مشروع الإفطار - جريدة الحياة - 1-10-2007
رمضان مبارك عليكم، وتقبل الله منكم معشر القراء الكرام، تقبل الأنفس الكريمة على الجود والكرم وابتغاء الأجر والمثوبة وطلب العتق من النار ببذل الصدقة والإطعام، والتوسعة في المأكل والمشرب بشكل يجعل رمضان موسماً خاصاً للأكل والمطاعم والمشروبات، إذ تتسابق محال التموينات ومحال المونة بعروض «التخفيضات» الخاصة بمناسبة الشهر الكريم، جعلنا الله وإياكم فيه من المقبولين.
من المظاهر الخاصة والملازمة لهذا الشهر انتشار موائد إفطار الصائمين التي يجود بها أهل الخير ويتكفلون بصفها في المساجد طيلة الشهر الكريم ليفطر عليها المصلّون ويعقدون الصّفقات والاتفاقات مع المطاعم التي تقدم عروضها الخاصة بتوصيل وجبات الإفطار للمساجد مباشرة، وربما إلى منازل بعض الأسر الفقيرة عن طريق الجمعيات والمؤسسات الخيرية، فما الذي جدّ هذا العام؟ الجديد هو بعد اكتشاف التسريبات التي تحصل من التبرعات التي يبذلها الناس للمشاركة في إفطار صائم، ثبت أن هناك أموالاً تتسرب من هذه التبرعات لتمويل «الخوارج وشراء الأسلحة والمتفجرات لهم»، بدعوى أنهم يأخذون تلك التبرعات لتفطير صائمين أو لتنفيذ مشاريع خيرية، ثم ما تلبث أن تتحول هذه التبرعات بقدرة قادر إلى رصاصات تصوب نحو نحورنا والنيل من أمننا، خصوصاً أيام السماح بالجمع غير المنظّم والمنضبط عن طريق الشوالات والأكياس والحصّالات والكوبونات والجمع العشوائي من المساجد والمصلين، ومن المدارس ونداءات الاستجداء من الأطفال الذين يحملونها.
لكن بعد صدور التنظيمات تم ضبط عملية التبرع أكثر وأكثر، وضيّقت الجهات الأمنية على المارقين والخوارج وصول الأموال إليهم، والحمد لله على ما تم من إنجازات في هذا الباب... لكن بالنسبة لمشروع التفطير كمشروع مفضّل لأهل الخير في هذا الشهر نتساءل «هل يحقق المقصود منه في توجّه التفطير نحو العمالة الوافدة ومن مختلف الجنسيات التي تجعل من المساجد تجمّعات ضخمة لهم، بينما لا يشارك في ذلك الإفطار الجماعي أي سعوديين ولا جنسيات عربية أخرى، وهم فئة عمالة لهم رواتبهم التي يتقاضونها وليسوا محتاجين؟».
وربما ببعض الاجتهاد يتوجه التفطير نحو الأسر الفقيرة بطريقة تحفظ كرامتها عبر مؤسسات خيرية، ولكن ليس بطريقة التجمعات العشوائية في المساجد، ولو افترضنا اعتباطاً أن المواطن الفقير سيجلس مع العمال الوافدة التي تنتظر موائد الإفطار، فهل سيحضر هذا المواطن أولاده الذكور الصغار والكبار منهم معه، ثم ماذا عن نسائه هل سيجلسهم أم سيحمل لهم طبقاً ويذهب به إلى بيته، ثم التنظيمات التي أقرّتها أخيراً وزارة الشؤون الإسلامية وشددت فيها على الأئمة والمؤذنين والخدم بشأن مشروع إفطار الصائمين، جعلت الأئمة يتكالبون على المؤسسات المنفذة لمشاريع التفطير، ويواجهون الحرج مع جماعة المسجد، ومع المحسنين الذين يتكاسلون عن الوصول للمؤسسات الخيرية... فيما المؤسسات الخيرية تعتذر عن عدم تلبية كلّ طَلَبات المَسَاجِد، لأنّها لا تضمن وجود الإيراد الذي يغطي كل الكلفة طيلة الشهر، وبذلك يرتبك المشروع التفطيري.
وأقترح أن يكون التفطير أكثر ما يكون نشاطاً لدول الخارج، نظراً لما يمثله عندهم من أهمية ولما يكون معه من دعوة للدخول في الإسلام ومساعدة الدول الإسلامية الفقيرة، مع تمثيلها لشعار السعودية مملكة الإنسانية، ولقلّة كلفة المشروع في الخارج عنه في الداخل، إذ إن كلفة الوجبة الواحدة هنا تغطي كلفة العديد من الوجبات للكثير من الناس هناك، وكذلك يتم التوسع من المؤسسات التي تتولى التفطير في إيصال وجبات الإفطار لبيوت المستحقين، وتنفيذ مشروع الإفطار الجوّال في الطرق وللمسافرين، وعند الإشارات الضوئية، لما يحقّقه من تهدئة حركة السيارات المستعجلة لإدراك الإفطار، وكذلك اعتبار وجبة الإفطار الجافة التي تجهّز للأسرة الفقيرة كمستلزمات رمضانية من
مشروع التفطير، فتستفيد منه الأسر بدلاً من الطريقة التي ينفذ بها هذا المشروع الخيري الآن
رمضان مبارك عليكم، وتقبل الله منكم معشر القراء الكرام، تقبل الأنفس الكريمة على الجود والكرم وابتغاء الأجر والمثوبة وطلب العتق من النار ببذل الصدقة والإطعام، والتوسعة في المأكل والمشرب بشكل يجعل رمضان موسماً خاصاً للأكل والمطاعم والمشروبات، إذ تتسابق محال التموينات ومحال المونة بعروض «التخفيضات» الخاصة بمناسبة الشهر الكريم، جعلنا الله وإياكم فيه من المقبولين.
