السبت، ديسمبر 16، 2006

الحجاب

" الحجاب " نشرت في جريدة الحياة

عدد يوم السبت الموافق 16-12-2006م


عبدالمنعم الحسين الحياة - 16/12/06//

لله دره هذا الحجاب، كيف يتعرض لهجمة شرسة من الجميع، ومع ذلك لا يزال باقياً وبكل قوة في الكثير من المجتمعات الإسلامية والعربية؟

تصريحات وزير الثقافة المصري ومهاجمته للحجاب ووصفه للمحجبات بالرجعية ليست بالجديدة، وكنت قد انتهيت من قراءة رواية الكاتبة السعودية وردة عبدالملك، والتي هي بعنوان «الأوبة»، وكيف أسقطت الأوصاف الكريهة على المحجبات وما يدور في لقاءاتهن، وكيف يفكرن، وماذا يحملن من بضاعة للمجتمع؟

وزير الثقافة صرح بكلمة، والرواية صرحت بأوصاف أكثر رعونة وسخرية من تلك الفئة، وكالت إليهن من الشتائم والسخرية الشيء الكثير، مع فارق التوقيت بين التصريحين، وفارق شكل الحجاب بين المصريات والسعوديات. إذ ينتشر عند المصريات الحجاب «المودرن» وحجاب التقليعات الحديثة، إذ يغطي جزءاً من الشعر، وتستخدم أقمشة فاخرة ذات ألوان وتصاميم جذابة ولا يكتفين باللون الأسود فقط، كما هو قائم بالسعودية.

كما أن حجاب المصريات لا يمانع لبس البنطال و»التي شيرت» والبلوزة والتنورة ووضع المكياج الكامل على الوجه، ويعد ذلك تجاوزاً حجاباً، بينما لا يزال الحجاب في السعودية على الأكثر يغطي الجسد، فيما يحارب الدعاة والعلماء كل أشكال التغيير التي تحاول أن تجد طريقها في العباءة والحجاب وعملية الغطاء الساتر الخفيف والنقاب ومظاهر أخرى أهونها كشف الوجه كاملاً.

ذات التوجه بالهجوم على الحجاب وعاداته وشرعته، حملته أيضاً المؤلفة السعودية الأخرى طيف الحلاج في روايتها «القرآن المقدس»، وشددت في مقاطع على منع المرأة من قيادة السيارة، وكيف يجعل الحجاب كل الدنيا وكل المشاهد رمادية وفي رؤية ضبابية غير واضحة، وأنهن لا يكدن يبصرن الطريق، وربما أسهم ذلك في وقوعهن أو سقوطهن.

ومع أن الروايتين السابقتين حملتا من العبارات والكلمات والألفاظ السفلية، ومن قعر الشوارع والبيئات، إلا أنني لم أجدها قد هُوجمت كما تعرضت المؤلفة المحجبة رجاء الصانع في روايتها «بنات الرياض» مع أن الرواية لم تحمل أي توجه حاد ولا تعديات ولا مشاهد ساخنة مثل «فراولة وردة» أو «زبائن السمراء رباب» في القرآن المقدس.

لكن هل هو الاسم والعنوان الذي حملنا على أن نهاجم الأولى بحكم التصاقه الحاد بمدينتنا الرياض ونغض الطرف عن الروايتين الأخريين بحكم أنهما لم يحملا أي مسمى مدني؟ ذلك الميزان غير المتوازن ندعه لوقت آخر.

نعود لقضيتنا التي أصبحت عالمية بمطالبات بنزع الحجاب في بريطانيا وهولندا وأخيراً تونس التي حاربت دمية «فلة» المحجبة، نظراً إلى ما تفعله تربوياً من تعزيز لظاهرة الحجاب التي تنتشر وتتسع على رغم كل الذي تتعرض له من الخارج، وأحياناً من الداخل، مثلما حدث من الوزير كمثال، ومن الروائيات وغيرهن الكثير من الكتابات الصحافية التي تنادي بكشف الوجه واللحاق بركب الحضارة، وأن ليس بين المرأة والنجاح عائق إلا الحجاب.

رمضان الأخير سمي بشهر المسلسلات المحجبة نظراً إلى مشاركة ممثلات محجبات فيه كن قد توقفن عن التمثيل في وقت سابق، وعدن بحجابهن ليتقاضين أجوراً عالية أيضاً بأدوار الحجاب، مشكلة كبيرة أن تشغلنا قضية الحجاب على رغم أهميتها، وتأخذ كل جهودنا وتفكيرنا، فيما نحن محتاجون لطاقتنا الفكرية والمادية في مناحٍ أخرى من الحياة وألا نستجيب لذلك الجر شبه المتعمد للعقول بكل أطيافها واهتماماتها لخوض معركة الحجاب وشغل الناس بها وجعلها بيضة الدين.

وتذهب خطب ومواعظ ومحاضرات وملتقيات وملصقات وحوارات ونقاشات وتصويتات في «الانترنت» على الحجاب والمحجبات وتداعي لنصرة قضايا الحجاب في المواقع الأجنبية، والفرح بتحقيق نصر كاذب بارتفاع المؤشر لناحية الحجاب وقضيته. فيما نحن لا نستجيب الاستجابة المطلوبة والعملية والإيجابية لقضايا مصيرية وانعدام لفكر الأولويات ومراعاة الظروف والبيئات وإلزام الناس كل الناس برأي فقهي واحد في الحجاب وشكله، بل أكثر من ذلك مطالبة النساء في الدول والمجتمعات الغربية بشكل الحجاب في المجتمع السعودي، ونسهم بأموالنا في نشر ذلك النوع من الحجاب في بعض الدول الفقيرة بقوة المال واستغلالاً للحاجة والفقر.

تستطيع قراءة المقالة من موقع الجريدة فقط اضغط هنا