الثلاثاء، يوليو 19، 2016

معالم العمل الخيري المؤسسي

نشرت في موقع مداد الدولي التخصص في دراسات وأبحاث العمل الخيري http://medadcenter.com/articles/389
كثرت النداءات والمطالب في اللقاءات، والثناء والنقد للمؤسسات الخيرية مدحا وذما، على حسب الموقف بوجود العمل المؤسسي في تلك المنظمة وعدمه. لكن لو سألنا أحدا من أولئك المادحين أو الذامين: ما العمل المؤسسي؟ أو حتى لو توجهنا لقيادات تلك المؤسسات الخيرية: ما العمل المؤسسي من وجهة نظركم؟ أو بأسلوب آخر: متى نستطيع أن نطلق على عمل خيري ما أنه عمل مؤسسي؟ ومتى نحرمه من هذا الوصف ؟! أخصر إجابة يمكن أن نوفرها لذلك السؤال: هو وجود وضوح للعمل والمهام والأهداف والصلاحيات، بحيث تسير تلك المنظمة بدون التمركز العالي حول القائد، وكذلك استمرارية في العمل حتى مع تغير القائد.. وأود أن أشيد بكتابة الدكتور/ محمد الدويش "المشورة بعوامل النجاح في العمل المؤسسي"؛ حيث حوت معالم جميلة في العمل المؤسسي . لكن لو أردنا أن نضع إجابة تفصيلية أكثر لتلك الرسالة المختصرة السابقة، فنقول : • ارتباط العمل بتلك المؤسسة بالمجموعة التنظيمية في الهيكل، مثل: مجلس إدارة ولجان، أكثر من ارتباطه بفرد، حتى لو كان ذلك الفرد هو المدير التنفيذي . • البعد عن الفردية والشخصية في العمل، والتحول إلى نموذج روح الفريق، والشورى، والتصويت، والمشاركة، والهوية، والخطة الاستراتيجية التي تعبر في رؤيتها عن المجموعة وليس الفرد . • وجود لوائح وأنظمة وآليات عمل تقننن أكثر العمليات التي تدور في المؤسسة، يخضع لها الجميع، وتحترم من الجميع، والتقليل من الاجتهادات والتجاوزات.وأن تخضع تلك الآليات للمراجعات لتصبح أكثر استيعابا للمستجدات وما يقلل الاجتهادات، وتكون آلية الاجتهاد والتجاوز مرسومة بطريقة وآلية معينة ومسار واضح لصنع القرار الذي يكون معه وبه ذلك التجاوز . • الاستقرار في بيئة العمل، والانضباطية، ووجود شفافية عالية في نشر تلك الأنظمة والبيانات والمعلومات التي يحتاجها المراقب ويحتاجها المستفيد والمتبرع والمشارك والمتطوع، وتقليل مساحات السرية والغموض والمتغير غير المنضبط. • وجود روح مدروسة وهوية إدارية ممنهجة تسير عليها تلك المنظمة في عملها، مثل: اتباعها التخطيط الاستراتيجي، أو بطاقة الأداء المتوازن، أو آليات الجودة الشاملة، ووجود عملية مطابقة معتمدة من جهة استشارية تطابق على صحة الممارسات القائمة. • حيادية وموضوعية ومنهجية علمية تقلل من سيادة روح المظاهر الاجتماعية أو التدخلات الفكرية والحزبية في عمليات التوظيف والمشاركة والمستفيدين والتوجيه والقرار والتسجيل والتعيين والترقية والقبول والرفض والاعتذار، لتكون خاضعة للمصلحة والأهداف المعلنة الواضحة، وليس لضغوط وممارسات شللية وعائلات وأسر مسيطرة على تلك المؤسسات، وليس بممارسة الإقصاء والإبعاد وتحديد التعاونات والشراكات بناء على عوامل فكرية وأيدلوجيات فساد واختراق وعلاقات ليست ذات بعد مهم في أهداف المؤسسة وعملياتها ومصالحها ومكاسبها وخسائرها الآنية والمستقبلية . • خضوع العمل للتطوير والتجديد، وعدم تكلسه وتحجره عند ممارسات بائدة لا تناسب روح العصر الحديث . • شيوع العدالة ومفاهيم الحوار والنقاش وحرية الرأي والحماية الفكرية، وعدم مصادرة وسرقة الأفكار ومعاداة أصحاب الفكرة المختلفة غير المتفقة مع رؤية المجلس الإشرافي وقيادة المؤسسة . • وجود ممارسات منتظمة تكفل التقليل من الارتجالية، مثل: الرقابة، والمكافأة والتحفيز، والعقاب، والحقوق والواجبات، والسرعة والوضوح في مسار العمليات ولدى أصحاب القرار، والتقليل من دورة العملية، والانضباط في الحضور والانصراف وحضور الاجتماعات، والضبط لها ولمحاضرها، ومتابعة توصياتها . • سهولة الحصول على النماذج والأوراق والمستندات المطلوبة لإنجاز أي مهمة . • وجود هيكلة واضحة بمهام عمل محددة من كل قسم ومن كل فرد . • وجود استقرار في المؤسسة في دخلها ومصاريفها، يتجه للنمو في ميزانياتها وأرقام وأعداد مشاريعها ونتائجها . • وجود تجديد في قياداتها، وتدوير في وظائفها، يكفل انتقال السلطة والصلاحيات بممارسات التصويت والانتخاب،و يكفل تجدد دمائها وروح الشباب فيها . تلك كانت معالم العمل المؤسسي الذي نردد المطالبة بوجوده في مؤسساتنا الخيرية، وما على كل مؤسسة ترغب في أن تتحول للعمل المؤسسي إلا أن تأخذ بها، وما على كل قائد إلا أن يسأل نفسه بصراحة عن وجودها من عدمه في مؤسسته؛ ليعرف هل مؤسسته تمارس العمل المؤسسي أم لا .