نشرت في موقع مداد الدولي المتخصص في أبحاث ودراسات العمل الخيري على الرابط :
http://www.medadcenter.com/Articles/Show.aspx?Id=351
في مبحوثة رائعة للدكتور العلامة/ يوسف القرضاوي، يتحدث فيها عن العمل الخيري في عهد الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ، أحاول أن آتي بقراءة سريعة لأهم المحاور والفوائد التي يمكن أن نستقيها منها، حيث نجد أنه بذل جهدا واسعا في استقراء الآثار الواردة وجمع الشواهد الخاصة بالعمل الخيري، وعد من ذلك ما قامت به أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ حين أهدي لها غِرارتان من مال، فدعت بطبق، وهي يومئذ صائمة، فجعلت تقسمه بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك درهم، فلما أمست قالت: "يا جارية، هلمِّي بفطوري". فجاءتها بخبز وزيت، فقالت: "أما استطعتِ فيما قسمت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحما نفطر عليه؟" قالت: "لو كنتِ ذكَّرتيني لفعلتُ". والآثار في عناية أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ كثيرة، لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. ونجد كذلك ما ذكره عن الفيّاض طلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنه ـ، وقد لقّب بذلك بسبب سخائه، فعن الحسن قال: "باع طلحة أرضا له بسبعمائة ألف، فبات ذلك المال عنده ليلة، فبات أَرِقا من مخافة ذلك المال، حتى أصبح ففرَّقه". وكذلك نجد الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ وبذله في سبيل الخير، وقد باع أرضا له بأربعين ألف دينار، فقسمها في بني زُهرة، وفقراء المسلمين، وأزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فبعث إلى عائشة ـ رضي الله عنها ـ بمال من ذلك، فقالت: "مَن بعث هذا المال؟" فقيل: عبد الرحمن بن عوف. فقالت: "إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا يحنو عليكنَّ بعدي إلا الصابرون". سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة. والقصص التي رواها كثيرة، أدعو كل مهتم أن يطلع عليها.. لكن تعالوا معا نتوقف عند تلك المواقف بالجملة، ونحاول أن نستخلص العبر والفوائد منها، ومن ذلك: • الجود والكرم والبذل والعطاء بلا حدود، حتى نسيان النفس، بل قمة الاستغراق في نكران الذات، وحب الآخرين، وغياب كامل للأنانية والطمع والجشع وعيوب النفس البشرية. • اختيار باب الفقراء والمعوزين ممن عرف وممن لم يعرف، فيبذلون للجميع، وبلا قيد وبلا شرط، والمعنى الكامل الحاضر هو الإنسانية، وحب الخير للناس، والأقربون أولى بالمعروف. • أنهم يتصدقون من أغلى ما يجدون من مال ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )، كل ما وجد في قلبه تعلقا بشيء معين أخذ في اختبار نفسه، وتقرب لله ـ سبحانه ـ ببذل ذلك الشيء الذي أحبه وتعلق به. • تخصيص جزء من وصيتهم بالمال في أبواب الخير والصدقات، فالوصية ليست للولد وللزوجة، ومن تعلقت بهم محبتهم في الدنيا، لا بل لا ينسى الفقير واليتيم. • إن من ينفقون ويبذلون يحصلون على كثير من الدعوات ... هم لا يشترطون ذلك، ولا يطلبونه، هو يقع لهم تلقائيا وعفويا، ولا يزال الناس يتعاهدون الباذلين بالدعاء أحياء وأمواتا، فمن أراد الدعاء فلا يغفل عن البذل. • تسابقهم في مجال الخير، وتنافسهم عليه ... إنها المنافسة الشريفة، المنافسة العظيمة ليست في التملك وفي الأرصدة وتضخيم أرقام الحسابات، وإنما في روح البذل والعطاء، من دون رياء ولا سمعة، وإنما لوجه الله سبحانه. • إيثارهم على أنفسهم وعلى أهليهم، فيقدمون الخير للمجتمع، وينسون أنفسهم ... كم نحتاج لزرع هذه القيم العالية في أولادنا، وتعاهد أنفسنا، حتى العاملون في المجالات الخيرية ... كنت إذا أطلقنا مشروعا جديدا أول ما أبدأ أبدأ بالعاملين في المؤسسة، وأقول لهم: قبل أن ندعو الآخرين تبرعوا ولو بأقل القليل، ولا تنس نفسك من البذل. • مشاركة الفقراء والمساكين طعامهم، وعدم ترفعهم عن ذلك.. أكثر سر يجعل المتبرع يجود أكثر هو المشاركة، و الحرص على تمثيل الجو العادي للغني ليرى ويلمس ويشاهد الفقراء. • حبهم البذل لأهل القرآن وأهل الدين وإكرامهم.. هي قيمة عالية، حيث إن هؤلاء الباذلين لأوقاتهم وصحتهم، المضحين بفكرهم لأجل خدمة المجتمع، يفترض أن يجدوا الكثير من التقدير والعطاء من أهل المال والسعة.
