الاثنين، أغسطس 20، 2007

احترس أمامك إعلان

احترس أمامك إعلان

عبد المنعم الحسين الحياة - 20/08/07//

ضوابط الإعلان التي وضعت من الجهات المراقبة من حيث المحتوى والفكرة وطريقة العرض، تكسرت وتحطمت مع موجة إعلانات تبث على الرّائي والراديو، وعلى صفحات الصحف اليومية والمجلات ولوحات الطرق، التسامح والتغاضي عن لغة الإعلان وتجاوزتها والمستحضرات التي يعلن عنها بات واضحاً لكل متابع، ففي السابق ربما كانت شوارعنا نظيفة وعفيفة من تلك الإعلانات الخادشة للحياء... فيخبرني صديقي سعد أنه أحرج كثيراً في سفرته في الصيف مع أولاده إلى لبنان من صور الإعلانات في الشوارع العامة، إذ الإعلان بالصورة الكاملة وبالألوان وتبقى المساحة المغطاة من الجسد محدودة، ويكمل سعد أن أكثر ما يوقعه في الحرج سؤال أحد الأولاد بكل براءة: بابا ما هذا وكيف ولماذا؟
الموضوع ساخن ويحرج حتى الزوجين أمام بعضهما البعض في لغته وشكله ومعلوماته، ما بودّ كل منهما أن يرى أحد هذه الإعلانات منفرداً حتى لا يعيش لحظات الحرج مع أقرب طرف وهو الزوج أو الزوجة، لكن الطمع والجشع وروح العولمة بعثت لنا بالإعلانات نفسها وطريقتها المقبولة في الغرب إلى الداخل، فإعلانات للشامبو تسمح بظهور امرأة عارية من خلف زجاج مثلّج بدورات المياه، أو إعلان لملطف رائحة العرق، أو عطر يجعل من مجموعة نساء يجرين خلف شاب لأجل أنه وضع من منتج ملطف الرائحة إياه أو العطر الجذاب الذي حمل كل نساء الشارع على التوجه نحوه بقوة مغناطيس العطر الفواح. ومشاكسة مخرجي تلك الإعلانات وعبث الكاميرا والتقنيات المستخدمة ومساحة إبداع أكثر من خلاّق يأتي بأفكار شيطانية لتسويق تلك المنتجات.
في صبيحة اليوم التالي للعرض يتقابل الموظفون بتعليقاتهم على ذلك الإعلان أو تلك الدعاية التي جاءت مولّدة لفكرة جديدة مثل إعلانات الحبوب المنشّطة وحبوب علاجات اختلال الوظائف الزوجية التي تصوّر مسامير تنحني مع الضرب بالمطرقة، ومع تلك الحبات السحرية تستطيع تلك المسامير اختراق الجدران... تلك الإعلانات تأتي وسط برامج عادية ومن دون أي تحذير مسبق مثل «احترس أمامك إعلان» أو كما يقال تبث في قنوات الأسرة وليست البرامج فوق سن ثماني عشرة أو أقل، بل هي مشاهدة لكل أفراد الأسرة، وبكل براءة سيسأل الأطفال الصغار عن تلك المشاهد ومغزاها وما تلك المنتجات الغريبة وأحيانا يقولون «اشتر لنا يا بابا!
أحد رسامي الكاريكاتير صور لوحة تعبيرية عن أسرة جالسة تتابع أحد البرامج، وفور مجيء وقت الإعلان يقفز لأعين الأطفال ويغمها خوفاً عليهم من مشاهد الإعلانات الخادشة للحياء، لكن ما العمل مع إعلانات على صفحات الصحف التي تدخل المنزل يومياً أو بإعلانات توضع على لوحات الشوارع مع صورة الحبة فقط وبعبارات خادشة للحياء، وكأن الحال وصلت إلى شكل استفزازي لا يراعي حتى القوانين التي تمنع الإعلانات عن الأدوية مهما كانت وليست المنشطات أو ما شابهه، والحال هو استجابة كبيرة من الأطفال لتلك الإعلانات، بدليل ما تحدث به أحد الصيدليين بأن أكثر من يشترون تلك المنتجات هم من فئة الشباب صغار السن للتجربة والفضول، ومن دون استشارات طبية ربما ألحقت بهم الضرر حالاً أو مستقبلاً.
أتذكر تماماً أنني عثرت على منتج من تلك المنتجات في سترة طالب في مرحلة متوسطة أثناء جولة تفتيشية مفاجئة، وحين سُئل أجاب بإجابات مختلفة مرتبكة تضع علامة استفهام بحجم السبورة التي في الصف، إحدى الصيدليات التي نشتري منها الأدوية نسيت كل الأدوية التي تبيعها واهتمت بوضع إعلان على أكياسها عن منتج من تلك المنتجات وبعبارات ورسومات مثيرة للفضول، ونحن نحمل تلك الأكياس إلى منازلنا، فهل نخبئها أم نتعامل معها بلامبالاة، هل نرمي بها قبل الدخول للمنزل. إنها مشكلة حين يمتد العبث الإعلاني المتهور ليتجاوز المثل والآداب ليرمي بإعلانات المنتجات المشبوهة على السيارات وتحت الأبواب بشكل محرج للغاية مع وقوع تلك الإعلانات في أيدي الفتيات الصغيرات للأسف، أيضاً العبث تجاوز كل الجدران النارية التي افترضناها لتصل لي رسالة على جوالي من رقم من أرقام الخطوط الدولية الساخنة بعبارات خليعة وماجنة ربما وصلت مثلها على جوال صغيري «عبد العزيز» لأنها هوجاء تنفث سمها ولا تدري أين تضع رحالها أم قشعم؟

