شهداء «حريق الحوية»
عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 04/12/07//
«إنا لله وإنا إليه راجعون»... مأساة وحزن كبيران يلفاننا ويلفان أسر شهداء الواجب كافة، الذين وافاهم الأجل المحتوم، وكانوا على موعد مع القدر ليل الأحد الماضي، قرب الإحساء، وقرب معمل غاز الحوية التابع لمشاريع شركة أرامكو السعودية... الانفجار الذي وقع، بحسب التحليلات والأخبار، بسبب تسرب غاز مفاجئ كان هائلاً لدرجة انقلاب الليل نهاراً بظهور شمس ساطعة في عز الليل، بحسب ما طالعته من وصف، وما شاهدته من صور شتى يمثل حادثة هائلة لا يستهان بها، إذ امتدت ألسنة اللهب إلى دائرة قطرها 100 متر من النيران شديدة الحرارة الحارقة لدرجة انصهار المعدات والكائنات الحية في كل محيط الدائرة، ولدرجة التلف الكامل للآليات الكبيرة التابعة لشركة المقاولات المتعاقد معها من شركة أرامكو، وبعضها من قوة الانفجار تطاير بعيداً عن مركز الانفجار!
بالفعل، الصور مؤلمة جداً، والكارثة أكثر إيلاماً عندنا في الإحساء، نظراً إلى أن عدداً غير قليل من المتوفين والمصابين من المحافظة، أحد الموظفين عندما حاول أن يتمالك نفسه حين علم بالحادثة، خصوصاً أن أحد أصدقائه المقربين كان من العاملين في الموقع، غطت سحابة من الحزن وجهه طيلة اليوم. الإحصاءات الأولية للمصابين والقتلى كانت تتحدث عشرة واثني عشر، في ما ارتفع العدد إلى الخمسين قتيلاً عدا المصابين، في ما تجري التحقيقات لمعرفة أسباب الانفجار الحقيقية، وتقدير الخسائر المادية. مسكين الناجي الوحيد «محسن العلي» الذي أبلغ بالحادثة، إذ أصيب بحالة من الهستيريا من هول الموقف، وما جرى وما شاهد من صور قاسية جدا للجثث وأشلائها المتناثرة هنا وهناك، ما جعل من الصعب التعرف على هوياتهم من دون الاستعانة بالحمض النووي للتعرف عليهم، ولعل أشد الصور إيلاماً تلك الجثة القريبة من الموقع، إذ عثر على صاحبها في وضع يغطي وجهه محاولاً حمايته من ألسنة النيران الحارقة من دون جدوى، خصوصاً أنه أحد المفتشين ويعرف معظم العاملين هناك.
العمال الذين لم يكونوا في الموقع ووصلوا هناك لاحقاً وشاهدوا موقع الحادثة بعد السيطرة على النيران المشتعلة، وهو ما للإشادة بسرعة وصول الفرق المتخصصة في الإنقاذ، ووضوح أثر التدريب والتأهيل الكافيين لأفراد الدفاع المدني، وفرق الإنقاذ المتخصصة في التعامل مع نيران معامل الغاز بمشاركة الطائرات المروحية وعربات الإسعاف، والتوزيع الجيد للمصابين على المستشفيات القريبة والتنسيق الرائع بين تلك الفرق الإنقاذية... كل ذلك خفف من المأساة وسارع بمعالجة الموقف، أيضاً حضور مسؤولي الشركة في وقت قريب لمتابعة عمليات الإطفاء والإنقاذ والإشراف عليها أسهم في السيطرة على الحدث وتجنب امتداد واتساع دائرته وانحسار خسائره، على رغم أن الانفجار الهائل كان صعباً للغاية وهائلاً لدرجة أنه ربما يكون من أقسى الحوادث التي وقعت في أحد مرافق الشركة أخيراً وربما منذ إنشائها حتى عبّر عن ذلك أحدهم بقوله أنه «أحد أرامكو الأسود»، كما عبر أحدهم قائلا «إن الموت مرّ من هنا»!
كل التعازي لأسر شهداء الواجب العاملين الذين ماتوا وهم يسعون من أجل أرزاقهم وهم بملابس العمل الشريف والعمل عبادة، يجب أن نحتفي بهم ونترحم عليهم ونواسي ذويهم، ونكافئهم بأعطيات وتعويضات تساعدهم على تجاوز مآسيهم، خصوصاً أن بعضهم هو العائل الوحيد لأسرته، وبعضهم ترك أماً مريضة بالكلى وغيرها وغيرها، ولعلي أشيد بموقف رئيس أرامكو عبدالله جمعة وحضوره شخصياً مجالس العزاء وهو موقف نبيل يحسب له. نسأل الله تعالى أن يتغمد أرواح شهدائنا بالرحمة ويرزقهم الجنة ويسلي أهاليهم، وأن يرشد المسؤولين هناك إلى الطرق والوسائل التي تمنع تكرار الحادثة المأسوية... و»إنا لله وإنا إليه راجعون».
عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 04/12/07//
«إنا لله وإنا إليه راجعون»... مأساة وحزن كبيران يلفاننا ويلفان أسر شهداء الواجب كافة، الذين وافاهم الأجل المحتوم، وكانوا على موعد مع القدر ليل الأحد الماضي، قرب الإحساء، وقرب معمل غاز الحوية التابع لمشاريع شركة أرامكو السعودية... الانفجار الذي وقع، بحسب التحليلات والأخبار، بسبب تسرب غاز مفاجئ كان هائلاً لدرجة انقلاب الليل نهاراً بظهور شمس ساطعة في عز الليل، بحسب ما طالعته من وصف، وما شاهدته من صور شتى يمثل حادثة هائلة لا يستهان بها، إذ امتدت ألسنة اللهب إلى دائرة قطرها 100 متر من النيران شديدة الحرارة الحارقة لدرجة انصهار المعدات والكائنات الحية في كل محيط الدائرة، ولدرجة التلف الكامل للآليات الكبيرة التابعة لشركة المقاولات المتعاقد معها من شركة أرامكو، وبعضها من قوة الانفجار تطاير بعيداً عن مركز الانفجار!
بالفعل، الصور مؤلمة جداً، والكارثة أكثر إيلاماً عندنا في الإحساء، نظراً إلى أن عدداً غير قليل من المتوفين والمصابين من المحافظة، أحد الموظفين عندما حاول أن يتمالك نفسه حين علم بالحادثة، خصوصاً أن أحد أصدقائه المقربين كان من العاملين في الموقع، غطت سحابة من الحزن وجهه طيلة اليوم. الإحصاءات الأولية للمصابين والقتلى كانت تتحدث عشرة واثني عشر، في ما ارتفع العدد إلى الخمسين قتيلاً عدا المصابين، في ما تجري التحقيقات لمعرفة أسباب الانفجار الحقيقية، وتقدير الخسائر المادية. مسكين الناجي الوحيد «محسن العلي» الذي أبلغ بالحادثة، إذ أصيب بحالة من الهستيريا من هول الموقف، وما جرى وما شاهد من صور قاسية جدا للجثث وأشلائها المتناثرة هنا وهناك، ما جعل من الصعب التعرف على هوياتهم من دون الاستعانة بالحمض النووي للتعرف عليهم، ولعل أشد الصور إيلاماً تلك الجثة القريبة من الموقع، إذ عثر على صاحبها في وضع يغطي وجهه محاولاً حمايته من ألسنة النيران الحارقة من دون جدوى، خصوصاً أنه أحد المفتشين ويعرف معظم العاملين هناك.
العمال الذين لم يكونوا في الموقع ووصلوا هناك لاحقاً وشاهدوا موقع الحادثة بعد السيطرة على النيران المشتعلة، وهو ما للإشادة بسرعة وصول الفرق المتخصصة في الإنقاذ، ووضوح أثر التدريب والتأهيل الكافيين لأفراد الدفاع المدني، وفرق الإنقاذ المتخصصة في التعامل مع نيران معامل الغاز بمشاركة الطائرات المروحية وعربات الإسعاف، والتوزيع الجيد للمصابين على المستشفيات القريبة والتنسيق الرائع بين تلك الفرق الإنقاذية... كل ذلك خفف من المأساة وسارع بمعالجة الموقف، أيضاً حضور مسؤولي الشركة في وقت قريب لمتابعة عمليات الإطفاء والإنقاذ والإشراف عليها أسهم في السيطرة على الحدث وتجنب امتداد واتساع دائرته وانحسار خسائره، على رغم أن الانفجار الهائل كان صعباً للغاية وهائلاً لدرجة أنه ربما يكون من أقسى الحوادث التي وقعت في أحد مرافق الشركة أخيراً وربما منذ إنشائها حتى عبّر عن ذلك أحدهم بقوله أنه «أحد أرامكو الأسود»، كما عبر أحدهم قائلا «إن الموت مرّ من هنا»!
كل التعازي لأسر شهداء الواجب العاملين الذين ماتوا وهم يسعون من أجل أرزاقهم وهم بملابس العمل الشريف والعمل عبادة، يجب أن نحتفي بهم ونترحم عليهم ونواسي ذويهم، ونكافئهم بأعطيات وتعويضات تساعدهم على تجاوز مآسيهم، خصوصاً أن بعضهم هو العائل الوحيد لأسرته، وبعضهم ترك أماً مريضة بالكلى وغيرها وغيرها، ولعلي أشيد بموقف رئيس أرامكو عبدالله جمعة وحضوره شخصياً مجالس العزاء وهو موقف نبيل يحسب له. نسأل الله تعالى أن يتغمد أرواح شهدائنا بالرحمة ويرزقهم الجنة ويسلي أهاليهم، وأن يرشد المسؤولين هناك إلى الطرق والوسائل التي تمنع تكرار الحادثة المأسوية... و»إنا لله وإنا إليه راجعون».