الجمعة، مايو 30، 2008

حريق سجن الأحساء

حريق سجن الأحساء
خاص بالمدونة Exclusive
حريق سجن الأحساء الذي اندلع مساء الأسبوع المنصرم والذي أودى بثمانية أشخاص منهم رجل أمن وإصابات عديدة بين أكثر من ثمانين شخص
شكل فاجعة مؤلمة لأهالي الأحساء ، حقا أنهم مساجين بعضهم ربما يوما ما ارتكب خطأ في حق نفسه أوفي حق غيره لكن كثيرا منهم جرته المواقف والنكبات لأن يقع بين خشبات السجن بكفالة أو دين أو غيرها من المصائب ، نعم بعض منهم غير سعوديين لكن في النهاية هم بشر نتألم لمصابهم ونأسى لحالهم وحال ذويهم .
تألمت جدا لمنظر الرعب الكبير الذي تقاطرت به سيارات الدفاع المدني من كل حدب وصوب واستمرت لمدة طويلة تتدافع ومنظر إغلاق الشوارع وجري الفضوليين نحو الموقع والاتصالات المنهمرة هنا وهنا في الاطمئنان من البعيدين عن ذويهم وأهاليهم ما الذي يجري ... بالتأكيد أن اللحظات كانت شديدة جدا على الأحسائيين الذين زادت لحمة قرابتهم وتواصلهم التقنيات الحديثة من هواتف وجوالات ومنتديات انترنت ،
الفضائيات غابت وفشلت فشلا ذريعاً في تلبية حاجة المجتمع حين ذاك لأي تغطية تليق بالمناسبة والحدث ، ذلك يعود لأن القيمة ليست قيمة الإنسان ولكن القيمة ما الذي تشكله الأحساء اقتصاديا وسياسيا وسكّانيا . ولأن الأحساء ربما تسجل حضورا فقط في زوايا التاريخ والعلم والأدب وهي نقاط لا تشفع لها في الفضائيات الإخبارية لتنقل أخبار فاجعة مؤلمة كهذه مصيبة .
منظر يبعث للخوف انطلاقة سيارات الإسعاف الكثيرة سواء للمستشفيات أو للهلال الأحمر السعودي أو للمستشفيات والمستوصفات الخاصة والمنطلقة بسرعة نحو السجن و حملها للضحايا والمحتاجين للخدمات الإسعافية والانطلاق مرة أخرى نحو المستشفيات وتنزيل حمولتها من المصابين بنار الحريق ثم عودتها مرة أخرى لتحمل مجموعة أخرى ... في خط نقل سريع ومتواصل مثل ما يعبّر عنه بجسر برّي ... غابت طائرات النقل المروحية كما غابت الفضائيات مع أن الحدث استمر لساعات متأخرة من ذلك المساء وهو في نفس التوتر والشدة ، خاصة وأنّ سارات الإسعاف إياها تنطلق بسرعة بأنوارها الخاصة وصوتها المميز وضغط السائقين المتكرر على البوق الخاص بها في الإلحاح على سائقي المركبات الأخرى بالتنحي عن الطريق وتواصل قطع الإشارات وسط ارتباك ورعب في عيون الصغار الذين يشاهدون المنظر المتكرر بزحامه في أكثر من نقطة قريبة من موقع السجن العام .
المنظر والزحام والارتباك لا يقل عنه في المستشفيات حيث تزاحم أقرباء بعض نزلاء السجن للاطمئنان على ذويهم ومشاهد خوف ومشاهد صراخ ومشاهد بكاء وإغماءات يجعل الموقف كله لا يمكن أن يمر على الحاضرة البسيطة بهدوء وبسلام لا يسجل له التاريخ الأحسائي أي موقف أو يتوقف عنده التأريخ كحادثة تاريخية مؤلمة بالتأكيد تذكرهم برعبها حوادث أخرى مثل حريق الحوية بضحاياه الذين غالبهم من المحافظة ذاتها .
