الثلاثاء، سبتمبر 30، 2008

طريقة جديدة للفرح بالعيد

طريقة جديدة للفرح بالعيد
طلب الناس كل الناس لمشاعر الفرحة بالعيد لشيء يريدونه لكن لا يستطيعون وصفه ولا يستطيعون تمثيله ولا تحقيقه بل ويريدون للفرحة أن تتحقق وحدها ويريدون أن تصنع لهم ويشعرون بها كمن هم معبسين متضجرين عاث بهم الضجر والملل وهم في وضعهم فجأة انهمر عليهم فجأة غاز المثير للضحك ثم اندفعوا في موجة ضحك هستيرية فشعروا بهذا الموقف أنهم سعداء فرحون .
نغمة السخط والتسخط على أعياد الماضي والحزن عليها وتذكر الماضي وأنه هو الطريقة السعيدة لتمضية الوقت في العيد بدل هذه المعايشة البئيسة للعيد وسط ضغط اجتماعي عال جدا على الأسر محدودة الدخل بمشتروات وطلب عيديات ولقاءات وعزومات تتطلب الكثير من المال ... في الجامع الذي صليت فيه العيد ذهب الخطيب مشكورا لمهاجمة مظاهر المعايدات الباردة التي دأب الناس على العمل بها حاليا وهي المعايدة عبر رسائل الجوال القصيرة والعبارات المكرورة والجلوس في البيوت .
طالب الشيخ الفاضل الناس بأن يحاولوا نشر العيد والبهجة فيه بالفرح والتوسعة والمعايدات والتزاور وصلة الرحم كمشروع مقترح للعيد والفرحة به .. في تصوري أن المتباكون على العيد وعلى فرحته هم مجموعة من الساخطين على كل شيء .. لم يبق شيء في حياتهم غير قابل للسخط يعيشون الضنك والمعيشة البائسة لأنهم فهموا الحياة على غير حقيقتها لم يعرفوا أن فرحة العيد هي فرحة دينية متصلة بأعمال وعبادات وإحسان وصدقات وتوسعة ومواساة وبر وصلة ومشاعر روحانية ملتصقة بالأمور الاجتماعية والأسرية وكذلك ارتباط بالراحة بعد التعب والجهد وفرحة بتحقيق المكاسب الدنوية والأخروية ومصداق ذلك حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : " للصائم فرحتان يفرحهما .. فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه " .. إذن لكي نفرح يجب قبلُ أن نعمل على تحقيق عناصر ومقومات الفرح وأسبابه ثم نحاول بصدق معايشة اللحظة وتهيئة الظروف ونجاحها ، نحاول الاستغراق في عملية طلب معايرة ومحاكاة لظروف وتوقيت مشاعر الفرحة وتكرارها بل لا يكفي ذلك أحيانا بل المطلوب السعي للتجديد والإبداع فيها .
أطلب منك ومن نفسي أيضا قبل أن نطلب من الآخرين حوالينا أن نحاول محاولة جادة لنشر الفرحة بين الصغار بعمل احتفالية أسرية أو في نزهة أو سفرة أو حضور حفلات أو مهرجانات أو تواصل اجتماعي أو أي ترفيه بريء وأؤكد على فكرة ترفيه بريء نظرا لأنه ثبت بما لا يدعو للشك أن طلبات السعادة في الأمور التي حتى لو بدت أنها انفتاحية عالية تأتي بالعكس وهذا مثله ما يشاهد من انتكاسات وزعل وخصومات زوجية بعد سفرات الصيف حيث يقع أحيانا صرف أعلى أو مواقف سخيفة تقع منهم أو من غيرهم في مواقع قد تكون فوضوية أو هكذا يبدو لمرتاديها أن هناك نوع مطلق حرية وعلى البعض إساءة تلك الحرية أو جعلها فوضى وانتهاك خصوصيات وإيذاء بدعاوى شبابية ومصطلحات عصرية مثل ( فلة ، وهيصة ، ونعنشه ... ) ومصطلحات لا نهاية لها كلها مدعاة للخروقات الاجتماعية المألوفة في بيئة ثم فجأة نتحصل على بيئة مغايرة قابلة للخروقات فتحدث الأخطاء وقد تقع الخصومات والنزاعات التي تتسبب في انتكاسة كبيرة لمشاريع البهجة والفرحة المستثمر فيها وعلى سبيل المثال أيضا ما يحدث أحيانا من أخطاء الشباب في مظاهر الشعور بالفرحة بالفوز في مباريات كرة القدم بالذات واليوم الوطني وحصول تصرفات طائشة وتصرفات غير مسؤولة .
أعود لبيت القصيد بأن نحاول أن نصنع الفرحة ونخطط لها ونجدد لها ويتحمل الكل مسؤوليته في ذلك بين مؤسسات وبين قطاع خاص وبين أفراد وبين جمعيات أهلية وكذلك الأسر على مستوى عام وكذلك مد يد العون والمساعدة والتخفيف عن الأسر المحتاجة والحالات المنسية من كبار السن والمعوقين والمرضى والمنومين فصنع ابتسامة لهم كفيل بأن يشعرك بالراحة والسعادة والفرحة ، وأيضا الزوجة مع زوجها والزوج مع زوجته والتقليل من نقاط الشحن والتوتر والانزعاج والعمل على تحقيق تواصل اجتماعي حضاري راق أظن أن كل ذلك سيسهم بالتأكيد على تحقيق أسس فرحة يطلبها الجميع بالعيد نفرح بها .

