تجربتي في الحوار الوطني
عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 05/06/07//
كانت تجربة مثيرة ولذيذة وماتعة للغاية عند مشاركتي للمرة الأولى في الجلسات التحضيرية للحوار الوطني، الذي يأتي هذه السنة بمحاور كلها تدور حول العمل والبطالة ومجالات عمل المرأة، ودور القطاع الخاص في توفير الوظائف... ولا أخفي سروري واغتباطي بدعوتي للمشاركة في اللقاء حتى ولو كان ورشة تحضيرية، استعداد راقٍ من الفريق من المنظم، وتكامل وتناسق في الأداء، وخدمة راقية من الشباب في أسلوب التخاطب، والتعامل الرائع، ولا أريد أن أسمّي أحداً لا لسبب إلا لكون المجموعة كلها رائعة فلا أريد أن أظلم أحدًا منهم.
المكان الذي أقيمت فيه الفعالية «فندق الظهران» كان هو الآخر على مستوى الحدث استيعاباً، وتجهيزات، وقدرة في التعامل مع العدد الكبير في وقت واحد... لم نواجه أي صعوبات لا في النقل، ولا في الصوتيات، ولا أخطاء في عروض الحاسوب المعتادة... كان كل شيء يسير بجودة ودقة عالية، بالتأكيد كان الإشراف والحرص الشديدان على الرقي الحضاري، وتقديم منتج وطني عالي المستوى، هو الذي جعل الأخطاء كما يقول أهل الجودة العصريون وهبط إلى مستوى صفر... لا أخطاء عمل بشري، لا أقول كان عملاً كاملاً، لأن الكمال لله، لكنه كان أقرب ما يكون إليه.
وجه الفخر في المشاركة ليس بالمشاركة وحضور الفعالية فقط، ولكن أن تشعر بذاتك بأهميتك باجتماعك في مناسبة الأعمدة في الصحافة، وأصحاب مسؤوليات عليا في وزارات الدولة، وتعطيهم أفكارك وتحاورهم، مع وجود لجنة تقيد محضر اللقاء كله وتلخصه، في صيغة نقاط وتوصيات تسلم لأصحاب الاختصاص والشأن لمزيد من الدرس وبدء العمل بها، هي متعة التجربة.
كانت القناة الوحيدة التي رصدت الحدث نقلاً حياً على الهواء مباشرة، وبلقاءات مع الحضور هي«قناة الإخبارية»، التي أحييها لتسليطها الضوء على هكذا برنامج، لأنه لا مقارنة بينه وبين ما تبثه القنوات من حوارات ولقاءات مطوّلة مع أشباه فنانين وفنانات، أو برامج تلفزيون الواقع التي تضخ لنا ليس لمدة أربع وعشرين ساعة هراءها، ولكن تبث - لمدة شهور - هذه المهزلة للناس، وتجد التفاعل منهم - آسف أقصد من مراهقيهم المتقدمين والمتأخرين - فوجود 200 رجل وامرأة مختارين بعناية متنوعي الثقافة، والمكان، والعمر، والمسؤولية، والتخصص وكلهم يتحدثون في هم واحد... لحدث يستحق النقل والتوثيق ودعوة الناس للمشاهدة، والمشاركة بالتصويت والكتابة عبر شريط SMS المتحرك أسفل الشاشة لمزيد من النقاط والحلول لمشكلاتنا مع العمل وشح الوظائف لشباننا وشاباتنا.
أكثر محور إثارة للجدل كان محور وظائف المرأة، والفرص الوظيفية أمامها، إذ لا تزال خصوصية المجتمع، وقوانين الشريعة، والعادات والتقاليد، تقف حاجزاً أمام كثير من أفكار تناقش إيجاد وظيفة للمرأة غير وظيفة المعلمة التي يطمئن فيها الولي بدرجة كبيرة جداً لأنها لا تتعامل فيها إلا مع نساء مثلها، وبالتالي هذا الحلم الذي جعل المرأة تدرس وتتعلم وتنتظر وظيفة في سلك التعليم حتى ولو كانت في المريخ، أما ما عداها من الوظائف فتقابل بنظرة ازدراء لأنها تتطلب اختلاطاً بالرجال!
رأيي أن المرأة في التاريخ والعصر الإسلامي الأول اختلطت بحجابها الكامل بالرجال، وليس ثمة ما يمنع من العودة للتاريخ والشريعة لاستنباط حلول، ومعالجات لأخطاء التطبيق والمفاسد التي وقعت في دول إسلامية كثيرة لم تحسن تقدير السلبيات التي يمكن أن تنجم من الاختلاط، إذ لم توضع له ضوابطه الشرعية.