الأحد، أكتوبر 15، 2006

سياسة ضبط النفس

مرحبا : اقرأ مقالة عبدالمنعم الحسين
سياسة ضبط النفس
نشرت بجريدة الحياة عدد يوم السبت 14-10-2006م
لقراءة المقالة من موقع الجريدة يمكنك زيارة الرابط التالي
وإليكم نص المقالة الأصلي :
سياسة ضبط النفس

من المؤسف ما نقرأه وما نشاهده من قصص مؤلمة لشجارات وجرائم واعتداءات تصل للضرب والشتم والقتل ، وكل ذلك يحصل بين صائمين يفترض أن يكونوا متقربين لله تعالى بالصوم ومتمثلين لأخلاق الصيام التي جاء بها الإسلام وتمثلت في خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم ووصيته المشتهرة " فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : اللهم إني امرؤ صائم ، في الطائف وقبل أذان المغرب ولدقائق وفي شارع مزدحم بالمارة والسيارات اشتدت الخصومة بين ثلاثة أصحاب وآخر ليس من شيعتهم فوكزه أحدهم لكن بسلاح أبيض فكانت النهاية المأساوية بموت ذلك الشاب صائما وكل ذلك بسبب تشنجات وانفلات أعصاب الناس حال وصولهم لهذه اللحظات ، ولا أدري ما حقيقة هذه المشاعر الحادة والمتأزمة التي تتمثل الصائمين في آخر لحظات صيامهم ؛ هل هي حقا كما يعبر عنه أهل الطب وعلوم الأحياء والميتافيزيقيا وهي أن السكر في الدم يكون في تلك اللحظات أقل ما يكون وبالتالي يكون الدماغ متوترا ولا يعمل بشكل جيد وبالتالي يعطي قرارات وتصرفات غير متزنة
أم هو وقت الغروب وانصراف الشمس وتحول الحال بين النهار إلى الليل والظلام فهي حالة انتقالية تشبه تأثير قرب القمر في الليالي البيض وتوتر أعصاب الناس كما هي تأثيره على البحر في ظاهرتي المد والجزر ،
ومن الممكن أن نؤول ذلك بسبب آخر وهو كون الصائمين يصلون في تلك اللحظات إلى ضيق شديد جدا في الوقت ومع متطلبات حادة وملحة من الوصول للمنزل لمشاركة أفراد العائلة لحظة الإفطار وربما يدخل هنا سؤال ملح : هل تسبب مشروع تفطير الصائمين في الميادين والشوارع وعند الإشارات الضوئية للحد من ظاهرة الغضب وانفلات الأعصاب والتوتر الشديد بسبب موعد الإفطار المقدس عند الصائمين وإذا كان ذاك فكم هي النسبة ؟ ولنتساءل أيضا : لماذا لم تجد نفعا مع هؤلاء الصائمين كل تلك الخطب والكتب والمطويات والأشرطة الدعوية التي تبين أهمية حفظ الصيام وعدم جرحه بما يسيء له ويقلل من هيبته ناهيك عن كل تلك المواد الدراسية التي صبت في أذهان هذا الجيل منفلت الأعصاب ولا يمكن في الوقت نفسه أن نتهم ألعاب البلاي ستيشن وأفلام الأكشن ومناظر القتل والدم التي يتعرض لها هؤلاء لأني أتذكر أن ذلك التوتر موجود من قديم وهو غير مرتبط بتلك المشاهدات لكن من المسلم به أيضا أن هناك قدر من التأثير لا نعلم نسبته يتسبب في التأثير في على سلوكيات الصائمين وبالذات في لحظات ما قبل الصيام الحرجة .
وبعد كل ذلك العرض لتوصيف المشكلة أو الأزمة الأخلاقية الحرجة التي تهدد المجتمع واستقراره وأمنه بسبب الصيام ينبغي علينا طرح حلول ليست خاصة بمجتمعنا فهي عامة لا تتعلق بجنسية ولا لون ولا جنس ففي بداية الشهر أيضا اشتدت الخصومة بين جيران في دولة عربية بسبب شبهة معاكسة أحدهما لزوجة الآخر وفي لحظات رفع أذان الإفطاريسال دم مسلم له حرمته التي هي أعظم من حرمة بيت الله ، لكن ضعف الوازع الديني وقلة الثقافة والتحضر تتسببان في كل تلك الأخطاء الفادحة ، وعودة للحل يجب على كل صائم محاولة تجنب الاحتكاك والتعرض للزحام ومواقع الشد والتوتر والابتعاد عن الخروج في تلك الأوقات ويعتبرها وقت أزمة يجب عليه أن يحظر التجول فيها والخروج قدر المستطاع ، ويجب عليه أيضا فهم سلوكيات الآخرين وتوقع أخطائهم ويعدهم تماما أشبه ما يكونون بالثمل أوشبهه الذي لا يملك القدرة على التحكم في تصرفاته وبالتالي يتمثل خلق الصيام ويحاول قدر المستطاع أن يرجئ علاج أي موقف شد إلى ما بعد الإفطار ،
ثم على دوائر معالجة السلوكيات الخاطئة والإشكالات والنزاعات من الشرط والمحاكم رصد هذه الظاهرة والمتسببين فيها والواقعين في حالات عدم ضبط نفس بسبب الصيام ، إلى حصرهم وتوجيه مناشط وبرامج توعوية مركزة لهم ولا مانع من تقديم علاجات خاصة من المهدئات والمسكنات فترة الصيام لهم وفي حالة فقدان السيطرة الكاملة من بعضهم وتكرارها فلا مانع من دراسة مشروع جدوى رخصتهم من الصيام ، كون سلامة مجتمع أولى بكثير من إقامة عبادة خاصة بفرد مريض لا يملك أدنى مقومات سياسة ضبط النفس .