الخميس، سبتمبر 18، 2008

نايف يكتشف خيانة زوجته في رمضان


نايف يكتشف خيانة زوجته في رمضان

Exclusive خاص بالمدونة

حقيقة لم أشاهد (نايف) ولا أعرفه ولم تحصل لي السعادة برؤية زوجته الانجليزية وأعرف مع من خانت وما النقص الموجود في (نايف) والذي جعل زوجته تخونه مع رجل آخر ؟ وكيف تصرف (نايف) مع الزوجة الخائنة هل قرصها ؟ أم أعطاها ( ألماً) أو خطط لقتلها؟ كل تلك القصة التي أُريدَ لي ولغيري أن يشاهدوها ويعرفوا تفاصيلها هي عبارة عن إعلان ترويجي لمشاهدة المسلسلة في إحدى القنوات الفضائية التي تميزت هذه السنة بكثرة إعلاناتها واستجداء المشاهدين لمشاهدة موادها بأكثر من وسيلة صفحات متقابلة كبيرة بالألوان ومطويات بالملايين وزعت في الأسواق ومع الصحف وتحت الأبواب ورسائل في الجوال مثل ما وصلني ذات ليلة شريفة من ليالي رمضان وعلى هيئة رسائل عاجل التي تطلب منا أن نترك ما في أيدينا ونتوجه لمشاهدة القناة التي ضخت استثمارات كبيرة لتجذب عيون المشاهدين والمشاهدات العرب نحوها في سباق محموم بين الفضائيات لعمل كل ما هو ممكن وغير ممكن لكسب عيون مشاهدين أكثر : فمن الإعلانات والمسابقات والجوائز نعم الجوائز قامت فضائية حكومية بعمل مسابقة على نشرة الأخبار التي تبثها بوضع سؤال يومي بعد النشرة مباشرة وكل ذلك طمعا في استعادة المشاهدين الذين كانوا يشاهدونها أيام قبل الفضائيات كخيار وحيد ، ثم فجأة تسرب المشاهدين لمشاهدة قنوات أخرى عربية تابعة للقطاع الخاص غالبها ، وأظن أن القنوات الحكومية تخسر أهميتها كوسيلة إعلامية هامة لخطاب المواطنين ، لأن المواطنين لم يعودوا يتحلقون حول القنوات الحكومية لمشاهدة ما تجود عليهم بها

في إحصائية أنقلها عن الدكتور سعد البريك أن عدد القنوات الفضائية العربية بلغ 480 قناة فضائية كلها تحاول كسب الجميع ، لكن على قاعدة باريتو 20:80 المعروف والمشهور منها فقط نسبة عشرين بالمئة والتي تفوز بالحصة الأكبر من الكعكة في المشاهدة والإعلان الذي ينمو بشكل متصاعد .

