورانيوم، والسعي الحثيث لحيازة السلاح النووي ودخول نادي الدول النووية، وعليه أصبح اضطراب الأوضاع الأمنية جدياً ولا تدعو أي مسؤول عن حماية أمن وشعبه لانتظار تهورها إلى أن تقع الفأس في الرأس، ألا يدعو ذلك السعودية لاتخاذ خطوات احترازية دفاعية منطقية وأكثر من منطقية لحماية أمنها وإنجازاتها التنموية؟
بالتأكيد، الإجابة الواقعية هي: من حقها بل من الواجب عليها، وقد أحسنت صنعاً القيادة الحكيمة ونؤيدها ونسأل الله أن يلهم أولياء أمورنا ويرشدهم ويأخذ بأيديهم لكل خير لهذا البلد وشعبه

الجمعة، أغسطس 03، 2007

بطنك وعقلك من يتحكم فيك أكثر؟!

بطنك وعقلك... أيهما يتحكم فيك أكثر؟
عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 31/07/07//

تقول دراسة طريفة عن النساء الصينيات اللاتي يتناولن وجبات غربية، مثل (الفاست فود) المشبعة بالدهون والخبز الأبيض وكمية الملح العالية مع لحوم لا يُعرف حقيقة مصدرها ولا طريقة الحصول عليها وحفظها ومكونات موادها، أولئك النساء ممن يتناولن تلك الوجبات وتأثرن بالعولمة، بتن أكثر عرضة للأمراض، خصوصاً أمراض سرطان الثدي، والدراسة علمية أقيمت على 1500 سيدة صينية، أظن - بمعنى أعتقد هنا - أن مصاحبة المشروبات الغازية المشبعة بملاعق من السكر الأبيض تزيد الطين بلة وتجعل من الموضوع مصيبة على الجسم المطلوب منه إنجاز عملية هضم وجبة غذائية متفق على فقرها غذائياً وضررها صحياً خصوصاً على المدى البعيد، أتساءل لماذا تكثر عندهم الدراسات والتحذيرات وتقل عندنا إلى درجة الصفر أو مستواه.
ونحن نشاهد المشكلات نفسها المترتبة من إدمان تناول هذه الأطعمة الوافدة إلينا ومحاولات تسويقها الضخمة على أولادنا الصغار بوجبات للأطفال وهدايا من الألعاب معها، وإعلانات لا تتوقف مع نهاية كل أسبوع، يقال إن ما تنفقه شركة واحدة من شركات الفاست فود على الدعاية سنوياً يصل إلى 200 مليون دولار، لتقع تلك الإعلانات على بيوتنا ومنازلنا وسياراتنا وفي كل ناحية تتوجه لها ببصرك وإعلانات الفاست فود بأجود طباعة وبألوان صارخة وعبارات مغرية وجوائز وهدايا ثمينة، تصطدم بك وتشدك نحو الشراء بأسعار مبالغ فيها جداً، لكن لأنك تدفع من جيبك قيمة تلك الإعلانات وتنسى أيضا قيمة مدفوعات أخرى قادمة في الطريق، كلفة علاج مترتبة على تلك الأغذية، المشكلة أن الشبان والصبايا صاروا يعتمدون تلك الوجبات ويفضلونها ويسكرون أبصارهم ويغطون آذانهم عن أي نصيحة أو توجيهات تحذيرية من إدمان هذه الوجبات، ما انعكس ذلك بشكل واضح على أجسامهم المترهلة وارتفاع في الأوزان بين الجنسين، خصوصاً مع العطل والنوم والتسكع وملازمة الجلوس أمام شاشات التلفزة والبلايستيشن والانترنت والثرثرة في الهاتف، وتوافر خدمات التوصيل السريع تحمل تلك الوجبات إلى المنازل من دون بذل أي مجهود، السكر والضغط وعلل القلب والكلى، أمراض صارت تظهر علاماتها وتتربص بأولادنا في سن باكرة كعرض واضح لأضرار تلك الأغذية مع إحجام عن تناول الأغذية المتوازنة المنوعة، في بريطانيا نشرت منظمة صحية إعلاناً أقض مضاجع الآباء، ويظهر في ذلك الإعلان صورة طفل يتناول عبوة زيت كبيرة الحجم ويشرب منها، ويكتب على ذلك الإعلان أن كمية الزيوت الموجودة في الشيبس والتسالي التي يتناولها الطفل في العام تساوي كمية ما في تلك العبوة، فهل يستطيع القلب والشرايين تحمل تلك الكمية الكبيرة، المشكلة أن بعض الأغذية الأخرى مثل المشويات والشاورما والمندي والعصائر الطازجة، المجهولة طريقة الإعداد والحفظ والتجهيز ومدة الصلاحية مواد ينبغي ملاحظة مشكلاتها الصحية تماماً، مثل الوجبات السريعة والوجبات الخفيفة والتسالي وإدمان المعلبات ذات المواد الحافظة طويلة الأجل، ما يؤثر تناول كميات منها على المدى الطويل على أجزاء مهمة من الدماغ.
بصيص الأمل بدأ يلوح مع ما تقوم به بعض الجهات هنا وهناك من جهود توعية صحية غذائية، مثل وزارة الصحة وبعض المنظمات والهيئات العالمية والمستشفيات الخاصة، ومشروع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، في مشاريع توعية صحية بأصول الحياة الغذائية السليمة، وكذلك مع دور طيب من وزارة التربية والتعليم ممثلة في الصحة المدرسية بالتحذير ومنع ومراقبة ما يقدم للأولاد في المدارس من وجبات المقاصف المدرسية مثل ما قامت به بعض المدارس في أميركا من منع لتقديم البيتزا في المدارس، لما لها من أثر واضح في زيادة أوزان الطلاب، وهنا أحيي الوزير السابق لوزارة التربية والتعليم الدكتور الرشيد على جرأته بمنع المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، على رغم كل الضغوط من المجتمع ومن القطاع الخاص عليه وعلى وزارته.
لا أريد منكم الآن الوصول للسؤال المصيبة الذي يقال تهكماً وإفلاساً وعدم وعي بما نتناوله نحن وأولادنا المستأمنون عليهم: إذن ماذا نأكل؟!
ولكن يجب أن تتحكم في رغبات بطنك بعقلك، ولا يتحكم بطنك فيك وفي عقلك وفي جيبك وصحتك وصحة أسرتك