الدفاع المدني بآلياته وخبرته أظهر بسالة عالية في التعامل مع الموقف وأظهر أيضا نوع تعامل مميز مع الحدث وبدا واضحا الخبرة والاستعداد العالي الذي توفر من خلال الاهتمام من ولاة الأمر وكذلك توفير الآليات المناسبة والتدريب والتأهيل الكافي للتعامل مع نوعيات التدخل المختلفة .
متابعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه وسمو محافظ الأحساء كانت بلسما شافيا بحضورهم المشرف ومتابعتهم وتوجيهاتهم التي ظهر أثرها جليا في تكاتف الأجهزة الحكومية من مرور ودوريات ودفاع مدني وهلال أحمر وغيره .
عودة على ذي بدء ومع الأحسائيين لحظتها ومحاولتهم التعرف على ما يجري ومتابعة الحدث ... دخلت على الشبكة العنكبوتية وفي أحد المنتديات المشتهرة بمتابعتها لأحداث المنطقة وفي لحظات قليلة كان الدخول على خبر وتعليقاته على موضوع الحريق وصل عدد الزوار إلى قريب العشرة آلاف زائر ... كلهم يحاولون الحصول على ما يطمئنهم على الموقف ومجريات الحدث خاصة وأن نسبة عالية منهم يتمتعون بالوعي الكافي الذي يجعلهم يعون مشكلة التجمهر والتجمع هناك ومضايقة آليات الدفاع المدني وسيارات الإسعاف وغيرها ويالتالي كل ما يستطيعونه هو التوسعة للسيارات المتحركة هنا وهناك أثناء عبورها نحو المستشفى بالمصابين وعودتها مرة أخرى .
من أجمل قراءاتي للحدث – على الرغم من الألم الكبير الذي خالجني معه – إلا أن الشفافية التي تعامل بها مسؤولي السجن من التصريح بسبب المشكلة ومكانها وحجمها والتصريح بأعداد المصابين والضحايا وكذلك أعداد الذين تم إخلاؤهم ... قطعا على كل الشائعات والأخبار المغلوطة التي يستغلها ضعاف النفوس للترويج لمعلومات مضللة وغير حقيقية جهلا أو لنوايا سيئة يحملونها ، وكذلك التحية الكبيرة للصحف في تغطيتها للحدث ومنها جريدة الحياة التي كانت على مستوى الحدث وقدمت معلومات كافية في اليوم التالي والأيام التي تليه .
الحريق الذي اندلع بسبب نزاع وخصومة بين عدد من المساجين والذي تطور في مرحلة لاحقة للاشتباك ثم باستخدام السجائر لإشعال بطانيات وأن الحدث نفسه يمكن تصنيفه إلى عدواني داخلي بفعل فاعل لأسباب غير منطقية حيث الضرر تحول لكارثة ذهب ضحيتها أبرياء ليس لهم أي دخل في النزاع والخصومة كل ذنبهم أنهم موجودون في مكان واحد معهم وقريبين منهم ، يجعل منا نفكر مرة أخرى ونعيد النظر في التصاميم والخطة والمواد التي تدخل للمساجين ويستخدمونها داخل السجن وكذلك التجهيزات والأثاث مثل الأغطية وغيرها بحيث نحاول تأمين أثاث به مقومات أفضل في حوادث الحرائق من حيث سرعة الاشتعال أو توليد أدخنة كثيفة خانقة مع الحرائق ، ينبغي كذلك تتبع الخلافات والنزاعات ومراقبة أحداثها وتطورها وتوفير المرشدين الذين يجيدون التعامل مع تلك المواقف في بيئات السجون حتى لا تتطور إلى أحداث كارثية يذهب ضحيتها مصابون ومحترقون وأناس كثر من أمثالي يتألمون لحال أولئك الأبرياء مع عجز كامل عن فعل شيء أي شيء