أعود للمسكين نايف والزوجة الخائنة ورمضان والرسائل التي انهمرت على الناس تزف لهم الخبر ويالتعاسة الخبر ( خيانة !!) شعور بالامتعاض والاستياء حين تلقيت الرسالة التي وصلت عشوائيا لجوالي في عجز تام أو تعاون من شركات الاتصالات لغربلة مثل هذه الرسائل التي تغزو جوالاتنا ولا تفرق بين كبير وصغير ، وإعلان مثل هذا يعمل عملية تطبيع للمشكلة وتهوين لها بحيث أنها تبدو مع الزمن وكثرة العرض والتكرار الشديد مثل المسلسلات التركية المدبلجة إلى تمييع الموضوع وجعل الناس تقابل الموضوع بهدوء أكثر وبقبول للوضع ولو على الأقل في ذهنية العقل الباطن التي ثبت تأثير ما يتعرض له الناس على سلوكياتهم وتفكيرهم وطرق تعاملهم ذكورا وإناثا ... في رمضان نفسه قبضت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أحد المجمعات الكبيرة بالمنطقة الشرقية على معلم شاب ( لاحظوا معي معلم مربي أجيال ) قبضوا على المعلم متلبسا بموعد مع سيدة لا تمت له بأي صلة اتضح في التحقيق أنها تقابلت معه سابقا أكثر من 23 لقاءً غراميا .

الهيئة اكتشفت أيضا أن السيدة متزوجة ولها خمسة أطفال ، فقامت (هيئتنا) مشكورة بالستر على السيدة وإنذارها فقط حفاظا على الستر وحفاظا على الأسرة والأطفال من الانهيار .

فالشاهد كثرة طرق مثل هذه المواضيع والتعرض لها تراكميا لها تأثيرها مثل ما ذكروا في نظرية الرصاصة والإبرة فالرصاصة تقتل مباشرة فيكون الأثر واضحا لكن الأبرة يبدأ أثرها شيئا فشيئا ، فلا نقلل من خطورة ذلك على كيان مجتمعنا ونزعم أن المجتمع في حماية ووقاية وأن لا شيء تغير كما ذكر الزميل الكاتب بجريدة الجزيرة عبدالله بن بخيت بأن المجتمع هو هو والذي تغير فقط العدد وكذلك النشر عن المشكلات .

عبث الفضائيات لم يوقفه أي ميثاق ولم تستطع قوانين البث على الأقمار العربية عربسات ونايل سات من الحد منه بسبب أن هناك أقمارا أجنبية تبث في مدار الأقمار الحالية وتؤجر القنوات فيها بأسعار أقل من الأقمار العربية وبمساحة حرية أكثر ، ولعل ما حدث في مصر من إعلانات كبيرة وضعت في الشوارع تبشر بانطلاقة قناة فضائية لرجل أعمال كبير عندهم أنه ستكون مساحة العرض عندهم أكثر جرأة من بقية القنوات .

وهذا ما حدث بالفعل حيث نقلت الأخبار أن الأفلام التي تبث عليها غير مناسبة للعرض للأسرة وتحمل مشاهد أكثر عريا من القنوات المفتوحة الحالية .