الاثنين، يوليو 30، 2007

سواق الأوتوبيس الخجول!


عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 30/07/07//
رحلة ممتدة متكررة تتوقف فقط في نقاط التوقف لتحميل ركاب وإنزال آخرين
وتمضي إلى سكة النهاية... خلف مقاود تلك الحافلات الكبيرة التي تنفث
الدخان وتزمجر بضجيجها بقوة، يجلس سائقون محترفون مهرة يستمتعون أحياناً
كثيرة بقدراتهم في المرور بين الحارات الضيقة، أو الرجوع للخلف في أماكن
مزدحمة، أو الالتفاف الانعكاسي السريع مطوحاً برؤوس ركابه، وشاداً لأعصاب
المارة والمتفرجين، وهم يشاهدون تلك الحافلة الكبيرة التي تلتف بسرعة
وتكاد تحطم السيارات والمباني، لكنها مسافة سنتيمترات فارقة يجيد حسابها
أولئك السائقون!
تجري مع أولئك السائقين مواقف مختلفة، وغالباً ما يكونون من نوع كثيري
الكلام وأصوات مرتفعة وأعصاب منفلتة، بشوارب كثة وأجسام ضخمة، يدخنون
بشراهة، ولهم ذوق خاص في سماع الأغاني القديمة من أغاني السّت
والعندليب... نوعيتهم في الغالب لا تطمئن الركاب، ما حدا بشركات النقل
وضع شروط واحترازات كثيرة على المتقدمين للعمل كسائقي حافلات مثل
التزكيات والسيرة الحسنة... وأن يتجاوز مرحلة معينة من العمر واصطحاب
الزوجة معه في الحافلة طيلة رحلة السير، خوفاً من أخطاء وتجاوزات أقلها
«البصبصة»!
لكن في برلين عاصمة ألمانيا الاتحادية كان هناك سائق مختلف ومن نوع نادر
وغير متوقع، إذ استقلت الفتاة «ديبورا سي» حافلته في رحلة غير معلومة،
بتلك الملابس غير المحتشمة والمثيرة التي كانت تلبسها، بحيث أنها استفزت
أعصاب السائق وأربكت قيادته طيلة الرحلة، خصوصاً إذا وجه بصره إلى
المرآة، ما أوقع السائق في حرج مع تلك «الزبونة» التي تسمح لها القوانين
هناك بلبس ما تشاء، وأن ذلك حق من حقوقها كإنسانة تتصرف بمزاجها، ولا
تعبأ بمشاعر الآخرين، أو بمدى الإرباك الشديد الذي تسببه لسائق الحافلة،
حين تقع عيناه عفواً أو عمداً على قطعة مكشوفة من هذه الجهة أو تلك!
السائق واجه اختباراً أوقعه في أزمة بمجرد ركوب تلك الفتاة العشرينية
الحافلة، واختيارها مقعداً استراتيجياً بالنسبة لمرآة السائق الكبيرة،
فأصيب بارتباك في قيادة تحتاج منه يقظة كاملة للطريق، لا تحتمل منه أي
لحظة استراق نظرة لديبورا التي لعبت بأعصابه، فلم تحتمل أعصابه ما يرى
من عري بعض أعضاء جسد ديبورا، ما أجبره على أن يطلب منها بصريح العبارة
وبصياح عالٍ أن تغير مكانها لأن ملابسها غير المحتشمة قد تتسبب له
وللركاب في كارثة!
لكن، ربما كانت الفتاة تمارس مع السائق والركاب لعبة إثارة الأعصاب،
فغيرت موقعها لكن لمكان أكثر استراتيجية بالنسبة لمرآة السائق ما أزعجه
بشدة، فألح عليها مرة أخرى أن تغير المكان والجلوس في آخر الحافلة، لأن
ملابسها غير المحتشمة لا تسمح له بقيادة آمنة، وهدد بإنزالها من الحافلة.
الرحلة امتدت والفتاة لم تبدِ استجابة جادة لطلبات السائق الخجول، ولم
تكترث بها، ما أدى به للتوقف بالحافلة، ورفض أن يستمر في قيادتها إلا بعد
نزول تلك الفتاة المربكة... نزلت ديبورا مكسورة الخاطر غاضبة حانقة تحاول
مسح دموعها بشيء من الخيوط القليلة التي تغطي جسمها، وتوجهت شاكية الى
السائق «قليل الذوق وقليل الأدب والرجعي والمتأخر وغير المتحضر والذي
ربما هو ألماني مشوب بالأصولية»، وشكته عند الشركة التي يعمل بها
وللجريدة التي تبرعت بنشر صورها بملابسها سبب المشكلة، لكن الجميل جداً
هو أن الشركة لما نظرت في الموضوع وملابساته، ولم توجه أي لوم للسائق
الخجول.
شيء جميل صراحة تصرف السائق في ظروف عمل كهذه، ومع راكبات لا يبالين
بالكوارث التي قد يتسببن فيها بسبب عدم مراعاتهن لمشاعر الآخرين، والأجمل
من ذلك تفهم الشركة التي شاركت سائق حافلتها رفضه لكل الملابس أو الأغطية
غير المحتشمة التي تلفت النظر وتتسبب في حوادث سير، مثل «العبايات»
المزركشة والمطرزة والفراشة والشبح والسترتش، ومن مثل هذه المسميات،
وأغطية ليست للستر وإنما للزينة، ولفت النظر بمكياج سهرة وكحل كامل، ما
تلفت أنظار السائقين والمارة فتتحول أبصارهم عن الطريق مما يحتمل معه
وقوع الحوادث والكوارث.
فلنرفض سلوك «ديبورا سي» وسلوك، وكل من لا تبالي بمشاعر وحقوق الآخرين مثلها

