الخميس، أبريل 12، 2007

لصوص العمل الخيري

لصوص العمل الخيري

عبد المنعم الحسين الحياة - 07/04/07//

لا أدري لأي سبب نصّت الصّحف التي نقلت لنا خبر القبض على اللص الظريف بمدينة الجبيل متلبساً بجرمه، وهو يخرج من إحدى الفيلل السكنية بعد أن أنهى عملية السرقة التي قام بها، وحين اكتشفوا المفاجأة أن اللص المقبوض عليه الذي أظهر مهارة فائقة في تجاوز نوافذ المنازل الزجاجية ومعالجتها بطريقة سحرية ماكرة غريبة على لصوصنا المحليين، ذلك اللص المتعاون مع إحدى الجهات الخيرية، لم يذكر اسمها في الخبر ولم ينص عليها!

لكن وجه الغرابة هو التأكيد على أن اللص كان متعاوناً مع جهة خيرية ما... هل المتعاونون مع الجهات الخيرية ملائكة منزهون؟ هل الجهات والمؤسسات الخيرية قلاع محصنة من الذين يلبسون لباسهم والاندساس بينهم لغرض التخفي ومزيد من المكر... مهارة الشاب في فتح الشبابيك والنوافذ هي المهارة نفسها التي تسلل بها عبر نوافذ وثغرات العمل الخيري التي من الممكن أن يتقدم لها أي شخص كمتعاون، ومطلوب من الجهات الخيرية أن ترحب بالمتعاونين، بل ومطلوب منها استقطاب وتفعيل العمل التطوعي، والنظرة الإيجابية والثقة في الراغبين في البذل ليس بأموالهم فقط ولكن بأوقاتهم وبجهودهم وبطاقاتهم.

لقد تسرب إلى العاملين في المؤسسات العسكرية والأمنية, الأكثر احترازاً ونظامية ودقة من المؤسسات الخيرية, دخلاء شوّهوا شرف البذلة العسكرية التي يلبسونها, ولعل في مثل الجندي الذي نشر خبر تنفيذ القصاص فيه أخيراً, والذي قام عنوة باختطاف حدثين وهو بلباسه العسكري وفعل الفاحشة بهما وتصويرهما, دليل على أنه لم يعد مكان ولا جهة ولا مؤسسة بمنجاة ومنأى من تسرب شياطين الإنس المتعفنين إليها، والعبث المتخفي بلباس المؤسسات المدنية التي يستبعد عادة وعرفاً وقوع المنتسبين إليها في براثن ودونية مستنقعات الفساد الموبوء.

يجب على المجتمع تقبل وقوع مثل هذه الجرائم من المندسين والمتسللين عبر النوافذ الخلفية, والمتلبسين بلباس التقوى والورع كمثل هذا الشاب، ومثله كثير مما ينشر أو لا ينشر في الصحف من أفعال مشينة مثل الأشيب الملتحي ذي اللحية الكثة, الذي ثبت عليه أنه يقرأ على المرضى ويتحرش بالنساء ويطّلع على عوراتهن، ومن مثل ساحر القطيف الذي انتهك أعراض كثير من الفتيات في المنطقة الشرقية, وكلاهما يتلبس لباس الصلاح، ومثل ما نشر عن بعض المقيمين من الجنسية البنغالية وهم يتولون الأذان في المساجد، ويسكنون في بعضها تجاوزاً من بعض أئمة المساجد - وللأسف - ثم تكون النتيجة والكارثة القبض على مزاول الأذان - ولا أقول المؤذن - وعنده مجموعة من أقراص الحاسب الخاصة بالأفلام الإباحية، أو متلبساً بجرم أشنع!

والعمل الخيري والدعوي من كل أولئك براء مهما تلبسوا بلباسه أو ابتلي ببعضهم حيناً، لكن أيضا كمسؤولية إعلامية واجتماعية يجب من المؤسسات الإعلامية أن تحافظ على منزلة وقداسة العمل الخيري الذي يتعرض لهجمات متواصلة ضاغطة على عروق رقبته توشك أن تقضي عليه، وتنهي مكتسباته كافة في وقت يستنجد به الجميع لكي يسهم في نهضة الوطن وتقديم حلول إنقاذية لمشكلات وأزمات يعاني منها الناس حالياً، وتعاني بسبب مثل تلك الهجمات مؤسسات خيرية وجمعيات تتقلص مواردها وتتزايد معاناتها مع ضغط الطلبات وقلة التبرعات وكثرة الهجمات.

ويزيد الطين بلة بمثل هذه الأخبار التي تحمل إشارة خفية مؤثرة في العقل الباطن للمتلقي يصعب معالجتها, لضعف قدرة الدفاعات في العمل الخيري, ولقلة الوعي الكافي بمدلول الخبر عند المتلقين, أكثر المتلقين.