ومن هذا السباق ومن مصر أيضا أعلنت المخرجة المصرية صاحبة الأفلام الجريئة التي أكثرها ممنوع من العرض لأسباب تجرح الصيام (إيناس الدغيدي) أنها ستطلق قناة فضائية خاصة بها وستبث عليها الذي لم يسمح بعرضه حتى في صالات السينما ، وساعتها لن تحتاج إلى بث دعايات على الجوالات ولا إعلانات فنسب المشاهدة ستكون عالية والمجتمع الذي يشتم القنوات بالنهار يتفرج عليها في الليل .

الغريب أننا لا نستفيد من تجارب غيرنا ففي إسرائيل ( العدو الصهيوني ) لاحظوا كثرة الحوادث المرورية التي تقع صباحا بعد بداية عروض أفلام (غير مناسبة للمحتشمين والمستورين) في وقت متأخر من الليل ما يجعل الموظفين يسهرون ثم لا يستطيعون قيادة مركباتهم في النهار بشكل جيد فتقع الحوادث .

الكلام الآن :لا نريد رسائل ولا قنوات تبث لنا أخبار الخيانات فنحن في رمضان يا ناس.

الأربعاء، سبتمبر 10، 2008

تذهب الحلول ويبقى التسول!

تذهب الحلول ويبقى التسول
جريدة الحياة 9-9-2008

أبو خالد الشيخ عبدالله إمام أحد المساجد كتب لي مشكورا يطلب مني الكتابة حول ظاهرة التسول وانتشارها وكثرة المتسولين الذين يطرقون المساجد بالذات وحولها والإشارات الضوئية ويستعطفون الناس بالأطفال والعاهات والملابس الممزقة ،

وزارة الداخلية تدخلت في معالجة الملف المزعج غير الحضاري والمتنامي حولنا بدرجة مؤرقة لحد كبير وكذلك وزارة العمل ووزارة الشؤون الاجتماعية وتبادلت رمي كرة التسول بينها وكلها للأسف لم توقف الزحف الكبير الذي يعمل به المتسولون والمتسولات وحيلهم الكبيرة التي لا تنتهي في تطوير هذه المهنة القديمة .

دراسة قديمة في جدة أثبتت أن دخل المتسول الواحد يفوق في الأشهر العادية الأربعة آلاف ريال ! وهو ما يتفوق على كثير من رواتب موظفي الدولة .

هل أصبحت مهنة التسول وظيفة رسمية محترمة ذات مدخول جيد إلى درجة تفوقها على كثير من سلم رواتب القطاع الخاص والحكومي ، الأبحاث والأمن أكدّتا على وجود تنظيم أو ما يسمى عصابات تعمل بشكل مرتب ومنظم وأن ما نشاهده من متسولين حولنا الحقيقة الكبيرة أنهم بينهم تنسيق وتكتيك معين في توزيع المواقع وربما هناك أماكن احتكارية وربما بعض المواقع خاصة ومحمية ومحتكرة وعليها تأمين ولأجل دخول أحد في مربع الآخر يلزم منه أحيانا دفع مقابل أو خلو رجل ، وقد نشرت الصحف مرارا أخبار مشاجرات بين متسولين وأحيانا تتبع لأحد المتسولين حتى تجده يركب سيارة ليموزين تنقله لمكانه ، وقد تتبعت شخصيا ذات مرة إحدى المتسولات فإذا بها تتحرك نحو المسجد الآخر ثم تتجمع عدة نسوة من المتسولات ثم ينتظرن صاحب سيارة ينقلهن جميعا وينزلهن عن بيت معقول لا يبدو عليه كثيرا من مظاهر الاحتياج .

