السبت، سبتمبر 01، 2007

وفشلت «HI»
عبد المنعم الحسين نشرت في جريدة الحياة - 27/08/07//

مع أحداث 11 أيلول (سبتمبر) ولخبطة حسابات الساسة والاستخبارات والدراسات الأميركية، وقراءة الحدث بزوايا متعددة، وردود أفعال متوازية، كان من ضمن الأعمال التي توجهت بها الإدارة الأميركية إستراتيجية تقوم على فكرة لماذا يكرهون أميركا، ولماذا هوجمت أميركا، وماذا علينا أن نعمل لتصحيح النظرة المعادية وتحسين العلاقة بين أميركا والشعوب الناطقة بالعربية، خصوصاً جيل الشباب؟
وهكذا انطلقت فكرة علاج قضية العلاقة التي يراد تحسينها من زاوية إعلامية في خطاب موجه للشباب في الوطن العربي الكبير، ولمواجهة اللغة التحريضية التي تتحدث بها بعض القنوات الفضائية في المنطقة، فرصدت أميركا لذلك مشروعاً إعلامياً ضخماً يعمل في ثلاثة اتجاهات تخاطبية: مسموع، ومشاهد ومقروء، فكانت هناك قناة «سوا» المنوعة التي تبث الأخبار والمعلومات والأغاني العربية والأميركية جنباً إلى جنب في محاولة لنشر ثقافة الصداقة بين الشعب الأميركي والشعوب العربية، واجتذاب البصر، كما انطلق البث عبر موجات الأثير الإذاعي في عدد من الدول العربية لإثارة حاسة السمع.
وأخيراً استطعت أن ألتقط موجات راديو «سوا» في الشرقية، وبعد سنوات من البث تتمدد رقعة التغطية، لكن لا تزال الأذن العربية تحفظ الكثير من الولاء لمحطات إذاعية معينة من الصعب تحريكها نحو صوت أميركي جديد سواء من «سوا» أو غيرها.
وهناك - أيضاً - قناة «الحرة» الفضائية المرئية التي فشلت هي الأخرى في جذب المشاهد العربي ومتابعة ما تبثه من مواد وبرامج، مع أن القناة تبث بلسان عربي، ودفعت مبالغ طائلة لاستقطاب كفاءات إعلامية مميزة، إلا أن «الحرة» لا زالت تعمل بأداء أقل ما يوصف به أنه مخيب لآمال من أنشأوها، على رغم كل الأفكار والأعمال والتحسينات التي تقدم عليها، ولكنها - في الغالب - لم تلفت اهتمام المشاهد العربي، ربما لأسباب لا تحصى وتختلف من فئة لأخرى، على رغم إنفاق 200 مليون دولار لكي تنجح في مهمتها الإعلامية.
وبين المشاريع الإعلامية التي أطلقتها الإدارة الأميركية مجلة اسمها HI، وهى فاخرة الطباعة وتباع بثمن لا يكاد يذكر إذا ما قورن بكلفة تحريرها وطباعتها الفنية الراقية، فهى تنشر أخبار المجتمع الأميركي والحياة الأميركية والفن والفنانين والفنانات وغيرها من المواد الترفيهية التي تعمل على فك أزمة الانغلاق أو التوتر الذي يسود علاقة الشباب العربي مع أبناء مجتمع العم سام، فالمجلة لم تحقق الهدف المطلوب منها، واستمرت في تكرار نفسها حتى موقعها الالكتروني لم يفلح هو الآخر في جذب الزائرين المترامين على المواقع العربية والأجنبية الأخرى!
والسؤال هو: كيف تفشل مجلة بهذه المقومات وهذا الدعم، وما الذي ينشده المواطن العربي ولم تستطع أن تعطيه إياه هذه المجلة، وهل القرار الجريء الذي توقفت به المجلة بعد ملاحظة ضعف أدائها وعدم تحقيقها للمأمول منها، هل سيكون مقدمة وتوطئة وتمهيداً لتوقف المشروعين الآخرين «إذاعة سوا» و»قناة الحرة» خصوصاً أن مؤشرات الفشل لم تتغير نحو التحسن؟
إنّ مآل هاتين الوسيلتين الإعلاميتين سيكون قريباً من مآل ومصير المجلة (HI) لكن المسألة فقط مسألة وقت، خصوصاً أن المشاهد أخذ انطباعاً سلبياً عن القناة منذ لحظة ظهورها، ومن الصعب إقناع المشاهد الذي له مطلق الحرية في ما يشاهد أن ينتظر منه مرة أخرى العودة لمشاهدة «الحرة

».