الأربعاء، أكتوبر 31، 2007

جامعة الملك عبدالله

نشرت في جريدة الحياة 30-10-2007

جامعة الملك عبدالله

كنت قد كتبت هنا في جريدة الحياة بتاريخ 6-9-2006 م بعنوان : " الموهوبون في الأرض " وذكرت فيها أول بشارة كسبق صحفي يعد ويحسب للحياة الجريدة المفضلة للسعوديين حاليا أن هناك جامعة تحمل اسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود هي جامعة فريدة على مستوى العالم وليست جامعة عادية كبقية الجامعات الآن أعود للكتابة حول هذه الجامعة بيت الحكمة والأمل المنشود في انتشال الأمة من التبعية العلمية بعد أن ودعنا الريادة فيها من أيام زمن الدولة الأندلسية ، الملك عبدالله حفظه الله وسدد خطاه يقول أنه كان يحلم ويحدث نفسه بهذه الجامعة منذ 25 سنة وأخيرا انطلق المشروع الأمل في ساحل البحر الأحمر وبالتحديد قرية ثول لتشهد عملا جميلا رائدا من أعمال هذا الملك الذي يسير بهذا الوطن نحو الريادة عبر هذا المشروع العظيم ومشاريع أخرى شبيهة مثل مشروع تطوير التعليم الذي ابتدأت انطلاقته مؤخرا ولعلنا سنبدأ نجني ثماره سريعا خاصة وأنه مشروع يسير بخطى عملية علمية تشاركية شاملة وبالمناسبة يمكن للقارئ الكريم أن يزور موقع المشروع على الرابط التالي www.tatweer.edu.sa ليشارك برأيه ومقترحاته للمشروع الوطني ولا يكتفي بسماع الأخبار ويكون إيجابيا مشاركا .

أعود للجامعة الحلم الذي ابتدأت وانطلقت أعمالها بالمؤتمر الأول الذي انطلق مؤخرا بالشرقية وهو مؤتمر تقني علمي بحضور قادة الفكر الحاسوبي في العالم كشاهد أول على جدية منهجية تلك الجامعة ، لقد قرأت واستمتعت عن الجامعة وفكرتها الشيء الكثير وأن القائمين عليها قاموا بزيارات واتفاقات مع أعرق الجامعات في العالم لتكوين جامعة توازي الجامعات الرائدة حاليا في العالم وربما بعد حين تكون قبلة لتك الجامعات لأجل الاستفادة منها ومن تجربتها ولا غرو فهي الأحدث حاليا وهي عالمية ليست إقليمية وأن التمويل الوقفي المبتكر الخاص لتمويل هذه الجامعة وضمان مسيرتها هي فكرة ثاقبة أصيلة إسلامية مجددة ، ما يفرحنا أيضا أن (الجامعة ومشروع تطوير) ليستا الفكرتين والمفاجأتين اللتين يقدمها الملك عبدالله لشعبه وأمته بل إن خادم الحرمين الشريفين يحمل في جعبته الكثير والذي منه مشروع زيادة موازنات البحوث العلمية في الجامعات تراكميا ليصل بعد حين إلى مستويات إنفاق الدول المتقدمة ويقلص الفجوة بيننا وبينهم في البحث العلمي والاهتمام بالنوابغ واستقطابهم والاستفادة من كفاءاتهم لحمل الوطن إلى سماء الكواكب المنيرة .

موقع تلك الجامعة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية الذي ابتدأ فعليا في استقبال طلبات الالتحاق والدراسة http://www.kaust.edu.sa/ فهي تهدف إلى توفير البيئة المحفزة والجاذبة لاستقطاب العلماء المتميزين من مختلف أنحاء المملكة والعالم.وكذلك استقطاب ورعاية الطلبة المبدعين والموهوبين في مجالات الصناعات القائمة على المعرفة من السعودية وغيرهم. كما تسعى لتطوير البرامج والدراسات العليا في المجالات المرتبطة بأحدث التقنيات التي تخدم التنمية والاقتصاد الوطني. وتعمل على الإسهام عالمياً في تنمية المعرفة في مجالات التقنية الحديثة. كما هي ستكون محضنا رائعا لتنمية روح الإبداع والتحدي بين الموهوبين. وستقوم على رعاية الأفكار الإبداعية والاختراعات وترجمتها إلى مشاريع اقتصادية ، من حقنا أن نفرح ونبتهج بهذه الهدية العظيمة من خادم الحرمين الشريفين وسيكتب الكتاب مشاعرهم وانطباعاتهم حول هذا المشروع وسيسهبون فيه وفي فكرته وسيملأون بياض الصفحات في الحديث حوله لكن مهما كتبوا فهم مقلون نظرا لأن المشروع أكبر وسيظل أكبر من كتابتهم جميعا .