وقد حدثني أحدهم أنه تتبع واحدة من المتسولات ثم إذا بها تنتظر صاحب سيارة من نوع كامري آخر مودل ليقلها ، يعني بالفعل هناك تظيم ... هناك ترتيبات ...عملية التسول لم تعد فوضوية بل هي منظمة ومخطط لها وتخضع لنواميس وقوانين معينة تحقق لهم مكاسب جيدة ، وقد تناولت الملهاة التي قدمها عادل إمام قديما في فيلم "المتسول" شيئا كثيرا من الفكاهة الحقيقية التي يعمل بها هؤلاء اللصوص المحترفون ... أقول لصوص لأنهم يسرقون تعب الناس باستدرار عاطفتهم وحملهم لأن يقدموا أموالهم وزكاتهم نحوهم وهم غالبا لا يستحقون ولكن الناس يقدمون لهم أعطياتهم لأسباب كثيرة منها عصر السرعة ثم الشحن العاطفي حسب المواقف اليومية التي يمر بها الإنسان ، وكذلك الكسل عن الوصول للفقراء الحقيقيين والتأكد من حالتهم وأخيرا التكاسل عن الوصول للمؤسسات الخيرية لتقديم المساعدات والأموال من خلالها ربما هناك أسباب أخرى

استخدام العاطفة والصكوك ووصفات الأدوية وتزكيات أئمة المساجد وعقود الإيجار ومطالبات السداد وفواتير الكهرباء بالذات ... كل ذلك وسائل وطرق يعتمد عليها المتسولون لكسب مزيد من المال وللأسف أن هذه الحيل تنطلي على كثير من الناس .

خاصة حيلة الفاتورة التي هي موضة موسم الصيف وأكثر ما يرهق المحتالين هو أخذ الفاتورة منهم بغرض سدادها حيث إنهم يفضلون النقد أو أنك تبادر بكل نخوة وتأخذ وصفة الدواء لتذهب نحو الصيدلية لتشتري الدواء المهم جدا والذي لم توفره الدولة مشكورة على جهودها واحتاج معه ذلك المتسول ليشتريه حيث فوجئ أحد المتبرعين الكرام حين ذهب للصيدلية بأنه وجد أن الدواء المكتوب في الوصفة ما هو إلا حبوب منع الحمل وليس كما زعم حامل الوصفة من أنه دواء مهم جدا للقلب أو غيره من العلل لكن حظ ذلك المتسول كان سيئا في الوقوع في مواجهة مع متبرع- نوعا ما- فطن ولا يحبذ دفع الأموال النقدية .

ومن المواقف الطريفة والمستجدة هي الاستجداء والاستعطاء بقيمة بطاقات شحن الهواتف المتحركة من أي أحد حتى بالاتصال الهاتفي من الفتيات على أي رقم عشوائي ثم استعطافه بشحن الجوال ببعث معلومات بطاقة شحن ليقوم المعتصم بكل نخوته ليشتري البطاقة المطلوبة ويقدم الشحن المطلوب .

وصول المتسولين والمتسولات نحو أبواب البيوت ليقرعوها أو أنهم يبحثون عن منزل مفتوح ليدخلوا عنوة من دون استئذان ليفاجؤوا أهل المنزل بدخول غريبة عليهم إلى وسط المنزل لتستجديهم بكلامها ولأجل ذلك الموقف تبادر المسكينة ربة البيت خوفا وعاطفة بتقديم كل ما هو ممكن لتلك الفقيرات المقتحمات حرمة المنزل . وهنا وقفة برجاء من أصحاب المنازل في شهر رمضان الكريم بالذات لا تتركوا باب المنزل مفتوحا فستعرضون أنفسكم لمهزلة الاقتحام التسولي

بعض تلك الأموال – والله تعالى أعلم – قد لا تكون أموال تذهب للسرقة وملء الجيوب فقط بل ربما تكوم معها أحيانا أضرارا خطيرة مثل المخدرات ومثل المسكرات ومثل الدعارة بل وحتى الإرهاب .

ومن الحيل التي يلجأ لها بعض المتسولين التي تنشط صيفا هي تسول الطرق الذي يطلب به صاحب السيارة ما يكمل به المشوار وأنه لا يريد أكثر من قيمة ملء خزان وقود السيارة ، ورغم أن الهدف واضح إلا أنه لا يدخل في الموضوع مباشرة بل يبدأ في السؤال عن الطريق أو معرفة أحد أو بأي حيلة أخرى ثم تفاجأ بأن صاحب هذه السيارة وربما تكون عائلته معه أنه يشحذ وكم مرات وقعنا في براثن هذا الأسلوب .