السبت، أغسطس 18، 2007

لست كيسا بلاستيكيا

لستُ كيساً بلاستيكياً

عبدالمنعم الحسين الحياة - 18/08/07//

ندور ونلف بعربات التسوق التي ربما لا تكفيك أحياناً سلة واحدة أثناء التسوق بين ممرات «السوبر ماركت» ومعك الزوجة والأطفال الصغار وهم يمارسون لعبة الاختيارات من الأطعمة والمشروبات وغيرها وكأنها مسابقة من مسابقات «تلي ماتش»... فالزوجة تضع وأنت تضع والأطفال يضعون في السلة أو السلات بموجة كرم حاتمية في التبضع لا حدود لها، خصوصاً مع وجود بطاقة ائتمان صرفت حديثاً من البنك، إضافة إلى وجود سحوبات وجوائز وهدايا على مشترياتك حال وصولها إلى رقم معين لقيمة المشتروات، وأنت تنتظم في الصف الطويل بانتظار وصولك للمحاسب وبجانبه العامل الذي يجمع المشتريات ليضعها في أكياس بلاستيكية بحسب مجموعاتها وموسيقى التعرف على المشتريات وحساب قيمتها من الآلة تطن وبسرعة ومهارة الكاشير، وتدفع المطلوب ثم تدفع كل تلك العربة التي تحوي ما لا يقل عن 20 كيساً بلاستيكياً للمحل تذهب بها للمنزل ثم يكون مآلها إلى سلة المهملات والنفايات لتأخذ طريقها بعد ذلك إلى منظومة التخلص من المخلفات بالطريقة المعتادة غالباً وهي الحرق، فتتحول تلك الأكياس إلى مارد ضخم وهائل الحجم يخيف المراقبين له ولو من أماكن بعيدة، لسواده ورائحته المميزة الخانقة والسامة والتي تنشر مواد ضارة بالبيئة ومسرطنة كما بينت ذلك الأبحاث التي دلت على أن هذه الأكياس البلاستيكية يمتد ضررها إلى الحيوانات والطيور، إذ وجدت بقايا مواد بلاستيكية في أحشاء تلك الحيوانات النافقة، فكل تلك الأكياس تتحول بقدرة قادر إلى خطر يهدد حياتنا وصحتنا وسلامة بيئتنا!
الرجال الخضر والنساء الخضراوات أعضاء جمعية البيئة ومكافحة التلوث، يرون خطراً محدقاً بنا من هذه الأكياس، ونجحت نداءاتهم في الخارج في لفت الأنظار إلى خطرها، خصوصاً إذا ما عرفنا الكمية الضخمة من الأكياس البلاستيكية التي تستهلك عالمياً، فدولة مثل الصين الشعبية تستهلك 50 بليون كيس بلاستيكي في متاجرها سنوياً، بينما ينخفض هذا الرقم في الدول الأقل تعداداً سكانياً والأقل استهلاكاً للسلع والبضائع. وبالنسبة إلينا فإن كمية