الجمعة، سبتمبر 08، 2006

انتصارات المهزومين

"انتصارات المهزومين " نشرت في جريدة الحياة
عدد يوم الاربعاء الموافق 6-9-2006م
انتصارات المهزومين
عبدالمنعم الحسين الحياة - 28/08/06//
تتوالى التحليلات الإخبارية على شاشات التلفزة المرئية وعلى هدير الأثير المتقطع من مجهارات الراديو وعلى الخطوط النحيلة السوداء بأعمدة كُتّاب الصحف ومدعي خبرة السياسة والتحليل الإخباري العسكري ومفاهيم القوة وموازين التأثير العالمي.
أحبار كثيرة تفرغ شحنات من التراشق الكبير بين المفاهيم المتضاربة والآراء المتعددة المبنية على خلفيات كل كاتب وبيئته والأغراض التي تدفع به لتبني رأي أو آخر، والحرية التي يتمتع بها ومساحة حرية الرأي في بيئة النشر المفضلة له التي أخذ بعضهم يفر من قيودها متجهاً إلى الإنترنت والمدونات الشخصية التي امتدت لها أيضاً أيدي الرقابة كما حصل بالصين أخيراً مع مدونة إحدى الكاتبات الصينيات.
لكن ما يشعرني بالغصة والألم تجاه الأحداث الأخيرة في لبنان هو الفرحة الكبرى التي تعمنا بتوقف الأعمال العسكرية التي تشنها إسرائيل بعد أن قتلت وهدمت. ليس سراً أن الحرب التي شنتها إسرائيل الابنة أو الأب لأميركا المتغطرسة بترسانتها العسكرية كانت قاسية على حزب الله.
لكن إسرائيل لم تستطع أن توقف تهديدات الصواريخ التي انهمرت على حيفا وبالقرب من تل أبيب وقتلت وجرحت ودمرت عدداً محدوداً لا وزن له في ميزان الحروب، ولكنها نجحت في إخافة شعب إسرائيل، ودخلت بهم نحو الملاجئ والمخابئ تحت الأرض. كما أن خسائر إسرائيل المادية ربما تصل إلى بليون دولار، وهي كلفة يمكن تعويضها مع بعض الأرباح من الخزانة الأميركية على شكل بدل سياحة ترفيهية لسلاح الجو الإسرائيلي وبتجارب للأسلحة الأميركية الصنع من القنابل «الغبية» وغيرها من الأسلحة المحرمة إلا على العرب والمسلمين والأطفال والشيوخ والعجائز. كما يمكن لتلك الأخيرة المستبدة - أميركا - أن تأخذ نصيبها من العملية بمكاسب ظاهرة وخفية مثل تحريك مصانع الأسلحة لديها لكسب عدد من الصفقات التي يتحرك لها الشرق الأوسط ليدفع بلايين الدولارات، ويقال إن أميركا تتعمد إهداء أسلحة متفوقة لإسرائيل لتغري الدول الأخرى على حيازة أسلحة شبيهة لتحقيق نوع من شبه التوازن في القوى.
أظن أن من العار على أمة البليون أن يكون أكثر ما استطعناه هو القنوت الذي تبرع به بعض أئمة المساجد بدعوات حارة ورسائل من الجوال بالتواصي بالدعاء على أولمرت ومناداة بتوحيد الدعاء أو التأكيد على صيام يوم معين وتوحيد الهجمة بالدعوات التي لا تجاوز الحناجر المنهزمة المثقلة بهموم الحسابات البنكية ومؤشر الأسهم المتذبذب، أكثر من ذلك، تجرأ بعض المندفعين وخرجوا في الشوارع منددين بالهجمات وبحرق الأعلام، لكن أكثر ما جعل «القولون» يتحرك باضطراب هو ما حصل في موريتانيا من كتابة القصائد الحماسية.
بعد أن صدر قرار تنفيذ رغبات إسرائيل وشروطها دولياً وبشكر وامتنان كامل من الدول العربية، القرار الذي يحمل الرقم 1701 والذي يقضي بانتشار الجيش اللبناني داخل الجنوب ووصول قوات دولية مشتركة لكي يتم ضمان أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي من صواريخ الكاتيوشا، أقول بعد أن صدر ذلك القرار انطلقت زغاريد الفرح ونثر الورود بالانتصار وتناسينا كل تلك الخسائر البشرية من أولادنا ونسائنا وعجائزنا... أين الانتقام لكل تلك الأرواح التي أزهقتها إسرائيل؟ أم أن الانتصار فقط بتوقف الحرب ولتـــذهب تلك الدماء وتلك الخسائر أدراج الرياح؟


• عضو جمعية الإدارة السعودية.
.
تستطيع قراءة المقالة من جريدة الحياة : http://www.daralhayat.com/arab_news/gulf_news/08-2006/Article-20060828-53aea499-c0a8-10ed-010e-512e7bfeb659/story.html