الأربعاء، يوليو 25، 2007

مساكن الماسكين

مساكن» المساكين
عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 24/07/07//

لست مختلفاً عن الناس، كنت متطلعاً ومتشوقاً جداً لبرنامج «مساكن»، وتوقعت أن يكون الحل النهائي والميسر لمشكلتي ومشكلة الكثيرين غيري، ممن يعيشون على خط التماس المتلازم مع سكان الشقق المؤجرة، الذين يترقبون طرقات صاحب العقار مع مطلع كل ستة أشهر ليقتطع مستحقه كاملاً غير منقوص، وأدفع أعلى فاتورة معيشة بين الفواتير التي أدفعها بين غذاء ودواء وكهرباء واتصالات ومواصلات! كل الأحلام الوردية التي كنا نعيشها في سكنى بيت العمر تبخرت وتلاشت، إذ كنا نؤمل أن نتجول في أركان المسكن الحلم قبل أن يشتعل الرأس شيباً، لكن تحطمت كل الأحلام والأماني مع تعثر قروض البنك العقاري وتأخرها المتزايد مع تزايد السكان وضعف الحلول المقدمة من هنا وهناك.
في مدينتي، وزارة الإسكان نجحت في بناء عدد اثنين من المجمعات السكنية بولادة متعسرة ونماذج لا تتوافق والاحتياجات الخاصة بأفراد الأسرة السعودية، التي يصل متوسط عددها إلى ستة أفراد، وتوقفت بعد ذلك، يبدو لي أن الفكرة في بنائها إلى تقديم عروض ونماذج وليست مشروعاً خدمياً كما هو المرجو منها، مشكلة السكن والسكان ليست مشكلتهم بالفعل، إذ من الصعب أن تتحمل وزارة مسؤولية إيجاد سكن لشعب بأكمله، لكن المشكلة تكمن في تجاهل لحق من حقوق الإنسان في وجود سكن له، إذ الشركات الكبيرة والقطاع الخاص لا يضع في جدول أعماله بناء مساكن مناسبة لمنسوبي الشركة، وأعظم خدمة يمكن أن تقدم هي القروض أو تأجير المنازل والشقق من المواطنين، ناهيك عن وجود مشاريع إسكان للموظفين من الإدارات الحكومية، عدا بعض المشاريع النوعية مثل المدن العسكرية والهيئة الملكية في الجبيل وما على شاكلتها، من التي تعامل الإنسان على أنه إنسان لا على أنه عصفور يعيش على الأشجار، وما زاد من حدة المشكلة هو توجه الإدارات الحكومية لاستئجار المنازل كمقار لها، فهناك فروع لإدارات حكومية وكليات ومدارس تقع في منازل ما أسهم في قلة المعروض وازدياد الطلب، وارتفاع كلفة البناء إلى أكثر من الضعف.
كما زاد من حدة المشكلة على الموظفين المساكين وباعد حلم سكنى بيت العمر، حتى على الطبقة المخملية من الموظفين القدامى ذوي الرواتب العالية أو المزدوجة أحياناً الناتجة من عمل الزوج والزوجة، وعزز من وجود المشكلة أسعار مبالغ فيها لأراضٍ في مخططات أحياناً كثيرة تكون غير مخدومة.
شركات المساكن ومشاريع الإسكان المقدمة من القطاع الخاص لا تلبي حاجات المواطنين من حيث الموثوقية الاعتمادية، مرونة التصميم وطريقة السداد وارتفاع التكاليف وضعف المنافسة في هذا القطاع، الذي ربما أبان لنا حاجة السوق لفتح فرص استثمار أمام المستثمر الأجنبي بطريقة منظمة للسوق، كهيئة للإسكان تسمح بدخول شركات مقاولات خليجية أو عالمية بدل هذه الشركات التي عجزت عن تلبية حاجة السوق، إذ لا يزال بناء الأفراد المقتدرين لمنازلهم عن طريق مقاولين (أبو عشرة عمال) أو العمالة المرتزقة، والبنوك والمصارف هي الأخرى لم تنجح في تقديم منتجات تسهم في حل المشكلة لارتفاع سعر الفائدة وتعقد الشروط على طالبي القروض.
وسط هذا الوضع الذي جعل 40 في المئة من المتقاعدين لا يملكون مساكن خاصة بهم ويعيشون في مساكن مستأجرة، داعب الموظفين منهم أخيراً أمل مشروع «مساكن» المقدم من المؤسسة العامة للتقاعد، التي قدمت منتجاً هزيلاً بائساً بشّروا به كثيراً، وانتظره الموظفون بتشوف، ولكن النتيجة تمخض الجبل فولد فأراً... فالشروط المعقدة وارتفاع سعر الفائدة يصل إلى مبلغ مساوٍ للمبلغ المقترض أو يزيد، يجعل من المؤسسة الصديقة للموظفين، والتي تغذت من دمائهم تتعشى بهم كذلك وترميهم لا أقول عظاماً ولكن كومة عظام مسحوقة، والشيء الغريب الذي لم أستطع أن أستوعبه هو شكوى الموظفين الذين تقل رواتبهم عن خمسة آلاف، والمتقاعدين من عدم السماح لهم بالاقتراض من مشروع «مصاص دماء الموظفين المساكين» واستغلال حاجتهم لمساكن.
كلي أمل أن توقف تلك المهزلة المسماة بمشروع «مساكن» وإعادة تقديمه بطريقة وطنية عقلانية، تعيش وتتفهم واقع الأزمة التي نعيشها وتقدم إسهاماً فعلياً بالحل وليس بطريقة انتهاز الفرص

