الأحد، سبتمبر 09، 2007

خراب بيوت
عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 10/09/07//



أسماء الفنانات والممثلات اللاتي يظهرن على شاشات الفضائيات صارت مشهورة وذائعة وتتردد في البيوت بين الأزواج في تهكم ومعاناة شديدة جداً من الزوجات ، ومع كل ظهور لواحدة منهن بزينة وملابس ودلع وإثارة مكشوفة ، يجعل رغبات وأحلام الأزواج تتحرك نحو الحصول على واحدة من أصحاب تلك الأسماء ، ويزهد تماما في زوجته ، بل يذهب أكثر من ذلك لمطالبة زوجته بأن تلبس مثل هذه أو تلك وتحاكيها ، أو يطلب أن تكون عنده نسخة مستنسخة من فنانته المفضلة ، فإذا لم تستطع أن تلبي تلك المسكينة كل طلباته ورغباته ونزواته ، صار يعيرها بدمامتها ويندب حظه العاثر في الارتباط بها زوجة دميمة وحشة ، غلطة عمره الكبرى كانت في الارتباط بها ، وأنه يضيع عمره في الاستمرار بالعيش معها ، متحملاً نكدها وطلباتها ودمامتها. في دراسة أجريت في مصر تبين أن تلك الأسماء من الفنانات تسببن في رفع نسبة الطلاق ، بل حوادث غريبة تقع بسبب المقارنات ، ومن المفارقات العجيبة ذلك الميكانيكي الذي عاد من عمله ليفتح شاشة التلفاز فيما زوجته الكريمة تعد له وجبة الغداء، فتطل إحدى مغنيات الفيديو كليب ، ويذهب في سكرة نظراتية استمتاعية بالصوت والصورة والحركات والأصوات المصاحبة ، مما ليس له علاقة بالفن ولا بالكلمات ولا الغناء ، فيدخل المطبخ على تلك العفيفة المجتهدة في مطبخها ويطلب منها أن تغني وترقص له ، كما تعمل المغنية في الفيديو كليب ، ولما لم تستجب له المسكينة افتعل معها خناقة تطورت للطلاق والشروع في القتل.
ينسى أولئك الأزواج مناظرهم وروائحهم وأشكالهم ، وأن نساءهم يتمنون أيضاً أن تكون أشكال أزواجهم أفضل ، كما الممثل الفلاني أو المغني الفلاني ، لكن يتعايشن بواقعية مع أزواجهن من دون استغراق في المقارنة غير المنطقية ، فتلك الممثلة أو المغنية اختيرت بعناية من بين مئات النساء ، وأنها خضعت لجراحات تجميلية متعددة جعلت منها هذا الشكل. في أميركا وقفت مغنية على المسرح وشكرت جمهورها وطالبتهم بالاستمرار في حضور حفلاتها ، لأن ذلك يساعدها على دفع تكاليف المزيد من الجراحات التجميلية ، وأشارت بيدها إلى صدرها بأنها ستدفع من عائدات الحفلة على جراحة قادمة تجميلية خاصة بمنطقة الصدر ، ثم إنها قبل أن تخرج على الشاشة تمر بجلسات ممتدة تصل لساعات على يدي أمهر محترفي المكياج والتسريحات والأزياء حتى تكون إطلالتها فاتنة ، ويلعب بعد ذلك المصور والمخرج لعبتهما في إظهار المحاسن وإخفاء العيوب ، ما يصور تلك الفنانة وكأنها حورية من الجنة نزلت للدنيا ، فأنى للمسكينة العفيفة التي تعمل في وظيفتها أو المربية وربة المنزل التي تقوم على أعباء البيت ، أن تعمل وتصنع في نفسها مثل تلك ، فهي مقارنة ظالمة غير منطقية ، والرجال يبحثون عن سراب ولو ارتبط أحدهم بتلك الفنانة أو الممثلة لما طاق المعيشة معها ، ولم تفلح أن تكون زوجة تقوم بخدمة الزوج ورعاية البيت وتربية الأولاد ، وهذا ما يفسر لنا كثرة الطلاق في وسط الفنانات ، كونهن لا يعشن زيجات طبيعية بل زيجات غير مستقرة موقتة تبنى على المصلحة والمنفعة العاجلة ثم يمضي كل واحد لسبيله.
يجب أن يأخذ الأزواج دروس توعية وتثقيف وأمصال مناعة تجعلهم يستخدمون عقولهم وبصيرتهم مع مناظر تلك الفاتنات ، والأفضل أن يغضوا أبصارهم كما أمرنا الله تعالى ، وقديما قال:
ولئن أنت أطلقت طرفك رائدا في كل المناظر أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قــــــادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ولعل من المناسب أيضاً أن تقوم الزوجة بالواجب عليها من التزين والتجمل لزوجها ، لحفظه وإعفافه عن الحرام والنظرة الحرام ، وشغله بطريقة أو أخرى عن التطلع لتلك المناظر الفضائية باختيار القنوات الجيدة النقية التي تحفظ على الأسرة أمنها واستقرارها

السبت، سبتمبر 01، 2007

وفشلت «HI»
عبد المنعم الحسين نشرت في جريدة الحياة - 27/08/07//

مع أحداث 11 أيلول (سبتمبر) ولخبطة حسابات الساسة والاستخبارات والدراسات الأميركية، وقراءة الحدث بزوايا متعددة، وردود أفعال متوازية، كان من ضمن الأعمال التي توجهت بها الإدارة الأميركية إستراتيجية تقوم على فكرة لماذا يكرهون أميركا، ولماذا هوجمت أميركا، وماذا علينا أن نعمل لتصحيح النظرة المعادية وتحسين العلاقة بين أميركا والشعوب الناطقة بالعربية، خصوصاً جيل الشباب؟
وهكذا انطلقت فكرة علاج قضية العلاقة التي يراد تحسينها من زاوية إعلامية في خطاب موجه للشباب في الوطن العربي الكبير، ولمواجهة اللغة التحريضية التي تتحدث بها بعض القنوات الفضائية في المنطقة، فرصدت أميركا لذلك مشروعاً إعلامياً ضخماً يعمل في ثلاثة اتجاهات تخاطبية: مسموع، ومشاهد ومقروء، فكانت هناك قناة «سوا» المنوعة التي تبث الأخبار والمعلومات والأغاني العربية والأميركية جنباً إلى جنب في محاولة لنشر ثقافة الصداقة بين الشعب الأميركي والشعوب العربية، واجتذاب البصر، كما انطلق البث عبر موجات الأثير الإذاعي في عدد من الدول العربية لإثارة حاسة السمع.
وأخيراً استطعت أن ألتقط موجات راديو «سوا» في الشرقية، وبعد سنوات من البث تتمدد رقعة التغطية، لكن لا تزال الأذن العربية تحفظ الكثير من الولاء لمحطات إذاعية معينة من الصعب تحريكها نحو صوت أميركي جديد سواء من «سوا» أو غيرها.
وهناك - أيضاً - قناة «الحرة» الفضائية المرئية التي فشلت هي الأخرى في جذب المشاهد العربي ومتابعة ما تبثه من مواد وبرامج، مع أن القناة تبث بلسان عربي، ودفعت مبالغ طائلة لاستقطاب كفاءات إعلامية مميزة، إلا أن «الحرة» لا زالت تعمل بأداء أقل ما يوصف به أنه مخيب لآمال من أنشأوها، على رغم كل الأفكار والأعمال والتحسينات التي تقدم عليها، ولكنها - في الغالب - لم تلفت اهتمام المشاهد العربي، ربما لأسباب لا تحصى وتختلف من فئة لأخرى، على رغم إنفاق 200 مليون دولار لكي تنجح في مهمتها الإعلامية.
وبين المشاريع الإعلامية التي أطلقتها الإدارة الأميركية مجلة اسمها HI، وهى فاخرة الطباعة وتباع بثمن لا يكاد يذكر إذا ما قورن بكلفة تحريرها وطباعتها الفنية الراقية، فهى تنشر أخبار المجتمع الأميركي والحياة الأميركية والفن والفنانين والفنانات وغيرها من المواد الترفيهية التي تعمل على فك أزمة الانغلاق أو التوتر الذي يسود علاقة الشباب العربي مع أبناء مجتمع العم سام، فالمجلة لم تحقق الهدف المطلوب منها، واستمرت في تكرار نفسها حتى موقعها الالكتروني لم يفلح هو الآخر في جذب الزائرين المترامين على المواقع العربية والأجنبية الأخرى!
والسؤال هو: كيف تفشل مجلة بهذه المقومات وهذا الدعم، وما الذي ينشده المواطن العربي ولم تستطع أن تعطيه إياه هذه المجلة، وهل القرار الجريء الذي توقفت به المجلة بعد ملاحظة ضعف أدائها وعدم تحقيقها للمأمول منها، هل سيكون مقدمة وتوطئة وتمهيداً لتوقف المشروعين الآخرين «إذاعة سوا» و»قناة الحرة» خصوصاً أن مؤشرات الفشل لم تتغير نحو التحسن؟
إنّ مآل هاتين الوسيلتين الإعلاميتين سيكون قريباً من مآل ومصير المجلة (HI) لكن المسألة فقط مسألة وقت، خصوصاً أن المشاهد أخذ انطباعاً سلبياً عن القناة منذ لحظة ظهورها، ومن الصعب إقناع المشاهد الذي له مطلق الحرية في ما يشاهد أن ينتظر منه مرة أخرى العودة لمشاهدة «الحرة

».

الاثنين، أغسطس 20، 2007

احترس أمامك إعلان

احترس أمامك إعلان

عبد المنعم الحسين الحياة - 20/08/07//

ضوابط الإعلان التي وضعت من الجهات المراقبة من حيث المحتوى والفكرة وطريقة العرض، تكسرت وتحطمت مع موجة إعلانات تبث على الرّائي والراديو، وعلى صفحات الصحف اليومية والمجلات ولوحات الطرق، التسامح والتغاضي عن لغة الإعلان وتجاوزتها والمستحضرات التي يعلن عنها بات واضحاً لكل متابع، ففي السابق ربما كانت شوارعنا نظيفة وعفيفة من تلك الإعلانات الخادشة للحياء... فيخبرني صديقي سعد أنه أحرج كثيراً في سفرته في الصيف مع أولاده إلى لبنان من صور الإعلانات في الشوارع العامة، إذ الإعلان بالصورة الكاملة وبالألوان وتبقى المساحة المغطاة من الجسد محدودة، ويكمل سعد أن أكثر ما يوقعه في الحرج سؤال أحد الأولاد بكل براءة: بابا ما هذا وكيف ولماذا؟
الموضوع ساخن ويحرج حتى الزوجين أمام بعضهما البعض في لغته وشكله ومعلوماته، ما بودّ كل منهما أن يرى أحد هذه الإعلانات منفرداً حتى لا يعيش لحظات الحرج مع أقرب طرف وهو الزوج أو الزوجة، لكن الطمع والجشع وروح العولمة بعثت لنا بالإعلانات نفسها وطريقتها المقبولة في الغرب إلى الداخل، فإعلانات للشامبو تسمح بظهور امرأة عارية من خلف زجاج مثلّج بدورات المياه، أو إعلان لملطف رائحة العرق، أو عطر يجعل من مجموعة نساء يجرين خلف شاب لأجل أنه وضع من منتج ملطف الرائحة إياه أو العطر الجذاب الذي حمل كل نساء الشارع على التوجه نحوه بقوة مغناطيس العطر الفواح. ومشاكسة مخرجي تلك الإعلانات وعبث الكاميرا والتقنيات المستخدمة ومساحة إبداع أكثر من خلاّق يأتي بأفكار شيطانية لتسويق تلك المنتجات.
في صبيحة اليوم التالي للعرض يتقابل الموظفون بتعليقاتهم على ذلك الإعلان أو تلك الدعاية التي جاءت مولّدة لفكرة جديدة مثل إعلانات الحبوب المنشّطة وحبوب علاجات اختلال الوظائف الزوجية التي تصوّر مسامير تنحني مع الضرب بالمطرقة، ومع تلك الحبات السحرية تستطيع تلك المسامير اختراق الجدران... تلك الإعلانات تأتي وسط برامج عادية ومن دون أي تحذير مسبق مثل «احترس أمامك إعلان» أو كما يقال تبث في قنوات الأسرة وليست البرامج فوق سن ثماني عشرة أو أقل، بل هي مشاهدة لكل أفراد الأسرة، وبكل براءة سيسأل الأطفال الصغار عن تلك المشاهد ومغزاها وما تلك المنتجات الغريبة وأحيانا يقولون «اشتر لنا يا بابا!
أحد رسامي الكاريكاتير صور لوحة تعبيرية عن أسرة جالسة تتابع أحد البرامج، وفور مجيء وقت الإعلان يقفز لأعين الأطفال ويغمها خوفاً عليهم من مشاهد الإعلانات الخادشة للحياء، لكن ما العمل مع إعلانات على صفحات الصحف التي تدخل المنزل يومياً أو بإعلانات توضع على لوحات الشوارع مع صورة الحبة فقط وبعبارات خادشة للحياء، وكأن الحال وصلت إلى شكل استفزازي لا يراعي حتى القوانين التي تمنع الإعلانات عن الأدوية مهما كانت وليست المنشطات أو ما شابهه، والحال هو استجابة كبيرة من الأطفال لتلك الإعلانات، بدليل ما تحدث به أحد الصيدليين بأن أكثر من يشترون تلك المنتجات هم من فئة الشباب صغار السن للتجربة والفضول، ومن دون استشارات طبية ربما ألحقت بهم الضرر حالاً أو مستقبلاً.
أتذكر تماماً أنني عثرت على منتج من تلك المنتجات في سترة طالب في مرحلة متوسطة أثناء جولة تفتيشية مفاجئة، وحين سُئل أجاب بإجابات مختلفة مرتبكة تضع علامة استفهام بحجم السبورة التي في الصف، إحدى الصيدليات التي نشتري منها الأدوية نسيت كل الأدوية التي تبيعها واهتمت بوضع إعلان على أكياسها عن منتج من تلك المنتجات وبعبارات ورسومات مثيرة للفضول، ونحن نحمل تلك الأكياس إلى منازلنا، فهل نخبئها أم نتعامل معها بلامبالاة، هل نرمي بها قبل الدخول للمنزل. إنها مشكلة حين يمتد العبث الإعلاني المتهور ليتجاوز المثل والآداب ليرمي بإعلانات المنتجات المشبوهة على السيارات وتحت الأبواب بشكل محرج للغاية مع وقوع تلك الإعلانات في أيدي الفتيات الصغيرات للأسف، أيضاً العبث تجاوز كل الجدران النارية التي افترضناها لتصل لي رسالة على جوالي من رقم من أرقام الخطوط الدولية الساخنة بعبارات خليعة وماجنة ربما وصلت مثلها على جوال صغيري «عبد العزيز» لأنها هوجاء تنفث سمها ولا تدري أين تضع رحالها أم قشعم؟

