الاثنين، فبراير 05، 2007

أطفال المفاتيح

أطفال المفاتيح

عبدالمنعم الحسين الحياة - 05/02/07//

مصطلح قديم أطلق على بعض الأطفال في الدول الصناعية المنتجة في أوروبا وأميركا التي تعمل بالطاقة البشرية الكاملة أقصد أنهم على السواء فالنساء تشغل الوظائف كما الرجال، بل أن فرص التوظيف عندهم للمرأة أكبر خصوصاً أنها في معظم الأحيان أكثر إخلاصاً وأقل راتباً من الرجال. ذلك الوضع أدى إلى خروج الأب الموظف والأم الموظفة مع الصباح الباكر إلى أعمالهم وفي التوقيت ذاته يتجه الأطفال إلى المدارس، وحيث إن ساعات العمل ممتدة عندهم ما يجعل عودة الأب والأم مرة أخرى إلى المنزل تكون متأخرة ربما أحياناً مع غروب الشمس، ما يجعل الأطفال يعودون للمنزل فلا يطرقون الباب فتفتح أمهاتهم وإنما يحملون معهم مفاتيح الأبواب الخاصة بمنازلهم وشققهم ليدخلوا المنزل ويقفلوا الباب من خلفهم ويحبسون أنفاسهم خوفاً ورعباً من حدوث أية مشكلة لحين وصول الوالدين...، تلك الأزمة وذلك الوضع لم نكن نعانيه هنا في السعودية...، لكن التطور الحاصل والازدهار الاقتصادي وتوافر فرص وظيفية أكثر للمرأة حالياً كرر عندنا حالة أطفال المفاتيح ونقلها عندنا نقلاً كربونياً صادقاً وأحياناً مع بعض التغيير في الصورة الإخراجية, وأقصد بذلك مثل حالة موظف استأذن مني لتوصيل ابنته للمنزل مع وجود سائق خاص به! فقال: إنه يقفل الباب عليها حيث لا يمكن أن يترك مفتاح المنزل مع السائق أو مع الصغيرة التي من الممكن أن تناوله للسائق وبالتالي هي مدة ساعة تقريباً تظل حبيسة في انتظار عودة الأم بحالة قلق للأب والأم والطفلة الصغيرة، وأقسى من ذلك وجود السائق الذي يقلّ الأطفال للمنزل ووجود الخادمة التي تعنى بالطفل لحين عودة والديه وتلك الدقائق غير المحسوبة الزمن والمدة بدقة يتحرك فيها الأطفال مع السائق ذهاباً وعودة من غير معرفة الآباء بدقة كيف يتصرف السائقون معهم، وما مدى أمانة السائق وحرصه على نقل الطفل أو الطفلة من دون حدوث أي تصرفات هوجاء مثل الضرب أو الشد أو رفع الصوت أو التحرش الجنسي...، الذي تضعف احتمالات كشفه خصوصاً أن العلاقة بين الطفل ووالديه ضعيفة، ولا توجد نقاط التقاء كثيرة فربما دخل الأب المنزل وخرج والأطفال إما نائمين أو في المدرسة وكل الطلبات يؤمنها السائق وكل الخدمات تقدمها الخادمة، وفي الكويت تم القبض على خادمة بلغ بها السوء في حفظ الأمانة إلى أنها تجبر الأطفال على مشاهدة مواد إباحية وأكثر من ذلك أنها تمارس خيانتها مع السائق تحت مرأى ومسمع من الأطفال الذين تعرضوا إلى شكل من أشكال التحرش بالمشاهدة الحية!، وفي حال يكون السائق أو الخادمة في أمان تام أو شبه تام من عودة الأب أو الأم للمنزل لارتباطهما الوظيفي.
بالتأكيد لا أدعو لتعطيل طاقة المجتمع من نصفه الأول وليس الآخر فنحن محتاجون بالفعل لاستغلال طاقتهن ومواهبهن وعقولهن في تحقيق نهضة كبيرة للوطن، وكما عبر عن ذلك (بيل قتس) رئيس شركة ميكروسوفت أن السعودية ستصبح عام 2025 قوة اقتصادية مهولة بشرط استحداث وظائف للمرأة، لكن يجب أن نعلم أن لكل مشكلة حلاً وأن هناك حلولاً كثيرة لا حصر لها لحل مثل تلك المشكلات الطارئة لكن يجب على الأم والأب العاملين التنبه لهذا الموضوع ومعالجته وأخذ جانب الحيطة والحذر وبناء علاقات صداقة كبيرة ووطيدة مع أولادهم وتحقيق التوازن بين النجاح في أعمالهم وبين النجاح في مهماتهم الطبيعية كآباء وأمهات من حقهم ومن حق أطفالهم عليهم أيضاً العمل على توفير ليس الرزق والرفاهية لهم فقط بل وتحقيق الأمن والراحة والطمأنينة لهم في سبيل الحصول على جيل مستقر نفسياً مع مقترح أن تكون هناك ساعة لكل موظف تكون للراحة وللصلاة وللتوصيل أو للغداء حتى ولو ترتب على ذلك إطالة ساعات الدوام الرسمي.