ينتهزون أي فرصة سانحة للخداع ويضعونك في ثوب المخدوع ولعل دخول فتيات بكامل أناقتهن نادي المتسولات أحدث الخدع التسولية فالمطلوب عزيزي القارئ مزيدا من الوعي وعدم تقديم أموالك خاصة زكاتك إلا للجهات الخيرية وعدم الاستجابة لنداءات التسول .

الأربعاء، سبتمبر 03، 2008

اطمرها

اطمرها     نشرت في جريدة الحياة 3-9-2008        ( النص كامل بدون حذف ) 
على أثير صوت الإذاعة مع لهيب حرارة الشمس وأنا أركن السيارة وأستمع لإجابات فضيلة الشيخ ضيف البرنامج الذي استضافه راديو إم بي سي في برنامج خاص بتفسير الرؤى والأحلام والاستفسارات تنهمر على البرنامج حول رؤى وأحلام والشيخ الفاضل يجيب إجابات سريعة واثقة وكأنه يجيب عن مسألة فقهية ، شدتني الطريقة التي يجيب فيها عن الأسئلة فضيلته وقضية اختياراته لبعض الاستفسارات بالإجابة وأسئلة أخرى يتجاوزها ويطلب من المذيع أن يتركها بلازمة لغوية خاصة به : اطمرها ، وهو تعبير خاص به تميز بهذا الاستخدام ، ويقول : إن هذه الاستفسارات هي عبارة عن أضغاث أحلام ، أو أنها حديث نفس ، أو أنها استهزاءات من بعض المستمعين فيرسلون عبر رسائل SMS استفساراتهم ليختبروا فضيلة الشيخ ، نحن كمستمعين لا ندري عن حقيقة تلك الاستفسارات هل هي بالفعل غير قابلة للتفسير أم أنها لا يعرف فضيلته أن يقول فيها شيئا وأن يعبّرها وأن يفك رموزها الغامضة أو أنها بالفعل كما ذهب الشيخ في رأيه بأنها مشاكسات مستمعين ومستمعات ، والعجيب أن المذيع مستسلم تماما لاختيارات الشيخ وكل دوره مواصلة استجداء المستمعين ببعث رؤاهم ، ما المانع ؟ إذا كان البرنامج سوف يأتي بأرباح على الإذاعة ، وفي مقطع آخر من مقاطع البرنامج تصل الحالة بالشيخ إلى الغضب من الأسئلة إلى أن يهدد المستمعين بأنه سوف يقوم بتعبير الرؤيا وأنها ستقع على رأس المرسل !! ، واستشهد بحديث يبني عليه أكثر المفسرين تحليلاتهم وهو أن الرؤيا على رجل طائر فإذا عُبّرت وقعت ، ولعل بعض الدارسين والمهتمين بعلم الرؤى ردّوا هذا المعنى أو الحديث ربما وقالوا لا صحة لهذا المعنى وأيضا الرؤيا لأول معبّر وأنها في حال عبّرت خطأ بشيء فيه ضرر فإنها تقع ! لو كان ذلك كذلك لمنع الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة من أن يفسروا رؤيا قبله لكن تفسير الصحابة رضوان الله تعالى عنهم وربما أخطأوا دليل على أن الموضوع فيه سعة وأن الخطأ في تعبير الرؤيا لا تقع به كارثة .
ويح قلبي كيف تكون الأمور بهذه البساطة وكيف يراد لنا أن نصدّق ذلك وكيف يسوّق لنا مثل هذه الكلمات ... بعض المفسرين يقدم هذه الخدمة خدمة التفسير للرؤى والأحلام عن طريق شركات Audio Text أرقام السبعمائة وأنها بالتأكيد كما البرنامج ستلاقي رواجا وقبولا كبيرين لهذه الخدمة التي بطبيعة الناس يتعلقون بالغيبات والحديث عنها ،