السبت، أغسطس 18، 2007

لست كيسا بلاستيكيا

لستُ كيساً بلاستيكياً

عبدالمنعم الحسين الحياة - 18/08/07//

ندور ونلف بعربات التسوق التي ربما لا تكفيك أحياناً سلة واحدة أثناء التسوق بين ممرات «السوبر ماركت» ومعك الزوجة والأطفال الصغار وهم يمارسون لعبة الاختيارات من الأطعمة والمشروبات وغيرها وكأنها مسابقة من مسابقات «تلي ماتش»... فالزوجة تضع وأنت تضع والأطفال يضعون في السلة أو السلات بموجة كرم حاتمية في التبضع لا حدود لها، خصوصاً مع وجود بطاقة ائتمان صرفت حديثاً من البنك، إضافة إلى وجود سحوبات وجوائز وهدايا على مشترياتك حال وصولها إلى رقم معين لقيمة المشتروات، وأنت تنتظم في الصف الطويل بانتظار وصولك للمحاسب وبجانبه العامل الذي يجمع المشتريات ليضعها في أكياس بلاستيكية بحسب مجموعاتها وموسيقى التعرف على المشتريات وحساب قيمتها من الآلة تطن وبسرعة ومهارة الكاشير، وتدفع المطلوب ثم تدفع كل تلك العربة التي تحوي ما لا يقل عن 20 كيساً بلاستيكياً للمحل تذهب بها للمنزل ثم يكون مآلها إلى سلة المهملات والنفايات لتأخذ طريقها بعد ذلك إلى منظومة التخلص من المخلفات بالطريقة المعتادة غالباً وهي الحرق، فتتحول تلك الأكياس إلى مارد ضخم وهائل الحجم يخيف المراقبين له ولو من أماكن بعيدة، لسواده ورائحته المميزة الخانقة والسامة والتي تنشر مواد ضارة بالبيئة ومسرطنة كما بينت ذلك الأبحاث التي دلت على أن هذه الأكياس البلاستيكية يمتد ضررها إلى الحيوانات والطيور، إذ وجدت بقايا مواد بلاستيكية في أحشاء تلك الحيوانات النافقة، فكل تلك الأكياس تتحول بقدرة قادر إلى خطر يهدد حياتنا وصحتنا وسلامة بيئتنا!
الرجال الخضر والنساء الخضراوات أعضاء جمعية البيئة ومكافحة التلوث، يرون خطراً محدقاً بنا من هذه الأكياس، ونجحت نداءاتهم في الخارج في لفت الأنظار إلى خطرها، خصوصاً إذا ما عرفنا الكمية الضخمة من الأكياس البلاستيكية التي تستهلك عالمياً، فدولة مثل الصين الشعبية تستهلك 50 بليون كيس بلاستيكي في متاجرها سنوياً، بينما ينخفض هذا الرقم في الدول الأقل تعداداً سكانياً والأقل استهلاكاً للسلع والبضائع. وبالنسبة إلينا فإن كمية استخدامنا للأكياس البلاستيكية مهول، ويجب أن نبدأ ولو على مستوى فردي في التقليل من هذا الخطر بخطوات عملية وليس فقط بالمشاعر أو التباكي، فالمسألة أصبحت جدية ولم تعد لعباً وهي مسألة حياة أو موت بالسرطانات، ما يعني ببساطة أننا ننتحر، أو نموت موتاً بطيئاً بهذه الأكياس التي نفرح بأشكالها وأحجامها وما تقدمه لنا من سهولة حمل البضائع وحفظها
!
في اليابان وفرنسا انطلقت إشارات تحذيرية من حفظ المواد الغذائية في الأكياس البلاستيكية، بل حتى الماء سواء مع الحرارة أو في الوضع المعتاد يتأثر بحفظه في قوارير وعبوات بلاستيكية، حتى أصبحت شركات الألبان في فرنسا تضع الحليب في عبوات كرتونية وليست بلاستيكية، وهو ما تأخذ به بعض شركات الألبان المحلية هنا الآن... أما في سنغافورة وبعد أن لاحظوا أن معدل استهلاك الفرد بلغ أكثر من 625 كيساً سنوياً بادروا إلى إطلاق حملة بعنوان « أحضر حقيبتك معك»، شاركت= فيها أكثر من 200 متجر لحث الناس على إحضار أكياس خاصة بهم أثناء التبضع بدل استخدام تلك الأكياس البلاستيكية الضارة بالإنسان والبيئة من حوله.
إحدى الشركات وضعت زيادة في سعر الكيس البلاستيكي كعقوبة على من لم يحضر كيسه أو حقيبته معه، تصل الزيادة إلى يورو أوروبي أي قرابة خمسة ريالات، مع شعار حملة غريب نوعاً ما يقول «أنا لست كيساً بلاستيكياً»، كإشارة إلى كثرة تلك الأكياس من حولنا حتى لتكاد تلفنا وتكيسنا، ولعل هناك بدائل غير الأكياس البلاستيكية مثل الورقية التي نسميها «قرطاساً» التي تتحلل بسهولة وكذلك الأكياس القماشية
.
سعدت صراحة بأن العولمة بدأت تأتي بثمار طيبة على مجتمعنا، وإن كان تأثيرها محدوداً وبطيئاً علينا، وإذ شاهدت في الأسبوع الماضي إعلاناً لمتجر من متاجر التسوق الضخمة عندنا يعلن عن توفيره لأكياس قابلة للاستخدام المتكرر بمعدل ست مرات تقريباً، ويحث الزبائن على استعمالها وإحضارها معهم مع وصولهم لمتجر التسوق... إنه شيء جميل أن تتوجه المتاجر الكبيرة إلى مفاهيم المصلحة العامة والحفاظ على الصحة، وأجمل من ذلك أن نتجاوب معها ونتعاون في الحفاظ على البيئة من حولنا ولو بمحاربة الاستهلاك المتنامي للأكياس البلاستيكية


.

الثلاثاء، أغسطس 14، 2007

مرحبا بغرامات المياه

مرحباً بغرامات المياه!
عبدالمنعم الحسين جريدةالحياة - 13/08/07//

بلاد صحراوية، المطر فيها نادر وقليل، ومعدل استهلاك الماء بالنسبة للأفراد عالٍ جداً ولا يتناسب أبداً مع بلد معرض للتصحر، ومعرض للجفاف، والسكّان فيه يستهلكون المياه من دون تنبه لمشكلة قلة مصادرها التي تعاني منها البلاد... ومحطات التحلية التي أصبحنا بها أعلى بلد منتج للمياه المحلاة في العالم، لم تعد تفي بحاجات الناس، ففي كل صيف تتكرر أخبار انقطاع إمدادات المياه هنا وهناك، ما سبب ظاهرة ازدحام المصطفين لأخذ دورهم من ناقلات المياه «وايتات» ونشوء سوق سوداء للحاويات المائية، وتصريحات مسؤولين مطمئنة رطبة تأتي كحبات العرق التي تسيل على وجوه المزدحمين تحت شمس شهر آب (أغسطس) الحارقة، تتجمع وتسيل ولا توفر حلاً لمشكلة نقص الماء في أجواء الحرارة اللاهبة.
حملة الترشيد التي قادتها وزارة المياه كلّفت الكثير وقدّمت للمرة الأولى برنامجاً عملياً احتوى أدوات ترشيد صنعت خصيصاً للحملة، المؤمّل أنها حققت شيئاً وأثراً، وليست كباقي الحملات التي تقتصر على التوعية.
لكن الاحتقان لا يزال موجوداً يشوب أداء الوزارة، خصوصاً في مجال توفير المياه، المهمة المطلوبة منها قبل التوعية كما علّق أحدهم: إنّ انطلاقة حملة الترشيد جاءت باكرة واستباقاً لوصول المياه إلى أحياء تنتظرها سواء كانت محلاة أو غير محلاة، فسكان هذه الأحياء تعبوا وأضناهم التعب من ملاحقة حاويات المياه التي ترتفع أسعارها ارتفاعاً حاداً مع تعطّل وصول الإمدادات.
ولا زلت أتذكّر حال الحنق الحادة جداً إبان شهر رمضان الماضي مع انقطاع المياه وتحوّل الحي لزاوية من زوايا الربع الخالي، ثم يأتي التبرير بأن المشكلة مجرد انقطاع أنبوب لا أقل ولا أكثر، أتذكر أني شاهدت من بعيد شبح سيارة من السيارات التي تنقل المياه إياها فتوجهت إلى مكانه لعلّ يتبقى بعد ملء خزان ذلك المنزل منه شيء، وبعد انتظار طويل تبقى معه شيء، فطلبت منه أن ينتقل لمنزلي فاعتذر بأن هناك حجوزات تنتظر باقي الكمية، وأن السبيل السريع هو ملء خزان مياه الشرب واستعماله للوضوء والطهارة والغسيل... إلخ!
ذلك الموقف ومواقف شبيهة كافية وبشدة لشعورنا وإحساسنا بضخامة المشكلة، لكن ماذا نعمل مع أناس متى ما عاد الماء يتدفق في منازلهم نسوا معاناة الانقطاع وعادوا لممارسات مستهترة جداً بترك الماء يتدفق بغزارة من الصنبور ليذهب هدراً لا لسبب ولكن لأن رقاق البشرة لا يحتملون حرارة الماء فيتركونه متدفقاً بكثافة لكي يصل إلى الماء المعتدل الحرارة، ومثله في الشتاء يهدر الماء بالطريقة نفسها في انتظار تدفق الماء الدافئ الذي يتأخر من السخان المركزي البعيد.
هكذا نحن ربما لا نفهم لغة التوعية ولا ندري بالضبط إلى أي مدى استجاب الناس لتركيب تلك الأدوات المرشدة لاستهلاك المياه في منازلهم، وماذا عن استهلاك المياه في الأماكن العامة، مثل دورات مياه المساجد والمدارس والعمالة السائبة التي تملأ سطولها بالماء العام وتتكسب بغسل السيارات... ولا ندري عن التسربات التي تكون من الأنابيب في باطن الأرض وداخل المنازل والمحابس غير المُحكمَة، وهناك حكاية طويلة اسمها المسابح في الاستراحات والمنازل التي تملأ وتفرّغ ولا تستخدم معها المرشحات الحديثة وإنما كل مرة ماء جديد مستهلك.
سعدنا هذا العام بخطوة فرض الغرامات على المنازل التي تهدر الماء متدفقاً من أسفل الأبواب نتيجة طريقة خاطئة في الاستهلاك، ومثل ذلك على مغاسل السيارات، وكنتيجة واضحة حتى الآن يمر هذا الصيف متجاوزاً نصفه والماء لم ينقطع ولا ليوم واحد بعكس الأعوام السابقة.
نريد استمرار تلك المتابعة والغرامات وفرض زيادة في أسعار الفواتير على الاستهلاك العالي - وليس الكل - فليس الماء بأقل أهمّية من ثرثرة الثرثارين في الجوّالات حتى تكون فاتورة المياه هي أقل فاتورة مدفوعات عند من لم تنفع معه كل أساليب التوعية، خصوصاً مع المنازل التي تكون بها مدبّرة منزل أو أكثر، إذ يكون هدر الماء ملازماً لعمليات التنظيف والجلي اليومي للأثاث وردهات المنازل الممتدة استغلالاً لوجود الخادمة وعدم جلوسها من دون عمل، وليذهب الماء حيث لا يعود.

