الخميس، يوليو 24، 2008

ضرب الحكماء

ضرب الحكماء
Exclusive خاص بالمدونة
والله مصيبة صراحة ما وقع الأسبوع المنصرم لشاب بحريني عانت آخته من ألم بالسن
فكالعادة ذهب الشاب بأخته للمستشفى وبعد انتظار طويل في غرفة عيادة الأسنان والأخت تتوجع وتتألم ثم يدخل بها على ذلك الدكتور ، وبنظرة سريعة وثقة زائدة وتعالي على المريض ومرافقه ودون سماع بقية الوصف و اعتبار أن المريض عاجز حتى عن تحديد مكان الألم وأن النظرة السريعة والخبرة والدراية كافية جدا للحكم على موضع الألم وتاريخه وطريقة العلاج وأحيانا اختيار وسيلة العلاج الأسهل وفي أحيان يقوم بعض الأطباء خاصة العاملين في مستوصفات ومستشفيات خاصة بتحميل المريض أعباء مالية لا داعي لها مثل طلب تحاليل وتصوير أشعة وأدوية كثيرة وبعضها أثمانها مرتفعة لا لشيء إلا ليرتفع هامش الربح عند مالك المستشفى .
بعد الكشف السريع قرر الطيب ( الحكيم ) خلع السن المؤلم و إراحة المريضة من ذلك الألم ، ومعروف عند الجميع ألم السنّ ، حيث إنّ ألم الأسنان ووجعها يمنع النوم ويعكر المزاج ويحرم المريض من الأكل والشراب وحتى الكلام ، الحكيم صاحبنا بادر لإجراء عملية خلع السن المزعج سبب المشكلة والألم الكبير ، وبمعالجة سريعة من الأدوات التي يحملها قام بخلع السن بمهارة عالية ، ونجحت العملية ووضع القطن وطلب من المريضة إغلاق الفم . المريضة بدت تشير لأخيها وعيونها طارت من مكانها وبصعوبة فهم الأخ الموقف واستوعب الحدث الذي حصل حيث ارتكب حكيم زمانه خطأ فادحا وخلع سنا سليما مجاورا للسن السليمة وكانت عقوبته الخلع مع أنه بريء ولم يرتكب شيئا كل جريمته أنه وقع مجاورا للسن المزعج وأن مصيبة حلت عليه وساقته إلى ذلك الحكيم الأحول .
وكما قالت العرب : غيري جنا وأنا المعاقب فيكم فكأنني سبابة المتندم
أو كما قال الشاعر الذبياني : لكلفتني ذنب امرئ وتركته كذي العرّ يكوى غيره وهو راتع
ولمن هم بعيدون عن الأبيات العربية الفصيحة والتصقوا بشعراء المليون أقول توضيحا للبيت أن الشاعر يقصد الجمل المصاب بالجرب حيث يعمد الجمّال لكي ( أعني عملية الكي المعروفة ) بقية الجمال حتى لا يعديها فهم لم يعملوا شيئا وليسوا مرضى ومع ذلك يكوون .
المهم طبيبنا أسقط في يده وتلخبط وضاعت علومه ، والأخ البحريني حضرت شياطينه كلها وعبر عن غضبه بضرب الطبيب الأحول .
نعم الخطأ لا يعالج بخطأ والسلوك الذي تعامل به المريض أو مرافقه خطأ ، ومازالت البحرين تسجل ارتفاع وزيادة في حالات تعدي المرضى والمرافقين على الأطباء بالضرب ، حتى أنها أضحت مشكلة تدق ناقوس الخطر لوضع أنظمة ولوائح تعالج مثل هذه السلوكيات غير الحضارية التي يتعامل بها بعض المرضى ومرافقيهم .
في مدريد عاصمة أسبانيا تزايدت حالات تعدي المرضى على الأطباء بشكل ارتفعت عندهم الأصوات التي تنادي برفع العقوبة إلى خمس سنوات سجن ، حتى تحفظ مكانة الأطباء والعاملين والعاملات في الحقل الطبي ، الغريب أن المواقف التي يصطدم بها المرضى مع أطبائهم أحيانا لا تصل لمستوى المضاربات ورفع الأصوات والتهجم والتعدي بالألفاظ النابية أحيانا فمن مثل المشكلات مشكلة الاختلاف على طريقة الكشف أو الاختلاف على طريقة التعامل والدواء الموصوف ، ومن أطرفها مشكلة الإجازة المرضية حيث لا يكتب الطبيب إجازة مرضية أو تكون أقل مما يتوقع المريض فيبادر للتهجم على الطبيب ! والشيء بالشيء يذكر التقارير الطبية والإجازات المرضية غير المستحقة من قبل الموظفين والموظفات أضحت هاجسا مزعجا لأصحاب العمل ، وفي بريطانيا مؤخرا تكاثرت إجازات الموظفين غير المستحقة حتى تزايدت الخسائر وهدر ساعات العمل اقتصاديا خاصة بالنسبة للشركات والمؤسسات الصغيرة فمجرد أن تخرج الشمس وترفع درجة الحرارة خاصة في اليوم الذي يسبق أو يتبع الإجازة الأسبوعية ، ترتفع أعداد الغياب والإجازات المرضية التلاعبية حتى أن بعض الشركات تفكر جديا في تركيب جهاز كاشف الكذب .
يحدثني مدير مدرسة عمل لديه شقيقان ، وفي يوم أربعاء تغيبا سويا وأحضرا له إجازة مرضية من مستوصف خاص ومن نفس الطبيب وبنفس الأعراض والوصفة ( التهاب في مجرى البول ) ، فيما تأكد عنده بمصادره الخاصة أنهما كانا في رحلة استجمامية لمملكة البحرين ، فيقول أنه ذهب للطبيب وزاره في عيادته وعرض عليه التقريرين الصادرين من عنده ، واكتفى بالنظرات الاشمئزازية على التقارير التلاعبية التي لم تراع أمانة المهنة .
عودة على مشكلاتنا مع الأطباء والعاملين في الحقل الطبي أن بعضهم يرتكب حماقات عالية تستحق أقصى العقوبات مثل ما حدث في مستشفى حكومي بالأحساء اشتكت عليه المريضة بأنه تحرش بها وتغزل في محاسنها وقامت بإخبار زوجها وصارت قضية طويلة وبعد ذلك تم الحكم ببراءة الطبيب ، وعودته للمارسة عمله بالمستشفى ولمواصلة مغامراته مع مريضات أخريات .
وفي جدة وقعت كارثة طبية وسبة عالية بقيام طبيب بخيانة الأمانة بتقديم أدوية وعلاجات غير مرخصة وسبب إدمان كثيرا من المريضات على الأدوية وكبدهن خسائر عالية من جراء شراء الدواء المصيبة الذي يخدر المريضة ويقوم بالتحرش بعد ذلك بالمريضة وهي غائبة عن الوعي .
وبعد ثبوت القضية عليه حكمت عليه المحكمة بعشر سنوات سجن وبعد العقوبة يطرد ولا يسمح له بمزاولة المهنة الشريفة التي خان أمانتها .
مثل هذا الطبيب وغيره من الحالات الشاذة تستحق أقسى العقوبات ، ولا نتفق أبدا من تصرفات الضرب الانتقامي بل نفضل الاحتكام للقوانين واللوائح والمحاكم الشرعية .