استخدامنا للأكياس البلاستيكية مهول، ويجب أن نبدأ ولو على مستوى فردي في التقليل من هذا الخطر بخطوات عملية وليس فقط بالمشاعر أو التباكي، فالمسألة أصبحت جدية ولم تعد لعباً وهي مسألة حياة أو موت بالسرطانات، ما يعني ببساطة أننا ننتحر، أو نموت موتاً بطيئاً بهذه الأكياس التي نفرح بأشكالها وأحجامها وما تقدمه لنا من سهولة حمل البضائع وحفظها
!
في اليابان وفرنسا انطلقت إشارات تحذيرية من حفظ المواد الغذائية في الأكياس البلاستيكية، بل حتى الماء سواء مع الحرارة أو في الوضع المعتاد يتأثر بحفظه في قوارير وعبوات بلاستيكية، حتى أصبحت شركات الألبان في فرنسا تضع الحليب في عبوات كرتونية وليست بلاستيكية، وهو ما تأخذ به بعض شركات الألبان المحلية هنا الآن... أما في سنغافورة وبعد أن لاحظوا أن معدل استهلاك الفرد بلغ أكثر من 625 كيساً سنوياً بادروا إلى إطلاق حملة بعنوان « أحضر حقيبتك معك»، شاركت= فيها أكثر من 200 متجر لحث الناس على إحضار أكياس خاصة بهم أثناء التبضع بدل استخدام تلك الأكياس البلاستيكية الضارة بالإنسان والبيئة من حوله.
إحدى الشركات وضعت زيادة في سعر الكيس البلاستيكي كعقوبة على من لم يحضر كيسه أو حقيبته معه، تصل الزيادة إلى يورو أوروبي أي قرابة خمسة ريالات، مع شعار حملة غريب نوعاً ما يقول «أنا لست كيساً بلاستيكياً»، كإشارة إلى كثرة تلك الأكياس من حولنا حتى لتكاد تلفنا وتكيسنا، ولعل هناك بدائل غير الأكياس البلاستيكية مثل الورقية التي نسميها «قرطاساً» التي تتحلل بسهولة وكذلك الأكياس القماشية
.
سعدت صراحة بأن العولمة بدأت تأتي بثمار طيبة على مجتمعنا، وإن كان تأثيرها محدوداً وبطيئاً علينا، وإذ شاهدت في الأسبوع الماضي إعلاناً لمتجر من متاجر التسوق الضخمة عندنا يعلن عن توفيره لأكياس قابلة للاستخدام المتكرر بمعدل ست مرات تقريباً، ويحث الزبائن على استعمالها وإحضارها معهم مع وصولهم لمتجر التسوق... إنه شيء جميل أن تتوجه المتاجر الكبيرة إلى مفاهيم المصلحة العامة والحفاظ على الصحة، وأجمل من ذلك أن نتجاوب معها ونتعاون في الحفاظ على البيئة من حولنا ولو بمحاربة الاستهلاك المتنامي للأكياس البلاستيكية