الأربعاء، يوليو 18، 2007

أكثر الكتب مبيعا

أكثر الكتب مبيعا
نشرت في جريدة الحياة عدد يوم الاثنين 16-7-2007


تتحدث بعض الكتب الإدارية الحديثة التي تضخها دور النشر عن نظريات وأطروحات تكاد تتجه بنا للتقليل من جدواها وأثرها نظرا لكثرتها وتضاربها واستغراقها في التنظير الفكري البعيد عن التطبيق ، ويُذكر أن أحد المؤلفين العالمين في كتب الإدارة الحديثة المنتشرة هنا وهناك كانتشار أغاني أم كلثوم في السبعينات ، يقال أنه أعجب بمؤلفاته أحد رجال الأعمال فأراد أن يفوز بهذه الدجاجة التي تبيض ذهبا وتعاقد معه لإدارة مؤسسة خاصة من مؤسساته فكانت النتيجة مخية للآمال نظرا للمسافة الكبيرة بين النظرية والتطبيق والظروف والبيئات وغيرها ...

شخصيا لا أحب تقديس أي من الناس ولا تضخيمه ،كما لا أحب غمط الناس وهمزهم ولمزهم واحتقارهم أو أفكارهم والتعامل مع منتجاتهم الفكرية بشيء من الحدة العالية لدرجة التجاهل المتعمد ، وحبذا التوازن في كل شيء .. حتى في النظرة والتناول لهذه المنتجات الغربية التي يكتب عليها (بيع من هذا الكتاب كذا مليون نسخة )أو (أكثر الكتب مبيعا) وغيرها من الكلمات التي لم تعد تحدث كبير أثر في نفسية المتلقي والتأثير في اتخاذ قرار شراء الكتاب ، ومن الطريف أن تكون بعض هذه المؤلفات ليست مبنية على أبحاث وتجارب علمية وقياس علمي دقيق وتحليل نتائج يصل إلى توصيات وحقائق علمية حقيقية 100% ، فكثير منها عبارة عن نظرة تأملية في دراسة قفزة لشركة أو مؤسسة أو تميز عالٍ لأحد القياديين أو رجال الأعمال أو المسؤولين السياسين والعسكريين ، وباتت هذه المؤلفات تأخذ شكل التجارة والبيع والكسب مع افتقاد الجانب العلمي كما نوّهت سابقا عنها .. ولعلّ من المصائب - والمصائب جمة - ركوب بعض العربان الموجة نفسها وإغراق السوق والمكتبة العربية بكتب إدارية من هذا النوع عبارة عن قص ولزق وإنتاج مجموعة مرتزقة تجمع هذه المعلومات والترجمات من هنا وهناك ومن صفحات الانترنت ثم يوضع توقيع وصورة ساحرة للعبقري فلان الذي بالفعل صار يبيع لنا النصائح كما نصحت تلك القبّرة ذلك الصياد – القبرة :طير صغير – حيث قالت للصياد أطلقني وسأعطيك ثلاث حكم الأولى منها وأنا في يدك والثانية وأنا فوق الشجرة والثالثة وأنا أطير في السماء فوافق الصياد على العرض فقالت ( القبّرة): لا تندم على ما فات ، ثم طارت ووقعت على الشجرة وقالت : لا تصدق كل ما يقال ، ولما أرادت أن تطير قالت : يا أحمق كيف أطلقتني؟ إن في جوفي ذهبا كثيرا لو كان عندك كنت حزت مالا وفيرا ، فعض الصياد على أصابعه حزنا وكاد يبكي ثم قال لها هات الثالثة ، فقالت : كيف أعطيك الثالثة وأنت لم تعمل بأي من النصيحتين السابقتين !!