الخميس، مايو 22، 2008

معلقات الانترنت

معلقات الانترنت
نشرت في جريدة الحياة

المرأة المعلقة هي المرأة التي علقها زوجها بحيث أنها أصبحت مهملة من قبله ربما تعيش معه وربما تعيش مع أهلها ربما هو لا يزال حكما معها في رباط مقدّس موثّق ، لكن لا توجد أي علاقات اجتماعية تواصلية لا حميمية ولا عادية ، فلا هو الذي طلّقها وفارقها وتركها تجد سبيلها وطريقها وفرصتها ولا هو الذي أكرمها وعاشرها بالمعروف ولم يوف بعهد الله وشرعته ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) بل تظل هكذا تنازع وفي الانتظار وتحت المماطلة الممتدة وتحتاج لمرافعات ممتدة حتى تحصل على طلاق مر ربما هي لا تسعى له ، تقول دائما لا ندري ربما غدا تفرج ويأتي الغد والذي بعده والانتظار التعليقي يبقى قائما .

هؤلاء المعلقات المتعارف اصطلاحا على وصفهن بذلك ، لكن التقنيات والعولمة جدت لنا بمعلقات جدد يعشن في مجتمعاتنا يكنّ في مصيبة التعليق والانتظار واقعا فيما هم يبدون أمام الناس في أحسن زيجة رفاهية .
حيث يقع رجالهم في شبه إدمان للجلوس أمام شاشة الانترنت لساعات طويلة صامتين لا يتحدثون لنسائهم وإذا أجابوا على كلماتهم وأحاديثهم يكون ذلك بكلمات مقتضبة وكلمات موجزة لا تزيد على عبارات نعم ، أو لا ، أو لا أدري أو ماشبهها من الكلمات التي تقتل تلك المسكينة القابعة ساعات وساعات في انتظار دخول الزوج عليها وإذا به ينصرف كليا أمام شاشة الانترنت ! وأسوأ من ذلك لو حامت الشكوك حول سلوك الزوج خلف الشاشة وسبب سهره الممتد لساعات طويلة ربما تمتد إلى ساعات الصباح الأولى وهو مغلق على نفسه في غرفة خاصة يرفض أن يصل أحد إليها ، وعلى جهازه حماية من الدخول على النظام بكلمات سرية لا تعلم المسكينة ما الذي يسرق هذا الزوج وما الذي يشده نحو الشاشة ؟ ما الذي يخفيه عنها ؟ من سرق منها زوجها ؟ ماذا تفعل مع هذه المصيبة التي لا تدري إلى أين ستصل بزوجها ولا تدري كيف ستواصل حياتها التعلّقية مع هذا الزوج المدمن المنصرف عنها وعن أولاده بالانصراف التام والكامل نحو الشاشة .
في مجلة معا الصادرة عن الجمعية الخيرية بجدة شبه تناول جيد للمشكلة حيث أجرت عددا من الحوارات مع زوجات يرتوين من المر والعلقم من جراء هذه الحياة الانفصالية الغريبة من تعلق أزوجاهن مع الشبكة العنكبوتية ، خاصة في ظل سماعها لمشكلات كبيرة من خيانات زوجية مثل الحديث العابر مع نساء أخريات إلى تبادل صور وأحاديث حية صارت توفرها الشبكة العنكبوتية بسرعاتها العالية المتوفرة حاليا ، والتقنيات البرمجية المتقدمة مثل برامج الفيس بوك الذي جاءت إحصائية