السبت، أغسطس 11، 2007

النادي الأدبي في الأحساء

النادي الأدبي في الأحساء

عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 11/08/07//

لا أظن أن أحداً يختلف على أن أداء النوادي الأدبية في المملكة لا يرقى لتحقيق طموحات المستفيدين والمهتمين إلا ما ندر، بل الكل يشكو ويتذمر وينتقد اختيار الأعضاء ويتهمهم بالشللية أو الفرقة أو غيرها وينتقد الأداء، وأظن أن مشكلة النادي الأدبي تشبه تماماً مشكلة كل مؤسسة يتولاها متخصصون في فن معين من دون خبرات إدارية، فالمشكلة تكمن - كما تقول نظريات الجودة - في الإدارة، لا أقصد الأعضاء وإنما الممارسات الإدارية التي يمارسها منسوبو الإدارة، ففرق أن تكون عالماً وأن تدير مؤسسة علمية... إذن نحتاج لمتخصصين أو عارفين بمهارات إدارية لإدارة الخدمة والتخصص أكثر من حاجتنا لفنيين ماهرين ولعل المشاهد لمشاريع تجارية وليس خيرية أو اجتماعية فقط لما تقع تحت إدارة غير خبيرة بأصول فنون القيادة والإدارة الحديثة من أخطاء كبيرة وربما خسائر مهما كان أفراد العمل نفسه خبراء في العمل والمهنة والحرفة ويتفوقون على أقرانهم بمراحل في الفن (مربط الفرس أو بيت القصيد).
إذن، لنحاول مساعدة أعضاء النادي الأدبي المرشحين من الوزارة ونقدم لهم في البداية تهانينا بهذا الترشيح، ونكاد نجمع على استحقاق جميع المرشحين لأن يكونوا أعضاء في النادي الأدبي الإحسائي، ونهنئ الوزارة على الخلطة التي شكلت بها أعضاء إدارة النادي والتي أرضت بها كل الأطياف.
ما الذي نأمله من النادي الأدبي؟ سؤال كبير يجب أن يبدأ الأعضاء بعد اتفاقهم على التشكيل الإداري بهذا السؤال والبحث عن إجابة عليه، ويجب كذلك أن يعملوا بالمقارنة المرجعية فينظروا في أفضل أداء قائم من الأندية الأدبية وكذلك جمعية الثقافة والفنون والتنسيق معهم على عدم التكرار والدخول في ساحات بعضهم البعض، مع مشاهدة الممارسات خارج البلد لأنشطة شبيهة ومحاكاتها والتفوق عليها والاستئناس بالمجالس الأدبية القائمة أو التي توقفت بسبب أو آخر والاتصال بروادها لمعرفة ماذا يريدون من النادي الأدبي الجديد؟
أتمنى حقيقة أن يعمل المرشحون على وضع صورة مثالية تتشكل من تطلعات المستفيدين مهما كانت طموحة، ثم السعي لتحقيقها أو جزء منها في الدورة الحياتية للمجلس وأعضائه بخطة مدروسة، وبدوري سأرسم لوحة تعبيرية للنادي الأدبي في الأحساء تعبر عن أملنا فيه، سأذكرها على علاتها سريعة غير مرتبة تماماً كمن يصف طريقاً في تلك المدينة المتاهة غير المخططة تخطيطاً جيداً فأقول: آمل أن يحتوي النشاط على أمسيات شعرية لكبار الشعراء ومحاضرات مجدولة لرواد الأدب على كل أطيافه من قصة وشعر ومقال وتأليف وخطابة وإلقاء وتعبير وتدوين... إلخ، وأن يستضيفوا المواهب حتى الأجنبية منها، ولا أقول الخليجية والعربية، وكذلك عمل المعارض والمشاركة في المناسبات والأسابيع، آمل أن يشمل النشاط الجنسين والاتصال بكل المنتجين في المحافظة ودعوتهم للحضور والمشاركة والسماع منهم مهما كانوا غير راضين ومختلفين، وعدم الخلط بين الخلافات الشخصية والتاريخية وبين احترام الآخر وما عنده، فالخلاف لا يفسد للأدب أي قضية ولنكن مؤدبين في مظلة الأدب ومؤسسته، والعمل على خدمة المبدعين وتقديمهم والاعتراف بهم، وعمل قواعد بيانات لهم وتقديم مشاريع منوعة تسهم في حفزهم واستمرارهم، وعمل دورات تدريبية مجانية أو مدفوعة، يكون هناك موقع الكتروني خاص بالنادي على الشبكة العنكبوتية تنقل فيه المناشط ويكون به أرشيف لها، ويعرف من خلاله أخبار النادي، إصدارات متوالية تقوم على قواعد معروفة ومعلنة ومقننة في الاختيار والطباعة والتوزيع الشامل الذي يقوم على مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة، كما يترفع كل الأعضاء المرشحين عن طباعة منتجاتهم واستغلال مواقعهم! أتمنى أن يحوي النادي مكتبة أدبية سمعية وبصرية والكترونية لمواد أدبية منوعة.
آمل من النادي الانفتاح وعدم الانغلاق على نفسه بل الاتصال بالمؤسسات الحكومية والأهلية والتجارية والخيرية والاجتماعية والنوادي الرياضية القائمة وبحث سبل التعاون معهم، ومن أهم النقاط البداية بما انتهى به الآخرون، مثل الاستفادة من قاعدة بيانات مركز الحوار الوطني للمثقفين وعمل إصدارة موسوعية سنوية شبيهة بموسوعة البابطين وغيرها من المؤسسات المماثلة. هذا ما تبرع الفكر به... آمل من الأعضاء الاستماع لبقية وجهات نظر المهتمين الآخرين.

الثلاثاء، أغسطس 07، 2007

حين ترقص نانسي في كفك!


عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 07/08/07//
سرعة تطوّر تقنيات الاتصال والسباق المحموم بين تقديم خدمات أكثر وبأسعار أقل يجعل التنافس الحاد بين شركتي الاتصالات في السعودية تسارعان إلى توفير خدمات متطورة ضمن تطبيقات تقنيات الجيل الثالث للجوال، ومع توافر أجهزة محمولة حديثة تحمل تقنيات متقدمة جداً تتعامل مع تلك الخدمات وتتعامل معها.
للأسف حتى الآن لا زالت الشركتان تقدمان خدمات من دون المستوى المأمول من حيث جودتها، فالمكالمات متقطعة والإرسال ضعيف والتغطية محدودة وغير كافية... وهيئة اتصالات نائمة ربما تظن أن دورها فقط ينحصر في منح رخص لشركات الاتصالات من دون مراقبة أداء هذه الشركات، خصوصاً في مجال مصلحة المستهلك المسكين، خصوصاً في مجال الانترنت وخطوط الانترنت العريضة.
الأسبوع الماضي قدمت إحدى الشركتين عرضاً جديداً يسمح بمشاهدة لمحطات تلفزيون فضائية تبث بثاً حياً على الهواء مباشرة طيلة ساعات اليوم، وذلك بمبلغ محدد وفي متناول الجميع... تغير مفاجئ في لعبة السوق، إذ سيسمح النظام الجديد للمراهقين والمراهقات بحمل شاشاتهم معهم في كل مكان، وتسمح لقليلي الذوق بفتح شاشات التلفزيون التي ستعمل بالصوت والصورة على كل ما تبثه تلك المحطات من دون قيمة عالية وبكل سخافة في أي مكان من مكاتب العمل أو مقاعد الدراسة أو حتى أماكن العبادة وستطل «الأبلة» الجديدة (نانسي عجرم) وأخواتها بكل حشمة واتزان بأغانٍ ورقصات في قاعات التربية والتعليم، ولكن هذه المرة في شاشة الجوال الصغيرة، لتظل تغني وترقص في كفك وبين يديك وهاك يا «شخبط شخابيط»!
من سيضبط الانفلات المتوقع من فتح شاشات التلفزيون في تلك الأجهزة التي تستغل خدماتها وتطبيقاتها كافة أسوأ استخدام لتجعل من تلك الخدمة باباً جديداً لهزة مقبلة في أوساط الشباب، الذين صاروا يرضعون الثقافة والتربية ليس من أمهاتهم وإنما من عيون متسمرة جفت واحمرت من التطلع والبحلقة في شاشات الجوالات، وتحرمهم من نومهم حتى ساعات متأخرة من الليل، وآذانهم صماء بسماعات «البلوتوث» وسماعات أجهزة لاعب التسجيل الحديثة (ipod) وما على شاكلتها.
الأولاد باتوا لا يلتقون آباءهم ولا يجتمعون معهم، فغابت كل معاني الروابط الأسرية مع استغراق كبير في مشاهدة شاشات الفضائيات والانترنت في غرفهم الخاصة، حتى أبدع أحد رسامي الكاريكاتير في رسمة معبرة جميلة، صوّر فيها حال أحد الآباء حين أراد أن ينادي ابنه القابع في غرفته في المنزل، ويرسل رسالة بريد الكتروني عبر برنامج «الماسنجر» يترجاه فيها أن ينزل ليتناول الغداء معهم!
النظريات التربوية تؤكد على ضرورة مراقبة مشاهدة الأولاد للتلفاز، وتوصي بعدم مشاهدة الأولاد لشاشات التلفزيون بأكثر من ساعتين في اليوم لما تسببه لهم من أضرار صحية وبلادة ذهنية... لكن هذه المرة سنسلم هؤلاء الأولاد الصغار ومتأخري المراهقة ليحملوا تلك الأجهزة المحمولة في الأماكن العامة والمجالس وفي سياراتهم، وسيعيشون عزلة اختيارية عن مجتمعهم وأهليهم مع الأغاني والأفلام والمباريات، ليصرخوا ابتهاجاً مع الهدف أو يرتكبوا حماقات وصراخ مع الهزائم!
هذا الوضع حتّم على بعض المدارس في أوروبا منع حمل الجوالات من الطلاب والطالبات، نظراً لتفشي ظاهرة تجمعاتهم حول بعضهم البعض في الفُسَح وأوقات الاستراحة، متسمرة عيونهم على الشاشات، وتبادل مستمر لمقاطع الفيديو عبر تقنية «البلوتوث» وسباق بينهم في حيازة اللقطات الغريبة التي لا تقف عند حدود معينة أخلاقياً... تقنية جديدة وتجربة مثيرة ودعوة لتربية مراقبة ذاتية وتوجيهية لأولادنا في حسن اختيار المشاهدات على الشاشتين الصغيرة والكبيرة.