الأحد، أكتوبر 21، 2007

الجاموسة بين العرض والطلب

الجاموسة بين العرض والطلب!
عبدالمنعم الحسين الحياة - 20/10/07//

"BBC"نشرت مجموعة
الإخبارية البريطانية خبراً عن مقطع فيديو قام بتصويره هاوٍ بكاميرا عادية ومن دون مؤثرات، نُشر على موقع متخصص لبث مقاطع الفيديو على الانترنت، ذلك الفيلم القصير الذي لم تتجاوز مدته الدقائق العشر، تجاوز عدد المشاهدين لذلك المقطع الـ 12 مليون مشاهد، المقطع بسيط في تصوري، وليس مثيراً أو جاذباً لهذا الحد بعد مشاهدتي له، إذ يصور مجموعة من الجواميس وهي تنتقم من مجموعة من النمور لافتراسها صغيراً من صغار الجواميس - يعني المقطع صالح للمشاهدة لفوق وتحت سن الـ 18!
تلك الإحصائية التي تظهر أسفل مادة العرض المرفوعة على موقع youtub التابع لمجموعة google تنذر بتغيرات كبيرة في الإعلام، وأن عصر التلفزيون، صاحب التأثير الأعلى على المتلقين، مهدد وبقوّة من الانترنت، خصوصاً تلفزيون الانترنت ومواقع بث مقاطع الفيديو الأخرى، إذ تأخذ تلك المواقع نصيباً كبيراً من متابعة متصفحي الشبكة العنكبوتية، بدليل إحصائية ذلك المقطع، ومقاطع أخرى أصبحت ذات تأثير على توجهات الرأي العام، تماماً كما الصحافة والفضائيات، إذ يستطيع الوصول لها أي أحد وفي أي وقت.
ذلك التغيير يطال مجتمعنا كما هي الحال، بتأثره ببقية الأمور الأخرى من اتجاهات العولمة، ربما توقف بعض اللاعبين عن مواكبة التغيير الحاصل في قانون العرض والطلب والاختيارات المفضلة بالنسبة للمشاهد الجديد، الذي أصبح يختار بحرية أكثر ما يشاهد، ويحدد الأوقات ويحدد مستوى الخطوط الحمراء والرقابة لنفسه، وبإعلانات محدودة لا تقلب الطاولة عليه، فتجعله يشاهد إعلانات بينها مواد عرض، فيما هو يرغب في مشاهدة عروض فقط.
بعض قنواتنا العربية فهمت الموقف وتوجهت لبث موادها على مواقع الانترنت الخاصة بمجموعتها، وبعضها لم يفهم ولم يستوعب التغيير ولا يزال يعيش فهم الأمس، ويحتاج مدة ليستوعب الدرس الجديد والتغيير الحاصل، ويقرأ من خلاله التغيير المقبل، ويُعد نفسه له قبل أن يتجاوزه الزمن المتسارع، حتى الشركات الإعلانية في الخارج باتت تستوعب التوجه الجديد نحو تلفزيون الانترنت، وتعلن فيه بإعلانات بسيطة غير مزعجة لمشاهد الانترنت الثائر على القيود.
إحدى شركات الحاسب قدمت مجموعة أجهزة محمولة حديثة هدايا لأصحاب المدوّنات التي تُعنى بأخبار الحاسب، في دلالة صريحة لإيمان تلك الشركات بتأثير تلك المدونات على الرأي العام، وأن المتابعين باتوا يتأثرون بما ينشر على تلك المدونات... ولعل حادثة النشر التي تمت في مصر لما حصل مع العيد وما سمي "السعار الجنسي" ونقلت عنه جميع الصحف المصرية والعربية وربما الأجنبية، يفسر لنا مدى الدور والأثر الذي باتت تقوم به المدونات ومواقع بث الفيديو على المتلقين، وأن على الساسة وأهل الاجتماع والإعلام مواكبة ذلك التغيير.
كذلك إحدى الجامعات الأجنبية قامت أخيراً ببث محاضراتها بالصوت والصورة على موقع مقاطع الفيديو آنف الذكر في طريقة جديدة لاستيعاب التغيير والاستفادة منه، وكذلك ما قامت به أخيراً هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من بث مقاطع توعوية عبر جهاز بث خاص يوضع في الأسواق عبر تقنية البلوتوث، هو نوع قراءة جيدة للتغيير ومواكبة له واستثمار نافع له، ويجب على كل المؤسسات التعليمية والاجتماعية أن تعيد النظر مرة أخرى في طريقة قراءتها للمتغيرات، وتفكر دائماً كيف نستثمر الجديد وليس كيف نحارب الجديد؟!