مستخدميه من السعودية إلى ما يتجاوز المئتين ألف مستخدم نسبة كبيرة منهم تظهر على الشبكة بأسمائها وصورها الحقيقية بل وتوجد عليه أيضا الكثير من الفتيات السعوديات اللاتي كسرن طوق الرقابة العائلية وأغلقن غرفهن عليهن وظهرن على الشبكة العنكبوتية وقد هتكن الستر ، البيوت الافتراضية على الشبكة العنكبوتية هي بيوت غريبة ومخادع آثمة تتسرب لتلك الغرف الكثير من الفتيات الغرّات المميلات يدلفن للشبكة فيعبثن تسلية ويخربن كثيرا من البيوت ويجد ذلك الزوج المسكين سلوته وأنسه معهن وتكون له صديقة تفهمه وتعرف هواياته وتتشارك معه في الهموم والاتجاهات فيبتعد شيئا فشيئا عن الزوجة وينصرف إلى تلك المرأة الالكترونية .
شخص فاضل ممن أدمن الدخول على الشبكة تعرف إلى واحدة من خلال الانترنت ، صحيح أنها ليست سيئة لكن تولدت علاقة وتعارف وصلة وتقارب حاد وحب لم يجد له علاجا إلا الارتباط بها وتم لها ذلك بالفعل ، قد تكون النهاية لتلك العلاقة علاقة زيجة شرعية لكن المقدمات التي سبقت ذلك الزواج والضرر من الضرة الحاصل على الزوجة الأولى والانصراف المتوقع للزوجة الجديدة بالتأكيد كانت سببه التعلق والإدمان على الانترنت .
لا أفترض أن كل علاقة ستكون سلمية وسليمة لكن هناك كثيرا من التصرفات الرعناء على الشبكة .
ولعل محكمة الأحوال الشخصية في مصر سجلت أول حالة خلع لزوجة عانت الأمرين من إدمان ذلك الزوج بدخوله الذي يصل لساعات طويلة أمام الشبكة العنكبوتية لدرجة أنها دخلت في سلك معلقات الانترنت بحكم أن زوجها يجلس أمام الشاشة بشكل إدماني يصل على ما يزيد عن أربعة عشر ساعة يوميا لدرجة أنها فضلت أن تدفع كل مستلزمات الزواج من مهر وغيره لذلك الزوج المدمن على أن تخلص نفسها من ذلك الجحيم الذي لا يطاق على حد وصفها
الظاهرة فيما يبدو أنها ليست إقليمية أو محلية هي للعالمية أقرب بدليل أن محكمة شيكاغو في أمريكا تسجل تزايد حالات الطلاق والانفصال في الولاية وذلك بسبب إدمان الأزواج على الانترت وانصرافهم عن زوجاتهم حتى وصلت حالات الطلاق بسبب الانترنت إلى 65% من أسباب الطلاقات في الولاية .
لا شك أن العدد مزعج بالتأكيد ويشير لنا بمرض وآفة وأحاول بموضوعي هذا أن أسلّط الضوء على أولئك النسوة المعلقات بطريقة تعليقة غريبة يعانين المرارة بحياتهن الأسرية مع نوع من هكذا أزواج لم يستطيعوا الموازنة بين هواياتهم وبين أعمالهم وبين أدوارهم الاجتماعية وواجباتهم ووسط ضعف وازع ديني ربما تكون النهايات الطرفية لأوضاعهم طبيعية ومتكررة بالحياة غير المستقرة والانفصال والطلاق وربما مشكلات أكثر من ذلك فهل نعي ؟!

