الجمعة، ديسمبر 08، 2006

الملك عبدالله ينظر في الإدارة الحديثة

" الملك عبدالله ينظّر في الإدارة الحديثة
" نشرت في جريدة الحياة عدد يوم الاثنين الموافق 4-12-2006م
**عبدالمنعم الحسين**
هكذا ملكنا، حفظه الله، له هيبة وله محبة خاصة وله حضور أعطاه الله سلطاناً عجيباً على قلوب الناس، كل الناس عربهم وعجمهم، مواطنهم ومقيمهم، يُطل علينا هذا القائد الفذ بتوجيه للإدارات الحكومية بأن تكون المعاملات التي ترفع له بشأن حدث معين أو أمر معين محدد بتاريخ يجب أن ترفع له قبل 20 يوماً من مناسبتها وإلا لن ينظر فيها، بل أكثر من ذلك سيحاسب المتسبب في إحداث ذلك التأخير.
لا أخفي سروري وإعجابي وأنا أقرأ أسطر ذلك التوجيه الكريم، ليؤكد بذلك على قيم التخطيط وعدم الفوضى والعمل بطريقة اللحظة الأخيرة، الأمم والشعوب تتقدم ولا يزال بعض المسؤولين يعمل بطريقة ( عاشوا.. عاشوا)، أو ما يعرف إدارياً بطريقة إطفاء الحرائق ينتظر المعاملات وينتظر المراجعين لكي يعالج الأمور الروتينية اليومية من دون نظرة شمولية، تتجاوز العمل اليومي الرتيب إلى مساحة خاصة بالتخطيط والتنظيم، وممارسة القيادة بمعناها الحقيقي بالتأمل والدرس والتحليل وجمع المعلومات، ورسم صورة تطويرية تحسينية لما هو قائم وفق ما هو متاح، ثم يتحرك بخطة تشغيلية مجدولة غير مفاجئة في أحداثها ولا أعمالها، بل موزونة بدقة عالية في تحديد مكانها وزمانها ومن يقوم بها.
تعجب وقد لا تعجب لبعض المسؤولين الذين لا يملكون تلك الأداة وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه، وتتخبط إدارة بأكملها بسبب غياب تلك المهارة والصفة فيها، وهي صفة ليست بصفة خارقة ودونها خرق القتاد بل هي من الأمور السهلة والتي من الممكن التعود عليها وتعلمها واعتيادها بسهولة.
الارتجالية والفوضى أضحتا مظهرين من مظاهر الجيل، تجد السائق يقود السيارة أمامك ولا تستطيع أن تخمن أو تتوقع سلوكه في القيادة، إذ يكون في أقصى اليسار ثم يتجه فجأة لأقصى اليمين، ينطلق بسرعة جنونية ثم ومن دون مقدمات يبطئ من انطلاقة المركبة أو العكس. كل ذلك بسبب تخبط البيئة المحيطة حوله والإجراءات والنظم التي تأتي من غير تخطيط أو بممارسة جراحية تأتي على وظائف كثيرة ومسلمات كبيرة وإرث عظيم بسبب طريقة التفكير التي يمارسها بعض المسؤولين لا لشيء إلا لإحداث تغيير يتحدث به كل الناس عن فعله العظيم.
للأسف يأتي المسؤول الذي يليه ويبدأ خطوته التصحيحية بإلغاء ما ساسه الذي قبله والعودة إلى النظام الذي قبله وبتصفيق حاد من الجمهور، وتذهب مقدرات أمة بأكملها، ويتأخر حالنا بسبب ممارسات الحذف والإضافة وإبراز العضلات بإصدار القرارات من دون تخطيط ومن دون معالجة ومن دون تفهم لطبيعة الدور والأدوار ودراسة أبعاد التغيير وتأثيراته على المدى البعيد والقريب.
ربما أجدني في حاجة لتذكيركم بتجربة القرية التي فكر أهلها في طريقة ذكية في جمع أكبر قدر من المحصول الزراعي الذي تأكل منه الطيور نصيبها، بأن تناوبوا ليلا بطرق القدور والطبول حتى لا يتركوا مجالاً للطيور لتنام في مزارعهم، فهاجرت الطيور ولم تأكل من المحصول لكن بطريقتهم الذكية، غير المخطط لها وغير المدروسة بعناية أتوا على المحصول بأكمله بالدمار والفساد، وذلك بأن أخذت الديدان راحتها وتنامت وضربت المحصول بأكمله، وأصبحوا كما يقال في المثل: جاء ليكحلها فأعماها. لنحاول إذن أن نتعلم من القادة العظام المبادئ الإدارية المتقدمة ونعلم جيلاً جديداً التخطيط الجيد والبعد عن الفوضى والارتجالية في سائر الحياة وليس في أعمالنا الوظيفية فحسب، حتى نلحق بالأمم والشعوب التي حققت كسباً وسبقاً بالعناية بالتنظيم والتخطيط.

تستطيع قراءة المقالة من صفحة الجريدة

http://www.daralhayat.com/arab_news/...f83/story.html