الرقص الأفقي
عبدالمنعم الحسين الحياة - 23/04/07//
في طريق هادم اللذات ومفرق الجماعات، الممتد من الدمام إلى الأحساء، كان الطريق المزدحم سيء الرصف والتعبيد، مظلماً كالح الظلام، ذلك الطريق القصير المحفّر، كأنه آدمي مصاب بالجدري، المتعطش دائماً لدماء المساكين جراء الحوادث القاتلة عليه، والإسعاف ينقل الجثث والمصابين ومعها دموع أهاليهم ولا بواكي على الأحسائيين.
ذلك الطريق الذي حفر في كل حي من أحياء الأحساء حفرة عميقة لحادثة، أو أكثر، لقريب أو أقرب لسنوات طوال، والناس يعيشونها. لكن هو الأمل والتفاؤل الذي يحملنا على سلوك الطريق وسط كل المخاوف بكل شجاعة، ونعمل الراديو لنستمع لمواده تأخذنا بعيداً عن ذلك الهم المطبق... تلك المرة كانت موجات الراديو تبعث بصوت جدل وجدال حول تأثير الفضائيات وفوضويتها التي طالت وتجاوزت الحدود حتى جاء صوت المذيع يقول «نحن الآن في زمن الرقص الأفقي» بعد أن انتهينا من الرقص العمودي.
طبعاً الرقص العمودي الذي كانت تنقله مشاهد المسلسلات المصرية بتحفظ على لباس الراقصة ونقلته، ظهرت فنون «كشف العورة» إذ تتحرك الراقصة فيها وهي تهتز كأنها جان - مع أطيب تحية لأقدع جني -! وعلى فكرة الشيء بالشيء يُذكر تسربت البذلات المحترمة إياها لأسواقنا وتشتري بعض نسائنا تلك البذل لأغراض طبية، وأقول «أغراضاً طبية» لأن أحد أصحابي من المشايخ المحترمين يعاني من معاناة مجهدة في ظهره، ويعالج عند طبيب مصري نصحه بممارسة رياضة الهز وتابع الطبيب: «عاوزك تهز وسطك زي الرقّاصة»!
اللهم أشف صاحبي، وعافه ومُنّ بالشفاء على طبيبه!
ولعلي أنتهزها فرصة لتوجيه نداء للقائمين على مستشفى شهار الطبي بالطائف بعدم معاقبة الممرضة التي أرادت الترفيه على النزيلات فلبست بذلة الرقص الخاصة بالرقص الشرقي إياها، فمهما يكن من شيء فأظنها مجتهدة لم توفّق في اجتهادها ولها أجر واحد، خصوصاً أن الرقص كان بين النزيلات وليس بين النزلاء.
أظن الصورة واضحة بهذا الشكل لك - عزيزي القارئ - عن الرقص العمودي، لكن الرقص الأفقي هو الإصدارة الجديدة المطورة والمحسنة التي صارت تقدم في القنوات الفضائية، أو ما اصطلح على وصفه أخيراً بالكابريهات التي تدخل المنازل والبيوت لتهز أركانها وتهدمها وتؤدي بالطلاق والتشتت بين أفرادها، لتقدم من خلال مشاهد الحفلات ومشاهد بث أغاني الفيديو كليب فنيات وإبداعات المخرجين للتوجه بالكاميرا المقربة والمكبرة والمتوجهة لجسد الراقصة، لكن هذه المرة ليست بطريقة الرقص العمودي ولكن بعد أن تمتد على أرضية وخشبة المسرح وهي تهتز وتتموج، وعدسة الكاميرا الفضولية تقوم بعملية مساج ذهاباً وإياباً لذلك الجسد الراقص من غير ما رحمة ولا ترفق بأعصاب المشاهدين خلف الشاشات خصوصاً أصحاب المراهقة المتأخرة.
كانت حلقة إذاعية صعبة وفاضحة لكل «فضائحيات» الفيديو كليب، والقنوات التي تبث 24 ساعة مواصلة الليل بالنهار، ضحك ورقص ولعب، وكأن الدنيا لم تكن يوماً إلا للغناء والأغاني واكتشاف الموهوبين والموهوبات وتدريبهن وتشجيعهن، وأمام كل ذلك الغثاء تظهر على استحياء قنوات الفضيلة بين ذلك الموج المتلاطم الذي لا يزال يتسع ويعد بفتح قنوات جديدة تعد مشاهديها، مثل ما صرح به الفنان «ج، ش» بإطلاق قناة فضائية جديدة ستكون بها حرية أكبر لما يبث من كل القنوات، وستكون مفتوحة غير مشفرة.
المناداة التي بعث بها المشاركون في الحلقة أبعث بها، وهي أنه يجب على مؤسسات البث الفضائي والمدن الإعلامية العربية أن تمتنع عن استضافة هذه القنوات على أقمارها أو أراضيها
.