الخميس، أكتوبر 24، 2013

مؤسسة السبيعي الخيرية وجائزة أفضل بيئة عمل


نشرت في موقع مداد 
http://www.medadcenter.com/articles/show.aspx?Id=332
حين فازت ـ مؤخرا ـ مؤسسة السبيعي الخيرية بجائزة أفضل بيئة عمل في القطاع غير الربحي، التي تقيمها جريدة الاقتصادية بشكل سنوي، غدا مما لا شك أن النظر في بيئات العمل في المؤسسات الخيرية يحتاج إلى إعادة تكوين، ونقطة تحدٍّ كبيرة جدا في آليات وبرامج ومستوى العمل الخيري، فبيئة العمل الجاذبة والقوية غير بيئة العمل الطاردة والمؤذية وقاتلة الإبداع والإنتاجية . ناقشت أحد العاملين في إحدى المؤسسات الخيرية عن بعض التعديلات المقترحة لتقييم فئات منسوبيها، فأجاب بأن أي تعديلات ستكون مزعجة جدا، وربما تتسبب في تسرب بعض العاملين، خاصة وأن بيئة العمل طاردة، وأن سبب وجود أغلب العاملين هو في الحقيقة لعدم توفر فرصة خارج تلك المنظمة . إن ما حققته مؤسسة السبيعي يشكل بعدا مختلفا بالتأكيد، خاصة وأن المؤسسة، وإن كانت غير ربحية، تعتبر من المؤسسات المانحة، التي لا تعاني ضغط التحصيل وجمع الموارد، لكن في النهاية هي مؤسسة غير ربحية، ومؤسسة خيرية استطاعت أن تنافس وتحقق ذلك المستوى. ويجب محاولة التعرف على معالم التميز التي تحققت فيها، والتي على إثرها تحقق لتلك المؤسسة ذلك التميز، الذي هو ـ بلا شك ـ، وكما عبر أمين عام المؤسسة (د. عادل السليم) في لقاء مع ذات الصحيفة حول الفوز، له آثار ومعاني على المدى القريب والبعيد. تابعت اللقاء، وبحثت، وحقيقة لم أقف تماما على المعايير التي تم على إثرها منح الجائزة لمؤسسة محمد وعبدالله السبيعي الخيرية، لكن بعض النقاط التي وردت في اللقاء ـ الذي أشرت له ـ يمكن لها أن تكوّن لنا صورة، ومن ذلك: 1- العناية بالموظف، والتعامل معه على أنه فرد من أفراد أسرة المؤسسة . 2- العناية بتطوير الموظف، خاصة في مجال الدورات التدريبية. 3- عمل استبانات قياس رضا المستفيد الداخلي، والتعرف على النقاط الأكثر رضا، والنقاط الأكثر استياء، وعمل خطة عمل لتعديل الممارسة . 4- تقصي مشاعر الموظف، ما يشعر به و يعبر عنه . 5- تطوير الكادر في الرواتب والمميزات والحوافز والهيكل الإداري، بما يحقق وضوحا في القوانين والضوابط والفرص . 6- وهناك نقطة مهمة جدا، وهي الأمان الوظيفي الذي يشعر به الموظف وأسرته . 7- أيضا عمل وسائل ترغيب للكفاءات، واستقطابها للعمل بالمؤسسة، سواء كانت كفاءات عاملة في مؤسسات قطاع خاص أو مؤسسات حكومية . 8- توفر بيئة متكاملة من التجهيزات والأدوات، بأناقتها وديكوراتها، ووسائل التبريد والتدفئة والتهوية، والإضاءة، والمكاتب، والمقاعد الصحية والنظيفة . 9- إتاحة الفرصة للمشاركة في اتخاذ القرارات داخل المؤسسة، والمشاركة في عضوية اللجان. 10- المشاركة الجماعية في صناعة الخطة الاستراتيجية، ووضع الرؤية والرسالة والأهداف، والمشاركة في اختيار الوسائل والبرامج التي تحقق رؤية المؤسسة . 11- المشاركة في اجتماعات المؤسسة الأسبوعية، ودراسات المشاريع التي ترعاها المؤسسة . 12- عمل وصف وظيفي، وصلاحيات ومهام، وأدوار عمل، لكل وظيفة ولكل فرد، وخطة نمو وظيفية واضحة . 13- هناك مراجعة دورية للخدمات والبيئة التي يعمل بها الموظف . 14- آلية حوافز مستمرة للموظف، وفرص ترقي، وفرص الحصول على مميزات وظيفية فارقة . 15- وجود بيئة اتصال سلسلة وسريعة، وتواصل شفاف وواضح، وتنافس شريف بين العاملين . تلك المعالم وغيرها هي حق مشاع وواضح، و يمكن الاستفادة منه وتطويره ومجاراته، لكن ينبغي أن يكون ذلك وفق خطة تطوير للعمل شاملة، تعنى بالبيئة، والعمليات، والمدخلات والمخرجات، والنتائج، والتعامل مع إنسانية الموظف، والعناية الفائقة باختياره، ووجود الحوافز الإيجابية، والرقابة التي تراقب أداءه، وتكفل تميزه وزيادة إنتاجيته، حيث إن بعض المؤسسات الخيرية لا يوجد بها نظام إجازات، وأنا أقترح شمول ذلك حتى للموظفين بالدوام الجزئي، سواء بالعلاوة أو بالإجازة المدفوعة بمعدل النصف من زميله موظف الدوام الكامل، و حتى لموظفي العقود المؤقتة؛ فبعض الموظفين، علاوة على تدني راتبه، لا توجد له فرصة عمل إضافي، و لا توجد له علاوة سنوية مبنية على الأداء والتقييم الوظيفي الفعلي وليس الروتيني الدوري. نحتاج لتطوير بيئات العمل في المؤسسات الخيرية؛ لتتحقق الإنتاجية العالية كما نطمح لها .

