السبت، يونيو 28، 2008

لا تدلل نفسك مع وزارة التربية والتعليم

لا تدلل نفسك مع «التربية»
عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 28/06/08//

فاجأت وزارة التربية والتعليم منسوبيها، خصوصاً من يتولون مهام ومواقع قيادية ولهم صلاحية إصدار التعاميم والتوقيع على المخاطبات الإدارية، بقرار منع وضع أي رموز لألقاب علمية تسبق أسماءهم ما لم تكن تلك الألقاب تم الحصول عليها من جامعات محلية أو جامعات في الخارج معترف بها.
سباق المواقع الوظيفية، وفرص الترشيح والترقي في أكبر وزارة من حيث الموازنة والكوادر البشرية وكذلك الكفاءات العلمية والخبرات المتنوعة وتميزها بحيازة أفضل الخامات البشرية في السعودية ما يجعل التفوق والسيادة والحصول على مقعد في سدة الصدارة بين منسوبيها ومنسوباتها شيئاً بالغ الصعوبة، فالفرص أقل، أو شبه معدومة في هذا الوسط التربوي التعليمي المتشبع بالكوادر، ما حدا ببعض الطامحين للتوسل بأكثر من سبب ووسيلة للحصول على مراكز متقدمة أكثر، مثل مواقع الإدارات العليا ومديري العموم! ومن الأهداف المرجوة الحصول على الدورات التدريبية، وأهم منها أخيراً هو الحصول على شهادات فوق الجامعية من الماجستير والدكتوراه، وقلة فرص مواصلة الدراسات العليا التي تتطلب التفرغ للدراسة والقبول في الجامعات، وكذلك تعقد وصرامة نظام الالتحاق بالدراسات العليا محلياً، أدى ذلك لتعقد وإيصاد الباب أمام مجموعة الطامحين المتصارعين على الكراسي، ومن المشكلات أيضا القلق الذي يسببه كل طامح ومواصل للدراسة العليا لرؤسائه من تولي وظائفهم يوماً ما.
المتسابقون للمواقع سعوا للحصول على الشهادات من أي مكان وبأي طريقة سواء بالمراسلة أو بالزيارات القصيرة السريعة لبعض الدول من أجل الحصول على لقب علمي يضاف لسجل الشهادات والمسوّغات الوظيفية، وما كان ليحصل لولا قرار الوزارة المفاجئ، واختيارها لحاملي وحاملات تلك الألقاب العلمية سواء كانت محلية أو عالمية معترفاً أو غير معترف بها، ما جعل الوزارة تعاني من خداع الشهادات المزورة والألقاب الوهمية، ومع ذلك يتولي هؤلاء وبقدرة قادر الوظائف التي يتعلق بها مصير أرتال من الموظفين، وضياع وهدر كبير جدا في مقدرات البلد بسبب الاختيار والتوظيف غير الموفق للكفاءات والقيادات.
الوزارة سجلت مواقف وتخبطات مع جيش الشهادات المتلاطم أدى بها لاتخاذ بعض القرارات الغريبة مثل مطالبة من سبق تفريغهم للدراسة للحصول على شهادات عليا وبعض المشرفين التربويين للعودة فجأة ومن دون مقدمات للمدارس، وفتحت الباب واسعاً لتصفية الحسابات في ظل بيئة نزاع عمل يفترض أن تكون بها أعلى وأفضل الممارسات الراقية.
رمتني بدائها وانسلّتِ! الآن وبعد أن طفح الكيل واتسع الخرق على الراقع وتكونت ثقافة الشهادة والاحتجاج بها لتولي المقاعد وكثر التشويش في اختيار الكفاءات، ورغبة في مسح المشتتات والخدع في صناعة القيادات الزائفة غير الحقيقية والاختيارات غير الموفقة لنوعيات أحرجت الوزارة ليست عندها قدرة في الحديث للجمهور ولا لمقابلة المستفيدين ولا حتى إدارة ورش ولا لقاءات للمنسوبين. وأحياناً يظهرون بشكل التواضع أنهم يقدمون أروع أشكال التواضع وهذا شكل من أشكال التواضع البارد أو التواضع المزيف، إذ إن المتواضع هو شخص يملك بضاعة وثروة ثم لا يغتر بها لكن في حال كونه لا يملك شيئاً فهذا في الحقيقة إفلاس وليس تواضعاً.
كرست الوزارة جهودها أخيراً لحل تلك الإشكالية بشن حرب على مستخدمي الألقاب العلمية للشهادات غير المعترف بها وأعلنت أنها ستحاسب كل من يضع لقباً علمياً أمام اسمه ما لم يكن معترفاً بهذا اللقب على المستوى المحلي، فإلى أصحاب الدال لا تدلل نفسك وامسح الدال.
بنظرتي المتفائلة للأمور أرى أن موضوع حرب الشهادات غير المعترف بها سيزول كما زالت اختبارات الشهادة الثانوية العامة المركزية بعد أن ثبت أن المتحصلين على المعدلات العليا بعد كل المستويات التدقيقية والفذلكة في الاختبارات والإعياء التي تسببه للناس انهزمت المعدلات والنسب أمام اختبار القدرات.
إذن نحاول أن نعمم فكرة الجدارة الوظيفية والقدرات والاختبار المتواصل على رأس العمل والتقييم وخط الترقي والنمو الوظيفي وحرب الوساطة والأسماء والعوائل الكبيرة في سبيل تحقيق تطلعات ولاة الأمر والمجتمع والأمة في مخرجات وزارة التربية والتعليم.