الثلاثاء، مايو 13، 2008

حملة المسعى

حملة المسعى
نشرت في جريدة الأخبار
مشكلة تعوّد المدرسة الدينية في السعودية هي سنوات الرأي الواحد في المسائل الفقهية والإفتاء ، وربما كانت ثقافة المجتمع السعودي أيضا تبنى على الترويج الفقهي لاسم أو اسمين لعلماء كبار ، وكأنهم يقولون كل لا يؤخذ من كلامه بل وكلامه مردود عليه إلا ما قال به فلان أو فلان من العلماء الكبار ، ذلك الوضع الاحتكاري في الرأي الديني والفتوى هو عرض لمشكلات حدية عانى منها المجتمع وعانت منها الثقافة وأساليب التفكير والطرح .
العلماء أنفسهم وطلبة العلم جزء لا يتجزأ من المشكلة حيث إنهم روّجوا لهذه الفكرة وكرّسوها بتواضعهم و تملّقهم المستمر بالترويج لذات الأسماء والثناء المستمر عليها و الاكتفاء بنقل كلامها وفتاواها وأحكامها ، أكثر من ذلك أن الممارسة هذه تقع على المنابر وفي المؤلفات الصغيرة ، وفي الأشرطة السمعية ، وأوراق العمل في المؤتمرات والملتقيات والندوات واللقاءات الإذاعية ، بل امتد عند الكثير منهم التسويق المركّز حتى في قاعات الجامعة والدراسات الأكاديمية بحيث يكتفى عن الآراء والنقولات والمذاهب والأحاديث والاستنباطات بطرح الآراء المقدّسة والاكتفاء بها وعند البعض يقوم بطرح الآراء من القديم والحديث ثم يختم بآراء المدرسة الفقهية السعودية وكأنها القول الفصل .. القول الترجيحي ... القول النهائي الذي يختم به وهو الحق الأوحد الذي يسلّم له العقل والنقل والفطرة والطمأنينة الكاملة حسب ما يعبر عن ذلك بقولهم الرأي الذي تطمئن له النفس .
وعزز من وجود مثل هذه الممارسات استعجال المستمعين والمتلقين وتجاوزهم الطرح العلمي للمسائل الفقهية بل يطلبون من المتحدث اختصارا للوقت أن يلغي تلك الفقرة ويتوصل مباشرة لما هو المعتاد أن يختم به بذكر النقولات الحدّية بذكر أقوال الشيخين في المسألة .
ربما كان للإعلام والمؤسسات الربحية وربما المؤسسات الرسمية أدوار شبيهة لهذا الدور في تكريس هذا المفهوم من حيث التركيز والهالة وتسليط الأضواء على أخبارهم ومناشطهم وإغفال غيرهم ، والمؤسسات الربحية بطباعة إنتاجهم وتسويقه وتجاهل غيرهم من العلماء على المستويين المحلي ( السعودي ) والعالمي من هيئات ومذاهب وعقائد كلها تنتمي للمذاهب الأربعة وكلها عقديا لأهل السنة والجماعة وتسجيل حالة وجبة ما بعد الإشباع والتشبع والتحلية بهم وإقصاء شبه كامل للرأي الفقهي الآخر ، ولعل من المشاهد أن فاعلي الخير أيضا تحت هذا الضغط المتمركز هم أيضا وجّهوا أعمالهم الخيرية نحو تلك الشخصيات وحدهم بالنشر والطباعة والوقوفات الخيرية على الإنتاج العلمي لشخصيات معينة محدودة جدا كرّست تلك المشكلة التي لم نكن نشعر بها أو نتجاهلها ونتعايش معها ركوبا مع الموجة وخوفا من الإقصاء الكريه الممارس داخل منظومة المجتمع .
