الخميس، أبريل 07، 2011

السن المناسب للزواج


االسن المناسب للزواج
نشرت في تحقيق بجريدة الرياض للاطلاع على مكان نشر المادة يمكن زيارة الرابط :http://goo.gl/9rFXY

الحمد لله الذي شرع الزواج لخلقه حكمة منه سبحانه وتعالى حيث قال جل من قائل : ومن آياته آن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها ، فالزواج آية من آيات الله تعالى يتحقق به مصالح عدة من إعفاف النفس لكليهما وكذلك التكاثر وحفظ النسل ، ولما كانت مقاصد الزواج كثيرة كان أيضا من الحري الحديث حول السن المناسب للزواج للشاب والفتاة حيث كان في السابق تزوج الفتاة منذ بلوغها بل وأصغر من ذلك حيث لا يشترط علما ولا رضاها بل يزوجها في ذلك وليها وليس معناه أن يكون في هذا السن بالنسبة للفتاة أن تمضي مع زوجها حياة زوجية كاملة بل تظل حتى تبلغ
وأما بالنسبة للفتى فكذلك ينعقد الزواج له حتى في صغره ويزوجه وليه لكن هذا الجواز ليس معناه أن يكون شرع الله مدعاة للتلاعب والإيذاء بل كل ذلك مدار على المصلحة وأن ولي الأمر يسعى في مصلحة ولده وبنته وليس من المصلحة بالتأكيد تحقق كسب مالي مثل ما يحدث من تزويج الصغيرات من كبار السن بقصد كسب المال الذي يغري به الكبير والد البنت وأهلها . فإن في هذه البيعة أو الصفقة خيانة للأمانة وعدم تحقق الولاية الكاملة وربما الأصل أن تنزع من هكذا ولي أمر الولاية .
وكذلك ما يحدث ويتناقل عند وسائل الإعلام من تزويج لصغار واحتفاء الأهل والأسرة بذلك في منظر أشبه للعبة فلا الولد ولا البنت يعقلان ويعيان ما فكرة الزواج وما الحقوق وما الواجبات وما معنى أن ترتبط ويرتبط كلاهما بالآخر وعلى ذلك ما يحدث من مثل هذه التصرفات مدعاة لإساءة استخدام حق الولاية .
ومع تغير الحياة الحديثة ومع سن الكثير من النظم والقوانين المدنية التي تضبط كثير من المصالح الدنيوية المحضة ولما يحدث من أضرار على الأولاد الصغار من زواجهم في مرحلة مبكرة ومخاطر تعصف بحياتهم ونفسياتهم ، وليس نجاح واستقرار زيجات تمت في الحياة سابقا فليس معناه أن ندعو الناس لاستمرار تلك الممارسات ونرد على أصحاب هذا الفكر بدعوتهم لترك النظارة الطبية وترك السيارة وترك الجوال وترك المدنية الحديثة والتمسك بركوب الدابة في التنقل وغيرها حيث كانت هذه الوسائل هي المتبعة .
بعد هذه المقدمة فالمشاهد والمطلع على المصالح والمفاسد في أمر الزواج المبكر ومشاهدة الحال في البلاد العربية والإسلامية وكذلك البلاد في سائر العالم فإن حقوق الإنسان أصبحت تجرّم حالات زواج القواصر والزواج المبكر الذي تكون معه الفتاة ربما غير جاهزة لتحمل مسؤولية زواج وحمل ومسؤولية زوج وحياة اجتماعية وربما كان مدعاة لطلاقها وحملها لقب مطلّقة .وتقل فرص نجاحها الاجتماعية أو الحصول على زوج آخر
وكذلك حالة الشاب ( الزوج الافتراضي ) حيث تغيرت تربيته إلى الاعتمادية وقلت المسؤولية وتحملها عنده بحيث يظهر لنا مغامرة تزويج الشاب مبكرا وهو لا يستشعر تبعات الزواج ومسؤولياته وربما بعقلية كهذه اتجه للإهمال واللامبالاة وربما قرر الانفصال وعدم إكمال الزواج بحيث يكون ضحية هو وهي .
أمام واقع كهذا ومتغيرات اجتماعية وقانونية ينبغي أن نعيد النظر في الموضوع لا بنظرة الحلال والحرام ولكن بنظرة المقبول وغير المقبول يصح ولا يصح حتى لو قلنا بتدخل ولي الأمر لضبط موضوع الزيجات بالذات القصّر وتجريم من يزوج فتاته ويتجاهل مصلحتها ويضر بها حيث أكثر من حادثة اجتماعية صارت البنت ضحية هروب، ضحية تعنيف ضحية جنوح لا سمح الله والسبب هو النظرة غير الحضارية لموضوع الزواج .
ويصعب أن نحدد هذا السن حقيقة لكن هو سن النضج وقد يختلف من بلد إلى آخر بحكم عاداتهم وأعرافهم وتحضرهم وما تتطلبه أوضاعهم لكن هي في الغالب متقاربة حيث إن الفتاة يفترض من وجهة نظري أن يكون زواجها في سن السادسة عشرة كأقل ما يمكن أن تستطيع الفتاة فيه اتخاذ قرار جريء ومصيري بالارتباط بزوج وحتى لو أقدموا على ذلك فأرى ألا يكتفى بحوار ونقاش والديها بل لا بد من تقديم مساعدة لها وتبصيرها عبر مركز أسري تشرح لها اختصاصية اجتماعية القرار وأبعاده وتبعاته وتساعدها في اتخاذ القرار ولا يقال بأن أذن البكر صمتها حيث هي في حكم غير الراشد الذي لا يحسن اتخاذ قراره بنفسه وكثير من الأمم والدول تعامل من في هذه السن بأنه في حكم الأطفال فنحن لا نسمح للشاب أن يقود سيارة وهو في هذه السن فما بالك بأن نسمح له بأن يقود أسرة ؟

وعلى ذلك والحال هذه أرى للمصلحة العامة من واقع الحافظ على الشباب من الوقوع في الفتن ومن تشجيعهم على الزواج خاصة في حال تعرضهم للابتعاث والسعي في إعفافهم وفي نفس الوقت السعي لإنجاح زيجاتهم بعدم الإضرار بها وتعريضهم لوقوعهم ضحايا أو أولادهم لاتخاذ قرار بالانفصال يدهور حياتهم ويغير مسارها بحيث يكون في سن السادسة عشرة وبشرط الحوار معه ونقاشه عبر اختصاصي اجتماعي يساعده في الإقدام على قراره وتبصيره بحقيقة الزواج وتبعاته وتبصير والده بما هو مقدم عليه حيث كثير من هذه الزيجات ما هي إلا تسرع في اتخاذ قرارات .
ولا ينبغي أن نضع كل الحمل على القانون والنظام وإنما يكون هناك دور ليس بالقليل على التعليم وعلى المؤسسات الاجتماعية في التوعية وتثقيف الناس وعلى الإعلام أيضا أن يطرح بأسلوب جيد لا بأسلوب هجومي يطرح بأسلوب النقاش والحوار لأن هناك وجهة نظر دينية ينبغي أن يحترم رأيها كذلك وهي تتبنى عدم التقنين لكن يترك لهم حريتهم في تناول الموضوع وجنبا لجنب بطرح المؤسسات الأخرى والمجتمع سيتبنى روح الفقه ومصالحه وسيفرق بين الحلال والحرام وبين الأصلح في ظل دائرة واسعة من الحلال