الخميس، أكتوبر 18، 2007

مشروع الإفطار

مشروع الإفطار - جريدة الحياة - 1-10-2007
رمضان مبارك عليكم، وتقبل الله منكم معشر القراء الكرام، تقبل الأنفس الكريمة على الجود والكرم وابتغاء الأجر والمثوبة وطلب العتق من النار ببذل الصدقة والإطعام، والتوسعة في المأكل والمشرب بشكل يجعل رمضان موسماً خاصاً للأكل والمطاعم والمشروبات، إذ تتسابق محال التموينات ومحال المونة بعروض «التخفيضات» الخاصة بمناسبة الشهر الكريم، جعلنا الله وإياكم فيه من المقبولين.
من المظاهر الخاصة والملازمة لهذا الشهر انتشار موائد إفطار الصائمين التي يجود بها أهل الخير ويتكفلون بصفها في المساجد طيلة الشهر الكريم ليفطر عليها المصلّون ويعقدون الصّفقات والاتفاقات مع المطاعم التي تقدم عروضها الخاصة بتوصيل وجبات الإفطار للمساجد مباشرة، وربما إلى منازل بعض الأسر الفقيرة عن طريق الجمعيات والمؤسسات الخيرية، فما الذي جدّ هذا العام؟ الجديد هو بعد اكتشاف التسريبات التي تحصل من التبرعات التي يبذلها الناس للمشاركة في إفطار صائم، ثبت أن هناك أموالاً تتسرب من هذه التبرعات لتمويل «الخوارج وشراء الأسلحة والمتفجرات لهم»، بدعوى أنهم يأخذون تلك التبرعات لتفطير صائمين أو لتنفيذ مشاريع خيرية، ثم ما تلبث أن تتحول هذه التبرعات بقدرة قادر إلى رصاصات تصوب نحو نحورنا والنيل من أمننا، خصوصاً أيام السماح بالجمع غير المنظّم والمنضبط عن طريق الشوالات والأكياس والحصّالات والكوبونات والجمع العشوائي من المساجد والمصلين، ومن المدارس ونداءات الاستجداء من الأطفال الذين يحملونها.
لكن بعد صدور التنظيمات تم ضبط عملية التبرع أكثر وأكثر، وضيّقت الجهات الأمنية على المارقين والخوارج وصول الأموال إليهم، والحمد لله على ما تم من إنجازات في هذا الباب... لكن بالنسبة لمشروع التفطير كمشروع مفضّل لأهل الخير في هذا الشهر نتساءل «هل يحقق المقصود منه في توجّه التفطير نحو العمالة الوافدة ومن مختلف الجنسيات التي تجعل من المساجد تجمّعات ضخمة لهم، بينما لا يشارك في ذلك الإفطار الجماعي أي سعوديين ولا جنسيات عربية أخرى، وهم فئة عمالة لهم رواتبهم التي يتقاضونها وليسوا محتاجين؟».
وربما ببعض الاجتهاد يتوجه التفطير نحو الأسر الفقيرة بطريقة تحفظ كرامتها عبر مؤسسات خيرية، ولكن ليس بطريقة التجمعات العشوائية في المساجد، ولو افترضنا اعتباطاً أن المواطن الفقير سيجلس مع العمال الوافدة التي تنتظر موائد الإفطار، فهل سيحضر هذا المواطن أولاده الذكور الصغار والكبار منهم معه، ثم ماذا عن نسائه هل سيجلسهم أم سيحمل لهم طبقاً ويذهب به إلى بيته، ثم التنظيمات التي أقرّتها أخيراً وزارة الشؤون الإسلامية وشددت فيها على الأئمة والمؤذنين والخدم بشأن مشروع إفطار الصائمين، جعلت الأئمة يتكالبون على المؤسسات المنفذة لمشاريع التفطير، ويواجهون الحرج مع جماعة المسجد، ومع المحسنين الذين يتكاسلون عن الوصول للمؤسسات الخيرية... فيما المؤسسات الخيرية تعتذر عن عدم تلبية كلّ طَلَبات المَسَاجِد، لأنّها لا تضمن وجود الإيراد الذي يغطي كل الكلفة طيلة الشهر، وبذلك يرتبك المشروع التفطيري.
وأقترح أن يكون التفطير أكثر ما يكون نشاطاً لدول الخارج، نظراً لما يمثله عندهم من أهمية ولما يكون معه من دعوة للدخول في الإسلام ومساعدة الدول الإسلامية الفقيرة، مع تمثيلها لشعار السعودية مملكة الإنسانية، ولقلّة كلفة المشروع في الخارج عنه في الداخل، إذ إن كلفة الوجبة الواحدة هنا تغطي كلفة العديد من الوجبات للكثير من الناس هناك، وكذلك يتم التوسع من المؤسسات التي تتولى التفطير في إيصال وجبات الإفطار لبيوت المستحقين، وتنفيذ مشروع الإفطار الجوّال في الطرق وللمسافرين، وعند الإشارات الضوئية، لما يحقّقه من تهدئة حركة السيارات المستعجلة لإدراك الإفطار، وكذلك اعتبار وجبة الإفطار الجافة التي تجهّز للأسرة الفقيرة كمستلزمات رمضانية من
مشروع التفطير، فتستفيد منه الأسر بدلاً من الطريقة التي ينفذ بها هذا المشروع الخيري الآن