الاثنين، ديسمبر 11، 2006

بابا سامح لي

" بابا سامح لي ! " نشرت في جريدة الحياة

عدد يوم الاثنين الموافق 11-12-2006م

بابا سامح لي!

من أعجب ما سمعته من مسميات لملابس وموضات، اسم أطلق على موضة ربما عدها البعض قديمة، فيما أظنها لا زالت متألقة بين الفتيات المنفتحات أكثر من اللازم، وربما تلبسها المتدينات لأزواجهن في العشش الزوجية، وهي لبس الملابس القصيرة أو الضيقة أو التي تظهر جزءاً كبيراً من البطن، كانت تلك شكلاً من الأشكال الخاصة ببطلات أغاني «الفيديو كليب» ومذيعات بعض القنوات الفضائية.
تلك الموضة وجدت طريقها للمحال التجارية في الأسواق ومحال
المستلزمات والملابس النسائية عندنا، وبعض البلاد العربية التي لازالت تحمل الكثير من قيم التحفظ على الأولاد والبنات، لكن أن تسمى تلك التقليعة والموضة باسم (بابا سامح لي) يدل على معنى خاص بذلك اللباس والتغير الفكري والمستوى الحضاري والمادي ربما لأسرة الفتاة الصغيرة، إذ إن المعنى أن الأب يسمح لابنته بلبس تلك الملابس ولا يمانع في ذلك.
لا أدري... هي
ملابس غير محتشمة بلا شك، لكن تلك الفتاة التي تلبسها وتخرج بها للمناسبات البريئة غير المختلطة، ربما تتعرض لكاميرا جوال خائنة من هنا أو هناك، لا تحمد عقبى تسرب مثل تلك اللقطات إلى الجوالات ومواقع «الانترنت» التي انتشرت أخيراً بشكل مواقع خاصة لاستضافة مقاطع الفيديو، وبالتالي تصبح حقاً مشاعاً للكل، ولا تسأل عن عداد الزوار الذي يحقق أرقاماً كبيرة من الزيارات والتحميل.
وفي إحدى الجامعات وفي فصل الشتاء - حتى لا يقال إن
ذلك يقع بسبب الحرارة - جلست إحدى الطالبات على مقاعد الحرم الجامعي، التي غالباً لا يوجد له ساند للظهر، وظهر جزء غير صغير من أسفل الظهر وبعض المناطق الحدودية المجاورة التي ما كان لها أن تظهر، في ممارسة خارجة عن الذوق والأدب.
وإذا فرضنا عدم لبس تلك الملابس من الفتيات إلا في
منازلهن الخاصة، فهي بلا شك قد تفسر لنا بعض الأخطاء الفادحة والتحرشات التي تحدث للفتيات داخل المنازل من الأقارب، وقد استضافت إحدى الصحف المحلية إحدى المشرفات الاجتماعيات التي تحدثت عن بعض المشكلات التي يواجهنها في المدارس لفتيات يترددن كثيراً في الإفصاح عن مشكلاتهن مع التحرشات الجنسية داخل المنازل من الأخ، ولقد افتتحت دور اجتماعية خاصة لتستقبل حالات عدة من ضمنها تلك الحالات التي تأزمت وبلغت الزبى.
كنت
في زيارة لأحد محال الملابس وشاهدت طفلة صغيرة مع والديها مرتدية زياً هو من دون مبالغة عدد من الخيوط القليلة تغطي جزءاً بسيطاً من جسد الفتاة والباقي ترك مكشوفاً للعيان... لا شك هي طفلة صغيرة ولا يتصور أبداً أن ينظر لها أحد نظرة مريضة.
المشكلة تكمن في مصطلح صغيرة المطاطي الذي
يتسع ليأخذ كل فتاة لم تتزوج ولم تبلغ بعد سن الحجاب، ولعل مشاهد تلفزيون الواقع واجتماع الشباب والصبايا بتلك الأزياء «التسامحية» في مكان واحد ويتعايشون بهدوء وسلام واحترام لا تقع معه شرارات كهربائية، هو مشهد مخادع وغير حقيقي يسرب لنا ولعقولنا تقبل مثل ذلك.
إن الشعوب المنفتحة تجرعت
المرارات من ذلك، وبالتالي أخذت تعيد النظر في تلك الممارسات، وعليه فإن جامعة في الهند حظرت على المعلمات والطالبات لبس الملابس القصيرة والضيقة، نظراً الى تكرار التحرشات، وكذلك في ماليزيا، إذ وضعت غرامات بمئات الدولارات على اللاتي يظهرن بتلك الملابس والأزياء في الشوارع العامة وبائعات المحال التجارية بالأخص.
لن أعمل ولن أقول مثل مفتي استراليا
الذي خانه التعبير في تشبيه التكشف وقامت عليه الدنيا ولم تقعد، لكن هي دعوة للفضيلة والحشمة أهمس بها في أذن المربين والمربيات علها تساعد في كبح زمام الأمور وإعادة الملابس لنصابها وشكلها وإحكام قفل أزرارها.