الاثنين، أغسطس 06، 2007

الله معك يا بلادي

الله معك يا بلادي
عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 06/08/07//
الأجواء الساخنة التي نعيشها، إذ وصلت الحرارة في شهر آب (أغسطس) الجاري إلى أعلى درجات مسجلة منذ ثلاث سنوات أو يزيد في العاصمة الرياض، وليست الأجواء الحارة بعيدة عنها في باقي مدن المملكة، لكن ربما الأوضاع السياسية التي تُطبخ وتُغلى من حولنا أكثر سخونة وحرارة من الجو نفسه!
التصريحات غير المستغربة التي أدلى بها رجل دين إيراني بصيغة حديث صريح ومباشر عن «الأطماع الفارسية» في البحرين الدولة العربية الخليجية بعد التغلغل الإيراني الواضح داخل العراق، والذي عبّرت عنه الولايات المتحدة الأميركية في أكثر من مناسبة، كما فشلت نداءات العقلاء في أن تجد استجابة إيرانية لوقف عمليات التصعيد والتصفية وبعث الطائفية المقيتة داخل العراق التي يشجعها التدخل الإيراني. لو كان لطرف خليجي أسباب للتدخل في العراق، لكان هذا الطرف هو المملكة العربية السعودية التي تمثل المدرسة الدينية السنية السلفية بدافع حماية السنة الذين يتعرضون لما يشبه الإبادة الجماعية، أو الطرد الجماعي من وطنهم العراق، لولا أن أحد أهم مبادئ السياسة السعودية الخارجية إقليمياً ودولياً هو مبدأ عدم التدخل المباشر أو غير المباشر في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، خصوصاً جيرانها... وبدلاً من التدخل في الشؤون الداخلية العراقية، مثلما تفعل إيران، حصرت المملكة السعودية جهودها في مساعدة العراقيين سواء منفردة أو في إطار جامعة الدول العربية والأمم المتحدة، مستندة إلى خبرتها في معالجة النزاعات الداخلية للدول الشقيقة بحكمة يشهد لها بها الجميع، مثل دعوتها للفرقاء الفلسطينيين لاجتماع في رحاب البيت العتيق أسفر عن «اتفاق مكة»، والتزمت سياسة المحافظة على الموازنة في العلاقات مع الجميع من أميركا وإلى إيران نفسها وبينهما العراق. لكن يبدو أن الأمور لا يراد لها أن تبقى هادئة لمدة طويلة، وهي الصفقة التي صرح بشأنها وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل حول أحقية السعودية في التسليح اللازم لحماية أمنها وشعبها من أي خطر، خصوصاً بعد ظهور سباق تسلح وعروض ومناورات عسكرية لاستعراض القوة من إيران، الدولة الجارة الصديقة غير المطمئنة لجيرانها، فهددت بكل صراحة بضرب منابع النفط والمصالح الأميركية كافة في دول الجوار، إذا تعرضت لهجوم أميركي، مع تصاعد التهديدات الأمريكية بشأن أزمة تخصيب اليورانيوم، والسعي الحثيث لحيازة السلاح النووي ودخول نادي الدول النووية، وعليه أصبح اضطراب الأوضاع الأمنية جدياً ولا تدعو أي مسؤول عن حماية أمن وشعبه لانتظار تهورها إلى أن تقع الفأس في الرأس، ألا يدعو ذلك السعودية لاتخاذ خطوات احترازية دفاعية منطقية وأكثر من منطقية لحماية أمنها وإنجازاتها التنموية؟
بالتأكيد، الإجابة الواقعية هي: من حقها بل من الواجب عليها، وقد أحسنت صنعاً القيادة الحكيمة ونؤيدها ونسأل الله أن يلهم أولياء أمورنا ويرشدهم ويأخذ بأيديهم لكل خير لهذا البلد وشعبه

الجمعة، أغسطس 03، 2007

بطنك وعقلك من يتحكم فيك أكثر؟!

بطنك وعقلك... أيهما يتحكم فيك أكثر؟
عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 31/07/07//

تقول دراسة طريفة عن النساء الصينيات اللاتي يتناولن وجبات غربية، مثل (الفاست فود) المشبعة بالدهون والخبز الأبيض وكمية الملح العالية مع لحوم لا يُعرف حقيقة مصدرها ولا طريقة الحصول عليها وحفظها ومكونات موادها، أولئك النساء ممن يتناولن تلك الوجبات وتأثرن بالعولمة، بتن أكثر عرضة للأمراض، خصوصاً أمراض سرطان الثدي، والدراسة علمية أقيمت على 1500 سيدة صينية، أظن - بمعنى أعتقد هنا - أن مصاحبة المشروبات الغازية المشبعة بملاعق من السكر الأبيض تزيد الطين بلة وتجعل من الموضوع مصيبة على الجسم المطلوب منه إنجاز عملية هضم وجبة غذائية متفق على فقرها غذائياً وضررها صحياً خصوصاً على المدى البعيد، أتساءل لماذا تكثر عندهم الدراسات والتحذيرات وتقل عندنا إلى درجة الصفر أو مستواه.
ونحن نشاهد المشكلات نفسها المترتبة من إدمان تناول هذه الأطعمة الوافدة إلينا ومحاولات تسويقها الضخمة على أولادنا الصغار بوجبات للأطفال وهدايا من الألعاب معها، وإعلانات لا تتوقف مع نهاية كل أسبوع، يقال إن ما تنفقه شركة واحدة من شركات الفاست فود على الدعاية سنوياً يصل إلى 200 مليون دولار، لتقع تلك الإعلانات على بيوتنا ومنازلنا وسياراتنا وفي كل ناحية تتوجه لها ببصرك وإعلانات الفاست فود بأجود طباعة وبألوان صارخة وعبارات مغرية وجوائز وهدايا ثمينة، تصطدم بك وتشدك نحو الشراء بأسعار مبالغ فيها جداً، لكن لأنك تدفع من جيبك قيمة تلك الإعلانات وتنسى أيضا قيمة مدفوعات أخرى قادمة في الطريق، كلفة علاج مترتبة على تلك الأغذية، المشكلة أن الشبان والصبايا صاروا يعتمدون تلك الوجبات ويفضلونها ويسكرون أبصارهم ويغطون آذانهم عن أي نصيحة أو توجيهات تحذيرية من إدمان هذه الوجبات، ما انعكس ذلك بشكل واضح على أجسامهم المترهلة وارتفاع في الأوزان بين الجنسين، خصوصاً مع العطل والنوم والتسكع وملازمة الجلوس أمام شاشات التلفزة والبلايستيشن والانترنت والثرثرة في الهاتف، وتوافر خدمات التوصيل السريع تحمل تلك الوجبات إلى المنازل من دون بذل أي مجهود، السكر والضغط وعلل القلب والكلى، أمراض صارت تظهر علاماتها وتتربص بأولادنا في سن باكرة كعرض واضح لأضرار تلك الأغذية مع إحجام عن تناول الأغذية المتوازنة المنوعة، في بريطانيا نشرت منظمة صحية إعلاناً أقض مضاجع الآباء، ويظهر في ذلك الإعلان صورة طفل يتناول عبوة زيت كبيرة الحجم ويشرب منها، ويكتب على ذلك الإعلان أن كمية الزيوت الموجودة في الشيبس والتسالي التي يتناولها الطفل في العام تساوي كمية ما في تلك العبوة، فهل يستطيع القلب والشرايين تحمل تلك الكمية الكبيرة، المشكلة أن بعض الأغذية الأخرى مثل المشويات والشاورما والمندي والعصائر الطازجة، المجهولة طريقة الإعداد والحفظ والتجهيز ومدة الصلاحية مواد ينبغي ملاحظة مشكلاتها الصحية تماماً، مثل الوجبات السريعة والوجبات الخفيفة والتسالي وإدمان المعلبات ذات المواد الحافظة طويلة الأجل، ما يؤثر تناول كميات منها على المدى الطويل على أجزاء مهمة من الدماغ.
بصيص الأمل بدأ يلوح مع ما تقوم به بعض الجهات هنا وهناك من جهود توعية صحية غذائية، مثل وزارة الصحة وبعض المنظمات والهيئات العالمية والمستشفيات الخاصة، ومشروع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، في مشاريع توعية صحية بأصول الحياة الغذائية السليمة، وكذلك مع دور طيب من وزارة التربية والتعليم ممثلة في الصحة المدرسية بالتحذير ومنع ومراقبة ما يقدم للأولاد في المدارس من وجبات المقاصف المدرسية مثل ما قامت به بعض المدارس في أميركا من منع لتقديم البيتزا في المدارس، لما لها من أثر واضح في زيادة أوزان الطلاب، وهنا أحيي الوزير السابق لوزارة التربية والتعليم الدكتور الرشيد على جرأته بمنع المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة، على رغم كل الضغوط من المجتمع ومن القطاع الخاص عليه وعلى وزارته.
لا أريد منكم الآن الوصول للسؤال المصيبة الذي يقال تهكماً وإفلاساً وعدم وعي بما نتناوله نحن وأولادنا المستأمنون عليهم: إذن ماذا نأكل؟!
ولكن يجب أن تتحكم في رغبات بطنك بعقلك، ولا يتحكم بطنك فيك وفي عقلك وفي جيبك وصحتك وصحة أسرتك

الاثنين، يوليو 30، 2007

سواق الأوتوبيس الخجول!


عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 30/07/07//
رحلة ممتدة متكررة تتوقف فقط في نقاط التوقف لتحميل ركاب وإنزال آخرين
وتمضي إلى سكة النهاية... خلف مقاود تلك الحافلات الكبيرة التي تنفث
الدخان وتزمجر بضجيجها بقوة، يجلس سائقون محترفون مهرة يستمتعون أحياناً
كثيرة بقدراتهم في المرور بين الحارات الضيقة، أو الرجوع للخلف في أماكن
مزدحمة، أو الالتفاف الانعكاسي السريع مطوحاً برؤوس ركابه، وشاداً لأعصاب
المارة والمتفرجين، وهم يشاهدون تلك الحافلة الكبيرة التي تلتف بسرعة
وتكاد تحطم السيارات والمباني، لكنها مسافة سنتيمترات فارقة يجيد حسابها
أولئك السائقون!
تجري مع أولئك السائقين مواقف مختلفة، وغالباً ما يكونون من نوع كثيري
الكلام وأصوات مرتفعة وأعصاب منفلتة، بشوارب كثة وأجسام ضخمة، يدخنون
بشراهة، ولهم ذوق خاص في سماع الأغاني القديمة من أغاني السّت
والعندليب... نوعيتهم في الغالب لا تطمئن الركاب، ما حدا بشركات النقل
وضع شروط واحترازات كثيرة على المتقدمين للعمل كسائقي حافلات مثل
التزكيات والسيرة الحسنة... وأن يتجاوز مرحلة معينة من العمر واصطحاب
الزوجة معه في الحافلة طيلة رحلة السير، خوفاً من أخطاء وتجاوزات أقلها
«البصبصة»!
لكن في برلين عاصمة ألمانيا الاتحادية كان هناك سائق مختلف ومن نوع نادر
وغير متوقع، إذ استقلت الفتاة «ديبورا سي» حافلته في رحلة غير معلومة،
بتلك الملابس غير المحتشمة والمثيرة التي كانت تلبسها، بحيث أنها استفزت
أعصاب السائق وأربكت قيادته طيلة الرحلة، خصوصاً إذا وجه بصره إلى
المرآة، ما أوقع السائق في حرج مع تلك «الزبونة» التي تسمح لها القوانين
هناك بلبس ما تشاء، وأن ذلك حق من حقوقها كإنسانة تتصرف بمزاجها، ولا
تعبأ بمشاعر الآخرين، أو بمدى الإرباك الشديد الذي تسببه لسائق الحافلة،
حين تقع عيناه عفواً أو عمداً على قطعة مكشوفة من هذه الجهة أو تلك!
السائق واجه اختباراً أوقعه في أزمة بمجرد ركوب تلك الفتاة العشرينية
الحافلة، واختيارها مقعداً استراتيجياً بالنسبة لمرآة السائق الكبيرة،
فأصيب بارتباك في قيادة تحتاج منه يقظة كاملة للطريق، لا تحتمل منه أي
لحظة استراق نظرة لديبورا التي لعبت بأعصابه، فلم تحتمل أعصابه ما يرى
من عري بعض أعضاء جسد ديبورا، ما أجبره على أن يطلب منها بصريح العبارة
وبصياح عالٍ أن تغير مكانها لأن ملابسها غير المحتشمة قد تتسبب له
وللركاب في كارثة!
لكن، ربما كانت الفتاة تمارس مع السائق والركاب لعبة إثارة الأعصاب،
فغيرت موقعها لكن لمكان أكثر استراتيجية بالنسبة لمرآة السائق ما أزعجه
بشدة، فألح عليها مرة أخرى أن تغير المكان والجلوس في آخر الحافلة، لأن
ملابسها غير المحتشمة لا تسمح له بقيادة آمنة، وهدد بإنزالها من الحافلة.
الرحلة امتدت والفتاة لم تبدِ استجابة جادة لطلبات السائق الخجول، ولم
تكترث بها، ما أدى به للتوقف بالحافلة، ورفض أن يستمر في قيادتها إلا بعد
نزول تلك الفتاة المربكة... نزلت ديبورا مكسورة الخاطر غاضبة حانقة تحاول
مسح دموعها بشيء من الخيوط القليلة التي تغطي جسمها، وتوجهت شاكية الى
السائق «قليل الذوق وقليل الأدب والرجعي والمتأخر وغير المتحضر والذي
ربما هو ألماني مشوب بالأصولية»، وشكته عند الشركة التي يعمل بها
وللجريدة التي تبرعت بنشر صورها بملابسها سبب المشكلة، لكن الجميل جداً
هو أن الشركة لما نظرت في الموضوع وملابساته، ولم توجه أي لوم للسائق
الخجول.
شيء جميل صراحة تصرف السائق في ظروف عمل كهذه، ومع راكبات لا يبالين
بالكوارث التي قد يتسببن فيها بسبب عدم مراعاتهن لمشاعر الآخرين، والأجمل
من ذلك تفهم الشركة التي شاركت سائق حافلتها رفضه لكل الملابس أو الأغطية
غير المحتشمة التي تلفت النظر وتتسبب في حوادث سير، مثل «العبايات»
المزركشة والمطرزة والفراشة والشبح والسترتش، ومن مثل هذه المسميات،
وأغطية ليست للستر وإنما للزينة، ولفت النظر بمكياج سهرة وكحل كامل، ما
تلفت أنظار السائقين والمارة فتتحول أبصارهم عن الطريق مما يحتمل معه
وقوع الحوادث والكوارث.
فلنرفض سلوك «ديبورا سي» وسلوك، وكل من لا تبالي بمشاعر وحقوق الآخرين مثلها

