الخميس، يونيو 12، 2008

التقاعد في تشيلي أفضل !

التقاعد في تشيلي أفضل !
خاص بالمدونة Exclusive
كل من تجاوز الستين ويسكن تشيلي فتصرف له الحكومة ومجانا حبة دواء زرقاء ( فياجرا) كل أسبوع بواقع أربع حبات كل شهر ، للمساهمة في إسعاد فئة من الشيبان المتصابين والذين لا زالوا يهوون خوض المعارك الليلية .
ذلك العمدة ( جونثالو ناباريتي ) وهو بالمناسبة طبيب سابق ، عمد إلى السعي لتوفير هذه الخدمة التكميلية بعد شكاواهم له واحتياجهم لهذه الخدمة ، أعجبني حقيقة موقف العمدة على الرغم من ضعف الإمكانات والفقر الذي تعيشه تلك القرية إلا أن ذلك لم يثنه عن التفكير الجاد لتوفير هذا المطلب لهم على الأقل بالنسبة لتلك الفئة .
الاحتياجات الإنسانية لا حدود لها والمطالب الرفاهية غير متناهية ، ربما ما نعده اليوم تكميلي إضافي ترفي ربما في مكان آخر أو بعد مدة من الزمن ، أو عند شخص آخر . القوة الدافعة ، والرغبة المتوحشة هي الأخرى يجب أن تحترم وتقدر وتوفّر .
الدنمارك هي الأخرى فكرت في تقديم خدمات متقدمة أكثر للمعاقين ، حيث فرصهم أقل بكثير جدا من الستينيين في تشيلي فقررت دفع تكاليف الممومسات اللاتي يقدمن خدمات جنسية للمعاقين بمعدل مرة كل شهر ، بحيث تتكفل الحكومة بدفع التكاليف وتكون هذه الخدمة مجانا لهم
إذن هناك تدليل واهتمام ومراعاة لاحتياجات الإنسان بغض النظر عن رفضنا للأفكار المنحرفة التي تلاقي اعتراضا حتى عندهم فهناك الكثير ممن احتج على مثل تلك الممارسات بسبب أنهم يدفعون الثمن على شكل ضرائب ، في هولندا تم وضع نقاط لتوزيع المخدرات على المدمنين مجانا! – طبعا الفكرة المقصود فيها السيطرة على السوق وضبطها وجعلها في النور - حقا شيء مثير للشفقة والضحك وتعجب عال جدا من طريقة الاختيار والتفكير في تقديم هكذا خدمات .
تمنيت لو راجعت إعلانات المتنافسين على عضوية المجالس البلدية عندنا قبل سنتين تقريبا ورأيت خطة العمل التي أطلقوها ذلك الحين وما احتوت عليه من مواعيد بخدمات نعتبرها أساس ومهمة جدا بالنسبة لهكذا خدمات تقدّم ، لو عمل استفتاء واستبيان عن الحاجات المهمة ... أظن ليست هناك حاجة لعمل مثل تلك الدراسات ... يمكن الوصول لها عن طريق سماع أي برنامج على الإذاعة أو التلفاز ورصد أكثر المشكلات والصياح والدندنة ، وكذلك رصد المشكلات التي تتكرر على صفحات القراء في الصحف اليومية وسنجد تلك الرغبات والأمنيات السامية الراقية التي لا تنزل لمستوى تأمين خدمات مثل توفير حبوب منشطة وما مثلها ، سنجد طلبات واقعية من مثل مستشفيات ، طرق ، مساكن ، مدارس ، وظائف ....
نعم أنا أسلّم تماما مثل ما قلت في المقدمة بأنّ حاجات الإنسان مثل هرم إبراهام ماسلو التي نشرها في 1943م وهي نظرية فيسلوجية تتحدث عن الاحتياجات والحوافز مكونة من خمس مناطق أو مراتب هي كالآتي :الحاجات العضوية ( مأكل ومشرب ومنكح ومسكن ) ثم السلامة والأمان ، ثم الحب والانتماء ثم الاحترام والتقدير وأخيرا احترام وتقدير الذات وقد كتب لها القبول في الأرض ومن الممكن أن نقيس عليها بناء على ذلك حيث تبدأ بالضروريات الحادّة ، وأنا في نظري أن الحاجات ليس لها سقف بمنطق : لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا ، يعني طمع وجشع وحب كامل للدنيا ، لكن حتى نحقق رضا معقولا من حيث الخدمات التي تقدم من الجهات الخدمية لنا كمستفيدين نحتاج تحليلاً لتلك المشكلات والمتطلبات بطريقة الاختيار المبني على الأكثر أهمية والأكثر تكراراً ثم نحاول التركيز على أهمها بطريقة معالجة الجودة من حيث البدء في توفير المتطلبات الأكثر أهمية وحل المشكلات الأكثر أهمية للمستفيدين بطريقة 20/80 قانون باريتو الاقتصادي الإيطالي المعروف ونشرها في 1906م .
فتكون بطريقة تلقائية نحصل على رضا عالي جدا ، بل النظريات المتفاءلة أكثر تقول تلقائيا نحصل على حلول لتلك المتطلبات ، فهي طريقة علمية عالمية إدارية يمكن تجربتها بدل التوجه والتمركز نحو حلول معينة قد لا تكون هي الرغبات الأعلى أهمية بالفعل عند المستفيدين ، فتكون المخصصات بالمليارات في خدمة معينة والنتيجة قد لا تحقق الأهداف المرجوّة منها ويشعر المسؤول والمستفيد بالإحباط الشديد جدا حيث هناك خسائر وجهود .
المقارنة المرجعية مع البيئات المشابهة في الظروف والمتطلبات المكافئة لنا كذلك في الفرص والتحديات وتشترك معنا في الثقافة والأعراف هي الأخرى قد تقدم لنا معطيات مهمة جدا حيث إن القرين بالمقارن يقتدي ، والشيء بالشيء يُذكر ، وحالة التداعي الانهمارية حيث تحضر النظرة إلى طبق الجوار ، مهما كان الطبق الذي بين أيدينا مليء بالخيرات والفرص والأشياء الجميلة فإنّ التطلّع للقمة الآخرين سلوك مستمر وعلى رأي المثل المصري الطريف : يا جرحني بلقمة ناشفة والعيش عندك طري ثقلان عليّ ليه ارحم يا مفتري .
عودة على ذي بدء لكل المسؤولين : قراءتنا لاحتياجات المستفيدين من مؤسساتنا ليست بالضرورة هي ما نعتقده ونظنه فكثيرا ما تخطئ نظرتنا الموجّهة حسب مرجعياتنا وخلفياتنا الثقافية على قاعدة البرمجة اللغوية العصبية التي تقول "الخريطة ليست هي الواقع " وأنّ علينا كذلك أن نتبع المنهج العلمي والدراسات والاستبانات والإحصاءات في تحديد الاحتياجات الهامة ثم نبدأ بالأعلى أهمية فعندها سيسعد الجميع وليس من أعمارهم فوق الستين فقط !