الجمعة، يناير 19، 2018

المؤسسة الخيرية والاستعداد المبكر لموسم رمضان


نشرت في موقع مداد الدولي المتخصص في أبحاث ودراسات العمل الخيري
انطلاقا من كون المؤسسات الخيرية، كغيرها من المؤسسات على اختلاف تنوعها ونشاطها وأهدافها بين حكومية وأهلية وقطاع خيري، يشكل البعد المالي عصبا مهما في تسيير أعمالها وتحقيق أهدافها المنشودة؛لذلك من المهم جدا وضع خطة مالية جيدة لاستغلال الموسم الأهم عند المسلمين، وهو موسم شهر رمضان المبارك، الذي تتحرك فيه النفوس بالعطاء والبذل؛ تأسيا بسنة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين يحدث عنه ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ حين يقول: "كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود الناس، كان أجود من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ـ عليه السلام ـ يدارسه القرآن". ورغبة في تحصيل مضاعفة الأجر، وتوقيت كثير من الموسرين إخراج زكاة أموالهم في شهر رمضان المبارك، كان ذلك أحرى بالمؤسسة أن تعمل خطة جيدة لتفعيل الموارد المالية في ذلك الشهر، وكما يقول بعض مديري المؤسسات الخيرية إن شهر رمضان شهر يغطي ميزانية سنة كاملة بكامل أنشطتها وبرامجها . حين تريد المؤسسة الخيرية أن تعمل شيئا تجتهد بشكل أو آخر، لكن في النهاية نرى أي عمل أحسن بالتأكيد من عدمه، لكن من المهم جدا عمل شيء ما، وينبغي أن يكون مختلفا؛ حتى يكون له أثره، ينبغي أن تعمل المؤسسة الخيرية فكرها في كيفية مخاطبة الشريحة المستهدفة،و أولى تلك الخطط هي تحديد الرقم المستهدف، ويكون واقعيا وطموحا و مقاسا بالنسبة لما تم تحصيله في العام الماضي. وأعجبني في لقاء بعدد من مديري المؤسسات الخيرية، وقد ذكر أحدهم أنه يعمل لتحصيل زيادة عما تم تحصيله في العام الماضي بنسبة 10 %، ولا شك أنها نسبة جيدة ومعقولة وطموحة، لكن ينبغي أن تكون للمؤسسة خطوات تعمل فيها ومن أجلها تساعد في تحقيق وتحصيل الموارد المخطط لتحصيلها . إن وسائل جمع التبرعات متنوعة وغير محدودة، لكن على المؤسسة أن تختار ما يناسبها؛ فقد يصلح لزيد ما لا يصلح لعمرو، ثم إنه من المناسب جدا الاستفادة من النجاحات التي تحققت يوما ما للمؤسسة، فإذا كانت المؤسسة مرت بتجربة معينة، مثل: نشر الحصالات، وناسب أن تقوم بتكرارها، فلا بأس، لكن من الجيد ـ أيضا ـ العمل بقانون باريتو: 80% من التبرعات تأتي من 20 % من المتبرعين، 80% من التبرعات تأتي لـ 20% من المشاريع، فيتم التركيز على نقاط القوة التي تميزت بها المؤسسة في الأعوام السابقة، وسعت لها ونجحت فيها وعرفت بها . ومن الضروري ـ أيضا ـ معرفة أنه لا يليق بالمؤسسة البدء في مخاطبة العملاء في شهر رمضان دون بناء علاقة سابقة طيلة الشهور السابقة، فأثناء الشهور التي تسبق رمضان يكون هناك تواصل وزيارات وتعريف وإعلانات وتغطيات وإهداءات مع العملاء، فإذا جاء موسم قطف الثمار يكون المتبرع قد توجه مباشرة للمؤسسة ليقدم أعلى حصة من تبرعاته لها؛ نتيجة الشحن والتعبئة التي تمت طيلة تلك الأشهر . من الجيد ـ كذلك ـ عدم إغفال عمل برامج جيدة أثناء الشهر، فذلك له تأثيره على المتبرعين الذين يحبون أن يقدموا تبرعهم لمؤسسة نشيطة، وأن تبرعاتهم ستدخل سريعا في نطاق التفعيل والاستفادة والاستثمار، وأنها لن تتوجه لزيادة رصيد المؤسسة المتخم دون تفعيل واستفادة. ومما يحسن ذكره في هذا المقام ـ أيضا ـ عمل التهاني والتبريكات بدخول الشهر مبكرا، ونشر الإعلانات للمؤسسة،وأن نتبنى روحا واحدة وفكرة ومضمونا يتكرر ويتقرر ويؤثر على عملاء المنظمة أو المؤسسة، وتكون نتيجته كسب عملاء جدد،و تحصيل تبرعات أكثر من المتبرع نفسه، وزيادة حصة المؤسسة من كعكة سوق التبرعات في موسم الخير الرمضاني. اللهم بارك لنا في أيامنا كلها، وسلمنا لرمضان، واجعل رمضان مباركا علينا جميعا ... آمين يارب العالمين .