الأربعاء، يوليو 25، 2007

مساكن الماسكين

مساكن» المساكين
عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 24/07/07//

لست مختلفاً عن الناس، كنت متطلعاً ومتشوقاً جداً لبرنامج «مساكن»، وتوقعت أن يكون الحل النهائي والميسر لمشكلتي ومشكلة الكثيرين غيري، ممن يعيشون على خط التماس المتلازم مع سكان الشقق المؤجرة، الذين يترقبون طرقات صاحب العقار مع مطلع كل ستة أشهر ليقتطع مستحقه كاملاً غير منقوص، وأدفع أعلى فاتورة معيشة بين الفواتير التي أدفعها بين غذاء ودواء وكهرباء واتصالات ومواصلات! كل الأحلام الوردية التي كنا نعيشها في سكنى بيت العمر تبخرت وتلاشت، إذ كنا نؤمل أن نتجول في أركان المسكن الحلم قبل أن يشتعل الرأس شيباً، لكن تحطمت كل الأحلام والأماني مع تعثر قروض البنك العقاري وتأخرها المتزايد مع تزايد السكان وضعف الحلول المقدمة من هنا وهناك.
في مدينتي، وزارة الإسكان نجحت في بناء عدد اثنين من المجمعات السكنية بولادة متعسرة ونماذج لا تتوافق والاحتياجات الخاصة بأفراد الأسرة السعودية، التي يصل متوسط عددها إلى ستة أفراد، وتوقفت بعد ذلك، يبدو لي أن الفكرة في بنائها إلى تقديم عروض ونماذج وليست مشروعاً خدمياً كما هو المرجو منها، مشكلة السكن والسكان ليست مشكلتهم بالفعل، إذ من الصعب أن تتحمل وزارة مسؤولية إيجاد سكن لشعب بأكمله، لكن المشكلة تكمن في تجاهل لحق من حقوق الإنسان في وجود سكن له، إذ الشركات الكبيرة والقطاع الخاص لا يضع في جدول أعماله بناء مساكن مناسبة لمنسوبي الشركة، وأعظم خدمة يمكن أن تقدم هي القروض أو تأجير المنازل والشقق من المواطنين، ناهيك عن وجود مشاريع إسكان للموظفين من الإدارات الحكومية، عدا بعض المشاريع النوعية مثل المدن العسكرية والهيئة الملكية في الجبيل وما على شاكلتها، من التي تعامل الإنسان على أنه إنسان لا على أنه عصفور يعيش على الأشجار، وما زاد من حدة المشكلة هو توجه الإدارات الحكومية لاستئجار المنازل كمقار لها، فهناك فروع لإدارات حكومية وكليات ومدارس تقع في منازل ما أسهم في قلة المعروض وازدياد الطلب، وارتفاع كلفة البناء إلى أكثر من الضعف.
كما زاد من حدة المشكلة على الموظفين المساكين وباعد حلم سكنى بيت العمر، حتى على الطبقة المخملية من الموظفين القدامى ذوي الرواتب العالية أو المزدوجة أحياناً الناتجة من عمل الزوج والزوجة، وعزز من وجود المشكلة أسعار مبالغ فيها لأراضٍ في مخططات أحياناً كثيرة تكون غير مخدومة.
شركات المساكن ومشاريع الإسكان المقدمة من القطاع الخاص لا تلبي حاجات المواطنين من حيث الموثوقية الاعتمادية، مرونة التصميم وطريقة السداد وارتفاع التكاليف وضعف المنافسة في هذا القطاع، الذي ربما أبان لنا حاجة السوق لفتح فرص استثمار أمام المستثمر الأجنبي بطريقة منظمة للسوق، كهيئة للإسكان تسمح بدخول شركات مقاولات خليجية أو عالمية بدل هذه الشركات التي عجزت عن تلبية حاجة السوق، إذ لا يزال بناء الأفراد المقتدرين لمنازلهم عن طريق مقاولين (أبو عشرة عمال) أو العمالة المرتزقة، والبنوك والمصارف هي الأخرى لم تنجح في تقديم منتجات تسهم في حل المشكلة لارتفاع سعر الفائدة وتعقد الشروط على طالبي القروض.
وسط هذا الوضع الذي جعل 40 في المئة من المتقاعدين لا يملكون مساكن خاصة بهم ويعيشون في مساكن مستأجرة، داعب الموظفين منهم أخيراً أمل مشروع «مساكن» المقدم من المؤسسة العامة للتقاعد، التي قدمت منتجاً هزيلاً بائساً بشّروا به كثيراً، وانتظره الموظفون بتشوف، ولكن النتيجة تمخض الجبل فولد فأراً... فالشروط المعقدة وارتفاع سعر الفائدة يصل إلى مبلغ مساوٍ للمبلغ المقترض أو يزيد، يجعل من المؤسسة الصديقة للموظفين، والتي تغذت من دمائهم تتعشى بهم كذلك وترميهم لا أقول عظاماً ولكن كومة عظام مسحوقة، والشيء الغريب الذي لم أستطع أن أستوعبه هو شكوى الموظفين الذين تقل رواتبهم عن خمسة آلاف، والمتقاعدين من عدم السماح لهم بالاقتراض من مشروع «مصاص دماء الموظفين المساكين» واستغلال حاجتهم لمساكن.
كلي أمل أن توقف تلك المهزلة المسماة بمشروع «مساكن» وإعادة تقديمه بطريقة وطنية عقلانية، تعيش وتتفهم واقع الأزمة التي نعيشها وتقدم إسهاماً فعلياً بالحل وليس بطريقة انتهاز الفرص

الأربعاء، يوليو 18، 2007

أكثر الكتب مبيعا

أكثر الكتب مبيعا
نشرت في جريدة الحياة عدد يوم الاثنين 16-7-2007


تتحدث بعض الكتب الإدارية الحديثة التي تضخها دور النشر عن نظريات وأطروحات تكاد تتجه بنا للتقليل من جدواها وأثرها نظرا لكثرتها وتضاربها واستغراقها في التنظير الفكري البعيد عن التطبيق ، ويُذكر أن أحد المؤلفين العالمين في كتب الإدارة الحديثة المنتشرة هنا وهناك كانتشار أغاني أم كلثوم في السبعينات ، يقال أنه أعجب بمؤلفاته أحد رجال الأعمال فأراد أن يفوز بهذه الدجاجة التي تبيض ذهبا وتعاقد معه لإدارة مؤسسة خاصة من مؤسساته فكانت النتيجة مخية للآمال نظرا للمسافة الكبيرة بين النظرية والتطبيق والظروف والبيئات وغيرها ...

شخصيا لا أحب تقديس أي من الناس ولا تضخيمه ،كما لا أحب غمط الناس وهمزهم ولمزهم واحتقارهم أو أفكارهم والتعامل مع منتجاتهم الفكرية بشيء من الحدة العالية لدرجة التجاهل المتعمد ، وحبذا التوازن في كل شيء .. حتى في النظرة والتناول لهذه المنتجات الغربية التي يكتب عليها (بيع من هذا الكتاب كذا مليون نسخة )أو (أكثر الكتب مبيعا) وغيرها من الكلمات التي لم تعد تحدث كبير أثر في نفسية المتلقي والتأثير في اتخاذ قرار شراء الكتاب ، ومن الطريف أن تكون بعض هذه المؤلفات ليست مبنية على أبحاث وتجارب علمية وقياس علمي دقيق وتحليل نتائج يصل إلى توصيات وحقائق علمية حقيقية 100% ، فكثير منها عبارة عن نظرة تأملية في دراسة قفزة لشركة أو مؤسسة أو تميز عالٍ لأحد القياديين أو رجال الأعمال أو المسؤولين السياسين والعسكريين ، وباتت هذه المؤلفات تأخذ شكل التجارة والبيع والكسب مع افتقاد الجانب العلمي كما نوّهت سابقا عنها .. ولعلّ من المصائب - والمصائب جمة - ركوب بعض العربان الموجة نفسها وإغراق السوق والمكتبة العربية بكتب إدارية من هذا النوع عبارة عن قص ولزق وإنتاج مجموعة مرتزقة تجمع هذه المعلومات والترجمات من هنا وهناك ومن صفحات الانترنت ثم يوضع توقيع وصورة ساحرة للعبقري فلان الذي بالفعل صار يبيع لنا النصائح كما نصحت تلك القبّرة ذلك الصياد – القبرة :طير صغير – حيث قالت للصياد أطلقني وسأعطيك ثلاث حكم الأولى منها وأنا في يدك والثانية وأنا فوق الشجرة والثالثة وأنا أطير في السماء فوافق الصياد على العرض فقالت ( القبّرة): لا تندم على ما فات ، ثم طارت ووقعت على الشجرة وقالت : لا تصدق كل ما يقال ، ولما أرادت أن تطير قالت : يا أحمق كيف أطلقتني؟ إن في جوفي ذهبا كثيرا لو كان عندك كنت حزت مالا وفيرا ، فعض الصياد على أصابعه حزنا وكاد يبكي ثم قال لها هات الثالثة ، فقالت : كيف أعطيك الثالثة وأنت لم تعمل بأي من النصيحتين السابقتين !!

هذه القصة وأمثالها شبيهة بواقع بعض المفتونين بالكتب الإدارية والذين لازالوا ينهلون المزيد منها لكن دون الدخول في عملية التطبيق والاستغراق في الاستمتاع الأدبي والفني بالقصص والمواقف التي يوردها المؤلف من هنا وهناك .

والمصيبة أن يكون عندنا برامج تدريبية تقوم على اعتماد كتاب من هذه الكتب كمادة أساس للدورة التدريبية

عودة على ذي بدء :بعض الكتب الإدارية التي اطلعت عليها مؤخرا أو اطلعت على ملخصاتها تسوّق مادتها على طريقة هدم السابق واعتماد طريقة جديدة مطلقا ، بعضها يحاول التنظير في طريقة اترك كل شيء وابدأ بتجربة جديدة ، وبعضهم يخادع القارئ بعبارات دعائية من مثل تحوّل إلى مدير وقائد في ثلاث ساعات وكأن العملية طبخة مندي دجاج... ومن مثل هذه العنوانات التي غدت شكلا من أشكال المتاجرة بعقول الناس ما يحتاج معه القارئ أن يختار لعقله ما يغذيه به كما يختار لمعدته ما يغذيها به.