.

الثلاثاء، أغسطس 14، 2007

مرحبا بغرامات المياه

مرحباً بغرامات المياه!
عبدالمنعم الحسين جريدةالحياة - 13/08/07//

بلاد صحراوية، المطر فيها نادر وقليل، ومعدل استهلاك الماء بالنسبة للأفراد عالٍ جداً ولا يتناسب أبداً مع بلد معرض للتصحر، ومعرض للجفاف، والسكّان فيه يستهلكون المياه من دون تنبه لمشكلة قلة مصادرها التي تعاني منها البلاد... ومحطات التحلية التي أصبحنا بها أعلى بلد منتج للمياه المحلاة في العالم، لم تعد تفي بحاجات الناس، ففي كل صيف تتكرر أخبار انقطاع إمدادات المياه هنا وهناك، ما سبب ظاهرة ازدحام المصطفين لأخذ دورهم من ناقلات المياه «وايتات» ونشوء سوق سوداء للحاويات المائية، وتصريحات مسؤولين مطمئنة رطبة تأتي كحبات العرق التي تسيل على وجوه المزدحمين تحت شمس شهر آب (أغسطس) الحارقة، تتجمع وتسيل ولا توفر حلاً لمشكلة نقص الماء في أجواء الحرارة اللاهبة.
حملة الترشيد التي قادتها وزارة المياه كلّفت الكثير وقدّمت للمرة الأولى برنامجاً عملياً احتوى أدوات ترشيد صنعت خصيصاً للحملة، المؤمّل أنها حققت شيئاً وأثراً، وليست كباقي الحملات التي تقتصر على التوعية.
لكن الاحتقان لا يزال موجوداً يشوب أداء الوزارة، خصوصاً في مجال توفير المياه، المهمة المطلوبة منها قبل التوعية كما علّق أحدهم: إنّ انطلاقة حملة الترشيد جاءت باكرة واستباقاً لوصول المياه إلى أحياء تنتظرها سواء كانت محلاة أو غير محلاة، فسكان هذه الأحياء تعبوا وأضناهم التعب من ملاحقة حاويات المياه التي ترتفع أسعارها ارتفاعاً حاداً مع تعطّل وصول الإمدادات.
ولا زلت أتذكّر حال الحنق الحادة جداً إبان شهر رمضان الماضي مع انقطاع المياه وتحوّل الحي لزاوية من زوايا الربع الخالي، ثم يأتي التبرير بأن المشكلة مجرد انقطاع أنبوب لا أقل ولا أكثر، أتذكر أني شاهدت من بعيد شبح سيارة من السيارات التي تنقل المياه إياها فتوجهت إلى مكانه لعلّ يتبقى بعد ملء خزان ذلك المنزل منه شيء، وبعد انتظار طويل تبقى معه شيء، فطلبت منه أن ينتقل لمنزلي فاعتذر بأن هناك حجوزات تنتظر باقي الكمية، وأن السبيل السريع هو ملء خزان مياه الشرب واستعماله للوضوء والطهارة والغسيل... إلخ!
ذلك الموقف ومواقف شبيهة كافية وبشدة لشعورنا وإحساسنا بضخامة المشكلة، لكن ماذا نعمل مع أناس متى ما عاد الماء يتدفق في منازلهم نسوا معاناة الانقطاع وعادوا لممارسات مستهترة جداً بترك الماء يتدفق بغزارة من الصنبور ليذهب هدراً لا لسبب ولكن لأن رقاق البشرة لا يحتملون حرارة الماء فيتركونه متدفقاً بكثافة لكي يصل إلى الماء المعتدل الحرارة، ومثله في الشتاء يهدر الماء بالطريقة نفسها في انتظار تدفق الماء الدافئ الذي يتأخر من السخان المركزي البعيد.
هكذا نحن ربما لا نفهم لغة التوعية ولا ندري بالضبط إلى أي مدى استجاب الناس لتركيب تلك الأدوات المرشدة لاستهلاك المياه في منازلهم، وماذا عن استهلاك المياه في الأماكن العامة، مثل دورات مياه المساجد والمدارس والعمالة السائبة التي تملأ سطولها بالماء العام وتتكسب بغسل السيارات... ولا ندري عن التسربات التي تكون من الأنابيب في باطن الأرض وداخل المنازل والمحابس غير المُحكمَة، وهناك حكاية طويلة اسمها المسابح في الاستراحات والمنازل التي تملأ وتفرّغ ولا تستخدم معها المرشحات الحديثة وإنما كل مرة ماء جديد مستهلك.
سعدنا هذا العام بخطوة فرض الغرامات على المنازل التي تهدر الماء متدفقاً من أسفل الأبواب نتيجة طريقة خاطئة في الاستهلاك، ومثل ذلك على مغاسل السيارات، وكنتيجة واضحة حتى الآن يمر هذا الصيف متجاوزاً نصفه والماء لم ينقطع ولا ليوم واحد بعكس الأعوام السابقة.
نريد استمرار تلك المتابعة والغرامات وفرض زيادة في أسعار الفواتير على الاستهلاك العالي - وليس الكل - فليس الماء بأقل أهمّية من ثرثرة الثرثارين في الجوّالات حتى تكون فاتورة المياه هي أقل فاتورة مدفوعات عند من لم تنفع معه كل أساليب التوعية، خصوصاً مع المنازل التي تكون بها مدبّرة منزل أو أكثر، إذ يكون هدر الماء ملازماً لعمليات التنظيف والجلي اليومي للأثاث وردهات المنازل الممتدة استغلالاً لوجود الخادمة وعدم جلوسها من دون عمل، وليذهب الماء حيث لا يعود.

