لتصويت
عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 25/06/07//
كان التصويت الذي نُشر في موقع «العربية» الأسبوع المنصرم، مؤشراً كبيراً على حال التداعي التي يعيشها طرفا المجتمع، اليسار المتفتح واليمين المحافظ، وحيث أسفرت نتيجة التصويت عن تقدم كبير لأنصار اليمين، الذين كانوا يصوتون مع بقاء الهيئة على ما هي عليه، وعدم الاستجابة للمنادين بالتعديل في طريقة عملها.
كانت الرسائل التي تنادي بالمشاركة في التصويت تنهمر على جهاز الجوال الخاص بي لطلب المشاركة مع الرأي المنادي ببقاء الهيئة، وكذلك تتداعى الرسائل على بريدي الالكتروني مع رابط التصويت، لتكون شبه المباراة أو الحرب بالتصويت مع أو ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكان كل من يرسل لي رسالة من هذا النوع أرد عليه بعبارة «مبروك عليك انضمامك لجماعة انشر تؤجر»، فيستفز بذلك الرد ليتصل مهاجماً ومدافعاً عن رأيه، وعن طريقته، وأنك لا تكون مثبطاً أو متخاذلاً مع هذا الجهاز، فيما إني لا أرى بداية أي تأثير يذكر لنتائج هذا التصويت، خصوصاً أن الفوز فيه - نزولاً مع عبارات المتنافسين - لا يعني بالضرورة فوزاً حتمياً، لأن نتائجه مطعون فيها لأسباب منها أنها لا تمثل وجهة نظر كل المجتمع... كما لا ندري سلامة تقنيات التصويت ومقاومتها لتدخل عناصر «الهكر» المحترفين المتلاعبين في نتائج التصويت، كما حصل مع موقع «الجزيرة» السابق حين وضع التصويت لاعب الكرة ماجد عبدالله مع عدد من المنافسين سابقاً وغيرها، أو أن يخضع ذلك الموقع لطريقة تكرار التصويت التي يستطيع المبتدئون العمل بها، بمسح آثار زيارة الجهاز للموقع وتكرار التصويت، ولو كانت نتائج التصويت على «النت» سليمة ومقبولة مئة بالمئة لتم الأخذ بها في التصويت في منافسات الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول، إذ لا زالت عمليات التصويت تجرى عند صناديق الاقتراح فقط.
ذلك التصويت، أنا واثق أنه شارك فيه من لا يعرف أساساً ما الموضوع وما المشكلة، وأي العبارتين التي تمثله شخصياً، بل كان مدفوعاً مع روابط معينة لأي من الطرفين، لكن الطريقة التي تداعى لها المشاركون لا شك أنها نوع من المشاركة الفاشلة التي يشارك فيها من لا يسهمون بالرأي في مناقشة قضايا البلد الحساسة.
أنا على يقين أن كل من أرسل لي أو لغيري من هذه الرسائل، أنهم يحملون غيرة وحباً جمّاً لهذا الجهاز الذي يؤدي دوراً مهماً بغض النظر عمن يقوم به، الهيئة أم الشرطة، أم رجال التربية والتعليم، أو أي مسمى آخر؟ المهم عندي تحقق الخيرية في الأمة بدليل الآية الكريمة في سورة آل عمران « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر».
وهنا أعود للحديث عن مجاهدي رسائل الجوال والبريد الالكتروني المتحمسين، لأوجه سؤالاً إليهم: هل قام أحد منكم بزيارة لجهاز الهيئة وعرض عليهم خدماته التي لا يعدم الناس في كل مواقعهم، صغاراً أو كباراً، ذكوراً أو إناثاً، أن يكون لهم رأي أو مشاركة أو دور أو مساندة لهذا الجهاز؟
في التعبير الشرعي السلفي يسمون ذلك نصيحة على الأقل نصيحة أو تدريباً أو توجيهاً أو دعماً معنوياً أو مادياً يحتاجه الجهاز، وأتساءل: أين الشركات الداعمة والمتبرعة والراعية عن جهاز الهيئة، لتطويره وتحسينه وتطوير أدائه، ودعم مسيرته، فكل أجهزتنا الحكومية والأمنية في لحمة كبيرة جداً مع المواطن ومع القطاع الخاص، والأمثلة على التشارك والمشاركة من المواطنين ومن الشركات الأهلية والقطاع الخاص مع الجهات الحكومية كثيرة أكثر من أن تذكر، لكن لا يمنع أن أذكر للقارئ مشاركة شركة سابك بتأمين جهاز كشف سرعة متقدم للمرور في الجبيل، وقس على ذلك، لكن في تلك المشاركة لم يفز في الحقيقة سوى شركات الاتصالات التي كسبت من ضخ رسائل جماعة «انشر تؤجر»، وفي انتظار حملاتها الجديدة