السبت، يوليو 07، 2007

قبلة غير بريئة

قبلة غير بريئة

عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 07/07/07//

يوم 6 تموز (يوليو) مناسبة لا أعرف من الذي اختارها وعيّنها يوماً عالمياً للتقبيل. يقال إن هناك طقوساً ومسابقاتٍ تُجرى، واستعدادات لهذا اليوم، شخصياً لا أعلم عن هذا اليوم شيئاً إلا ما جاء بالصدفة وأنا أقرأ أحد الأخبار التي نقلتها الصحف ذات يوم، عن دعوة للعشاق لمسابقة أطول قبلة تحت الماء (اللي اختشوا ماتوا). أذكر ذات مرة قبل سنوات تقارب نيّفاً وعشرين، أننا خرجنا من المسجد وكانت طفلة جميلة تقطن قرب المسجد واقفة على باب منزلها، فما كان من أحد الأطفال الذي خرج توّاً من الصلاة إلا أن توجه إليها وقبلها قبلة غير بريئة، ولا أتذكر إن كان ذاك اليوم هو السادس من تموز أو غيره، إلا أن ذلك الطفل ما كان له أن يفعل ما فعله إلا تطبيقاً لمشاهد التقطتها عيناه من أفلام الفيديو، إذ لم تكن الأطباق اللاقطة والقنوات الفضائية موجودة في ذلك الحين، وقنوات التلفزيون الخليجية تحظر عرض مشاهد التقبيل.
ومن الطريف أيضاً عند الغرب إجراء استفتاء بين الشباب من الجنسين عمّن يرغبون في إلقاء قبلة عليه في ذلك اليوم من المشاهير - ولذلك لا أريد أن أكون مشهوراً.
الأكثر طرافة هو أن أحد مصانع أصابع أحمر الشفاه الذي لم يعد أحمر فقط بل تعددت ألوانه إلى البنفسجي والوردي والعنابي... إلخ، يوظف أشخاصاً مهمتهم فقط اختبار المنتج على الشفاه ومدى بقائه وعدم تأثره بالتقبيل! بالتأكيد وظيفة حلوة... «أحسن من البطالة»... وقبل أن يتقدم أحد للعمل في تلك المصانع أود أن أكمل بأن التطور أدخل أولئك الموظفين في سلك البطالة، بعد اختراع آلة مهمتها التقبيل والقيام بالاختبار.
على أية حال، القُبلة معروفة عند العرب، وربما عبّروا عنها بالشمّ وأحياناً باللثم، وفي أشعارهم الشيء الكثير عنه في القديم والحديث، فيقول امرؤ القيس:
فقبّلتها تسعاً وتسعين قبلة ,,, وواحدة أيضاً وكنت على عجل
إيه يا امرأ القيس هذا فعلك «وأنت مستعجل»، لا أعرف كم كان سيصل الرقم معك مع التأني؟! أما شاعر الفضيلة والحياء (نزار) فقد حطم الرقم القياسي الذي وصل إليه امرؤ القيس، إذ يقول في إحدى قصائده:
الشمسُ نائمةٌ على كتفي ,,, قبّلتها ألفاً ولما أتعب ِ
وهنا أتساءل: هل كان نزار يعمل في مصنع «الرّوج» (أحمر الشفاه)؟! ومن شعر نزار أشكّك في أن تكون أصوله عربية، إذ كان عند الأوروبيين تقليد في القرون الوسطى بأن يقبّل العريس عروسَه مئات القبلات، وإلا أخذ المعازيم هداياهم التي جلبوها.
والشيء بالشيء يذكر... صرّحت الممثلة (د ب) لإحدى الصحف بأنّها رفضت تمثيل مشاهد قُبَل ساخنة وهي صائمة في رمضان، وأجّلت مشاهد التصوير تلك إلى الليل!
وأجد أن من الجميل أن أذكر هنا أنّ السُّنّة المطهرة حملت لنا آداباً وأحكاماً في التقبيل (بين الزوجين)، فقد كان عليه الصلاة والسلام يشدد على وجود الرسول بين الزوجين، وهو القبلة.
وأخيراً لعل من المناسب أن نوسّع مفهوم القُبلة لتشمل تقبيل رأس الوالدين، وتقبيل الأولاد صغارهم وكبارهم ذكرهم وأنثاهم، فقد ثبت أن هناك فراغاً عاطفياً كبيراً بين الأولاد يؤدي بهم للوقوع في أخطاء كثيرة وكبيرة بسبب الفراغ العاطفي، الذي ربما منعت بسببه بعض التقاليد والأعراف من بعض أبجديات التواصل الإنساني في الأسرة الواحدة.

الثلاثاء، يوليو 03، 2007

في الصيف لازم نحب

في الصيف لازم نحب

عبد المنعم الحسين جريدةالحياة - 02/07/07//

أكثر ما يتعذر به الناس عن قيامهم بأعمال اجتماعية وثقافية لهم ولـمن حولهم، حتى أقرب الأقربين من أولاد وزوجة، تكون في عامل الوقت وضغط العمل، وعدم وجود فسحة من الوقت لعمل شيء أي شيء، هذه الأسطوانة المكررة المملة تجعل من أحلام وتطلعات المجتمع الصغير، وهو الأسرة من الصغار أو الزوجة والأقارب، في تواصل أكثر من الأيام العادية، تجعل ذلك بعيد المنال وحلماً من الأحلام!هل فكر أحدكم في حجم المشكلة الكبيرة التي نراها كل عام، من تسكع الشباب في الشوارع وتجمعاتهم لساعات الصباح الأولى في الأركان والزوايا من الحارات والأزقة، ولا تملك دوريات الأمن أي دور معهم، بحكم أنهم يتجمعون أمام منازلهم أو منازل أصدقائهم، أو إن فرقتهم مشكورة ما يلبثون أن ينتقلوا لموقع آخر، ثم يعودون للموقع نفسه بعد ساعات أو أيام قلائل. إن المشكلات التي تنهمر على مراكز الشرط وعلى الهيئة، تدق ناقوس الخطر طيلة أشهر الصيف تجاه الممتلكات والأرواح والأخلاق، ونقول اللهم ربنا سلّم سلّم حتى تنتهي غمامة الصيف، ونصل إلى بر الأمان من العام الدراسي الجديد، لتنتظم حياتنا وأمورنا ونكون أهدأ حالاً تجاه مجتمعنا.المتنفسات متنوعة لكن يبدو أنها لم تعد تلبي حاجة الجيل الجديد، ما يجعلهم يفكرون في طرق جديدة مبتكرة للتنفيس عن ذواتهم وطاقاتهم المكبوتة، ما يجعل من الهادئين الوادعين أصنافاً وألواناً من المشاكسين في نهاية الإجازة الصيفية... نحن نحب أولادنا ومجتمعنا من دون شك، لكن في الصيف نحتاج أكثر لنترجم هذا الحب بتفكير جاد، وعمل اجتماعي تكاتفي من رب الأسرة وإمام المسجد والمربين والدعاة وكل المخلصين أمام جيش التخريب الأرعن، الذي يحارب بأدوات قديمة متجددة متلونة من الفراغ والشباب والمال، يجعل من وجود التقنيات من الانترنت والجوالات في أيدي المراهقين والمراهقات، آفة خطرة ترجمت عنها دراسة حديثة عن شباب جدة بأن 33 في المئة منهم تحتوي جوالاتهم على مقاطع إباحية، وأن 16 في المئة منهم يستخدمون الجوالات لمعاكسة الجنس الآخر.نعم نحتاج لنترجم تلك المحبة نحو الوطن والمجتمع والأولاد والزوجة، إلى أعمال نستثمر فيها طاقات وأموالاً وأوقاتاً بتخطيط وتنظيم ومشاركة ومساعدة للأولاد والشباب عموماً حتى يتجاوزوا الأزمة ويخرجوا منها بأرباح لا بخسائر، ونندم حيث لات ساعة مندم، يجب أن نحمل الهم ونفكر في جدولة الإجازة من سفر محافظ وتزيين قراءة وزيارة مكتبات وجلب مواد نافعة مغرية بالقراءة من صحف ومجلات وحاسب وتقنيات وألعاب فكرية متقدمة، ومشاركة في دورات تدريبية في اللغة الانكليزية والحاسب، وتدريب على رياضات الدفاع عن النفس والسباحة وغيرها على هوى ما يرغبون ويشتهون... المهم أن نعمل شيئاً ونعلمهم مهارة حياتية ونشجعهم على تنمية الروح الإيجابية والمحبة للناس والمجتمع والوطن.

الأربعاء، يونيو 27، 2007

التصويت


لتصويت

عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 25/06/07//

كان التصويت الذي نُشر في موقع «العربية» الأسبوع المنصرم، مؤشراً كبيراً على حال التداعي التي يعيشها طرفا المجتمع، اليسار المتفتح واليمين المحافظ، وحيث أسفرت نتيجة التصويت عن تقدم كبير لأنصار اليمين، الذين كانوا يصوتون مع بقاء الهيئة على ما هي عليه، وعدم الاستجابة للمنادين بالتعديل في طريقة عملها.
كانت الرسائل التي تنادي بالمشاركة في التصويت تنهمر على جهاز الجوال الخاص بي لطلب المشاركة مع الرأي المنادي ببقاء الهيئة، وكذلك تتداعى الرسائل على بريدي الالكتروني مع رابط التصويت، لتكون شبه المباراة أو الحرب بالتصويت مع أو ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكان كل من يرسل لي رسالة من هذا النوع أرد عليه بعبارة «مبروك عليك انضمامك لجماعة انشر تؤجر»، فيستفز بذلك الرد ليتصل مهاجماً ومدافعاً عن رأيه، وعن طريقته، وأنك لا تكون مثبطاً أو متخاذلاً مع هذا الجهاز، فيما إني لا أرى بداية أي تأثير يذكر لنتائج هذا التصويت، خصوصاً أن الفوز فيه - نزولاً مع عبارات المتنافسين - لا يعني بالضرورة فوزاً حتمياً، لأن نتائجه مطعون فيها لأسباب منها أنها لا تمثل وجهة نظر كل المجتمع... كما لا ندري سلامة تقنيات التصويت ومقاومتها لتدخل عناصر «الهكر» المحترفين المتلاعبين في نتائج التصويت، كما حصل مع موقع «الجزيرة» السابق حين وضع التصويت لاعب الكرة ماجد عبدالله مع عدد من المنافسين سابقاً وغيرها، أو أن يخضع ذلك الموقع لطريقة تكرار التصويت التي يستطيع المبتدئون العمل بها، بمسح آثار زيارة الجهاز للموقع وتكرار التصويت، ولو كانت نتائج التصويت على «النت» سليمة ومقبولة مئة بالمئة لتم الأخذ بها في التصويت في منافسات الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول، إذ لا زالت عمليات التصويت تجرى عند صناديق الاقتراح فقط.
ذلك التصويت، أنا واثق أنه شارك فيه من لا يعرف أساساً ما الموضوع وما المشكلة، وأي العبارتين التي تمثله شخصياً، بل كان مدفوعاً مع روابط معينة لأي من الطرفين، لكن الطريقة التي تداعى لها المشاركون لا شك أنها نوع من المشاركة الفاشلة التي يشارك فيها من لا يسهمون بالرأي في مناقشة قضايا البلد الحساسة.
أنا على يقين أن كل من أرسل لي أو لغيري من هذه الرسائل، أنهم يحملون غيرة وحباً جمّاً لهذا الجهاز الذي يؤدي دوراً مهماً بغض النظر عمن يقوم به، الهيئة أم الشرطة، أم رجال التربية والتعليم، أو أي مسمى آخر؟ المهم عندي تحقق الخيرية في الأمة بدليل الآية الكريمة في سورة آل عمران « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر».
وهنا أعود للحديث عن مجاهدي رسائل الجوال والبريد الالكتروني المتحمسين، لأوجه سؤالاً إليهم: هل قام أحد منكم بزيارة لجهاز الهيئة وعرض عليهم خدماته التي لا يعدم الناس في كل مواقعهم، صغاراً أو كباراً، ذكوراً أو إناثاً، أن يكون لهم رأي أو مشاركة أو دور أو مساندة لهذا الجهاز؟
في التعبير الشرعي السلفي يسمون ذلك نصيحة على الأقل نصيحة أو تدريباً أو توجيهاً أو دعماً معنوياً أو مادياً يحتاجه الجهاز، وأتساءل: أين الشركات الداعمة والمتبرعة والراعية عن جهاز الهيئة، لتطويره وتحسينه وتطوير أدائه، ودعم مسيرته، فكل أجهزتنا الحكومية والأمنية في لحمة كبيرة جداً مع المواطن ومع القطاع الخاص، والأمثلة على التشارك والمشاركة من المواطنين ومن الشركات الأهلية والقطاع الخاص مع الجهات الحكومية كثيرة أكثر من أن تذكر، لكن لا يمنع أن أذكر للقارئ مشاركة شركة سابك بتأمين جهاز كشف سرعة متقدم للمرور في الجبيل، وقس على ذلك، لكن في تلك المشاركة لم يفز في الحقيقة سوى شركات الاتصالات التي كسبت من ضخ رسائل جماعة «انشر تؤجر»، وفي انتظار حملاتها الجديدة