هذه القصة وأمثالها شبيهة بواقع بعض المفتونين بالكتب الإدارية والذين لازالوا ينهلون المزيد منها لكن دون الدخول في عملية التطبيق والاستغراق في الاستمتاع الأدبي والفني بالقصص والمواقف التي يوردها المؤلف من هنا وهناك .

والمصيبة أن يكون عندنا برامج تدريبية تقوم على اعتماد كتاب من هذه الكتب كمادة أساس للدورة التدريبية

عودة على ذي بدء :بعض الكتب الإدارية التي اطلعت عليها مؤخرا أو اطلعت على ملخصاتها تسوّق مادتها على طريقة هدم السابق واعتماد طريقة جديدة مطلقا ، بعضها يحاول التنظير في طريقة اترك كل شيء وابدأ بتجربة جديدة ، وبعضهم يخادع القارئ بعبارات دعائية من مثل تحوّل إلى مدير وقائد في ثلاث ساعات وكأن العملية طبخة مندي دجاج... ومن مثل هذه العنوانات التي غدت شكلا من أشكال المتاجرة بعقول الناس ما يحتاج معه القارئ أن يختار لعقله ما يغذيه به كما يختار لمعدته ما يغذيها به.


السبت، يوليو 07، 2007

قبلة غير بريئة

قبلة غير بريئة

عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 07/07/07//

يوم 6 تموز (يوليو) مناسبة لا أعرف من الذي اختارها وعيّنها يوماً عالمياً للتقبيل. يقال إن هناك طقوساً ومسابقاتٍ تُجرى، واستعدادات لهذا اليوم، شخصياً لا أعلم عن هذا اليوم شيئاً إلا ما جاء بالصدفة وأنا أقرأ أحد الأخبار التي نقلتها الصحف ذات يوم، عن دعوة للعشاق لمسابقة أطول قبلة تحت الماء (اللي اختشوا ماتوا). أذكر ذات مرة قبل سنوات تقارب نيّفاً وعشرين، أننا خرجنا من المسجد وكانت طفلة جميلة تقطن قرب المسجد واقفة على باب منزلها، فما كان من أحد الأطفال الذي خرج توّاً من الصلاة إلا أن توجه إليها وقبلها قبلة غير بريئة، ولا أتذكر إن كان ذاك اليوم هو السادس من تموز أو غيره، إلا أن ذلك الطفل ما كان له أن يفعل ما فعله إلا تطبيقاً لمشاهد التقطتها عيناه من أفلام الفيديو، إذ لم تكن الأطباق اللاقطة والقنوات الفضائية موجودة في ذلك الحين، وقنوات التلفزيون الخليجية تحظر عرض مشاهد التقبيل.
ومن الطريف أيضاً عند الغرب إجراء استفتاء بين الشباب من الجنسين عمّن يرغبون في إلقاء قبلة عليه في ذلك اليوم من المشاهير - ولذلك لا أريد أن أكون مشهوراً.
الأكثر طرافة هو أن أحد مصانع أصابع أحمر الشفاه الذي لم يعد أحمر فقط بل تعددت ألوانه إلى البنفسجي والوردي والعنابي... إلخ، يوظف أشخاصاً مهمتهم فقط اختبار المنتج على الشفاه ومدى بقائه وعدم تأثره بالتقبيل! بالتأكيد وظيفة حلوة... «أحسن من البطالة»... وقبل أن يتقدم أحد للعمل في تلك المصانع أود أن أكمل بأن التطور أدخل أولئك الموظفين في سلك البطالة، بعد اختراع آلة مهمتها التقبيل والقيام بالاختبار.
على أية حال، القُبلة معروفة عند العرب، وربما عبّروا عنها بالشمّ وأحياناً باللثم، وفي أشعارهم الشيء الكثير عنه في القديم والحديث، فيقول امرؤ القيس:
فقبّلتها تسعاً وتسعين قبلة ,,, وواحدة أيضاً وكنت على عجل
إيه يا امرأ القيس هذا فعلك «وأنت مستعجل»، لا أعرف كم كان سيصل الرقم معك مع التأني؟! أما شاعر الفضيلة والحياء (نزار) فقد حطم الرقم القياسي الذي وصل إليه امرؤ القيس، إذ يقول في إحدى قصائده:
الشمسُ نائمةٌ على كتفي ,,, قبّلتها ألفاً ولما أتعب ِ
وهنا أتساءل: هل كان نزار يعمل في مصنع «الرّوج» (أحمر الشفاه)؟! ومن شعر نزار أشكّك في أن تكون أصوله عربية، إذ كان عند الأوروبيين تقليد في القرون الوسطى بأن يقبّل العريس عروسَه مئات القبلات، وإلا أخذ المعازيم هداياهم التي جلبوها.
والشيء بالشيء يذكر... صرّحت الممثلة (د ب) لإحدى الصحف بأنّها رفضت تمثيل مشاهد قُبَل ساخنة وهي صائمة في رمضان، وأجّلت مشاهد التصوير تلك إلى الليل!
وأجد أن من الجميل أن أذكر هنا أنّ السُّنّة المطهرة حملت لنا آداباً وأحكاماً في التقبيل (بين الزوجين)، فقد كان عليه الصلاة والسلام يشدد على وجود الرسول بين الزوجين، وهو القبلة.
وأخيراً لعل من المناسب أن نوسّع مفهوم القُبلة لتشمل تقبيل رأس الوالدين، وتقبيل الأولاد صغارهم وكبارهم ذكرهم وأنثاهم، فقد ثبت أن هناك فراغاً عاطفياً كبيراً بين الأولاد يؤدي بهم للوقوع في أخطاء كثيرة وكبيرة بسبب الفراغ العاطفي، الذي ربما منعت بسببه بعض التقاليد والأعراف من بعض أبجديات التواصل الإنساني في الأسرة الواحدة.

