الجمعة، فبراير 21، 2014

يتيم المؤسسة الخيرية وكرتون الأندومي

نشرت في موقع مداد الدولي المتخصص في دراسات وأبحاث العمل الخيري 
http://www.medadcenter.com/articles/show.aspx?Id=338

كتب أحد الصحفيين في عموده عن جهة خيرية في أرض البسيطة الواسعة، ويتحدث عن حالة بئيسة تعرضت لها حالة من الحالات الفقيرة التي تقدم لها خدمات خاصة بالأيتام من قبل مؤسسة خيرية، فيصف ما تقدمه تلك المؤسسة لتلك الحالة بأنها تتحصل على كرتون أندومي كمخصص رعاية لمجموعة من الأيتام حصة أسبوعية، وتكتفي تلك المؤسسة بهذه الخدمة، وتعدها رعاية وكفالة لليتيم. قد تكون هناك مبالغة من الإعلامي في محاولته تصوير الصورة البائسة للخدمة المقدمة والرعاية المؤسسية التي انحصرت في كراتين الأندومي - كما يزعم -، لكن من واقع ممارسة وخبرة هل ما يحصل هو من باب الفساد؟ أو هو من قلة الإمكانات والتبرعات والموارد التي تتلقاها تلك المؤسسة؟ خاصة وأن كثيرا من تلك المؤسسات تقوم على باب التبرعات غير المنتظمة من أفراد يصعب توصيل تبرعاتهم إلى تلك المؤسسات، حيث التنظيمات تشترط الوصول للمؤسسة الخيرية أو عبر الحسابات، وكثير من المتبرعين يتثاقلون بالوصول بتبرعاتهم عبر الوصول الحقيقي، والقنوات الإلكترونية ليس الكل يجيدها، وأفكار الاستثمار والوقف والإبداعات في جمع التبرعات تحول بين كثير منها وبين الراغبين في المشاركة تعقيد الإجراءات، وعدم سماح الأنظمة، وكثرة المؤسسات التي تتنافس على قطعة التبرعات التي تبلغ في كل الخليج العربي كاملا (4) مليارات دولار سنويا - كما قدرها أحد خبراء العمل الخيري(1) . بينما يبلغ دخل المؤسسات الخيرية في إسرائيل سنويا (14) مليار دولار (2). إن تدفق التبرعات القليل، والذي يواجه عدة من العقبات والضوابط المشددة في تحصيله وصرفه، قد يوقع بعض المؤسسات الخيرية في مشكلة ومعوّق كبير جدا بين احتياجات التنمية وسداد تلك الاحتياجات، بما يحقق تطلعات المستفيدين على نوعيهما المتبرع المتردد، وبين المحتاج الذي يؤمّل كثيرا على تلك المؤسسات أن تقدم له ما يسد احتياجه بالفعل، وليس ورقة التوت أو كرتونة الأندومي . هناك دراسة عن تدفق التبرعات في أمريكا تبين أن نسبة 70 % من التبرعات تأتي من أفراد وليست تبرعات مؤسسية .... أين تبرعات الأفراد؟ إن المتتبع لحملات التبرعات، التي تمت مؤخرا في الخليج لمناسبات وكوارث عدة، يلاحظ تراجع أرقام التبرعات بما لا يتوافق مع الأزمة التي ينادى بالتبرع لها . أزمة سوريا حققت 346 مليونا، أزمة الصومال حققت 202 مليون، حملة باكستان 100 مليون، بينما في عام 1412هـ حققت حملة التبرعات للبوسنة والهرسك مليارا و 671 مليون ريال(3) . وللأسف، في الوقت الذي ننادي فيه بتحسين خدمات المؤسسات الخيرية، نظن أن التبرعات لتلك المؤسسات تتدفق لدرجة التشبع والامتلاء، وعلى الرغم من كون باب الأيتام - على سبيل المثال - من الأبواب التي تحفز راغبي التبرع للإقدام بالتبرع مصداقا لحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -:"أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين "، إلا أن بعض شركات القطاع الخاص تحرص على تقديم التبرع الشكلي ـ كما عبر أحد مسؤولي إحدى الجهات الخيرية من أن شركة أخذت مجموعة من الأيتام وذهبت بهم لملعب كرة القدم، وصورت لهم تلك الزيارة، ثم قدمت شيكا بقيمة 5000 ريال، وغطت الكثير من الصحف خبر دعم تلك الشركة، فيما كثير من المراقبين لا يعرفون حقيقة مبلغ التبرع !! أتمنى استشعار مشكلة تدفق التبرعات، وتسهيل وصولها للجهات الخيرية، وعمل الجهات التنظيمية حلولا تجارية فيها ما يحدث عالميا؛ لأن العمل التنموي يخسر بسبب وجود ضغط ضعف الموارد المالية. أيضا، أحيي عمل إحدى المؤسسات الخيرية عندما عملت دراسة علمية بالتعاون مع إحدى الجامعات في بحث تطوير خدمات الأيتام والرعاية والكفالة؛ ما نتج عنه رفع قيمة الكفالة السنوية بالنسبة للراغبين، لكن في النتيجة النهائية تحسنت الخدمات والرعاية التي يتلقاها اليتيم، بما يجعل يتيم المؤسسة الخيرية يعيش الحياة الكريمة وتحقق له التنمية التي ينمو بها ليكون مواطنا عنده كثير من الجدارات والمهارات الحياتية، التي يستطيع بها أن يستغني عن الرعاية والدعم. [1] . صالح الوهيبي* خميسية الجاسر، محاضرة: المنظمات الإنسانية في فلسطين. [2] . جريدة سبق الإلكترونية، 11-11-1433هـ. [3] . جريدة الجزيرة، العدد 10310.