الثلاثاء، يونيو 19، 2007

قناتك تحدد شخصيتك

قناتك» تحدد شخصيتك

عبد المنعم الحسين جريدة الحياة الحياة - 19/06/07//

في السابق كانوا يرددون عبارات مثل قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت؟ بعد ذلك تحولت إلى قل لي ماذا تقرأ، أقل لك من أنت؟ لكن بعد امتلاء الفضاء بقنوات كثيرة ربما تزيد في عددها على الثلاثمئة قناة عربية حتى الآن ناهيك عن القنوات الأجنبية، وبناء على متغيرات ورغبات المشاهدة لا نستطيع أن نحدد ما القناة المفضلة للمشاهد العربي، حتى لو صوّت لها بأنها قناته المفضلة، نظراً لسلوك المشاهدة الخفي الذي لا يظهر للناس، وقد لا يظهر حتى للمقربين جداً للمشاهد نفسه، ونظراً لأن أياً من الدراسات التي ترصد سلوكيات الناس وعاداتهم وفق اختبارات من مثل هذا النوع لم تتم حتى الآن، وافتقار مكتبة البحوث والدراسات لشيء من الرصد حول تصنيف الناس بحسب مشاهدتهم، فسأقدم عبر هذه المقالة السريعة خدمة جديدة ظنية، أنه لم يسبقني إليها أحد، قد تكون نواة بحث وتقصٍ، وحتى التوصل إلى ذلك البحث بعد سنة أو أكثر يمكن لمحبي الاطلاع على تلك التصنيفات الاستفادة من هذه الأطروحة التي تعتمد على طريقة ظنية، وفق انطباعات شخصية مع محاولة الاستفادة من موروث الخبرة التراكمية من تحليلات الأشخاص وفق الاختبارات المتعددة، وكذلك الاطلاع على الدراسات التحليلية في علم النفس وما شابه.
إذا وصلت إلى هنا عزيزي القارئ فأنت مهيأ تماماً لتلقي التصنيفات الآتية: حيث الناس الذين لا يستطيعون أبداً التوقف عن الضغط على زر التبديل في جهاز التحكم عن بعد، فهم أشخاص ملولون متضجرون من كل شيء حولهم، يعيشون حال اضطراب مزمن في حالتهم النفسية، ويفشلون دائماً في بناء علاقات مستقرة مع الناس، أما من يفضلون قنوات المسلسلات بأنواعها فهم بالتأكيد أحسن حالاً من أولئك، لكن هم صنف يعيش فراغاً كثيراً، وسعة من الوقت، وحسّيون، يحبون الإطناب والتفاصيل، ولا يميلون للأنشطة الحركية، وإنجاز الأعمال، ويعيشون حال قصص قبل النوم، وأهم حاجة عندهم هي مشاهدة الحلقة الأخيرة.
أما مشاهدو القنوات الإخبارية فيتنقلون بينها وحواراتها، فهم محبو صدارة اللقاءات، والاجتماعات، والأحاديث في المجالس... وأكثر ما يقهرهم هو سماع الأخبار من الناس قبل مشاهدتها على القنوات، أما من يفضلون مشاهدة القنوات الدينية، بغض النظر عما تعرض، ويرفضون ولو ظاهراً مشاهدة غيرها، فهؤلاء متدينون، أو هكذا يظنون، أو الصورة التي يريدون أن يظهروا بها بين المجتمع.
رياضيو المشاهدة التلفازية المتابعون للدورات والتحليلات، يعيشون هماً يستغرق كل تفكيرهم، ويجعل منهم أناساً تجاوزوا التسلية إلى الإدمان، والفرار من المشكلات اليومية والاجتماعية، والعمل على متابعة لا نهاية لها مع كل الدوريات والمنافسات!
تحمل معي عزيزي القارئ، بقي صنفان آتي عليهما، وأنتهي وهما: صنف مشاهدي القنوات الغنائية، يقلبون أسماعهم بين هذه وتلك، وربما هم يقلبون أنظارهم بين محاسن تلك الراقصة، وتلك في الفيديو كليب الذي يعرض ليعشوا حالة مستمرة من الأحلام الوردية والأماني والخيالات، يعيشون في ما بينها ويدمنون عليها، ويفرون من واقع بات لا يناسبهم، ولا يستطيعون العيش من دون سماعات الرأس في كل مكان حتى في دورات المياه!
الصنف الأخير هم محبو مشاهدة أفلام الحركة، والإثارة الذين باتوا يتابعون قنواتها المفتوحة والمشفرة بحثاً عن الجديد الذي تقذف به استوديوهات هوليود، يعانون من الضغط والتوتر، ويحبون العيش المستمر في حال الشد، مشروبهم المفضل هو القهوة والمنبهات، ومشروبات الطاقة، عندهم ثقافة أجنبية، وتقبل عالٍ للعولمة، ومفاهيم الحضارة والتحضر، وأسلوب الحياة الغربي المفتوح... تكون مشكلتهم أكبر لو استغرقوا في مشاهد أفلام تحفز حواسهم، وتحط من تفكيرهم، قد تؤول بهم لتصرفات لا أخلاقية.
هل بقي صنف آخر لم أذكره؟ ربما هم الأشخاص العمليون المستغرقون في أعمالهم وتجارتهم، وسرقتهم «الانترنت» بحيث لم يتبق إلا أوقات يسيرة لا تذكر ليشاهدوا فيها الفضائيات .

الجمعة، يونيو 15، 2007

التعليم الأهلي وأهل التعليم

التعليم الأهلي وأهل التعليم نشرت في جريدة اليوم سابقا
بمناسبة انعقاد ملتقى التعليم الأهلي في الأحساء أشعر أني بحاجة إلى طرح تصورات وأفكار وانطباعات عن التعليم الأهلي ،
أول ما سأبدأ به هو طرح التساؤلات التالية :
ما الحاجة لتعليم أهلي في حال الحكومة لم تقصر في وصول المدارس والكتب في كل قرية وهجرة ؟
ما الداعي لوجود أبناء وبنات المسؤولين و المسؤولات في مدارس أهلية ؟
هل تتساوى المدارس الأهلية في الخدمات والمعلومات والمنهاج والمباني والرسوم ؟
هل هناك تنظيم خاص من الوزارة يقنن رسوم المدارس أو تترك العملية لبورصة السوق ونظام العرض والطلب ؟
لماذا لا تكون المدارس الأهلية امتدادا للمدارس الأهلية القديمة في الطريقة والفكر وتحديد المناهج المطلوبة ؟ وتقل مركزية مناهج الوزارة وتكون هناك حرية أكبر في اختيار كتب ومقررات عالمية أو أكثر خصوصية وإقليمية ؟
طرفة ونكتة أن يكون أبناء وزير التربية والتعليم في مدرسة أهلية ؟ وقد طُرح هذا التساؤل على معالي الوزير في عدد من مجلة " المعرفة " أترك للقارئ العودة للعدد للبحث عن إجابة الوزير وأبرك له أيضا حرية القناعة ؟
لماذا لا تقدم المساعدة للتعليم الأهلي والمدارس الأهلية لأولياء الأمور مباشرة كتخفيض في أعباء الرسوم بدل ما تمنح للمدارس ؟
هل أنتجت المدارس الأهلية العلماء والعباقرة كما يتأمل كل ولي أمر طالب
أظن والله أعلم أنا من أب أو أم إلا ويتمنى لولده أن يدرس بالمدرسة الأفضل وبوده أن يستثمر في تعليم أولاده كما يستثمر في تغذيتهم وملابسهم والترفيه الموجه لهم ، ولكن بصراحة إذا يسر الله لي المرور على مدرسة من المدارس الاهلية ورأيت صفحات وجوه الطلاب الخارجين من المدرسة أو الحافلة التي تقل الطلاب وإزعاجهم وفوضويتهم وكونهم يتعلمون بفلوسهم وأنهم طبقة راقية .. أقول بصراحة الفكرة ترجع بي مرة أخرى للوراء خطوتين !!
وأطرح فكرة أرجو أن تجد قبولا عند ملاك المدارس الأهلية لماذا نفكر بطريقة واحدة فقط وهي أن الطالب إما في مدرسة أهلية أو حكومية لماذا لا تكون هناك خيارات إضافية وهي من مثل استقطاب المتفوقين تخفيض الرسوم لهم عمل برامج ومحاضرات تسويقية لأولياء الأمور تشرح لهم جدوى الاستثمار في تعليم أولادهم في المدرسة الأهلية ( س ) أو ( ص ) ؟
أو يدرس الطالب مقرر الصف الأول متوسط في مدرسة حكومية ويدرس مساء في مدرسة أهلية منهج الصف الثاني المتوسط ليختصر المسافة التعليمية ؟ أو يدرس دروس تقوية في المساء ؟ في المدرسة الأهلية ؟ أو يمارس أنشطة لا يمكن القيام بها في المدرسة الحكومية في الفترة المسائية ؟ أو إقامة برامج دورات وتأهيل مهني للطلاب في الفترة المسائية بأسعار خاصة
أظن لو عملت المدارس الأهلية بهذه الأفكار لتضاعف عدد الطلاب المستفيدين منها والمجتمع أيضا بدل حكر التعليم الأهلي على الصورة القائمة حاليا ؟