حقيقة لم تكن الحدية تمارس بطريقة أديبة ومؤدبة بل كثيرا ما تفتقد اللباقة والذوق مع العلماء وأهل العلم الراسخين في العلم الذين شهدت لهم الأمة بعلو كعبهم في ذلك بل يقلل منهم ومن أمانتهم وأنهم يأتون بفتاوى عجيبة وأنهم يفتون تحت ضغط من جمهورهم أو معايشتهم أو حتى أنظمتهم الحاكمة هناك ، ويعطون في ذات الوقت العصمة الكاملة التي لا يعطاها بشر ، بل حتى المعنيين يتبرؤون منها .
تلك المشكلة التي تسببنا فيها الآن بدأنا نعاني منها ومن آثارها ومن قيودها على المجتمع واتجاهاته العصرية ، ومواكبة المستجدات ، بحيث بدأنا نعاني من الطوق والقيد الذي صنعناه بأنفسنا وأخذ يضغط على حلوقنا ويكتم أنفاسنا ونتململ منه ويقيدنا نحو الأرض ويجعلنا نتعثر في سيرنا وانطلاقتنا نحو الغد المشرق لمشاريع الوطن وخدماته ، بلد كالسعودية يشكل زاوية مهمة في كل شؤون الحياة السياسية والاقتصادية والدينية في بلاد العالم لا يصح أبدا أن يكون مقيدا فكريا تحت إمكانات وطاقات محلية فقط ، يجب أن نستفيد من كل مقدرات العالم وليس مقدراتنا فقط خاصة ونحن لسنا بمعزل عن العالم ولا نعيش لأنفسنا فقط بل هكذا قدرنا بأن نكون عالميين وقدرنا بأن نكون في بؤرة الحدث والعالم كل العالم يتأثر بكل أيدلوجياتنا ، فمن الطبعي أن نعيش سادة ونتقدم بقوّة ونعيش بانفتاحية ولا نغلق الأبواب ونوصدها .
ما حدث مؤخرا من الانتقاد الداخلي المحدود لمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله في توسعة المسعى ، بالتأكيد لم ينطلق الملك فيه ويمضي إلا بعد تفكير عميق واستماع للأفكار والآراء كما هي عادته ، لكن أن يكون هناك استنكار وشجب لهذا المشروع الحيوي والمهم بل ودعوة قوية للتراجع وأكثر من ذلك : محاولة لثني الناس عن أداء شعيرتي العمرة والحج وأنها باطلة في حال أدّيت في المسعى الجديد ... لا شك أن هذا هو عرض للمشكلة السابقة ، ولذلك يلاحظ المراقب أنّ الحملة المضادة التعريفية التي انطلقت مؤخرا في كل القنوات الإعلامية الرسمية مثل الصحف المحلية وبصفحات كاملة بالآراء الفقهية على المستويين المحلي والعالمي لجأت لنشر الآراء الفقهية بعالميتها الواسعة ولم تقتصر على نقل آراء العلماء السعوديين فقط .
أحصيت من نقل عنهم من المفتين والعلماء والدعاة ومشايخ الفتوى من أصحاب الهيئات العلمية الأكاديمية من حملة شهادة الدكتوراة وما أعلى منها من الألقاب العلمية الذين لجأت الحملة للنقل عنهم ونقل حديثهم وتعليقاتهم على الموضوع والمؤيدة لمشروع التوسعة وتقول بصحة المسعى وتدعو لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وتدعو للسعودية ككل بالتوفيق والخير على خدمتها للمسلمين والتوسعة عليهم ... أقول أحصيت أكثر من 40 داعية وعالم ورؤساءمجالس علمية ومنظمات وهيئات من غير السعوديين ، فمن درس موضوع المسعى ..دعونا نعيش العالمية في الفتوى واحترام الآراء الفقهية الأخرى وعلماء الدول الأخرى وتكريس تلك الثقافة في المجتمع

