الخميس، أكتوبر 10، 2013

استراتيجية العمل التطوعي في المؤسسة الخيرية

نشرت في موقع مداد الدولي المتخصص في دراسات وأبحاث العمل الخيري
http://www.medadcenter.com/Articles/Show.aspx?Id=329
بكل وقار وابتسامة رائعة وادعة تقدم ـ بخطوات واثقة ـ ذلك الرجل الأسمر، الذي غزا الشيب شعرات وجهه ورأسه، تقدم عند الاستقبال في تلك المؤسسات الخيرية، وعرف بنفسه بأنه للتو قد أنهى حياته الوظيفية وتقاعد من عمله، وهو الآن متفرغ لأعمال أسرته، ومعجب بالمؤسسة وأعمالها، ويرغب في الإسهام التطوعي في أي عمل أو برنامج تحتاج له المؤسسة . استغرب موظف الاستقبال مِن طلب ذلك الرجل الكهل، ولم يحر جوابا؛ حيث تعود على استقبال التبرع والاستفسار عن المشاريع فقط، أما مسألة متطوع يتقدم لأجل الحصول على فرصة تطوعية داخل تلك المؤسسة فهو أمر غريب لم يألفه، فنادى مدير المؤسسة ليلتقي تلك الحالة ويجيب عليها، فما كان من مدير المؤسسة إلا الترحيب وحسن الاستقبال، وتحادث مع الضيف حديثا وديا، وشكره على مبادرته، ورحب به لكن بعبارة: "يمكنك ترك معلوماتك، وسنتصل بك عند أقرب فرصة"!! تلك الإجابة لم ترق لصاحبنا المتطوع، خاصة مع تعليقه: "مررت على أكثر من مؤسسة وإجابتهم نفس الإجابة، ولا أحد يتصل منهم؛ فهي شكل من أشكال الزحلقة والاعتذار" . تلك الحالة تتكرر في مؤسسات كثيرة حيث لا توجد استراتيجية استقطاب واضحة للمتطوعين ولا يوجد في نظامها أي شيء من هذا الباب ما يضيع على المؤسسة فرصا كثيرة في الاستفادة من المتطوعين والمتطوعات، وتوفير نفقات، واستفادة بعيدة المدى من استقطاب كفاءات للمؤسسة، وحفظ أوقات الشباب، وتوجيه طاقاتهم إيجابيا . ما بين الحالة الواقعية وما بين المأمول أن يكون توجد مسافة وتقاطعات تحتاج وقفة مصارحة: ما الذي يجعل المؤسسة لا ترحب بالمتطوعين؟! هناك إجابات متفاوتة تدور حول الآتي : - عدم انتظام من المتطوع. - لا يمكن الاعتماد عليه. - قد لا يكون جيدا في تمثيل المنظمة. - قد لا يكون جاهزا لأداء المهام الموكلة له. - مجهول أو مريب بالنسبة للمؤسسة؛ فتتوجس منه . وأحيانا تكون هناك ارتباكات في المؤسسة في علاقاتها بالمتطوع من حيث : - هل تصرف له مكافأة أو لا؟ - هل تخصص له مكانا أو لا؟ - هل تسمح له بالاستفادة من مرافق المنظمة وأدواتها أو لا؟ - هل تسند له أعمالا أو لا؟ - هل تثق في المستندات والفواتير التي يجلبها المتطوع؟ - هل تجعل المتطوع في مكان الصدارة في الأركان والمعارض التي تمثل مؤسستك؟ ولأجل بيئة مثلى للعمل التطوعي داخل المنظمة أو المؤسسة ينبغي ـ وفورا ـ أن تضع المؤسسة الخيرية نصب عينيها هذا المتغير الجديد، وهو التوسع في البرامج التطوعية، واستيعاب الفرق التطوعية، بحيث تعمل وفق آلية متطورة نسميها بالاستراتيجية : - تخصيص قسم لشؤون المتطوعين، أو على الأقل لجنة، أو إضافة أعمال التطوع لموظف حالي، بالإضافة إلى مهامه . - طلب خطة عمل بميزانية ببرامج وأنشطة تعنى بالمتطوعين. - جمع أكبر قاعدة بيانات للمتطوعين. - نشر الفرص التطوعية المتاحة بالمؤسسة، وحجمها، ومدتها. - تخصيص برامج تدريبية للمتطوعين يمكن من خلالها تدريب المتطوع، واللقاء به، والتعرف عليه، واختيار الأنسب للمشاركة في البرامج التي تنفذها المؤسسة. - ترخيص عمل المتطوع، وصرف بطاقات تعريفية مؤقتة بتاريخ نهاية، يفضل في البداية أن يكون 6 أشهر . - تخصيص ميزانية لتلك البرامج الممتدة خلال السنة. - الحضور في الإعلام الجديد والإعلام النمطي بمناشط التطوع. - تخصيص مكان لاستقبال المتطوع، أو يمكنه من خلاله ممارسة نشاطه التطوعي. - التنبه لإضافة عنصر حوافز للمتطوعين. - إضافة عنصر المواد الإثرائية والبرامج الترفيهية للمتطوعين. - تخصيص لقاءات واجتماعات مع المتطوعين لأخذ رغباتهم، وحل ما يعترضهم من مشكلات . - تكريم المتطوعين بصفة دورية . - التنسيق مع المؤسسات الأخرى في الاستفادة من خدمات المتطوعين في كل مؤسسة . - النظر بجدية للتوسع في استقطاب المتطوع، ثم تطوير النشاط إلى قسم أو مركز عمل تطوعي، يستفيد من خبرات المتخصصين في العمل التطوعي محليا وإقليميا، ويصرف على المشروع بسخاء لمردوده التنموي على المجتمع . تلك القضية الملحة أتمنى أن تكون انطلاقة أعمال خطط وبرامج المؤسسات لبداية عمل تطوعي، أو لتطوير عمل تطوعي واستراتيجية عمل تطوعي خاصة، ونحن على مشارف عام هجري جديد، وغالب مؤسساتنا تعمل بالخطط السنوية الهجرية .