الجمعة، مايو 30، 2008

حريق سجن الأحساء

حريق سجن الأحساء
خاص بالمدونة Exclusive
حريق سجن الأحساء الذي اندلع مساء الأسبوع المنصرم والذي أودى بثمانية أشخاص منهم رجل أمن وإصابات عديدة بين أكثر من ثمانين شخص
شكل فاجعة مؤلمة لأهالي الأحساء ، حقا أنهم مساجين بعضهم ربما يوما ما ارتكب خطأ في حق نفسه أوفي حق غيره لكن كثيرا منهم جرته المواقف والنكبات لأن يقع بين خشبات السجن بكفالة أو دين أو غيرها من المصائب ، نعم بعض منهم غير سعوديين لكن في النهاية هم بشر نتألم لمصابهم ونأسى لحالهم وحال ذويهم .
تألمت جدا لمنظر الرعب الكبير الذي تقاطرت به سيارات الدفاع المدني من كل حدب وصوب واستمرت لمدة طويلة تتدافع ومنظر إغلاق الشوارع وجري الفضوليين نحو الموقع والاتصالات المنهمرة هنا وهنا في الاطمئنان من البعيدين عن ذويهم وأهاليهم ما الذي يجري ... بالتأكيد أن اللحظات كانت شديدة جدا على الأحسائيين الذين زادت لحمة قرابتهم وتواصلهم التقنيات الحديثة من هواتف وجوالات ومنتديات انترنت ،
الفضائيات غابت وفشلت فشلا ذريعاً في تلبية حاجة المجتمع حين ذاك لأي تغطية تليق بالمناسبة والحدث ، ذلك يعود لأن القيمة ليست قيمة الإنسان ولكن القيمة ما الذي تشكله الأحساء اقتصاديا وسياسيا وسكّانيا . ولأن الأحساء ربما تسجل حضورا فقط في زوايا التاريخ والعلم والأدب وهي نقاط لا تشفع لها في الفضائيات الإخبارية لتنقل أخبار فاجعة مؤلمة كهذه مصيبة .
منظر يبعث للخوف انطلاقة سيارات الإسعاف الكثيرة سواء للمستشفيات أو للهلال الأحمر السعودي أو للمستشفيات والمستوصفات الخاصة والمنطلقة بسرعة نحو السجن و حملها للضحايا والمحتاجين للخدمات الإسعافية والانطلاق مرة أخرى نحو المستشفيات وتنزيل حمولتها من المصابين بنار الحريق ثم عودتها مرة أخرى لتحمل مجموعة أخرى ... في خط نقل سريع ومتواصل مثل ما يعبّر عنه بجسر برّي ... غابت طائرات النقل المروحية كما غابت الفضائيات مع أن الحدث استمر لساعات متأخرة من ذلك المساء وهو في نفس التوتر والشدة ، خاصة وأنّ سارات الإسعاف إياها تنطلق بسرعة بأنوارها الخاصة وصوتها المميز وضغط السائقين المتكرر على البوق الخاص بها في الإلحاح على سائقي المركبات الأخرى بالتنحي عن الطريق وتواصل قطع الإشارات وسط ارتباك ورعب في عيون الصغار الذين يشاهدون المنظر المتكرر بزحامه في أكثر من نقطة قريبة من موقع السجن العام .
المنظر والزحام والارتباك لا يقل عنه في المستشفيات حيث تزاحم أقرباء بعض نزلاء السجن للاطمئنان على ذويهم ومشاهد خوف ومشاهد صراخ ومشاهد بكاء وإغماءات يجعل الموقف كله لا يمكن أن يمر على الحاضرة البسيطة بهدوء وبسلام لا يسجل له التاريخ الأحسائي أي موقف أو يتوقف عنده التأريخ كحادثة تاريخية مؤلمة بالتأكيد تذكرهم برعبها حوادث أخرى مثل حريق الحوية بضحاياه الذين غالبهم من المحافظة ذاتها .