السبت، مايو 10، 2008

تبريد الفتيات !!

«تبريد» الفتيات...!
جريدة الحياة - 10/05/08//

وسائل الاتصال الحديثة من «انترنت» و«جوال» وخدمات مقبلة لا نعلمها حالياً وإن كانت تلوح لنا في الأفق القريب، وكلها وسائل اتصال تساعد على إنجاز الأعمال وتسهيل التواصل بين البشر، لكن لاحظت منذ مدّة مشاهد لظاهرة جديدة من أفعال المراهقين والأحداث في تزيين سياراتهم، فكلنا يعلم ما يسميه الشباب بالمغامرات الصبيانية، والصيد، والمعاكسات في الأسواق وما يدعى «الترقيم»، وهو أن يعمد شاب إلى فتاة بالحديث الهامس أو العلني أو التظاهر بتملية رقمه لصاحبه ثم هو يقوله ببطء حتى تلتقط الفتاة المعنية رقمه، أو أن يعمد لرمي رقمه في ورقة نحوها، أو يقوم بكل جرأة بسحب حقيبتها اليدوية ويضع الرقم فيها أو في الأكياس التي تحملها وذلك «عيني عينك»، ويا ويل من تدخل بين البصلة وقشرتها، فلا تكفيه رائحة البصلة النافذة، بل ينال نصيبه من الضرب والركل، وتلك ضريبة أو نتائج غيرته وحميته على محارم الله!
وتحضرني قصة غريبة لسيدة متزوجة ذهبت لأحد المجمعات التجارية، ويبدو أنها من هاويات المعاكسات قبل الزواج، فافترقت في المجمع عن زوجها على أن يلتقيا في ما بعد، والوسيلة المعروفة للاتصال لتحديد المكان هي الجوال، لكن يبدو أن الزوج كان على علم سابق بإقدامها على تصرف لا يليق بسيدة متزوجة، فراقبها من بعيد وإذا بشاب من تلك النوعية المأفونة يلاحقها وهي تتمنع أو تبدي التمنع، ثم رمى لها برقم هاتفه فأخذته خلسة ودسته في حقيبتها... وهنا استشاط الزوج غضباً من استجابة «الخائنة» فتوجه إليها سريعاً ليطلب منها أن تعطيه الرقم الذي وضعته في الحقيبة فأنكرت، فشد عليها في ذلك وطالبها بالحقيبة خاصتها وهي ترفض، فجذبها إليه وأخذ الحقيبة منها وهي تبكي وتصرخ ويفتش الحقيبة بسرعة ويجد الورقة التي دفع بها الشاب نحوها، فثارت ثورة الزوج، ولم يعد لها من عذر فتوجه لجهاز النداء الخاص بالمجمع لينادي فيه إنني فلان بن فلان قد طلقت ثلاثاً فلانة بنت فلانة... إلخ!
الشبان لا يتوقفون عن ابتكار أساليب شيطانية لتوصيل أرقام هواتفهم للفتيات، بسبب ولوع بعض الفتيات بمنظر السيارة وموديلها واسمها التجاري، فتجد مجموعة تكتفي باللف والدوران بالسيارة وتكتفي بكتابة الرقم كاملاً على زجاج السيارة الخلفي، ولأجل ذر الرماد في العيون يضعون الرقم في ملصق ويكتب فيه السيارة للبيع والرسالة واضحة، وهو يعرف وهي تعرف والناس - أيضاً - يعرفون قصص وأهداف هذه الأرقام!
والحمد لله رجال الشرطة والهيئات بالمرصاد لأمثال هؤلاء الشبان، إذ ينتبهون لمثل هذا الإعلان المنحرف ويتابعون كل سائق يتصرف بهذه الطريقة فيأخذون عليه التعهد بعدم التكرار.
كم يعجبني انتباه حراس الفضيلة، فهم صمام أمان المجتمع، لا أتخيل -صراحة - الأسواق إذ يؤدون دورهم في حماية الفضيلة بدلاً من هذا السعار الصبياني المنفلت أخلاقياً، والذي لم يعد تردعه العقوبات والتعهدات، لأن هؤلاء يتفننون في ابتكار الوسائل الشيطانية البديلة، ومنها - كوسيلة اتصال بديلة - وضع البريد الالكتروني في المكان نفسه وللغرض السيئ نفسه، وتلتقطه الفتاة التي تريد التسلية وتقع في تسلية مع ذئب مراوغ لا يكل ولا يمل من استخدام شتى الحيل والألاعيب للنيل من فريسته، فلا يقف الموضوع عند حد رسالة ورد، بل يمتد إلى دردشة باستخدام برامج الدردشة والمراسلة الفورية وكل ما يتصور وما لا يتصور أن يقع في غيبة الوالدين وفي حضور أخبث رفيق وهو الشيطان!
نستطيع أن نسمي هذا الأسلوب «الثعلباني الماكر» بـ «تبريد الفتيات»، إذ تظن المسكينة أن الموضوع ليس فيه هاتف ينكشف، وليس فيه صوت يسمع ولا وجه يرى، كل ما في الموضوع مجرد تسلية، وتمضية وقت ومغامرة ولعبة يمكن السيطرة عليها، ما تلبث أن يواصل معها بكل كلمة معسولة لأن تعطف عليه بأن يستمع لها عبر البرامج نفسها ثم ما يلبث أن يطلب صورة ثم طلب فتح الكاميرا ثم يطلب الرقم الهاتفي والعنوان والاسم الصريح والموعد ويقع التهديد ثم الاستعباد لها حتى ما بعد الزواج، ولخوفها المسكينة من الفضيحة والعار تستمر في مسلسل الامتهان حتى ساعة الفرج المر بعلم الأهل أو جرأتها للشكوى منه!
اسألوا الهيئات عن قصص التهديد بالصور والتسجيلات التي يشاركون في القبض على المجرمين من الشباب فيها، ولعل حادثة بلوتوث فتاة حائل التي تناقلت عبر أجهزة الجوال ومواقع «الانترنت» وتظهر فيها فتاة يجبرها فتى في سيارة وفي مكان منعزل على أفعال وألفاظ مشينة ويصورها بكاميرا الجوال لينتشر ذلك المقطع لما أراد الله فضيحته بعد أن سرق جواله منه، والغريب أن الفتى شاب متفوق دراسياً لا يتوقع منه صدور مثل هكذا تصرف. إذن لنحاول التنبه لظاهرة» تبريد الفتيات» والحد منها ومنعها، كما تم منع وضع الأرقام على زجاج السيارات.

