الخميس، أكتوبر 26، 2006

الموقف من إساءة بنديكتوس

الموقف من إساءة بنديكتوس مقالة لم يكتب لها النشر في الصحف

لا أظن أن أحدا لم يسمع أو يقرأ أو يتابع تداعيات تلك المحاضرة التي ألقاها البابا السادس عشر بنديكتوس رمز الكنيسة الكاثوليكية في العالم وبالتالي يتزعم أكثر من مليار كاثوليكي على الكرة الأرضية في جامعة من جامعات ألمانيا وتحدث في ذلك الثلاثاء أمام أكثر من مئتي ألف مستمع عن الإسلام والمسلمين ثم ذهب لدعوة المسلمين لترك الجهاد وأيضا أورد في كلامه مقطعا يسيء فيه للنبي صلى الله عليه وسلم وللإسلام ، - هكذا جاءت الأخبار وعلى إثر ذلك تداعت التعليقات والشجب على المستويات الرسمية والشعبية واتسع الاستنكار ليشمل تعليقات كثير من العلماء والمفكرين في مواصلة ما يسمونه دفاعا عن الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم عبر دعواتهم ليوم غضب مثل ما قال القرضاوي أو دعوة للاعتذار الصريح مثل ما نادى بذلك العودة ومثل دعوة لمناظرة مثل ما قال بذلك الدكتور عوض القرني ، بدورها بعثة الفاتيكان بمصر دعت مشايخ الأزهر لزيارة الفاتيكان ومحاورة البابا الذي جاء ليكحلها فأعماها بخطاب اعتذار أسف فيه لسوء فهم كلامه فلم يقبل منه ذلك الأكثرية لكن ماليزيا قبلت الاعتذار ودعت لعدم تكرار أي تصريحات تثير غضب المسلمين .

العشماوي فزع هو الآخر ورد بقصيدة هجائية قال في مطلعها

أَقْصِرْ، فأنتَ أمامَ وهْمٍ حاشدِ يا من عَبَدْتَ ثلاثةً في واحدِ

الموقف يتأزم ويتصاعد ويكبر وجماعة المظاهرات والصراخ خرجوا للميادين والخطباء نزلوا بقضهم وقضيضهم ونتوقع حضور قوي للشعر الشعبي في الانتصار للإسلام والمسلمين ، فهي فرصة لتسجيل المواقف ، لكن أمام كل ذلك الموج من الردود والتعليقات والتداعيات هل من شكل إيجابي ؟ هل من أفكار شعبية ورسمية تحد من مثل تلك المواقف مثل ما قدمته 57 دولة إسلامية لمشروع نص يدين الإساءة للأديان والشرائع عالميا وهو ما صدر على خلفية الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم في دولة الدنمارك ؛ سؤال آخر : هل استمعنا لوجهة نظر رئيس التجمع الإسلامي بألمانيا إبراهيم الزيات ووجهة نظره بحيث نتخذ مواقف إيجابية لا تضر ولا تلحق بالمسلمين المهاجرين والمقيمين بالخارج الأذى أو تعرضهم لإساءات .

نعم هي أزمة حالكة لكن يجب علينا استثمار الأحداث لصالحنا ونوجهها التوجيه السليم لترتد في نحر مرسليها ، ولنعرف كيف نعالج تلك المشكلة يجب علينا أن نحلل المشكلة ونحاول البحث عن الأسباب التي دعت للبابا لأن يقول سفاهاته ، د. عبدالعزيز الثنيان عضو مجلس الشورى يستبعد بشدة كون تلك التصريحات غير مقصودة أو أنها بسبب الجهل بالإسلام وحقيقة الرسالة المحمدية ، إذن ما السبب؟!

يقال والعهدة على المحللين أن السبب وراء تلك التصريحات هو غضب وقلق الكنيسة من تسارع انتشار الإسلام في العالم وبشكل خاص في أوربا وهذا ما علق به عصام مدير تلميذ أحمد ديدات الذي قال : دخل في الإسلام مؤخرا أكثر من عشرين قسيسا ، وعدد المساجد في اوربا يتزايد يوما بعد يوم حتى بلغ عدد المآذن في ألمانيا وحدها أكثر من 2200 مصلى ومسجد ، كل ذلك مدعاة للقلق والخوف من تحول أوربا لقارة مسلمة بعد خمسين سنة كما هي متوالية ازدياد معتنقي الإسلام ،

أيها السادة الكرام نحن محتاجون لإدارة أزمات وفن التعامل معها واستخدام العقول المستنيرة لقلب ظهر المجن واستغلال الحدث كفرصة للتعريف بالإسلام ونشر الدين الإسلامي بدل الإغراق في الشتم والسباب والكلام الذي يطير في الهواء أما التسابق في البكاء والصياح فهذا فن كل يجيده خاصة من يستثمرون مثل تلك الأحداث للخروج على السطح وعلى شاشات الفضائيات وعلى أغلفة المجلات ليتحدثوا بكلام فارغ عن أي محتوى عملي غير المزيد من البكاء .