الثلاثاء، يوليو 03، 2007

في الصيف لازم نحب

في الصيف لازم نحب

عبد المنعم الحسين جريدةالحياة - 02/07/07//

أكثر ما يتعذر به الناس عن قيامهم بأعمال اجتماعية وثقافية لهم ولـمن حولهم، حتى أقرب الأقربين من أولاد وزوجة، تكون في عامل الوقت وضغط العمل، وعدم وجود فسحة من الوقت لعمل شيء أي شيء، هذه الأسطوانة المكررة المملة تجعل من أحلام وتطلعات المجتمع الصغير، وهو الأسرة من الصغار أو الزوجة والأقارب، في تواصل أكثر من الأيام العادية، تجعل ذلك بعيد المنال وحلماً من الأحلام!هل فكر أحدكم في حجم المشكلة الكبيرة التي نراها كل عام، من تسكع الشباب في الشوارع وتجمعاتهم لساعات الصباح الأولى في الأركان والزوايا من الحارات والأزقة، ولا تملك دوريات الأمن أي دور معهم، بحكم أنهم يتجمعون أمام منازلهم أو منازل أصدقائهم، أو إن فرقتهم مشكورة ما يلبثون أن ينتقلوا لموقع آخر، ثم يعودون للموقع نفسه بعد ساعات أو أيام قلائل. إن المشكلات التي تنهمر على مراكز الشرط وعلى الهيئة، تدق ناقوس الخطر طيلة أشهر الصيف تجاه الممتلكات والأرواح والأخلاق، ونقول اللهم ربنا سلّم سلّم حتى تنتهي غمامة الصيف، ونصل إلى بر الأمان من العام الدراسي الجديد، لتنتظم حياتنا وأمورنا ونكون أهدأ حالاً تجاه مجتمعنا.المتنفسات متنوعة لكن يبدو أنها لم تعد تلبي حاجة الجيل الجديد، ما يجعلهم يفكرون في طرق جديدة مبتكرة للتنفيس عن ذواتهم وطاقاتهم المكبوتة، ما يجعل من الهادئين الوادعين أصنافاً وألواناً من المشاكسين في نهاية الإجازة الصيفية... نحن نحب أولادنا ومجتمعنا من دون شك، لكن في الصيف نحتاج أكثر لنترجم هذا الحب بتفكير جاد، وعمل اجتماعي تكاتفي من رب الأسرة وإمام المسجد والمربين والدعاة وكل المخلصين أمام جيش التخريب الأرعن، الذي يحارب بأدوات قديمة متجددة متلونة من الفراغ والشباب والمال، يجعل من وجود التقنيات من الانترنت والجوالات في أيدي المراهقين والمراهقات، آفة خطرة ترجمت عنها دراسة حديثة عن شباب جدة بأن 33 في المئة منهم تحتوي جوالاتهم على مقاطع إباحية، وأن 16 في المئة منهم يستخدمون الجوالات لمعاكسة الجنس الآخر.نعم نحتاج لنترجم تلك المحبة نحو الوطن والمجتمع والأولاد والزوجة، إلى أعمال نستثمر فيها طاقات وأموالاً وأوقاتاً بتخطيط وتنظيم ومشاركة ومساعدة للأولاد والشباب عموماً حتى يتجاوزوا الأزمة ويخرجوا منها بأرباح لا بخسائر، ونندم حيث لات ساعة مندم، يجب أن نحمل الهم ونفكر في جدولة الإجازة من سفر محافظ وتزيين قراءة وزيارة مكتبات وجلب مواد نافعة مغرية بالقراءة من صحف ومجلات وحاسب وتقنيات وألعاب فكرية متقدمة، ومشاركة في دورات تدريبية في اللغة الانكليزية والحاسب، وتدريب على رياضات الدفاع عن النفس والسباحة وغيرها على هوى ما يرغبون ويشتهون... المهم أن نعمل شيئاً ونعلمهم مهارة حياتية ونشجعهم على تنمية الروح الإيجابية والمحبة للناس والمجتمع والوطن.