الخميس، أكتوبر 10، 2013

استراتيجية العمل التطوعي في المؤسسة الخيرية

نشرت في موقع مداد الدولي المتخصص في دراسات وأبحاث العمل الخيري
http://www.medadcenter.com/Articles/Show.aspx?Id=329
بكل وقار وابتسامة رائعة وادعة تقدم ـ بخطوات واثقة ـ ذلك الرجل الأسمر، الذي غزا الشيب شعرات وجهه ورأسه، تقدم عند الاستقبال في تلك المؤسسات الخيرية، وعرف بنفسه بأنه للتو قد أنهى حياته الوظيفية وتقاعد من عمله، وهو الآن متفرغ لأعمال أسرته، ومعجب بالمؤسسة وأعمالها، ويرغب في الإسهام التطوعي في أي عمل أو برنامج تحتاج له المؤسسة . استغرب موظف الاستقبال مِن طلب ذلك الرجل الكهل، ولم يحر جوابا؛ حيث تعود على استقبال التبرع والاستفسار عن المشاريع فقط، أما مسألة متطوع يتقدم لأجل الحصول على فرصة تطوعية داخل تلك المؤسسة فهو أمر غريب لم يألفه، فنادى مدير المؤسسة ليلتقي تلك الحالة ويجيب عليها، فما كان من مدير المؤسسة إلا الترحيب وحسن الاستقبال، وتحادث مع الضيف حديثا وديا، وشكره على مبادرته، ورحب به لكن بعبارة: "يمكنك ترك معلوماتك، وسنتصل بك عند أقرب فرصة"!! تلك الإجابة لم ترق لصاحبنا المتطوع، خاصة مع تعليقه: "مررت على أكثر من مؤسسة وإجابتهم نفس الإجابة، ولا أحد يتصل منهم؛ فهي شكل من أشكال الزحلقة والاعتذار" . تلك الحالة تتكرر في مؤسسات كثيرة حيث لا توجد استراتيجية استقطاب واضحة للمتطوعين ولا يوجد في نظامها أي شيء من هذا الباب ما يضيع على المؤسسة فرصا كثيرة في الاستفادة من المتطوعين والمتطوعات، وتوفير نفقات، واستفادة بعيدة المدى من استقطاب كفاءات للمؤسسة، وحفظ أوقات الشباب، وتوجيه طاقاتهم إيجابيا . ما بين الحالة الواقعية وما بين المأمول أن يكون توجد مسافة وتقاطعات تحتاج وقفة مصارحة: ما الذي يجعل المؤسسة لا ترحب بالمتطوعين؟! هناك إجابات متفاوتة تدور حول الآتي : - عدم انتظام من المتطوع. - لا يمكن الاعتماد عليه. - قد لا يكون جيدا في تمثيل المنظمة. - قد لا يكون جاهزا لأداء المهام الموكلة له. - مجهول أو مريب بالنسبة للمؤسسة؛ فتتوجس منه . وأحيانا تكون هناك ارتباكات في المؤسسة في علاقاتها بالمتطوع من حيث : - هل تصرف له مكافأة أو لا؟ - هل تخصص له مكانا أو لا؟ - هل تسمح له بالاستفادة من مرافق المنظمة وأدواتها أو لا؟ - هل تسند له أعمالا أو لا؟ - هل تثق في المستندات والفواتير التي يجلبها المتطوع؟ - هل تجعل المتطوع في مكان الصدارة في الأركان والمعارض التي تمثل مؤسستك؟ ولأجل بيئة مثلى للعمل التطوعي داخل المنظمة أو المؤسسة ينبغي ـ وفورا ـ أن تضع المؤسسة الخيرية نصب عينيها هذا المتغير الجديد، وهو التوسع في البرامج التطوعية، واستيعاب الفرق التطوعية، بحيث تعمل وفق آلية متطورة نسميها بالاستراتيجية : - تخصيص قسم لشؤون المتطوعين، أو على الأقل لجنة، أو إضافة أعمال التطوع لموظف حالي، بالإضافة إلى مهامه . - طلب خطة عمل بميزانية ببرامج وأنشطة تعنى بالمتطوعين. - جمع أكبر قاعدة بيانات للمتطوعين. - نشر الفرص التطوعية المتاحة بالمؤسسة، وحجمها، ومدتها. - تخصيص برامج تدريبية للمتطوعين يمكن من خلالها تدريب المتطوع، واللقاء به، والتعرف عليه، واختيار الأنسب للمشاركة في البرامج التي تنفذها المؤسسة. - ترخيص عمل المتطوع، وصرف بطاقات تعريفية مؤقتة بتاريخ نهاية، يفضل في البداية أن يكون 6 أشهر . - تخصيص ميزانية لتلك البرامج الممتدة خلال السنة. - الحضور في الإعلام الجديد والإعلام النمطي بمناشط التطوع. - تخصيص مكان لاستقبال المتطوع، أو يمكنه من خلاله ممارسة نشاطه التطوعي. - التنبه لإضافة عنصر حوافز للمتطوعين. - إضافة عنصر المواد الإثرائية والبرامج الترفيهية للمتطوعين. - تخصيص لقاءات واجتماعات مع المتطوعين لأخذ رغباتهم، وحل ما يعترضهم من مشكلات . - تكريم المتطوعين بصفة دورية . - التنسيق مع المؤسسات الأخرى في الاستفادة من خدمات المتطوعين في كل مؤسسة . - النظر بجدية للتوسع في استقطاب المتطوع، ثم تطوير النشاط إلى قسم أو مركز عمل تطوعي، يستفيد من خبرات المتخصصين في العمل التطوعي محليا وإقليميا، ويصرف على المشروع بسخاء لمردوده التنموي على المجتمع . تلك القضية الملحة أتمنى أن تكون انطلاقة أعمال خطط وبرامج المؤسسات لبداية عمل تطوعي، أو لتطوير عمل تطوعي واستراتيجية عمل تطوعي خاصة، ونحن على مشارف عام هجري جديد، وغالب مؤسساتنا تعمل بالخطط السنوية الهجرية .