الاثنين، مارس 05، 2007

رحلة منيرة إلى ماليزيا

رحلة منيرة إلى ماليزيا!

عبدالمنعم الحسين الحياة - 05/03/07//

إبان حوار ساخن وعاصف وقوي جداً يتفجر غضباً وتهكماً وسخطاً يبين لنا الأنموذج النشط من المرأة السعودية، الناظر بغضب للأوضاع والمتغيرات، ويطالب وبشدة بسرعة التحولات والإصلاحات خصوصاً في ما يخص جانب المرأة السعودية... كانت القاعة مليئة بالرجال المنصتين بكليتهم لزلزال المتحدثة منيرة الهادر، وهي تتحدث في اللقاء الأخير الذي عقدته وزارة التربية والتعليم (وكالة التخطيط والتطوير) ممثلة في مديري العموم مع من يقابلهم في الإدارات التعليمية على مستوى المملكة، المقام أخيراً في المدينة المنورة.
كانت منيرة تتحدث عادة بطريقة التحدي الكبير للرجل وهيمنته وسيطرته على المواقع والمراكز والوظائف، لكن منيرة تكلمت هذه المرة متهكمة على الزيارات والرحلات الاستكشافية التي نفذتها الوزارة أخيراً لمديري التعليم برحلات لعدد من الدول في الشرق والغرب والشمال والجنوب، للاطلاع على التجارب التربوية والإدارية للأنظمة التعليمية في تلك الدول... وتطالب منيرة بأن تكلف هي بالذهاب والزيارة لتلك الدول وليس مدير التعليم كما أنها تشكك في جدوى زيارات مديري التعليم، وأنها لا تحدث شيئاً من التغيير، أو التحسين، وإنما هي شكل من أشكال التسلية والترفيه والمكافأة !
مشكلة بحق، وهي أن الكل يطالب بتكافؤ الفرص، والكل يطالب بنصيب من الكعكة، ولم يعد أحد يطيق الانتظار أو الفرجة... مثل السابق وربما هم كما هم في السابق غير راضين وساخطين، لكن الذي جد هو أنهم مثل منيرة التي أخذت تمسك بالميكروفون وتتهكم على الوضع، ولم تعد كما هو معتاد في السابق، من أحاديث مكررة معروفة (شكراً وما قصرتم ولا أحسن من كذا)، ولم يعد أحد يعمل بالحكمة القديمة: (القناعة كنز لا يفنى)، فالمعلمة تطالب بفرصة، وبتكافؤ الفرص مع الأخت منيرة بأن تأخذ كل منهما فرصتها في تولي المواقع الإدارية والهروب من الحصص الدراسية - بنظرة المعلمة طبعاً -... والمشرفة الزميلة تطالب كذلك بفرصة المشاركة في مثل هذه اللقاءات، والفوز بقطعة من كعكة الاجتماعات الخارجية والانتدابات والتكاليف.
وربما تلك الأخرى القابعة في بيتها ولا تجد وظيفة ساخطة تمام السخط، وتطالب بتكافؤ الفرص بالحصول على وظيفة، وتقول يا جماعة أنتن أكلتن بما فيه الكفاية... اذهبن إلى بيوتكن، وتفرغن لأزواجكن وأولادكن واتركننا نأكل قليلاً، وقد تذكرت ذلك البيت القديم من الشعر:
كل من ألقاه يشكو حظه ... ليت شعري هذه الدنيا لمن؟
صوت المرأة السعودية بدأ يتجاوز السابق، بدأ يجلجل ويهز الأماكن.
والشاهد على ما أقوله هو تلك الروايات السعودية المؤلفة من السعوديات اللاتي فاجأن المجتمع السعودي، وبالذات المدرسة الدينية بمؤلفات هاجموها بالفاكسات والشكاوى التي وصلت حتى إلى المحاكم، ولو راقبت أحد البرامج التي تبث على الهواء وتطلب مشاركات من المشاهدين، للاحظت البون الشاسع بين عدد المتصلات والمتصلين، وكيف أن الكفة ترجح باتصالات النساء، اتصالات جريئة كما هي الاتصالات التي تتلقاها الدكتورة فوزية الدريع في برنامجها المخصص لمن هم فوق 18 سنة... والمرأة السعودية أصبحت تتجاوز الحواجز، وتخرج مغنية وممثلة، ومقدمة برامج بكل متطلبات الانفتاح الفضائي للمذيعات المتعارف عليها في قنوات فضائية غير سعودية أو هي سعودية التمويل فقط.
أكتب هذه الكلمات وأنا على مقاعد الانتظار في مكان عام، وصوت امرأة يملأ المكان، وهي تتحدث بكل أمورها العائلية في الجوال وتتحدث عن وجهتها لماليزيا... آسف أقصد لندن!