الأربعاء، يونيو 27، 2007

التصويت


لتصويت

عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 25/06/07//

كان التصويت الذي نُشر في موقع «العربية» الأسبوع المنصرم، مؤشراً كبيراً على حال التداعي التي يعيشها طرفا المجتمع، اليسار المتفتح واليمين المحافظ، وحيث أسفرت نتيجة التصويت عن تقدم كبير لأنصار اليمين، الذين كانوا يصوتون مع بقاء الهيئة على ما هي عليه، وعدم الاستجابة للمنادين بالتعديل في طريقة عملها.
كانت الرسائل التي تنادي بالمشاركة في التصويت تنهمر على جهاز الجوال الخاص بي لطلب المشاركة مع الرأي المنادي ببقاء الهيئة، وكذلك تتداعى الرسائل على بريدي الالكتروني مع رابط التصويت، لتكون شبه المباراة أو الحرب بالتصويت مع أو ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكان كل من يرسل لي رسالة من هذا النوع أرد عليه بعبارة «مبروك عليك انضمامك لجماعة انشر تؤجر»، فيستفز بذلك الرد ليتصل مهاجماً ومدافعاً عن رأيه، وعن طريقته، وأنك لا تكون مثبطاً أو متخاذلاً مع هذا الجهاز، فيما إني لا أرى بداية أي تأثير يذكر لنتائج هذا التصويت، خصوصاً أن الفوز فيه - نزولاً مع عبارات المتنافسين - لا يعني بالضرورة فوزاً حتمياً، لأن نتائجه مطعون فيها لأسباب منها أنها لا تمثل وجهة نظر كل المجتمع... كما لا ندري سلامة تقنيات التصويت ومقاومتها لتدخل عناصر «الهكر» المحترفين المتلاعبين في نتائج التصويت، كما حصل مع موقع «الجزيرة» السابق حين وضع التصويت لاعب الكرة ماجد عبدالله مع عدد من المنافسين سابقاً وغيرها، أو أن يخضع ذلك الموقع لطريقة تكرار التصويت التي يستطيع المبتدئون العمل بها، بمسح آثار زيارة الجهاز للموقع وتكرار التصويت، ولو كانت نتائج التصويت على «النت» سليمة ومقبولة مئة بالمئة لتم الأخذ بها في التصويت في منافسات الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول، إذ لا زالت عمليات التصويت تجرى عند صناديق الاقتراح فقط.
ذلك التصويت، أنا واثق أنه شارك فيه من لا يعرف أساساً ما الموضوع وما المشكلة، وأي العبارتين التي تمثله شخصياً، بل كان مدفوعاً مع روابط معينة لأي من الطرفين، لكن الطريقة التي تداعى لها المشاركون لا شك أنها نوع من المشاركة الفاشلة التي يشارك فيها من لا يسهمون بالرأي في مناقشة قضايا البلد الحساسة.
أنا على يقين أن كل من أرسل لي أو لغيري من هذه الرسائل، أنهم يحملون غيرة وحباً جمّاً لهذا الجهاز الذي يؤدي دوراً مهماً بغض النظر عمن يقوم به، الهيئة أم الشرطة، أم رجال التربية والتعليم، أو أي مسمى آخر؟ المهم عندي تحقق الخيرية في الأمة بدليل الآية الكريمة في سورة آل عمران « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر».
وهنا أعود للحديث عن مجاهدي رسائل الجوال والبريد الالكتروني المتحمسين، لأوجه سؤالاً إليهم: هل قام أحد منكم بزيارة لجهاز الهيئة وعرض عليهم خدماته التي لا يعدم الناس في كل مواقعهم، صغاراً أو كباراً، ذكوراً أو إناثاً، أن يكون لهم رأي أو مشاركة أو دور أو مساندة لهذا الجهاز؟
في التعبير الشرعي السلفي يسمون ذلك نصيحة على الأقل نصيحة أو تدريباً أو توجيهاً أو دعماً معنوياً أو مادياً يحتاجه الجهاز، وأتساءل: أين الشركات الداعمة والمتبرعة والراعية عن جهاز الهيئة، لتطويره وتحسينه وتطوير أدائه، ودعم مسيرته، فكل أجهزتنا الحكومية والأمنية في لحمة كبيرة جداً مع المواطن ومع القطاع الخاص، والأمثلة على التشارك والمشاركة من المواطنين ومن الشركات الأهلية والقطاع الخاص مع الجهات الحكومية كثيرة أكثر من أن تذكر، لكن لا يمنع أن أذكر للقارئ مشاركة شركة سابك بتأمين جهاز كشف سرعة متقدم للمرور في الجبيل، وقس على ذلك، لكن في تلك المشاركة لم يفز في الحقيقة سوى شركات الاتصالات التي كسبت من ضخ رسائل جماعة «انشر تؤجر»، وفي انتظار حملاتها الجديدة

