الثلاثاء، سبتمبر 26، 2006

التسول والاكتتاب

"التسول والاكتتاب" نشرت في جريدةاليوم

عدد يوم الاثنين الموافق 25-9-2006م

التسول والاكتتاب

عبد المنعم الحسين

شر البلية ما يضحك ...ذاك ما طالعتنا به بعض صحفنا المحلية من القبض على متسولة تمتلك أسهما استثمارية ، يا أخوة يا كرام .. رمضان شهر الكرم وشهر الصدقات والزكوات أقبل وعصابات التسول زادت تنظيمها وانتشارها وأخذت مواقعها وترصدت للمحسنين الذين لا يترددون في بذل الأموال دونما تثبت هل هذا الطفل أو المرأة الذين تبدو عليهم مظاهر الفقر والفاقة هل هم حقا مستحقون أم هم من أفراد العصابات إياها.
ما يجود به الناس مجرد ريال أو أكثر بقليل بسبب شكهم في مصداقية ما يشاهدون ، فيتبعون قاعدة التوسط فلا يغدقون عليهم من الفئات النقدية الكبيرة ولا يمنعونهم ويدخلون في دائرة الشح أو دائرة المنع والتجهم في وجوه الفقراء .. فيقولون لا نحن منعناهم وفي نفس الوقت لم نعطهم حاجة ذات قيمة !
هل تصدقون ذلك الفتات القليل من هنا وهناك ... كم يشكل ما مجموعه في المواسم العادية ..في دراسة أعدت في مدينة جدة ...تبين فيها أن دخل المتسول الواحد شهريا يتجاوز أربعة آلاف ريال ..وربما المتصدق نفسه لا يحقق ذلك الدخل ، وهذا الكلام ليس عندنا هنا فقط ،فقد قامت باحثة مصرية بدراسة واقع التسول في مصر ولأجل الحصول على نتائج حقيقية قامت بتمثيل دور المتسولة وكانت تجربتها ناجحة بالحصول يوميا على عوائد عالية مغرية من أناس كرام عاطفتهم قوية.
تلك الحالات المنتشرة والتي ستزداد مع هذا الشهر وتفنن في عروضها وأدعيتها وأوراقها ووصفات الدواء التي يحملونها ، وإجادة في الخطب المؤثرة التي يلقونها ويحملون معهم من صور صكوك المحاكم المحلية والخارجية للتأثير على المارة .
وفي وصولهم عند المساجد وتقدمهم في الصفوف الأولى وقبل تسليمة الإمام يكون المتسول قد أخذ موقعه أمام المصلين ليمارس مهنته وقصة مؤثرة وأيمان مغلظة وتأكيدات وشواهد واستدلالات على صدق دعواهم.
هي ظاهرة عجزت الجهات المعنية من وزارة العمل أو الشؤون الاجتماعية أو وزارة الداخلية كما أسندت لها مؤخرا من أن تقضي على تلك الظاهرة والسبب ليس قصورا في تلك الجهات وأدائها وإنما بسبب الدور السلبي من المواطن في مساهمته في انتشار هذه الظاهرة بتقديمه المساعدات لأناس لا يعلم صدق دعواهم .. وربما يعلم يقينا غشهم وخداعهم لكن ابتغاء الطريقة الأسهل والأقرب لتوصيل الصدقات والقرب لله تعالى في لحظاتهم الخاشعة والإيمانية ، والعجيب أن أكثر أولئك المتسولين هم من غير السعوديين بل وثبت تهريب الكثير من الأطفال من دولة عربية مجاورة لامتهان التسول ، فينبغي علينا حال رغبتنا في توجيه التبرعات والصدقات توجيهها للجهات الرسمية والموثوقة في إيصال التبرعات للفقراء والمحتاجين والتي تعنى بدراسة حالاتهم وتنظيم توجيه التبرعات لهم بما يضمن مصلحة المتبرع والفقير معا ، وتقبل الله !

· عضو جمعية الإدارة السعودية.

.
تستطيع قراءة المقالة من جريدة اليوم :اضغط هنا من فضلك

بإمكانك قراءة المقالات السابقة على عنوان الصفحة الشخصية ومنها إلى البلوغز
http://monem75.googlepages.com/