الجمعة، أكتوبر 27، 2006

هل من غصن ينقذ لبنان

هل من (غصن) ينقذ لبنان ؟ مقالة لم يكتب لها النشر في الصحف المحلية

بطبعي أحب متابعة أخبار السيارات وصناعتها والمستجدات فيها بالرغم من امتلاكي لسيارة متواضعة ، لكن الحمد لله والشكر له أهم حاجة سيارة تحقق الغرض منها ، ونظرا لمحبتي تلك فقد استوقفتني أخبار نوايا اندماج شركتي جنرال موترز الأمريكية بنيسان رينو الفرنسية اليابانية ، وبرز بشكل حاد جدا في التقرير شخصية مدير شركة نيسان الحالي كارلوس غصن (52) عاما المولود من أبوين لبنانيين يعيشان الغربة في البرازيل بجنسيتين مختلفتين فالأم فرنسية والأب برازيلي

وقد استمتعت ببطولات الأسطورة كارلوس الذي سمحت اليابان مؤخرا بطباعة صور للأطفال اليابانيين تظهر كارلوس كبطل أسطورة ( سوبر مان ) اعترافا منها بالجميل الذي أسداه ذلك الرجل على ثاني أكبر شركة سيارات فيها ( نيسان ) حين أنقذها من الإفلاس وأعادها لمنصات الأرباح من جديد في منجز جبار .

وقد قرأت عن فلسفة ( غصن ) اللبناني الأصل في نجاحاته التي حققها في حياته قبل تسلمه ملف نيسان وبعده فوجدت أن الرجل يعمل باحترام عال جدا للوقت والرجل متعدد الثقافات ويجيد أربع لغات وفي طريقه لإضافة الخامسة ، يحب التحدي ويحمل طموحا لا حد له حيث إنه تنقل في مراكز وظيفية متعددة وكل مرة يقفز قفزات عالية ويتحمل مسؤوليات عظيمة يصعب على أي شخص عادي أن يتحملها ، ووجدت أيضا أن الرجل يقدس المعلومة الصحيحة ويحب أن يأخذها بنفسه ومن مصادرها وبدون أي وسيط حيث يقوم بزيارة ميدانية للوقوف على المواقع والالتقاء بالموظفين والفنيين والسماع منهم مباشرة ، يعتني عناية فائقة بقيم السوق والمساهمين والزبائن وهي فلسلفة ومعادلة صعبة تحتاج رجلا يتقن المشي وبتوازن فوق الحبال العالية كما في عروض السيرك لأن أي خطأ في التوازن سينهي حياته .

الرجل يعمل بفكرة الأهداف وتحقيقها وإعلان نتائج عمله للمستفيد الداخلي والخارجي أول بأول لزيادة ثقتهم بأدائه وأنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح ، جريء وقوي جدا حيث سرح الكثير من الموظفين لتقليص النفقات وأعاد تصميم الكثير من العمليات الإدارية المعتمدة غير القابلة للنقاش فهدمها وركبها من جديد حسب فلسفلته هو بخلطة إشراكه للموظفين بالسماع لمقترحاتهم وهو ما يعرف بالحلول من الداخل ، وللأسف كم من مدير خدع في نفسه وقدم استراتيجيات وأفكار من رأسه ولم يسمع للخبرات التي تزخر بها مؤسسته أو إدارته ! اهتم كارلوس بالحوافز وشجع الرؤساء والموظفين ليعطوا بأقصى طاقتهم ووصل به الحال ليعطي مكافئات تصل لأكثر من 25% من أجر الموظف السنوي وألغى بشكل تام عنصر الأسبقية أو ما يسمى سنوات العمل أو الخبرة في الاستحقاق للترقية ! وألغى أيضا مفهوم وظيفة مدى الحياة كما هو حاصل في الوظائف الحكومية عندنا حيث أصبحت الوظيفة شؤون اجتماعية تقدمها الحكومة للموظفين .

ولا شك أنه تعامل مع حساسية اليابان للعناية بثقافتها باحترام شديد ما حقق له قبولا من المجتمع الذي يعمل فيه ليأمن جانب الجبهة الداخلية والخارجية التي دائما ترفض الغريب ، خاصة إذا ابتدأ يعبث بالثقافة وفي مجتمعات تقدس ثقافتها مثل فرنسا واليابان .

واليوم يسعى ذلك الغصن وبشدة ليضم جنرال موترز التي تترنح من الخسائر وتحتاج إلى منقذ بسمات شخصية غصن ليجري لها عملية جراحية مصيرية تأخذ بها من قاع الخسائر لتحقيق الأرباح .

وفي ظل قراءتي لشخصية غصن اللبناني وفي ظل الظروف التي يمر بها لبنان والتي عجز الحريري أن يعمل لها شيئا ، خاصة مع الكارثة التي نزلت بلبنان مؤخرا من الهجوم الوحشي الذي تشنه إسرائيل هي ظروف تحتاج لإدارة أزمات قوية فهل من غصن ينقذ لبنان ؟!