الثلاثاء، يونيو 19، 2007

قناتك تحدد شخصيتك

قناتك» تحدد شخصيتك

عبد المنعم الحسين جريدة الحياة الحياة - 19/06/07//

في السابق كانوا يرددون عبارات مثل قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت؟ بعد ذلك تحولت إلى قل لي ماذا تقرأ، أقل لك من أنت؟ لكن بعد امتلاء الفضاء بقنوات كثيرة ربما تزيد في عددها على الثلاثمئة قناة عربية حتى الآن ناهيك عن القنوات الأجنبية، وبناء على متغيرات ورغبات المشاهدة لا نستطيع أن نحدد ما القناة المفضلة للمشاهد العربي، حتى لو صوّت لها بأنها قناته المفضلة، نظراً لسلوك المشاهدة الخفي الذي لا يظهر للناس، وقد لا يظهر حتى للمقربين جداً للمشاهد نفسه، ونظراً لأن أياً من الدراسات التي ترصد سلوكيات الناس وعاداتهم وفق اختبارات من مثل هذا النوع لم تتم حتى الآن، وافتقار مكتبة البحوث والدراسات لشيء من الرصد حول تصنيف الناس بحسب مشاهدتهم، فسأقدم عبر هذه المقالة السريعة خدمة جديدة ظنية، أنه لم يسبقني إليها أحد، قد تكون نواة بحث وتقصٍ، وحتى التوصل إلى ذلك البحث بعد سنة أو أكثر يمكن لمحبي الاطلاع على تلك التصنيفات الاستفادة من هذه الأطروحة التي تعتمد على طريقة ظنية، وفق انطباعات شخصية مع محاولة الاستفادة من موروث الخبرة التراكمية من تحليلات الأشخاص وفق الاختبارات المتعددة، وكذلك الاطلاع على الدراسات التحليلية في علم النفس وما شابه.
إذا وصلت إلى هنا عزيزي القارئ فأنت مهيأ تماماً لتلقي التصنيفات الآتية: حيث الناس الذين لا يستطيعون أبداً التوقف عن الضغط على زر التبديل في جهاز التحكم عن بعد، فهم أشخاص ملولون متضجرون من كل شيء حولهم، يعيشون حال اضطراب مزمن في حالتهم النفسية، ويفشلون دائماً في بناء علاقات مستقرة مع الناس، أما من يفضلون قنوات المسلسلات بأنواعها فهم بالتأكيد أحسن حالاً من أولئك، لكن هم صنف يعيش فراغاً كثيراً، وسعة من الوقت، وحسّيون، يحبون الإطناب والتفاصيل، ولا يميلون للأنشطة الحركية، وإنجاز الأعمال، ويعيشون حال قصص قبل النوم، وأهم حاجة عندهم هي مشاهدة الحلقة الأخيرة.
أما مشاهدو القنوات الإخبارية فيتنقلون بينها وحواراتها، فهم محبو صدارة اللقاءات، والاجتماعات، والأحاديث في المجالس... وأكثر ما يقهرهم هو سماع الأخبار من الناس قبل مشاهدتها على القنوات، أما من يفضلون مشاهدة القنوات الدينية، بغض النظر عما تعرض، ويرفضون ولو ظاهراً مشاهدة غيرها، فهؤلاء متدينون، أو هكذا يظنون، أو الصورة التي يريدون أن يظهروا بها بين المجتمع.
رياضيو المشاهدة التلفازية المتابعون للدورات والتحليلات، يعيشون هماً يستغرق كل تفكيرهم، ويجعل منهم أناساً تجاوزوا التسلية إلى الإدمان، والفرار من المشكلات اليومية والاجتماعية، والعمل على متابعة لا نهاية لها مع كل الدوريات والمنافسات!
تحمل معي عزيزي القارئ، بقي صنفان آتي عليهما، وأنتهي وهما: صنف مشاهدي القنوات الغنائية، يقلبون أسماعهم بين هذه وتلك، وربما هم يقلبون أنظارهم بين محاسن تلك الراقصة، وتلك في الفيديو كليب الذي يعرض ليعشوا حالة مستمرة من الأحلام الوردية والأماني والخيالات، يعيشون في ما بينها ويدمنون عليها، ويفرون من واقع بات لا يناسبهم، ولا يستطيعون العيش من دون سماعات الرأس في كل مكان حتى في دورات المياه!
الصنف الأخير هم محبو مشاهدة أفلام الحركة، والإثارة الذين باتوا يتابعون قنواتها المفتوحة والمشفرة بحثاً عن الجديد الذي تقذف به استوديوهات هوليود، يعانون من الضغط والتوتر، ويحبون العيش المستمر في حال الشد، مشروبهم المفضل هو القهوة والمنبهات، ومشروبات الطاقة، عندهم ثقافة أجنبية، وتقبل عالٍ للعولمة، ومفاهيم الحضارة والتحضر، وأسلوب الحياة الغربي المفتوح... تكون مشكلتهم أكبر لو استغرقوا في مشاهد أفلام تحفز حواسهم، وتحط من تفكيرهم، قد تؤول بهم لتصرفات لا أخلاقية.
هل بقي صنف آخر لم أذكره؟ ربما هم الأشخاص العمليون المستغرقون في أعمالهم وتجارتهم، وسرقتهم «الانترنت» بحيث لم يتبق إلا أوقات يسيرة لا تذكر ليشاهدوا فيها الفضائيات .