الثلاثاء، يونيو 05، 2007

تجربتي في الحوار الوطني

تجربتي في الحوار الوطني

عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 05/06/07//

كانت تجربة مثيرة ولذيذة وماتعة للغاية عند مشاركتي للمرة الأولى في الجلسات التحضيرية للحوار الوطني، الذي يأتي هذه السنة بمحاور كلها تدور حول العمل والبطالة ومجالات عمل المرأة، ودور القطاع الخاص في توفير الوظائف... ولا أخفي سروري واغتباطي بدعوتي للمشاركة في اللقاء حتى ولو كان ورشة تحضيرية، استعداد راقٍ من الفريق من المنظم، وتكامل وتناسق في الأداء، وخدمة راقية من الشباب في أسلوب التخاطب، والتعامل الرائع، ولا أريد أن أسمّي أحداً لا لسبب إلا لكون المجموعة كلها رائعة فلا أريد أن أظلم أحدًا منهم.
المكان الذي أقيمت فيه الفعالية «فندق الظهران» كان هو الآخر على مستوى الحدث استيعاباً، وتجهيزات، وقدرة في التعامل مع العدد الكبير في وقت واحد... لم نواجه أي صعوبات لا في النقل، ولا في الصوتيات، ولا أخطاء في عروض الحاسوب المعتادة... كان كل شيء يسير بجودة ودقة عالية، بالتأكيد كان الإشراف والحرص الشديدان على الرقي الحضاري، وتقديم منتج وطني عالي المستوى، هو الذي جعل الأخطاء كما يقول أهل الجودة العصريون وهبط إلى مستوى صفر... لا أخطاء عمل بشري، لا أقول كان عملاً كاملاً، لأن الكمال لله، لكنه كان أقرب ما يكون إليه.
وجه الفخر في المشاركة ليس بالمشاركة وحضور الفعالية فقط، ولكن أن تشعر بذاتك بأهميتك باجتماعك في مناسبة الأعمدة في الصحافة، وأصحاب مسؤوليات عليا في وزارات الدولة، وتعطيهم أفكارك وتحاورهم، مع وجود لجنة تقيد محضر اللقاء كله وتلخصه، في صيغة نقاط وتوصيات تسلم لأصحاب الاختصاص والشأن لمزيد من الدرس وبدء العمل بها، هي متعة التجربة.
كانت القناة الوحيدة التي رصدت الحدث نقلاً حياً على الهواء مباشرة، وبلقاءات مع الحضور هي«قناة الإخبارية»، التي أحييها لتسليطها الضوء على هكذا برنامج، لأنه لا مقارنة بينه وبين ما تبثه القنوات من حوارات ولقاءات مطوّلة مع أشباه فنانين وفنانات، أو برامج تلفزيون الواقع التي تضخ لنا ليس لمدة أربع وعشرين ساعة هراءها، ولكن تبث - لمدة شهور - هذه المهزلة للناس، وتجد التفاعل منهم - آسف أقصد من مراهقيهم المتقدمين والمتأخرين - فوجود 200 رجل وامرأة مختارين بعناية متنوعي الثقافة، والمكان، والعمر، والمسؤولية، والتخصص وكلهم يتحدثون في هم واحد... لحدث يستحق النقل والتوثيق ودعوة الناس للمشاهدة، والمشاركة بالتصويت والكتابة عبر شريط SMS المتحرك أسفل الشاشة لمزيد من النقاط والحلول لمشكلاتنا مع العمل وشح الوظائف لشباننا وشاباتنا.
أكثر محور إثارة للجدل كان محور وظائف المرأة، والفرص الوظيفية أمامها، إذ لا تزال خصوصية المجتمع، وقوانين الشريعة، والعادات والتقاليد، تقف حاجزاً أمام كثير من أفكار تناقش إيجاد وظيفة للمرأة غير وظيفة المعلمة التي يطمئن فيها الولي بدرجة كبيرة جداً لأنها لا تتعامل فيها إلا مع نساء مثلها، وبالتالي هذا الحلم الذي جعل المرأة تدرس وتتعلم وتنتظر وظيفة في سلك التعليم حتى ولو كانت في المريخ، أما ما عداها من الوظائف فتقابل بنظرة ازدراء لأنها تتطلب اختلاطاً بالرجال!
رأيي أن المرأة في التاريخ والعصر الإسلامي الأول اختلطت بحجابها الكامل بالرجال، وليس ثمة ما يمنع من العودة للتاريخ والشريعة لاستنباط حلول، ومعالجات لأخطاء التطبيق والمفاسد التي وقعت في دول إسلامية كثيرة لم تحسن تقدير السلبيات التي يمكن أن تنجم من الاختلاط، إذ لم توضع له ضوابطه الشرعية.

الأربعاء، مايو 30، 2007

ملابس الاعتراض


ملابس الاعتراض!

عبد المنعم الحسين جريدة الحياة - 28/05/07//

قبل أكثر من ثلاث سنوات، وأثناء النهار، وفي أحد شوارع أميركا وقفت فنانة تشكيلية سورية كبيرة، أرادت أن تعترض على سياسة أميركا في الشرق الأوسط، إذ قامت بإلقاء ملابسها على الأرض، ونقلت شاشات التلفزيون، ومواقع الانترنت، صور المرأة المعترضة، والعبارات التي كتبتها على قميصها المُلقى على الأرض. ولأن الأفكار تتداعى، والأحداث تتشابه، فقد وقعت حادثة اعتراضية أخرى من سيدة مصرية توجهت إلى مطار القاهرة الدولي، من دون تذاكر، أو إثبات هوية، أو جواز سفر، أرادت ركوب الطائرة، وعندما ردها رجال الأمن غضبت بشدة، وأخذت في الصراخ ثم خلعت ملابسها كاملة اعتراضاً على موقف رجال الأمن! وفي استراليا أرادت مجموعة من النساء التعبير عن غضبهن على تصريحات خطيب الجامع المصري الذي شبههن وتكشفهن باللحم المكشوف الذي تأكل منه القطط، فدبرن لمسيرة كبيرة تنطلق من الساحة المقابلة للمسجد الذي يخطب فيه الشيخ المصري، وهذه المسيرة كلها من نساء عبرن عن اعتراضهن على تلك التصريحات وقمن بخلع ملابسهن والسير عاريات!
وهذه الظاهرة الغريبة, إن صح أن نطلق عليها ظاهرة الاحتجاج والاعتراض بخلع الملابس, هي شيء نفسي وغير مبرر، وعندنا في الجزيرة العربية إذا بلغ الغضب بالرجل مبلغه، خلع شماغه ورماه على الأرض إشارة للاعتراض... وقد يكون السبب في التعبير عن الغضب برمي الشماغ نظراً لما تعورف عليه عندنا من الالتزام بالزى الوطني، وأدبيات الشريعة في العدالة والرزانة بالحفاظ على الرأس مغطى، وعدم المشي حاسراً. وأذكر أن الشيخ محمد العمر الملحم - رحمه الله - حين درسني كان يقول: «غطّ شعرك فهو لا يخلو من حالين، إن كان جميلاً فاستره عن أعين الناس كي لا يحسدوك، وإن كان قبيحاً فاستره كي لا يعيروك»! وليتك قد عمّرت يا شيخ محمد كي ترى الشباب ماذا أحدثوا من بعدك من القصّات، والمسمّيات، ووضع الكريمات والجل، والمثبتات التي غدت أمراً غير قابل للنقاش أو الجدال، ويجب عليك أن تسلّم به، وتتعايش معه، ولا تعترض عليه... وإلا فستكون رجعياً متزمتاً في قمة التخلف، وعدم مسايرة العصر الحديث، وربما المدارس تعيش صراعاً كبيراً مع طلابها في شأن محاربة تلك القصات, سواء كانت مغطاة بالشُّماغات أو مكشوفة، وهناك نهي شرعي عن ممارسة طريقة الاعتراض بخلع الملابس، أو تمزيق الثياب، أو اللطم والشد، «فليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب»، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وفي ليلة كنت جالساً وادعاً بين أهلي، قطع علي هدأتي وسلوتي صوت رنين الجرس المتصل، مؤذناً بأن هناك مزعجاً يقف على باب المنزل، وذهبت أستطلع الخبر، فإذا برجل صعيدي يبكي ويصيح، ويتمتم بكلمات غير مفهومة، وأنا أقف أمامه مشدوهاً، ولا أحد يستطيع أن يبين لي ما المشكلة، وبعد محاولات استطعت أن أفهم منه أنه تهور وغضب غضباً شديداً، وقام بتمزيق ثوبه, فهو يسأل: هل بتمزيق ثوبه خرج من الملة وكفر، أم لا؟ فأخذت أهدئ من روعه، ثم حاولت أن انسحب منه بهدوء هو ومن التقيتهم معه لاحقاً ممن أغاظوه حتى دفعه الغضب إلى تمزيق ملابسه.
عموما أنصح الناس سريعي الغضب، الذين يقدمون على أفعال مثل تمزيق ملابسهم أو خلعها, بلبس ملابس سميكة ومتينة وصعبة فتح الأزرار، ولنصطلح عليها اصطلاحاً خاصاً بأنها «ملابس الاعتراض».

الأحد، مايو 27، 2007

سلطان الخير ألف تحية وتحية

مرحبا أقرأ مقالة عبدالمنعم الحسين

سلطان الخير... ألف تحية وتحية

جريدة الحياة - 21/05/07//

كانت لفتة رائعة، بل وأكثر من رائعة ما تعامل به الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد الذي استقبل وفداً من وجهاء محافظة الإحساء - لا أعرف حقيقة تعريفاً علمياً لهذه الكلمة يجعل المصطلح منطبقاً عليهم أم لا - لكن هم مجتهدون، ومبادرون، توجهوا إلى صاحب القلب الكبير سلطان بن عبدالعزيز، وعرضوا عليه بعض آمال، وأحلام المحافظة، فكان الرد أن أبدى سموه تجاوباً رائعاً بكرمه وجوده المعتاد - حفظه الله تعالى وجزاه الله عنا وعن جميع الأحسائيين على هذه اللفتة الكريمة منه.

الإحساء بلد المليون والمائتي ألف نسمة في أقل التقديرات لعدد السكان بقلوبهم جميعاً يشكرون ولي العهد على عطائه السخي لهم بتبرعه بمستشفى القلب، وأمره الكريم بربطه بمستشفيات القوات المسلحة العسكرية إدارياً مع موازنة تشغيلية، وكذلك تبرعه للمركز الحضاري بـ 10 ملايين ريال، وتبرعه - أيضاً - بموازنة تشغيله مليون ريال سنوياً، إضافة إلى بناء مقر لمركز التنمية الأسرية بتكلفة ثلاثة ملايين ريال.

إنها هدايا عظيمة، وكبيرة نشكر عليها سمو ولي العهد، ونكرر الشكر، وبعد أن خفقت قلوب الأحسائيين فرحاً بهذا العطاء، فبلا شك أن مركز القلب أمر ضروري ومهم جداً خصوصاً في ظل الانتشار العالمي لأمراض القلب، ما احتاج معه ضحاياه إلى مستشفى تخصصي للعلاج، أما مركز التنمية الأسرية فلا يستطيع أحد أن ينكر أن قفزة هذا المركز الناشئ الجديد تُعد قفزة في العمل الخيري بقيادة الدكتور خالد بن سعود الحليبي ما يقدمه من الدورات والمحاضرات والإصدارات في مجال الاستشارات الأسرية ما يسهم في الحد من التفكك الأسري، ومن ظاهرة تفشي الطلاقات، والمشكلات الأسرية المتنوعة، ما يحتاج معه لصرح بنائي يحوي آمال وطموحات القائمين عليه ويأتي بالخير العميم لجميع سكان المحافظة.

أما عن المركز الحضاري - وهو بيت القصيد هنا - فليس هو الأول من نوعه في المحافظات ولا من عطاء وسخاء الأمير سلطان - حفظه الله تعالى من كل مكروه وسوء - لكن تفعيل هذا المركز الحضاري وجعله يحقق طموحات ورؤى وما يليق باسم المتبرع به يحتاج إلى إدارة منتقاة بعناية تمزج بين الاحترافية والتطوعية، والخبرة الإدارية في إدارة مثل هذه المشاريع الحضارية ذات البعد الثقافي والاجتماعي، فهو ليس نادياً رياضياً، وليس مكتبة أبحاث علمية فقط، ولا هو نادٍ أدبي يؤمه الأدباء، (وإن كان النادي الأدبي يحتاج من الوزارة إلى إيضاح لأسباب عدم تشكيل إدارته والمساءلة عن المكرمات الملكية، وهو تعطيل من دون مبرر واضح أو ضعف صريح في اتخاذ القرار وتحمل مسؤولياته. أما موضوع المركز الحضاري، فالمكرمة السلطانية ينبغي - كما قال الدكتور محمد الهرفي - أن يكون شيئاً آخر... شيئاً عظيماً مميزاً، ولا يكتفي بأن يكون مكاناً للاجتماع، ومكاناً للاحتفالات، بل يمتد ليكون رئة كبيرة وقلباً نابضاً بالحيوية والنشاط المميز، الذي يمتد لأكبر شريحة مستفيدة ممكنة.

كم تمنيت - وليس لأحد أن يمنع أحد من أمنياته وأحلامه - أن يسند أمر إدارة المركز الحضاري لمؤسسة بيت خبرة عالمي في إدارة مثل هذه المقرات، وليس من مانع أن تكون هذه المؤسسة حكومية كبيوت الشباب والجامعات، أو الجمعيات العلمية، كالجمعية السعودية للإدارة، أو المؤسسات التجارية... لا يحضرني شيء فيها لكن بالتأكيد هي موجودة، أو المؤسسات الأهلية والخيرية مثل الندوة العالمية للشباب الإسلامي، إذ تمتد خبراتها لأكثر من 37 سنة في الأعمال والبرامج في الداخل والخارج، ولا يمنع أبداً من الاستفادة من كل الزوايا التي ذكرت في سبيل تحقيق أكبر قدر من الاستفادة والفائدة من هذا المركز الحضاري لأهل الإحساء.