من المظاهر الخاصة والملازمة لهذا الشهر انتشار موائد إفطار الصائمين التي يجود بها أهل الخير ويتكفلون بصفها في المساجد طيلة الشهر الكريم ليفطر عليها المصلّون ويعقدون الصّفقات والاتفاقات مع المطاعم التي تقدم عروضها الخاصة بتوصيل وجبات الإفطار للمساجد مباشرة، وربما إلى منازل بعض الأسر الفقيرة عن طريق الجمعيات والمؤسسات الخيرية، فما الذي جدّ هذا العام؟ الجديد هو بعد اكتشاف التسريبات التي تحصل من التبرعات التي يبذلها الناس للمشاركة في إفطار صائم، ثبت أن هناك أموالاً تتسرب من هذه التبرعات لتمويل «الخوارج وشراء الأسلحة والمتفجرات لهم»، بدعوى أنهم يأخذون تلك التبرعات لتفطير صائمين أو لتنفيذ مشاريع خيرية، ثم ما تلبث أن تتحول هذه التبرعات بقدرة قادر إلى رصاصات تصوب نحو نحورنا والنيل من أمننا، خصوصاً أيام السماح بالجمع غير المنظّم والمنضبط عن طريق الشوالات والأكياس والحصّالات والكوبونات والجمع العشوائي من المساجد والمصلين، ومن المدارس ونداءات الاستجداء من الأطفال الذين يحملونها.
لكن بعد صدور التنظيمات تم ضبط عملية التبرع أكثر وأكثر، وضيّقت الجهات الأمنية على المارقين والخوارج وصول الأموال إليهم، والحمد لله على ما تم من إنجازات في هذا الباب... لكن بالنسبة لمشروع التفطير كمشروع مفضّل لأهل الخير في هذا الشهر نتساءل «هل يحقق المقصود منه في توجّه التفطير نحو العمالة الوافدة ومن مختلف الجنسيات التي تجعل من المساجد تجمّعات ضخمة لهم، بينما لا يشارك في ذلك الإفطار الجماعي أي سعوديين ولا جنسيات عربية أخرى، وهم فئة عمالة لهم رواتبهم التي يتقاضونها وليسوا محتاجين؟».
وربما ببعض الاجتهاد يتوجه التفطير نحو الأسر الفقيرة بطريقة تحفظ كرامتها عبر مؤسسات خيرية، ولكن ليس بطريقة التجمعات العشوائية في المساجد، ولو افترضنا اعتباطاً أن المواطن الفقير سيجلس مع العمال الوافدة التي تنتظر موائد الإفطار، فهل سيحضر هذا المواطن أولاده الذكور الصغار والكبار منهم معه، ثم ماذا عن نسائه هل سيجلسهم أم سيحمل لهم طبقاً ويذهب به إلى بيته، ثم التنظيمات التي أقرّتها أخيراً وزارة الشؤون الإسلامية وشددت فيها على الأئمة والمؤذنين والخدم بشأن مشروع إفطار الصائمين، جعلت الأئمة يتكالبون على المؤسسات المنفذة لمشاريع التفطير، ويواجهون الحرج مع جماعة المسجد، ومع المحسنين الذين يتكاسلون عن الوصول للمؤسسات الخيرية... فيما المؤسسات الخيرية تعتذر عن عدم تلبية كلّ طَلَبات المَسَاجِد، لأنّها لا تضمن وجود الإيراد الذي يغطي كل الكلفة طيلة الشهر، وبذلك يرتبك المشروع التفطيري.
وأقترح أن يكون التفطير أكثر ما يكون نشاطاً لدول الخارج، نظراً لما يمثله عندهم من أهمية ولما يكون معه من دعوة للدخول في الإسلام ومساعدة الدول الإسلامية الفقيرة، مع تمثيلها لشعار السعودية مملكة الإنسانية، ولقلّة كلفة المشروع في الخارج عنه في الداخل، إذ إن كلفة الوجبة الواحدة هنا تغطي كلفة العديد من الوجبات للكثير من الناس هناك، وكذلك يتم التوسع من المؤسسات التي تتولى التفطير في إيصال وجبات الإفطار لبيوت المستحقين، وتنفيذ مشروع الإفطار الجوّال في الطرق وللمسافرين، وعند الإشارات الضوئية، لما يحقّقه من تهدئة حركة السيارات المستعجلة لإدراك الإفطار، وكذلك اعتبار وجبة الإفطار الجافة التي تجهّز للأسرة الفقيرة كمستلزمات رمضانية من
مشروع التفطير، فتستفيد منه الأسر بدلاً من الطريقة التي ينفذ بها هذا المشروع الخيري الآن