http://www.medadcenter.com/Articles/Show.aspx?Id=351
في مبحوثة رائعة للدكتور العلامة/ يوسف القرضاوي، يتحدث فيها عن العمل الخيري في عهد الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ، أحاول أن آتي بقراءة سريعة لأهم المحاور والفوائد التي يمكن أن نستقيها منها، حيث نجد أنه بذل جهدا واسعا في استقراء الآثار الواردة وجمع الشواهد الخاصة بالعمل الخيري، وعد من ذلك ما قامت به أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ حين أهدي لها غِرارتان من مال، فدعت بطبق، وهي يومئذ صائمة، فجعلت تقسمه بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك درهم، فلما أمست قالت: "يا جارية، هلمِّي بفطوري". فجاءتها بخبز وزيت، فقالت: "أما استطعتِ فيما قسمت اليوم أن تشتري لنا بدرهم لحما نفطر عليه؟" قالت: "لو كنتِ ذكَّرتيني لفعلتُ". والآثار في عناية أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ كثيرة، لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. ونجد كذلك ما ذكره عن الفيّاض طلحة بن عبيد الله ـ رضي الله عنه ـ، وقد لقّب بذلك بسبب سخائه، فعن الحسن قال: "باع طلحة أرضا له بسبعمائة ألف، فبات ذلك المال عنده ليلة، فبات أَرِقا من مخافة ذلك المال، حتى أصبح ففرَّقه". وكذلك نجد الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف ـ رضي الله عنه ـ وبذله في سبيل الخير، وقد باع أرضا له بأربعين ألف دينار، فقسمها في بني زُهرة، وفقراء المسلمين، وأزواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فبعث إلى عائشة ـ رضي الله عنها ـ بمال من ذلك، فقالت: "مَن بعث هذا المال؟" فقيل: عبد الرحمن بن عوف. فقالت: "إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا يحنو عليكنَّ بعدي إلا الصابرون". سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة. والقصص التي رواها كثيرة، أدعو كل مهتم أن يطلع عليها.. لكن تعالوا معا نتوقف عند تلك المواقف بالجملة، ونحاول أن نستخلص العبر والفوائد منها، ومن ذلك: • الجود والكرم والبذل والعطاء بلا حدود، حتى نسيان النفس، بل قمة الاستغراق في نكران الذات، وحب الآخرين، وغياب كامل للأنانية والطمع والجشع وعيوب النفس البشرية. • اختيار باب الفقراء والمعوزين ممن عرف وممن لم يعرف، فيبذلون للجميع، وبلا قيد وبلا شرط، والمعنى الكامل الحاضر هو الإنسانية، وحب الخير للناس، والأقربون أولى بالمعروف. • أنهم يتصدقون من أغلى ما يجدون من مال ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون )، كل ما وجد في قلبه تعلقا بشيء معين أخذ في اختبار نفسه، وتقرب لله ـ سبحانه ـ ببذل ذلك الشيء الذي أحبه وتعلق به. • تخصيص جزء من وصيتهم بالمال في أبواب الخير والصدقات، فالوصية ليست للولد وللزوجة، ومن تعلقت بهم محبتهم في الدنيا، لا بل لا ينسى الفقير واليتيم. • إن من ينفقون ويبذلون يحصلون على كثير من الدعوات ... هم لا يشترطون ذلك، ولا يطلبونه، هو يقع لهم تلقائيا وعفويا، ولا يزال الناس يتعاهدون الباذلين بالدعاء أحياء وأمواتا، فمن أراد الدعاء فلا يغفل عن البذل. • تسابقهم في مجال الخير، وتنافسهم عليه ... إنها المنافسة الشريفة، المنافسة العظيمة ليست في التملك وفي الأرصدة وتضخيم أرقام الحسابات، وإنما في روح البذل والعطاء، من دون رياء ولا سمعة، وإنما لوجه الله سبحانه. • إيثارهم على أنفسهم وعلى أهليهم، فيقدمون الخير للمجتمع، وينسون أنفسهم ... كم نحتاج لزرع هذه القيم العالية في أولادنا، وتعاهد أنفسنا، حتى العاملون في المجالات الخيرية ... كنت إذا أطلقنا مشروعا جديدا أول ما أبدأ أبدأ بالعاملين في المؤسسة، وأقول لهم: قبل أن ندعو الآخرين تبرعوا ولو بأقل القليل، ولا تنس نفسك من البذل. • مشاركة الفقراء والمساكين طعامهم، وعدم ترفعهم عن ذلك.. أكثر سر يجعل المتبرع يجود أكثر هو المشاركة، و الحرص على تمثيل الجو العادي للغني ليرى ويلمس ويشاهد الفقراء. • حبهم البذل لأهل القرآن وأهل الدين وإكرامهم.. هي قيمة عالية، حيث إن هؤلاء الباذلين لأوقاتهم وصحتهم، المضحين بفكرهم لأجل خدمة المجتمع، يفترض أن يجدوا الكثير من التقدير والعطاء من أهل المال والسعة.