السبت، أكتوبر 07، 2006

رمضان بكل الألوان

تلبك ... وخدر ... وتقلصات ... ومغص .. وأمراض عديدة وإغماءات ووفيات تكثر تلك الحوادث في رمضان ، أناس يكتشفون مواهبهم في الأكل وإرباك المعدة بألوان عدة من الأطعمة والمشروبات في رمضان وفي وقت واحد يكون من الواجب على المعدة المسكينة أن تقوم باستقبال ومعالجة كل تلك الأصناف .
يذكر لي أحد المهتمين بعلوم النفس والتطوير الذاتي عن شخص روسي متقدم في السن ولا يزال يتمتع بشبابه ولما سئل عن ذاك قال المشكلة في الأكل ...! أنتم لا تعرفون كيف تأكلون ؟! طيب علمنا يا اسمك أيه أوف لأن أغلب أسماء الروسيين تنتهي بأوف حتى السلاح العالمي اسمه كلاشنكوف وعلى فكرة سبب تسميته على اسم مخترعه ، حتى لا يتفرع الحديث أعود للعالم الروسي وأحجية طريقة الأكل التي يستخدمها فيقول : ينبغي أن لا تخلط على المعدة أنواع عدة في وقت واحد يعني كل فاكهة لوحدها وكل خضراوات لوحدها وكل خبز لوحده وكل لحم لوحده يعني مشكلتنا أننا لا نمضغ الرز إلا مع شيء من الدجاج أو اللحم وبالتالي تدخل مادة غريبة على المعدة لا تعرف هل تفرز عليها أحماض لتهضم البروتينات أم تفرز عليها مواد أخرى لهضم النشويات او الخضراوات فتكون هناك معادلة صعبة على المعدة وبالتالي يدخل الطعام ويخرج بعد إصابتنا بأمراض بدل العافية ، أكثر ما أحرج إذا دعاني أحدهم على وجبة الإفطار وأعد لي مائدة مطوّلة تملأ المجلس كله حتى بالكاد أجد لنفسي مكانا من دون تحريك شيء من الأطباق ونستأذن من طبق الباميا كي يدنو قليلا ونقنع طبق الشوربة بالتسامح والاقتراب من طبق الملوخية حتى يتكون شبه مكان لي فأجلس أمام ذلك المنظر محتارا خجلا لا أستطيع أكل عشر ما قدم ولا أستطيع أن أترك المائدة ، أكثر من ذلك أن منظر الأصناف والألوان المتعددة والروائح المتداخلة بين اللقيمات والجبنية والسمبوسك بالجبن وبالخضار وباللحم وبالدجاج و... قصة طويلة كل تلك التداخلات من منظرها فقط أشعر بالغثيان وكأني أشاهد حلقة من طاش ما طاش الأصلي أو التقليد !
إنني أنادي بعمل جمعية الرفق بالسيدة معدة وأختها المتمايلة على نفسها الست أمعاء ، وتقوم هذه الجمعية بعمل توعية للناس قبل رمضان وتعليمهم فنون التحكم بالأعصاب وضبط النفس .. ربما أعجبتكم نصيحة البطل الروسي لكن حتما ستعجبكم حكمة الطبيب العربي القديم النضر بن الحارث بن كلده ( توفي سنة 13هـ ) المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء ، وسيعجبكم أكثر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ) .


نشرت بجريدة اليوم عدد يوم السبت الموافق 7-10-2006
لمطالعة المقالة على موقع الجريدة مباشرة يرجى الدخول على الرابط :