الخميس، مايو 22، 2008

معلقات الانترنت

معلقات الانترنت
نشرت في جريدة الحياة

المرأة المعلقة هي المرأة التي علقها زوجها بحيث أنها أصبحت مهملة من قبله ربما تعيش معه وربما تعيش مع أهلها ربما هو لا يزال حكما معها في رباط مقدّس موثّق ، لكن لا توجد أي علاقات اجتماعية تواصلية لا حميمية ولا عادية ، فلا هو الذي طلّقها وفارقها وتركها تجد سبيلها وطريقها وفرصتها ولا هو الذي أكرمها وعاشرها بالمعروف ولم يوف بعهد الله وشرعته ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) بل تظل هكذا تنازع وفي الانتظار وتحت المماطلة الممتدة وتحتاج لمرافعات ممتدة حتى تحصل على طلاق مر ربما هي لا تسعى له ، تقول دائما لا ندري ربما غدا تفرج ويأتي الغد والذي بعده والانتظار التعليقي يبقى قائما .

هؤلاء المعلقات المتعارف اصطلاحا على وصفهن بذلك ، لكن التقنيات والعولمة جدت لنا بمعلقات جدد يعشن في مجتمعاتنا يكنّ في مصيبة التعليق والانتظار واقعا فيما هم يبدون أمام الناس في أحسن زيجة رفاهية .
حيث يقع رجالهم في شبه إدمان للجلوس أمام شاشة الانترنت لساعات طويلة صامتين لا يتحدثون لنسائهم وإذا أجابوا على كلماتهم وأحاديثهم يكون ذلك بكلمات مقتضبة وكلمات موجزة لا تزيد على عبارات نعم ، أو لا ، أو لا أدري أو ماشبهها من الكلمات التي تقتل تلك المسكينة القابعة ساعات وساعات في انتظار دخول الزوج عليها وإذا به ينصرف كليا أمام شاشة الانترنت ! وأسوأ من ذلك لو حامت الشكوك حول سلوك الزوج خلف الشاشة وسبب سهره الممتد لساعات طويلة ربما تمتد إلى ساعات الصباح الأولى وهو مغلق على نفسه في غرفة خاصة يرفض أن يصل أحد إليها ، وعلى جهازه حماية من الدخول على النظام بكلمات سرية لا تعلم المسكينة ما الذي يسرق هذا الزوج وما الذي يشده نحو الشاشة ؟ ما الذي يخفيه عنها ؟ من سرق منها زوجها ؟ ماذا تفعل مع هذه المصيبة التي لا تدري إلى أين ستصل بزوجها ولا تدري كيف ستواصل حياتها التعلّقية مع هذا الزوج المدمن المنصرف عنها وعن أولاده بالانصراف التام والكامل نحو الشاشة .
في مجلة معا الصادرة عن الجمعية الخيرية بجدة شبه تناول جيد للمشكلة حيث أجرت عددا من الحوارات مع زوجات يرتوين من المر والعلقم من جراء هذه الحياة الانفصالية الغريبة من تعلق أزوجاهن مع الشبكة العنكبوتية ، خاصة في ظل سماعها لمشكلات كبيرة من خيانات زوجية مثل الحديث العابر مع نساء أخريات إلى تبادل صور وأحاديث حية صارت توفرها الشبكة العنكبوتية بسرعاتها العالية المتوفرة حاليا ، والتقنيات البرمجية المتقدمة مثل برامج الفيس بوك الذي جاءت إحصائية مستخدميه من السعودية إلى ما يتجاوز المئتين ألف مستخدم نسبة كبيرة منهم تظهر على الشبكة بأسمائها وصورها الحقيقية بل وتوجد عليه أيضا الكثير من الفتيات السعوديات اللاتي كسرن طوق الرقابة العائلية وأغلقن غرفهن عليهن وظهرن على الشبكة العنكبوتية وقد هتكن الستر ، البيوت الافتراضية على الشبكة العنكبوتية هي بيوت غريبة ومخادع آثمة تتسرب لتلك الغرف الكثير من الفتيات الغرّات المميلات يدلفن للشبكة فيعبثن تسلية ويخربن كثيرا من البيوت ويجد ذلك الزوج المسكين سلوته وأنسه معهن وتكون له صديقة تفهمه وتعرف هواياته وتتشارك معه في الهموم والاتجاهات فيبتعد شيئا فشيئا عن الزوجة وينصرف إلى تلك المرأة الالكترونية .
شخص فاضل ممن أدمن الدخول على الشبكة تعرف إلى واحدة من خلال الانترنت ، صحيح أنها ليست سيئة لكن تولدت علاقة وتعارف وصلة وتقارب حاد وحب لم يجد له علاجا إلا الارتباط بها وتم لها ذلك بالفعل ، قد تكون النهاية لتلك العلاقة علاقة زيجة شرعية لكن المقدمات التي سبقت ذلك الزواج والضرر من الضرة الحاصل على الزوجة الأولى والانصراف المتوقع للزوجة الجديدة بالتأكيد كانت سببه التعلق والإدمان على الانترنت .
لا أفترض أن كل علاقة ستكون سلمية وسليمة لكن هناك كثيرا من التصرفات الرعناء على الشبكة .
ولعل محكمة الأحوال الشخصية في مصر سجلت أول حالة خلع لزوجة عانت الأمرين من إدمان ذلك الزوج بدخوله الذي يصل لساعات طويلة أمام الشبكة العنكبوتية لدرجة أنها دخلت في سلك معلقات الانترنت بحكم أن زوجها يجلس أمام الشاشة بشكل إدماني يصل على ما يزيد عن أربعة عشر ساعة يوميا لدرجة أنها فضلت أن تدفع كل مستلزمات الزواج من مهر وغيره لذلك الزوج المدمن على أن تخلص نفسها من ذلك الجحيم الذي لا يطاق على حد وصفها
الظاهرة فيما يبدو أنها ليست إقليمية أو محلية هي للعالمية أقرب بدليل أن محكمة شيكاغو في أمريكا تسجل تزايد حالات الطلاق والانفصال في الولاية وذلك بسبب إدمان الأزواج على الانترت وانصرافهم عن زوجاتهم حتى وصلت حالات الطلاق بسبب الانترنت إلى 65% من أسباب الطلاقات في الولاية .
لا شك أن العدد مزعج بالتأكيد ويشير لنا بمرض وآفة وأحاول بموضوعي هذا أن أسلّط الضوء على أولئك النسوة المعلقات بطريقة تعليقة غريبة يعانين المرارة بحياتهن الأسرية مع نوع من هكذا أزواج لم يستطيعوا الموازنة بين هواياتهم وبين أعمالهم وبين أدوارهم الاجتماعية وواجباتهم ووسط ضعف وازع ديني ربما تكون النهايات الطرفية لأوضاعهم طبيعية ومتكررة بالحياة غير المستقرة والانفصال والطلاق وربما مشكلات أكثر من ذلك فهل نعي ؟!