السبت، يوليو 15، 2006

علموا أولادكم الكاروشي

علموا أولادكم «الكاروشي»
عبدالمنعم الحسين الحياة - 15/07/06//

المتابع لأخبار الصحف، يرى أخباراً عجباً من سلوكيات العامل السعودي، وتراجعاً لثقافة العمل الشريف بين صفوفه، وهي سلوكيات أبعد ما تكون عن مجتمعنا، يمارسها بعض الملتحقين بالوظائف، خصوصاً وظائف القطاع الخاص، من ذلك قصة الشاب الذي عمل سائقاً (في شركة نقليات كبيرة) وقرر ترك العمل، فترك شاحنة الشركة المحملة بالبضاعة على أحد الطرق السريعة، وتكرم بالاتصال بالشركة لأخذ شاحنتهم! شخصياً حضرت ملتقيين خاصين بيوم المهنة، وبالتحديد في معهد الإدارة العامة في المنطقة الشرقية، وكلاهما يناقش المشكلة ذاتها، وبعنوانين مختلفين الأول «ماذا يريد صاحب العمل من الموظف؟ وماذا يريد الموظف من صاحب العمل؟»، والآخر بعنوان: «أخلاقيات الوظيفة... واللقاء الأخير»، وبحكم النقاش المحتدم بين الحضور وبين أحد المتحدثين في اللقاء، وهو الكاتب والصحافي قينان الغامدي الذي تحدث في ورقته عن الجانب الإعلامي، ومسؤوليته في نشر ثقافة أخلاقيات المهنة، وخلص في ورقته إلى أهمية التأهيل الشامل للفرد قبل أن تقذف به المدارس والجامعات لسوق العمل. وحينما يكون الحديث عن «مشكلة متشعبة» الأسباب مثل هذه المشكلة، قد يصلح كل شيء ليكون سببا وليكون عرضا، وبالتالي تتعدد الاتهامات، ويتم تبادلها بين المناهج والمعلمين والمدارس والجامعات والتخصصات النظرية وتعليم اللغة الانكليزية، والإعلام، والأسرة، والمجتمع، والأنظمة والقوانين، ووزارة العمل، وسلسلة طويلة ممتدة من العناصر الضالعة في المشكلة والحل. في علم المشكلات قد تصنف هذه المشكلة على أنها أزمة، نظراً إلى الخسائر التي يتكبدها المجتمع من سلوكيات أفراده، فمهما يكن عند الشركات من قدرات، لا تستطيع تحمل تسيب موظفيها وعدم استقرارهم في وظائفهم، ولا تستطيع الإدارات الحكومية كذلك المضي في خططها وبرامجها، وتقديم خدمة لائقة بالمستفيد على عناصر خاملة، غير منتظمة في أوقاتها ولا انتظامها في الحضور... وتبرر لنفسها بتبريرات وحيل نفسية واستدلالات غير منطقية، مثل حارس مدرسة امتهن العمل بنقل الركاب taxi يترك المدرسة ويذهب في مهنته الأخرى، وحين يواجه بذلك يبرر بعبارة «العمل على قدر الأجرة» كناية عن أن ما يتقاضاه قليل .
هذه السلوكيات تكاد تكون شبه معدومة أو معدومة عند الدول ذات الثقافة التي تقدس العمل وقيم العمل، مثل اليابان التي انتشر فيها مصطلح الكاروشي، الذي يعني الموت بسبب العمل، ثقافة غريبة تجعل من الموظف لا يحرص على أخذ الإجازة من العمل، بل هو حريص على العمل أكثر، ثقافة تجعل الموظف لا يرغب في الاستئذان أو الترخص والهروب من العمل، ثقافة تحملهم على حب العمل أكثر، وحب الحضور الباكر، ومن العيب عندهم الانصراف قبل بقية الموظفين، أوقبل انتهاء ساعات العمل اليومية.

* عضو جمعية الإدارة.
تستطيع قراءة المقالة من جريدة الحياة :
http://www.daralhayat.com/arab_news/...d75/story.html

http://monem75.googlepages.com/
بإمكانك قراءة المقالات السابقة على عنوان الصفحة الشخصية ومنها إلى البلوغز