لا ننكر أن الرؤى كما ورد في بعض النصوص أنها جزء من سبعين جزءا من النبوّة ، لكن من الذي جعل مجموعة ما تحتكر حق التأويل وتحرّم على الآخرين الحديث في تعبير الرؤى خاصة وأن الموضوع ظنّي غير قطعي الثبوت وأن ما يقال من أي من كان كله توقعات ليست بنبعٍ إذا عدّت ولا غربِ وأن هذه التعليقات أمور ظنية لا أحد يقطع بما فيها إلا الرسول صلى الله عليه وسلم بحكم أنه يوحى إليه ، ثقافة التعلق بالأحلام والرؤى وتبني برامج تخاطب الجماهير بهذه الصورة هو نوع تكريس لنشر ثقافة قشور الدين أو المسكّنات التي تساعد على نوم الشعوب وتأخرها وارتكانها للأحلام والرؤى في تحقيق انتصارات ومكاسب فردية أو جماعية .
أتساءل ما الفرق بين تسويق برامج التحليلات النفسية البعيدة في الروحانيات أو العمليات الحسابية الشبيهة بالسحر والشعوذة التي تنادى العلماء لمحاربتها مع طريقة هذه البرامج فكلها تبيع الوهم على اختلاف درجاته وتسوق بضاعة مزجاة ثبت كثيرا بأمهر وأشهر مدّعي التفسير أن كثيرا من تحليلاتهم وتفسيراتهم المتعلقة بمصير الأمة أنها لا حقيقة لها .
والعجب في هذه الحال المتردية من ضعف وتراجع ميزان الأمة الإسلامية في القوى العالمية أن تنتشر مثل هذه البرامج في حال نحن محتاجون لانتشالنا من واقع الجهل إلى عالم المعرفة والصناعة والتقنيات .
حديث الرؤى والأحلام حديث لا نهاية له وأكثر من يهتم به الفارغون الذين لا صنعة لهم أو المهزومون الذين يتعلقون بأي تسلية تحمل لهم حلولا لمشكلاتهم وتسلّيهم يقول أحد الشعراء عن المساجين بفراغهم وهمومهم والأمل الذي يداعب مخيلتهم بالخروج من السجن :
ونفرح بالرؤيا فجل حديثنا إذا نحن أصبحنا الحديث عن الرؤيا
والنساء أكثر من الرجال احتفالا واهتماما بالرؤى وطلبا لتفسيرها ، وينبغي لنا أن نعيش مع الرؤى والأحلام موقفا وسطيا يناسب وسطية هذه الأمة فلا نحن بالذين نردها ولا نحن بالذين نقدسها ونضخم جانبها لنكون جيلا من الحالمين المتسكعين على أبواب وأرقام ومواقع وبرامج التفاسير ليكون كل همهم أن يناموا أكثر مما ناموا ليروا في مناماتهم أحلاما ورؤى ليتجهوا مباشرة للبحث عن تفاسير وتعابير لها مجانا أو بمقابل .
مرة أخرى أعود لأضع تساؤلا ظريفا: لماذا لم يعرف عن علماء كبار جهابذة شهدت الأمة لهم بالفضل التوجه للرؤى والأحلام كمنهجية عمل واحتفال واهتمام ولم نعرف عنهم أنهم يعبرون أو كذلك أنهم يرحبون بتعبير الرؤى والأحلام ، لماذا؟! هل من جواب ؟
أنادي بأن تقوم القناة بمسؤوليتها نحو المجتمع وتعيد اختيارات برامجها على نحو بنائي تربوي علمي و( تطمر ) برامج تفسير الأحلام والرؤى .