الجمعة، مايو 02، 2008

سلطان الخير في قطر






سلطان الخير في قطر
خاص بالمدونة فقط
لا ألوم الأخوة والأشقاء القطريين على فرحتهم الكبيرة بزيارة سلطان الخير ( صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام )حفظه الله تعالى بناء على دعوة رسمية من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي كان على رأس مستقبليه في بلد الجوار والأخوة والصداقة قطر ،

لا أريد أن أتطرق إلى فترة قصيرة من التاريخ ربما كدرت صفو العلاقة بين البلدين الهامين جدا في الخليج وعلى مسرح الدول العربية بل والعالمية قطر والسعودية ، لكن هذه الزيارة الرسمية من سمو ولي العهد في هذا التوقيت تأتي لتقطع كل السبل الشيطانية والجهود السوداوية لتكدير صفو تلك العلاقة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، وبحمد الله تكون هذه الزيارة عنوانا كبيرا للعلاقات الطيبة التي تربط البلدين وشعبيهما ، بالنسبة لنا كمواطنين من السعودية ومن الشرقية على وجه الخصوص وبصفة أكثر خصوصية من الأحساء نفرح بهذه الزيارة أكثر وأكثر نظرا للعلاقات والوشائج والترابط الكبير جدا بين الشعبين ففي الطرقات والشوراع وأمام البيوت والمزارات وكل وجهة ترفيه وأسواق كبيرة وصغيرة قديمة وحديثة تجد السيارات القطرية جنبا إلى جنب مع السيارات السعودية تجوب الشوارع والطرقات ما لا تستطيع أن تخطئه العين من جموع المواطنين القطرين الذين يقصدون الأحساء ليس في نهايات الأسبوع والعطل الصيفية وإنما على سائر أيام السنة فكل ما من شأنه أن يزيد هذا الترابط الأخوي السياسي ليفرح الشعبين وبالذات في تلك المنطقتين للتقارب العالي بينهما .

زيارة سموه حفظه الله تعالى وجدول الأعمال الذي أعد بعناية من بداية الاستقبال الرائع الذي يليق بمقدم شخصية قيادية عالمية بمستوى الأمير سلطان ومثل ما عبر بعض من شاهد تلك الاستعدادات بأنه أشبه ما يكون بمناسبة وطنية مناسبة فرحة كبيرة مناسبة لا يمكن وصفها شيء عظيم وغير مستغرب من أشقائنا القطريين طيبتهم وأخلاقهم وسيفعلون هذا بالتأكيد لأن الزائر هذه المرة هو الأمير سلطان بن عبدالعزيز .

تحدث سموه في كلمته حول الزيارة وعبر عن العلاقة التاريخية بين البلدين والأخوة والصداقة والمصير المشترك ونقل تحيات خادم الحرمين الشريفين لحكومة قطر وشعبه الكريم .

جدول زيارته الذي امتد لثلاثة أيام حافلة بالنقاشات والاجتماعات في قمة مصغرة لبحث مستجدات الساحة الخليجية خاصة أحداث فلسطين والعراق وغيرها من الأحداث المستجدة مؤخرا وبحث فيها سبل تعزيز المصالح الاقتصادية بين البلدين ولعلي أشير إشارة يفهما القارئ من حضور ستة من أبناء وبنات سمو أمير قطر الشيخ حمد لتلك القمة في رسالة واضحة تبين العلاقة الودية والاجتماعية والشعبية وأنها علاقة خاصة تختلف عن غيرها على الوسطين الإقليمي والعالمي

كل ذلك لم يشغل سموه عن إضفاء لمسة خاصة لهذه الزيارة حيث قدم على زيارة مجلس لإحدى قبائل القطريين الذين احتفوا به جدا وكانت ابتسامة السعادة والفرحة لا تفارق محياهم وعبروا عن ذلك بأروع وأعذب القصائد الترحيبية بمقدم سموه لزيارة قطر وقبيلة النعيم ليست إلا مثالا ونموذجا من قبائل قطر العريقة أراد سموه أن تكون تلك الزيارة أخوية بتلبية تلك الدعوة وحضور تلك المجالس ، وتحدث للجميع بابتسامته المعهودة الصغير والكبير والشباب والكهول في شكل من أشكال التعامل الراقي الإنساني الذي عرف به سموه .

وأنقل هنا شاهدا ومثالا تعبيريا صادقا بليغا من الدكتور نجيب النعيمي- وزير العدل القطري السابق- حيث قال كما نقلت بعض الصحف المحلية على لسانه : إن تلبية الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعوة قبيلة النعيم «تشريف لقبائل قطر جميعا»، ويقول أيضا : إن حضور ولي العهد السعودي بالرغم من ازدحام برنامجه الرسمي، هو رد التحية للشعب القطري بأحسن منها، وأكد على أن زيارة الأمير سلطان تعد زيارة تاريخية ولا تنسى في تاريخ القبيلة.

الأوساط الخليجية وعلى مستوى قمة الهرم عبروا عن سعادتهم بهذه الزيارة واستبشروا خيرا بنتائجها وأثرها الممتد ليس على مستوى الدولتين والشعبين وإنما على مستوى المجلس بأكمله ومواطنيه .
لنفرح إذن ولنستبشر فالخير بإذن الله مع وجه الخير والسعد سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز قادم وهو مفتاح لما سيتلوه من بشائر تلوح في الأفق