السبت، أغسطس 11، 2007

النادي الأدبي في الأحساء

النادي الأدبي في الأحساء

عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 11/08/07//

لا أظن أن أحداً يختلف على أن أداء النوادي الأدبية في المملكة لا يرقى لتحقيق طموحات المستفيدين والمهتمين إلا ما ندر، بل الكل يشكو ويتذمر وينتقد اختيار الأعضاء ويتهمهم بالشللية أو الفرقة أو غيرها وينتقد الأداء، وأظن أن مشكلة النادي الأدبي تشبه تماماً مشكلة كل مؤسسة يتولاها متخصصون في فن معين من دون خبرات إدارية، فالمشكلة تكمن - كما تقول نظريات الجودة - في الإدارة، لا أقصد الأعضاء وإنما الممارسات الإدارية التي يمارسها منسوبو الإدارة، ففرق أن تكون عالماً وأن تدير مؤسسة علمية... إذن نحتاج لمتخصصين أو عارفين بمهارات إدارية لإدارة الخدمة والتخصص أكثر من حاجتنا لفنيين ماهرين ولعل المشاهد لمشاريع تجارية وليس خيرية أو اجتماعية فقط لما تقع تحت إدارة غير خبيرة بأصول فنون القيادة والإدارة الحديثة من أخطاء كبيرة وربما خسائر مهما كان أفراد العمل نفسه خبراء في العمل والمهنة والحرفة ويتفوقون على أقرانهم بمراحل في الفن (مربط الفرس أو بيت القصيد).
إذن، لنحاول مساعدة أعضاء النادي الأدبي المرشحين من الوزارة ونقدم لهم في البداية تهانينا بهذا الترشيح، ونكاد نجمع على استحقاق جميع المرشحين لأن يكونوا أعضاء في النادي الأدبي الإحسائي، ونهنئ الوزارة على الخلطة التي شكلت بها أعضاء إدارة النادي والتي أرضت بها كل الأطياف.
ما الذي نأمله من النادي الأدبي؟ سؤال كبير يجب أن يبدأ الأعضاء بعد اتفاقهم على التشكيل الإداري بهذا السؤال والبحث عن إجابة عليه، ويجب كذلك أن يعملوا بالمقارنة المرجعية فينظروا في أفضل أداء قائم من الأندية الأدبية وكذلك جمعية الثقافة والفنون والتنسيق معهم على عدم التكرار والدخول في ساحات بعضهم البعض، مع مشاهدة الممارسات خارج البلد لأنشطة شبيهة ومحاكاتها والتفوق عليها والاستئناس بالمجالس الأدبية القائمة أو التي توقفت بسبب أو آخر والاتصال بروادها لمعرفة ماذا يريدون من النادي الأدبي الجديد؟
أتمنى حقيقة أن يعمل المرشحون على وضع صورة مثالية تتشكل من تطلعات المستفيدين مهما كانت طموحة، ثم السعي لتحقيقها أو جزء منها في الدورة الحياتية للمجلس وأعضائه بخطة مدروسة، وبدوري سأرسم لوحة تعبيرية للنادي الأدبي في الأحساء تعبر عن أملنا فيه، سأذكرها على علاتها سريعة غير مرتبة تماماً كمن يصف طريقاً في تلك المدينة المتاهة غير المخططة تخطيطاً جيداً فأقول: آمل أن يحتوي النشاط على أمسيات شعرية لكبار الشعراء ومحاضرات مجدولة لرواد الأدب على كل أطيافه من قصة وشعر ومقال وتأليف وخطابة وإلقاء وتعبير وتدوين... إلخ، وأن يستضيفوا المواهب حتى الأجنبية منها، ولا أقول الخليجية والعربية، وكذلك عمل المعارض والمشاركة في المناسبات والأسابيع، آمل أن يشمل النشاط الجنسين والاتصال بكل المنتجين في المحافظة ودعوتهم للحضور والمشاركة والسماع منهم مهما كانوا غير راضين ومختلفين، وعدم الخلط بين الخلافات الشخصية والتاريخية وبين احترام الآخر وما عنده، فالخلاف لا يفسد للأدب أي قضية ولنكن مؤدبين في مظلة الأدب ومؤسسته، والعمل على خدمة المبدعين وتقديمهم والاعتراف بهم، وعمل قواعد بيانات لهم وتقديم مشاريع منوعة تسهم في حفزهم واستمرارهم، وعمل دورات تدريبية مجانية أو مدفوعة، يكون هناك موقع الكتروني خاص بالنادي على الشبكة العنكبوتية تنقل فيه المناشط ويكون به أرشيف لها، ويعرف من خلاله أخبار النادي، إصدارات متوالية تقوم على قواعد معروفة ومعلنة ومقننة في الاختيار والطباعة والتوزيع الشامل الذي يقوم على مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة، كما يترفع كل الأعضاء المرشحين عن طباعة منتجاتهم واستغلال مواقعهم! أتمنى أن يحوي النادي مكتبة أدبية سمعية وبصرية والكترونية لمواد أدبية منوعة.
آمل من النادي الانفتاح وعدم الانغلاق على نفسه بل الاتصال بالمؤسسات الحكومية والأهلية والتجارية والخيرية والاجتماعية والنوادي الرياضية القائمة وبحث سبل التعاون معهم، ومن أهم النقاط البداية بما انتهى به الآخرون، مثل الاستفادة من قاعدة بيانات مركز الحوار الوطني للمثقفين وعمل إصدارة موسوعية سنوية شبيهة بموسوعة البابطين وغيرها من المؤسسات المماثلة. هذا ما تبرع الفكر به... آمل من الأعضاء الاستماع لبقية وجهات نظر المهتمين الآخرين.

الثلاثاء، أغسطس 07، 2007

حين ترقص نانسي في كفك!


عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 07/08/07//
سرعة تطوّر تقنيات الاتصال والسباق المحموم بين تقديم خدمات أكثر وبأسعار أقل يجعل التنافس الحاد بين شركتي الاتصالات في السعودية تسارعان إلى توفير خدمات متطورة ضمن تطبيقات تقنيات الجيل الثالث للجوال، ومع توافر أجهزة محمولة حديثة تحمل تقنيات متقدمة جداً تتعامل مع تلك الخدمات وتتعامل معها.
للأسف حتى الآن لا زالت الشركتان تقدمان خدمات من دون المستوى المأمول من حيث جودتها، فالمكالمات متقطعة والإرسال ضعيف والتغطية محدودة وغير كافية... وهيئة اتصالات نائمة ربما تظن أن دورها فقط ينحصر في منح رخص لشركات الاتصالات من دون مراقبة أداء هذه الشركات، خصوصاً في مجال مصلحة المستهلك المسكين، خصوصاً في مجال الانترنت وخطوط الانترنت العريضة.
الأسبوع الماضي قدمت إحدى الشركتين عرضاً جديداً يسمح بمشاهدة لمحطات تلفزيون فضائية تبث بثاً حياً على الهواء مباشرة طيلة ساعات اليوم، وذلك بمبلغ محدد وفي متناول الجميع... تغير مفاجئ في لعبة السوق، إذ سيسمح النظام الجديد للمراهقين والمراهقات بحمل شاشاتهم معهم في كل مكان، وتسمح لقليلي الذوق بفتح شاشات التلفزيون التي ستعمل بالصوت والصورة على كل ما تبثه تلك المحطات من دون قيمة عالية وبكل سخافة في أي مكان من مكاتب العمل أو مقاعد الدراسة أو حتى أماكن العبادة وستطل «الأبلة» الجديدة (نانسي عجرم) وأخواتها بكل حشمة واتزان بأغانٍ ورقصات في قاعات التربية والتعليم، ولكن هذه المرة في شاشة الجوال الصغيرة، لتظل تغني وترقص في كفك وبين يديك وهاك يا «شخبط شخابيط»!
من سيضبط الانفلات المتوقع من فتح شاشات التلفزيون في تلك الأجهزة التي تستغل خدماتها وتطبيقاتها كافة أسوأ استخدام لتجعل من تلك الخدمة باباً جديداً لهزة مقبلة في أوساط الشباب، الذين صاروا يرضعون الثقافة والتربية ليس من أمهاتهم وإنما من عيون متسمرة جفت واحمرت من التطلع والبحلقة في شاشات الجوالات، وتحرمهم من نومهم حتى ساعات متأخرة من الليل، وآذانهم صماء بسماعات «البلوتوث» وسماعات أجهزة لاعب التسجيل الحديثة (ipod) وما على شاكلتها.
الأولاد باتوا لا يلتقون آباءهم ولا يجتمعون معهم، فغابت كل معاني الروابط الأسرية مع استغراق كبير في مشاهدة شاشات الفضائيات والانترنت في غرفهم الخاصة، حتى أبدع أحد رسامي الكاريكاتير في رسمة معبرة جميلة، صوّر فيها حال أحد الآباء حين أراد أن ينادي ابنه القابع في غرفته في المنزل، ويرسل رسالة بريد الكتروني عبر برنامج «الماسنجر» يترجاه فيها أن ينزل ليتناول الغداء معهم!
النظريات التربوية تؤكد على ضرورة مراقبة مشاهدة الأولاد للتلفاز، وتوصي بعدم مشاهدة الأولاد لشاشات التلفزيون بأكثر من ساعتين في اليوم لما تسببه لهم من أضرار صحية وبلادة ذهنية... لكن هذه المرة سنسلم هؤلاء الأولاد الصغار ومتأخري المراهقة ليحملوا تلك الأجهزة المحمولة في الأماكن العامة والمجالس وفي سياراتهم، وسيعيشون عزلة اختيارية عن مجتمعهم وأهليهم مع الأغاني والأفلام والمباريات، ليصرخوا ابتهاجاً مع الهدف أو يرتكبوا حماقات وصراخ مع الهزائم!
هذا الوضع حتّم على بعض المدارس في أوروبا منع حمل الجوالات من الطلاب والطالبات، نظراً لتفشي ظاهرة تجمعاتهم حول بعضهم البعض في الفُسَح وأوقات الاستراحة، متسمرة عيونهم على الشاشات، وتبادل مستمر لمقاطع الفيديو عبر تقنية «البلوتوث» وسباق بينهم في حيازة اللقطات الغريبة التي لا تقف عند حدود معينة أخلاقياً... تقنية جديدة وتجربة مثيرة ودعوة لتربية مراقبة ذاتية وتوجيهية لأولادنا في حسن اختيار المشاهدات على الشاشتين الصغيرة والكبيرة.