الدفاع المدني بآلياته وخبرته أظهر بسالة عالية في التعامل مع الموقف وأظهر أيضا نوع تعامل مميز مع الحدث وبدا واضحا الخبرة والاستعداد العالي الذي توفر من خلال الاهتمام من ولاة الأمر وكذلك توفير الآليات المناسبة والتدريب والتأهيل الكافي للتعامل مع نوعيات التدخل المختلفة .
متابعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه وسمو محافظ الأحساء كانت بلسما شافيا بحضورهم المشرف ومتابعتهم وتوجيهاتهم التي ظهر أثرها جليا في تكاتف الأجهزة الحكومية من مرور ودوريات ودفاع مدني وهلال أحمر وغيره .
عودة على ذي بدء ومع الأحسائيين لحظتها ومحاولتهم التعرف على ما يجري ومتابعة الحدث ... دخلت على الشبكة العنكبوتية وفي أحد المنتديات المشتهرة بمتابعتها لأحداث المنطقة وفي لحظات قليلة كان الدخول على خبر وتعليقاته على موضوع الحريق وصل عدد الزوار إلى قريب العشرة آلاف زائر ... كلهم يحاولون الحصول على ما يطمئنهم على الموقف ومجريات الحدث خاصة وأن نسبة عالية منهم يتمتعون بالوعي الكافي الذي يجعلهم يعون مشكلة التجمهر والتجمع هناك ومضايقة آليات الدفاع المدني وسيارات الإسعاف وغيرها ويالتالي كل ما يستطيعونه هو التوسعة للسيارات المتحركة هنا وهناك أثناء عبورها نحو المستشفى بالمصابين وعودتها مرة أخرى .
من أجمل قراءاتي للحدث – على الرغم من الألم الكبير الذي خالجني معه – إلا أن الشفافية التي تعامل بها مسؤولي السجن من التصريح بسبب المشكلة ومكانها وحجمها والتصريح بأعداد المصابين والضحايا وكذلك أعداد الذين تم إخلاؤهم ... قطعا على كل الشائعات والأخبار المغلوطة التي يستغلها ضعاف النفوس للترويج لمعلومات مضللة وغير حقيقية جهلا أو لنوايا سيئة يحملونها ، وكذلك التحية الكبيرة للصحف في تغطيتها للحدث ومنها جريدة الحياة التي كانت على مستوى الحدث وقدمت معلومات كافية في اليوم التالي والأيام التي تليه .
الحريق الذي اندلع بسبب نزاع وخصومة بين عدد من المساجين والذي تطور في مرحلة لاحقة للاشتباك ثم باستخدام السجائر لإشعال بطانيات وأن الحدث نفسه يمكن تصنيفه إلى عدواني داخلي بفعل فاعل لأسباب غير منطقية حيث الضرر تحول لكارثة ذهب ضحيتها أبرياء ليس لهم أي دخل في النزاع والخصومة كل ذنبهم أنهم موجودون في مكان واحد معهم وقريبين منهم ، يجعل منا نفكر مرة أخرى ونعيد النظر في التصاميم والخطة والمواد التي تدخل للمساجين ويستخدمونها داخل السجن وكذلك التجهيزات والأثاث مثل الأغطية وغيرها بحيث نحاول تأمين أثاث به مقومات أفضل في حوادث الحرائق من حيث سرعة الاشتعال أو توليد أدخنة كثيفة خانقة مع الحرائق ، ينبغي كذلك تتبع الخلافات والنزاعات ومراقبة أحداثها وتطورها وتوفير المرشدين الذين يجيدون التعامل مع تلك المواقف في بيئات السجون حتى لا تتطور إلى أحداث كارثية يذهب ضحيتها مصابون ومحترقون وأناس كثر من أمثالي يتألمون لحال أولئك الأبرياء مع عجز كامل عن فعل شيء أي شيء