الخميس، يوليو 17، 2008

تصبح على خير


تصبح على خير
نشرت في جريدة الحياة عدد يوم الأربعاء 16-7-2008 وهذا هو النص الأصلي للمقالة حيث ننشرت في الجريدة بمصطلحات التطرف وهي لم ترد هنا
رفعت وزارة التربية والتعليم هذا العام ميزانية المراكز الصيفية لتكون أقرب للمعقولية من حيث قدراتها على تنفيذ مناشط جاذبة للطلاب ، ورفعت معها أيضا مكافآت العاملين في المراكز الصيفية من ألفي ريال إلى أكثر من ثلاثة أضعاف بحيث تصل مكافأة مدير المركز هذا العام لـ ستة آلاف وثلاثمائة ريال وهو رقم جاذب للكوادر والطاقات من ذوي الخبرات في إدارة مثل هذه المناشط ... منذ أحداث 11 سبتمبر والأحداث الإرهابية والهجمة الكبيرة على المراكز الصيفية والعاملين فيهاأودت بكثير من المناشط وأتت حتى على مسماها وغيرتها إلى نوادي صيفية ، بل وجعلت الوزارة تتخذ مزيدا من الإجراءات بالتعاون مع جهات أخرى في اختيار النوعيات التي تشارك في هذه المراكز والتأكد من سلامة الفكر ، لكن لا تزال تلك النوادي ومنذ ذلك الحين وبأي زيارة لأي مركز من تلك المراكز والصبغة الدينية غالبة عليها من منظر اللحى والثياب القصيرة وابتعاد شبه تام من عموم المعلمين المصنفين بالعاديين غير الموسمين بسمات الالتزام ، وعلى الرغم من الحوافز التي قدمت سابقا مثل الإجازات والمكافآت إلا أن المراكز لا زالت حتى اليوم يغلب عليها المتدينون الذين يقبلون على المراكز من منطلقات دينية وتطوعية حيث لا تشكل لهم الإجازات ولا المكافئات إلا قيمة ضعيفة .
وبالتالي أرى أن من الأسباب التي جعلت الوزارة تضاعف مكافئات العاملين في المراكز الصيفية والمشرفين هو محاولة جادة لتقنين العمل وضبطه بالحضور والانصراف والعدد والاختيار الجيد والمحاسبة وترغيب شريحة كبيرة من المعلمين للانخراط في مناشط النوادي الصيفية حتى يقع التنويع الطبيعي الموجود في المجتمع بدل من كون النوادي مصانع منتجة لمتدينين جدد من الطلاب
شدني تصريح عضو مجلس الشورى الزايدي الذي يقول إن عددا قليلا من الطلاب الذين ينخرطون في المراكز الصيفية ويستفيدون من خدماتها بدليل أن أعداد المسجلين فيها لا يتجاوزون في كل عام العشرة بالمئة من مجموع الطلبة ويبقى دور كبير على الأسرة في توفير مناشط أخرى تشغل وقت الطلاب .
فئة كبيرة من طلبة المدارس يهاجمها الفراغ والبطالة والتسكع غير الهادف وتقع تحت سيطرة شبه كاملة من المغريات المتنوعة التي لا يبني أيا منها ثقافة ولا مهارة بل يهدم مقومات التربية والوطنية التي بنيت خلال عام دراسي كامل
ومتى يبلغ البينان يوما كماله إذا كنت تبينه وغيرك يهدم
تتكسر طاقات الشباب أمام الفضائيات وألعاب الفيديو وربما بعضهم يقع فريسة أصحاب السوء الذين يجرونهم نحو الهاوية ومع قدوم الإجازات المدرسية يتحمل رجال الأمن عبئا إضافيا من مشكلات كثيرة بل ويدخل السجون نوعيات جديدة ما هي إلا ضحية الإجازات والفراغ وضعف الرقابة الأسرية .
واقعنا لا يبعد كثيرا عن واقع كثير من الأمم والشعوب من هذه الإذاية الكبيرة من الشباب وتسكعهم ... هناك في بريطانيا عمدوا إلى مشروع عبارة عن حملة توعية وإجراءات عنوانها تصبح على خير فبعد التاسعة مساء يكون هناك حظر تجول للشباب وتشجيع لهم على النوم المبكر بدل السهر إلى الصباح الباكر وتوالد الكثير من المصائب والجرائم جراء فراغهم وتسكعهم ... اسألوا رجال الشرط والدوريات الأمنية عن عدد البلاغات والشكايات التي تصل لهم من جراء حوادث السرقات والتفحيط والتجمعات أمام الأبواب والمعاكسات وغيرها من انفلات أخلاقي ما يجعل رجال الشرط في أزمة جديدة اسمها أزمة الإجازة الصيفية حيث يتحمل رجل الأمن دور الرعاية والمراقبة والتوعية والتربية وكأن مهام الدنيا كلها جعلت على عاتق رجل الأمن وتخلصت الأسر من كل مسؤولية تجاه أبنائها خاصة فئة المراهقين الذين تركوا تماما بحجة أنهم كبار ولا يجوز أبدا أن نخضعهم تحت الرقابة وعلينا فقط أن نتلقى المشكلات ونعالجها .
كم نحن محتاجون لأدوار وحملات شبيهة بمثل تلك الحملة نمارسها على أولئك الشباب لحمايتهم من أنفسهم وشدهم نحو تقديم أدوار أفضل لأنفسهم ولمجتمعهم يقول الدكتور العلامة محمد النجيمي الشيخ صاحب الحس الأمني العالي جدا أن رجال مكافحة المخدرات البواسل يضبطون كميات كبيرة من المواد المخدرة بكميات مهولة ، ما يجعلك تصل وبسهولة جدا لافتراضية مفادها أن شباب هذا البلد مستهدفون من مروجي هذه الآفات لأسباب عدة ، وإن فرص ترويج تلك المواد تكبر في الإجازات الصيفية بحكم الفراغ والسهر وضعف الرقابة الأسرية
في لقاء قصير جمعني مع فضيلته تحدث عن أفكار ومشاريع أمنية رائدة قد ترى النور قريبا مثل الشرطة المجتمعية ، وأن مثل هذا المشروع لو تفاعل معه المجتمع بطريقة صحيحة لوقع به خير كثير من حلول بسيطة وسهلة لمشكلات بل ووأد مشكلات تربوية ونفسية قبل وقوعها بطريقة الحلول الذكية التي تأتي بالتأثير الاجتماعي من جار وشيخ قبيلة وعمدة حي وإمام مسجد وهيئات اجتماعية أخرى ، مقتنع تماما أن الحل ليس بالسهل وأن المشكلة المعقدة يجب أن تتظافر لها جهود عدة من الأسر والتوعية والاستنفار الأمني والشرطة المجتمعية والنوادي الصيفية والأنشطة الاجتماعية الجديدة الأخرى من نوادي التنمية الاجتماعية والنوادي الرياضية والمؤسسات والمنظمات والمراكز ومعاهد التدريب .
وفي مدينة الدمام يقع مبنى ضخم رائع في شكله وخدماته ومسماه يحمل اسم أمير المنطقة الشرقية باسم مركز الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب يقدم خدمات جليلة وعظيمة للشباب كم أتمنى أن يصل صوتي له بمطلب عمل مركز شبيه به في مدينتي الأحساء فهو بحق معلم حضاري وخدمي رائد يعكس رؤية ثاقبة لسمو أمير المنطقة الشرقية حفظه الله وسدد خطاه