الاثنين، أغسطس 06، 2007

الله معك يا بلادي

الله معك يا بلادي
عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 06/08/07//
الأجواء الساخنة التي نعيشها، إذ وصلت الحرارة في شهر آب (أغسطس) الجاري إلى أعلى درجات مسجلة منذ ثلاث سنوات أو يزيد في العاصمة الرياض، وليست الأجواء الحارة بعيدة عنها في باقي مدن المملكة، لكن ربما الأوضاع السياسية التي تُطبخ وتُغلى من حولنا أكثر سخونة وحرارة من الجو نفسه!
التصريحات غير المستغربة التي أدلى بها رجل دين إيراني بصيغة حديث صريح ومباشر عن «الأطماع الفارسية» في البحرين الدولة العربية الخليجية بعد التغلغل الإيراني الواضح داخل العراق، والذي عبّرت عنه الولايات المتحدة الأميركية في أكثر من مناسبة، كما فشلت نداءات العقلاء في أن تجد استجابة إيرانية لوقف عمليات التصعيد والتصفية وبعث الطائفية المقيتة داخل العراق التي يشجعها التدخل الإيراني. لو كان لطرف خليجي أسباب للتدخل في العراق، لكان هذا الطرف هو المملكة العربية السعودية التي تمثل المدرسة الدينية السنية السلفية بدافع حماية السنة الذين يتعرضون لما يشبه الإبادة الجماعية، أو الطرد الجماعي من وطنهم العراق، لولا أن أحد أهم مبادئ السياسة السعودية الخارجية إقليمياً ودولياً هو مبدأ عدم التدخل المباشر أو غير المباشر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، خصوصاً جيرانها... وبدلاً من التدخل في الشؤون الداخلية العراقية، مثلما تفعل إيران، حصرت المملكة السعودية جهودها في مساعدة العراقيين سواء منفردة أو في إطار جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، مستندة إلى خبرتها في معالجة النزاعات الداخلية للدول الشقيقة بحكمة يشهد لها بها الجميع، مثل دعوتها للفرقاء الفلسطينيين لاجتماع في رحاب البيت العتيق أسفر عن «اتفاق مكة»، والتزمت سياسة المحافظة على الموازنة في العلاقات مع الجميع من أميركا وإلى إيران نفسها وبينهما العراق. لكن يبدو أن الأمور لا يراد لها أن تبقى هادئة لمدة طويلة، وهي الصفقة التي صرح بشأنها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل حول أحقية السعودية في التسليح اللازم لحماية أمنها وشعبها من أي خطر، خصوصاً بعد ظهور سباق تسلح وعروض ومناورات عسكرية لاستعراض القوة من إيران، الدولة الجارة الصديقة غير المطمئنة لجيرانها، فهددت بكل صراحة بضرب منابع النفط والمصالح الأميركية كافة في دول الجوار، إذا تعرضت لهجوم أميركي، مع تصاعد التهديدات الأمريكية بشأن أزمة تخصيب اليورانيوم، والسعي الحثيث لحيازة السلاح النووي ودخول نادي الدول النووية، وعليه أصبح اضطراب الأوضاع الأمنية جدياً ولا تدعو أي مسؤول عن حماية أمن وشعبه لانتظار تهورها إلى أن تقع الفأس في الرأس، ألا يدعو ذلك السعودية لاتخاذ خطوات احترازية دفاعية منطقية وأكثر من منطقية لحماية أمنها وإنجازاتها التنموية؟
بالتأكيد، الإجابة الواقعية هي: من حقها بل من الواجب عليها، وقد أحسنت صنعاً القيادة الحكيمة ونؤيدها ونسأل الله أن يلهم أولياء أمورنا ويرشدهم ويأخذ بأيديهم لكل خير لهذا البلد وشعبه

الجمعة، أغسطس 03، 2007

بطنك وعقلك من يتحكم فيك أكثر؟!

بطنك وعقلك... أيهما يتحكم فيك أكثر؟
عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 31/07/07//

