الاثنين، يناير 01، 2007

الأفلام الزرقاء

الأفلام الزرقاء جريدة الحياة - 01/01/07//

يقول: جنسية عربية معينة يكثر تهريبها لأفلام من نوع «البورنو» التي يسمونها في مصر «الأفلام الزرقاء». ذلك ما حدثني به أحد رجال الجمارك الذين يعملون كخط حماية أول للمجتمع والوطن من هجمات متعددة من الخرابات الأخلاقية وغيرها. ذلك الحديث دار بيني وبينه منذ ما يزيد على السنوات العشر من الآن، أول أيام تدفق القنوات الفضائية وقبل دخول الانترنت ويقول من أغرب ما شاهدته هو طبيب من الجنسية العربية ذاتها يحمل شرائط فيديو خاصة له، بينه وبين زوجته. يا خيبة الطب المهنة بمثل نماذج ذهبت تسجل خصوصياتها وتجعلها عرضة في أي لحظة للخروج من السيطرة.
ذكرى ذلك الحديث راودتني وأنا أقرأ أحد الأخبار المتكررة، آخرها ما وقع في المنطقة الشرقية عن ضبط أوكار وبعشرات الآلاف من الأقراص الممغنطة، التي تحمل داخلها الأفلام الإباحية لتباع بقيمة الخمسة ريالات أو أقل للزبائن الذين ليس لهم جنسية أو لون أو عمر أو جنس معين، بل الكل شريحة مستهدفة للتسوق من تلك العمالة المتربصة ببضاعتها المأفونة، والتي صاروا يحصلون عليها وبسهولة من القنوات المشفرة، التي يفك تشفيرها وبسهولة أيضاً لتباع كروتها المنسوخة بأبخس ثمن في «شارع الشيطان» كما يسمى في مدينة سعودية، تعارفوا على ذلك الاسم نظراً إلى وجود المحال التي تمارس هذا النشاط المعلن الخفي، وتعمل آلة التسجيل والنسخ آلافاً مؤلفة من تلك الأفلام لتقدم للصغار والكبار على حد سواء.
تلك العمالة التي تبيع بضاعتها في مواقف السيارات، وفي بسطات الأسواق الشعبية، وأخيراً بالقرب من المدارس، كما شكا أحد أولياء أمور الطلاب، الذي عاد له ابنه باسطوانة ابتاعها في الطريق، ولما وضعها في جهاز التسجيل وإذا بها المفاجأة إياها، التي عقدت لسانه وعطلت فكره وتصرفه.
محال الجوالات تمارس الدور ذاته على بعض الزبائن، وبعض محال الحاسب الآلي كذلك تشحن الأجهزة بالصور والمقاطع كخدمة مجانية أو شبه مجانية للزبائن، وصرنا في بركان يقذف علينا من كل صوب بحممه من المواد الساقطة، التي يصعب علينا وضع مصدات خاصة لها تحفظ أجيالنا منها.
ولعل تحقيقاً نشر في صحيفة «الحياة» أخيراً عن طريقة جديدة لنشر تلك المواد، وهي ببيع شرائح الذاكرة المتناهية الصغر من نوع «الفلاش ميموري» ونوع الذاكرة SD ذات حجم البطاقة الصغيرة، التي توضع في حافظة النقود أو الجيب العلوي ولا ينتبه لوجودها أحد وتكفي لتخزين فيلم كامل وبأعلى نقاء، ناهيك عن شرائح الميني SD أصغر من رأس الظفر وبسعة كبيرة أيضاً. وتقول إحدى الأمهات في موقع المستشار إنها وجدت ابنها الصغير ذي الثماني سنوات وهو يشاهد قناة إباحية نسي والده أن يقفل شفرتها، وتطلب منهم التوجيه في معالجة أثر ذلك الحدث على سلوكياته!
السؤال الحاد الذي يجري بين مواقع حروف لوحة المفاتيح ويقفز على شاشة الحاسب أمامي الآن: إلى أين نحن نسير؟ وهل تستطيع أيها الأب أن تحمي ابنك أو ابنتك من تلك المواد؟ قد تمنع جهاز استقبال القنوات الفضائية، أو تمارس رقابة عليها وتقفل بعضها وتمسح البعض، وتمنع أولادك من السهر بصحبة أقرانهم في الاستراحات والمخيمات الربيعية، لكن كيف لك أن تراقب تلك المواد التي تعمل على أجهزة الحاسب المحمولة وبسهولة وعلى أجهزة الجوال في غرفهم الخاصة؟
أظن أننا يجب أن نغير من استراتيجيتنا إلى المكاشفة مع الأولاد، وتحذيرهم من مشاهدة تلك المواد وإدمانها، وخطورتها على مستقبلهم الحياتي الاجتماعي، وأن تلك الممارسة الخاطئة تعطي مفاهيم مغلوطة عن الحياة الطبيعية الحقيقية، وتجعل حياتهم سجناً كبيراً من الشهوات البهيمية التي يجب أن يترفعوا عنها، ونربي فيهم العفة والالتزام، وتوجيههم نحو الأنشطة الثقافية والرياضية التي تحميهم من الوقوع في براثن تلك الآفة

تستطيع قراءة المقالة من موقع الجريدة على الرابط :
.