السبت، نوفمبر 04، 2006

الخارطة الرمضانية

الخارطة الرمضانية

اللون البني اللامع الذي يسيل على جانبي ذلك السطح الذهبي المستدير كخد فتاة صغيرة قربت وجنتها دانية وقد هيأت فاك ليقضم ذلك الخد اللقيماتي بنهم بعد جوع يوم رمضاني .

ربما تكون اللقيمات على مائدة الإفطار هي العاصمة وبقية الأطباق الكبيرة والصغيرة بسوائلها ويابساتها وألوانها كألوان خارطة جغرافية لا بد للمعدة أن تهضم تلك الخارطة .

خارطة الطعام كغيرها من الخرائط التي تترابط مع أجزاء أخرى لترسم هيكل البرامج الرمضانية التي تتغير وتصبغ بصبغة التجديد والتطوير تحت نظرية الثابت والمتغير وعبثا يحاول اليائسون المحبطون البحث عن رائحة رمضان القديم بين كل أطياف الروائح فيحاولون بكل ما أوتوا أن يصبغوا رمضان بعبق رمضان الذي ألفوه واعتادوه من الطعام والشراب والعادات والأعراف وربما بحث عن نغمة ( بوطبيلة ) ليضعها في جواله وبحث عن فيديو كليب خاص للقرقيعان واصطف في طوابير المطاعم الشعبية لكي يحضر الوجبة التي اعتادها وربما خلفية جهاز الحاسوب الخاص به تنطوي على لوحة المدفع الرمضاني .

وبنظرتي الخاصة وكثيرا ما خصيت نفسي بنظرات أجد نفسي تأنف كل متعلقات التراث ولا أستمتع بالنظر له ولا مشاهدته وإذا ما اضطرتني الظروف لأن أكون وجها لوجه أمام التراثيين أشعر وكأني قابض على الجمر ... هكذا أنا أستمتع وألذ للمستقبل والجديد ولا أجد للقديم أي متعة .

أعود بك عزيزي القارئ للخراطين ( أصحاب خريطة الكنز الرمضانية ) الذين ربما استعانوا بأجهزة تحديد المواقع المربوطة بالأقمار الصناعية لتساعدهم في الوصول إلى نقطة التاريخ وربما احتاجوا لمركبة الزمن الخرافية لكي يعودوا مرة أخرى يجرون بـ ( الدنانة ) وسط التراب

والغريب يا صديقي أن هؤلاء بحثوا عن كل شيء في رمضان الذي خرج ولم يعد لكنهم لم يسعوا للمحافظة على رمضان الروحاني رمضان الجود رمضان العطاء رمضان التواصل رمضان النقي من مجون الفضاء وعربدته والمواخير التي باتت تدخل البيوت وألغت كل زوايا العيب بحجة كونها برامج رمضانية .. لم يبحثوا عن رمضان القرآن والتوبة

كلماتهم التي اختلطت بسحب دخان المعسل برائحة البرتقالة وكل الفواكه التي تخلت عن قشرتها وباتت تتلوى كالثعبان لا تلبث أن تتطاير مع سحب معسلاتهم ، ويبقى رمضان بروحانيته يبكي على نفسه من الخراطين الذين خدعوا أنفسهم وغيرهم وتشبثوا بالقشر وتركوا اللب كعادتنا دائما في تناول الأحداث كل الأحداث .