الاثنين، أغسطس 20، 2007

احترس أمامك إعلان

احترس أمامك إعلان

عبد المنعم الحسين الحياة - 20/08/07//

ضوابط الإعلان التي وضعت من الجهات المراقبة من حيث المحتوى والفكرة وطريقة العرض، تكسرت وتحطمت مع موجة إعلانات تبث على الرّائي والراديو، وعلى صفحات الصحف اليومية والمجلات ولوحات الطرق، التسامح والتغاضي عن لغة الإعلان وتجاوزتها والمستحضرات التي يعلن عنها بات واضحاً لكل متابع، ففي السابق ربما كانت شوارعنا نظيفة وعفيفة من تلك الإعلانات الخادشة للحياء... فيخبرني صديقي سعد أنه أحرج كثيراً في سفرته في الصيف مع أولاده إلى لبنان من صور الإعلانات في الشوارع العامة، إذ الإعلان بالصورة الكاملة وبالألوان وتبقى المساحة المغطاة من الجسد محدودة، ويكمل سعد أن أكثر ما يوقعه في الحرج سؤال أحد الأولاد بكل براءة: بابا ما هذا وكيف ولماذا؟
الموضوع ساخن ويحرج حتى الزوجين أمام بعضهما البعض في لغته وشكله ومعلوماته، ما بودّ كل منهما أن يرى أحد هذه الإعلانات منفرداً حتى لا يعيش لحظات الحرج مع أقرب طرف وهو الزوج أو الزوجة، لكن الطمع والجشع وروح العولمة بعثت لنا بالإعلانات نفسها وطريقتها المقبولة في الغرب إلى الداخل، فإعلانات للشامبو تسمح بظهور امرأة عارية من خلف زجاج مثلّج بدورات المياه، أو إعلان لملطف رائحة العرق، أو عطر يجعل من مجموعة نساء يجرين خلف شاب لأجل أنه وضع من منتج ملطف الرائحة إياه أو العطر الجذاب الذي حمل كل نساء الشارع على التوجه نحوه بقوة مغناطيس العطر الفواح. ومشاكسة مخرجي تلك الإعلانات وعبث الكاميرا والتقنيات المستخدمة ومساحة إبداع أكثر من خلاّق يأتي بأفكار شيطانية لتسويق تلك المنتجات.
في صبيحة اليوم التالي للعرض يتقابل الموظفون بتعليقاتهم على ذلك الإعلان أو تلك الدعاية التي جاءت مولّدة لفكرة جديدة مثل إعلانات الحبوب المنشّطة وحبوب علاجات اختلال الوظائف الزوجية التي تصوّر مسامير تنحني مع الضرب بالمطرقة، ومع تلك الحبات السحرية تستطيع تلك المسامير اختراق الجدران... تلك الإعلانات تأتي وسط برامج عادية ومن دون أي تحذير مسبق مثل «احترس أمامك إعلان» أو كما يقال تبث في قنوات الأسرة وليست البرامج فوق سن ثماني عشرة أو أقل، بل هي مشاهدة لكل أفراد الأسرة، وبكل براءة سيسأل الأطفال الصغار عن تلك المشاهد ومغزاها وما تلك المنتجات الغريبة وأحيانا يقولون «اشتر لنا يا بابا!
أحد رسامي الكاريكاتير صور لوحة تعبيرية عن أسرة جالسة تتابع أحد البرامج، وفور مجيء وقت الإعلان يقفز لأعين الأطفال ويغمها خوفاً عليهم من مشاهد الإعلانات الخادشة للحياء، لكن ما العمل مع إعلانات على صفحات الصحف التي تدخل المنزل يومياً أو بإعلانات توضع على لوحات الشوارع مع صورة الحبة فقط وبعبارات خادشة للحياء، وكأن الحال وصلت إلى شكل استفزازي لا يراعي حتى القوانين التي تمنع الإعلانات عن الأدوية مهما كانت وليست المنشطات أو ما شابهه، والحال هو استجابة كبيرة من الأطفال لتلك الإعلانات، بدليل ما تحدث به أحد الصيدليين بأن أكثر من يشترون تلك المنتجات هم من فئة الشباب صغار السن للتجربة والفضول، ومن دون استشارات طبية ربما ألحقت بهم الضرر حالاً أو مستقبلاً.
أتذكر تماماً أنني عثرت على منتج من تلك المنتجات في سترة طالب في مرحلة متوسطة أثناء جولة تفتيشية مفاجئة، وحين سُئل أجاب بإجابات مختلفة مرتبكة تضع علامة استفهام بحجم السبورة التي في الصف، إحدى الصيدليات التي نشتري منها الأدوية نسيت كل الأدوية التي تبيعها واهتمت بوضع إعلان على أكياسها عن منتج من تلك المنتجات وبعبارات ورسومات مثيرة للفضول، ونحن نحمل تلك الأكياس إلى منازلنا، فهل نخبئها أم نتعامل معها بلامبالاة، هل نرمي بها قبل الدخول للمنزل. إنها مشكلة حين يمتد العبث الإعلاني المتهور ليتجاوز المثل والآداب ليرمي بإعلانات المنتجات المشبوهة على السيارات وتحت الأبواب بشكل محرج للغاية مع وقوع تلك الإعلانات في أيدي الفتيات الصغيرات للأسف، أيضاً العبث تجاوز كل الجدران النارية التي افترضناها لتصل لي رسالة على جوالي من رقم من أرقام الخطوط الدولية الساخنة بعبارات خليعة وماجنة ربما وصلت مثلها على جوال صغيري «عبد العزيز» لأنها هوجاء تنفث سمها ولا تدري أين تضع رحالها أم قشعم؟