تقول دراسة طريفة عن النساء الصينيات اللاتي يتناولن وجبات غربية، مثل (الفاست فود) المشبعة بالدهون والخبز الأبيض وكمية الملح العالية مع لحوم لا يُعرف حقيقة مصدرها ولا طريقة الحصول عليها وحفظها ومكونات موادها، أولئك النساء ممن يتناولن تلك الوجبات وتأثرن بالعولمة، بتن أكثر عرضة للأمراض، خصوصاً أمراض سرطان الثدي، والدراسة علمية أقيمت على 1500 سيدة صينية، أظن - بمعنى أعتقد هنا - أن مصاحبة المشروبات الغازية المشبعة بملاعق من السكر الأبيض تزيد الطين بلة وتجعل من الموضوع مصيبة على الجسم المطلوب منه إنجاز عملية هضم وجبة غذائية متفق على فقرها غذائياً وضررها صحياً خصوصاً على المدى البعيد، أتساءل لماذا تكثر عندهم الدراسات والتحذيرات وتقل عندنا إلى درجة الصفر أو مستواه.
ونحن نشاهد المشكلات نفسها المترتبة من إدمان تناول هذه الأطعمة الوافدة إلينا ومحاولات تسويقها الضخمة على أولادنا الصغار بوجبات للأطفال وهدايا من الألعاب معها، وإعلانات لا تتوقف مع نهاية كل أسبوع، يقال إن ما تنفقه شركة واحدة من شركات الفاست فود على الدعاية سنوياً يصل إلى 200 مليون دولار، لتقع تلك الإعلانات على بيوتنا ومنازلنا وسياراتنا وفي كل ناحية تتوجه لها ببصرك وإعلانات الفاست فود بأجود طباعة وبألوان صارخة وعبارات مغرية وجوائز وهدايا ثمينة، تصطدم بك وتشدك نحو الشراء بأسعار مبالغ فيها جداً، لكن لأنك تدفع من جيبك قيمة تلك الإعلانات وتنسى أيضا قيمة مدفوعات أخرى قادمة في الطريق، كلفة علاج مترتبة على تلك الأغذية، المشكلة أن الشبان والصبايا صاروا يعتمدون تلك الوجبات ويفضلونها ويسكرون أبصارهم ويغطون آذانهم عن أي نصيحة أو توجيهات تحذيرية من إدمان هذه الوجبات، ما انعكس ذلك بشكل واضح على أجسامهم المترهلة وارتفاع في الأوزان بين الجنسين، خصوصاً مع العطل والنوم والتسكع وملازمة الجلوس أمام شاشات التلفزة والبلايستيشن والانترنت والثرثرة في الهاتف، وتوافر خدمات التوصيل السريع تحمل تلك الوجبات إلى المنازل من دون بذل أي مجهود، السكر والضغط وعلل القلب والكلى، أمراض صارت تظهر علاماتها وتتربص بأولادنا في سن باكرة كعرض واضح لأضرار تلك الأغذية مع إحجام عن تناول الأغذية المتوازنة المنوعة، في بريطانيا نشرت منظمة صحية إعلاناً أقض مضاجع الآباء، ويظهر في ذلك الإعلان صورة طفل يتناول عبوة زيت كبيرة الحجم ويشرب منها، ويكتب على ذلك الإعلان أن كمية الزيوت الموجودة في الشيبس والتسالي التي يتناولها الطفل في العام تساوي كمية ما في تلك العبوة، فهل يستطيع القلب والشرايين تحمل تلك الكمية الكبيرة، المشكلة أن بعض الأغذية الأخرى مثل المشويات والشاورما والمندي والعصائر الطازجة، المجهولة طريقة الإعداد والحفظ والتجهيز ومدة الصلاحية مواد ينبغي ملاحظة مشكلاتها الصحية تماماً، مثل الوجبات السريعة والوجبات الخفيفة والتسالي وإدمان المعلبات ذات المواد الحافظة طويلة الأجل، ما يؤثر تناول كميات منها على المدى الطويل على أجزاء مهمة من الدماغ.
بصيص الأمل بدأ يلوح مع ما تقوم به بعض الجهات هنا وهناك من جهود توعية صحية غذائية، مثل وزارة الصحة وبعض المنظمات والهيئات العالمية والمستشفيات الخاصة، ومشروع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، في مشاريع توعية صحية بأصول الحياة الغذائية السليمة، وكذلك مع دور طيب من وزارة التربية والتعليم ممثلة في الصحة المدرسية بالتحذير ومنع ومراقبة ما يقدم للأولاد في المدارس من وجبات المقاصف المدرسية مثل ما قامت به بعض المدارس في أميركا من منع لتقديم البيتزا في المدارس، لما لها من أثر واضح في زيادة أوزان الطلاب، وهنا أحيي الوزير السابق لوزارة التربية والتعليم الدكتور الرشيد على جرأته بمنع المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، على رغم كل الضغوط من المجتمع ومن القطاع الخاص عليه وعلى وزارته.
لا أريد منكم الآن الوصول للسؤال المصيبة الذي يقال تهكماً وإفلاساً وعدم وعي بما نتناوله نحن وأولادنا المستأمنون عليهم: إذن ماذا نأكل؟!
ولكن يجب أن تتحكم في رغبات بطنك بعقلك، ولا يتحكم بطنك فيك وفي عقلك وفي جيبك وصحتك وصحة أسرتك