الأحد، سبتمبر 09، 2007

خراب بيوت
عبدالمنعم الحسين جريدة الحياة - 10/09/07//



أسماء الفنانات والممثلات اللاتي يظهرن على شاشات الفضائيات صارت مشهورة وذائعة وتتردد في البيوت بين الأزواج في تهكم ومعاناة شديدة جداً من الزوجات ، ومع كل ظهور لواحدة منهن بزينة وملابس ودلع وإثارة مكشوفة ، يجعل رغبات وأحلام الأزواج تتحرك نحو الحصول على واحدة من أصحاب تلك الأسماء ، ويزهد تماما في زوجته ، بل يذهب أكثر من ذلك لمطالبة زوجته بأن تلبس مثل هذه أو تلك وتحاكيها ، أو يطلب أن تكون عنده نسخة مستنسخة من فنانته المفضلة ، فإذا لم تستطع أن تلبي تلك المسكينة كل طلباته ورغباته ونزواته ، صار يعيرها بدمامتها ويندب حظه العاثر في الارتباط بها زوجة دميمة وحشة ، غلطة عمره الكبرى كانت في الارتباط بها ، وأنه يضيع عمره في الاستمرار بالعيش معها ، متحملاً نكدها وطلباتها ودمامتها. في دراسة أجريت في مصر تبين أن تلك الأسماء من الفنانات تسببن في رفع نسبة الطلاق ، بل حوادث غريبة تقع بسبب المقارنات ، ومن المفارقات العجيبة ذلك الميكانيكي الذي عاد من عمله ليفتح شاشة التلفاز فيما زوجته الكريمة تعد له وجبة الغداء، فتطل إحدى مغنيات الفيديو كليب ، ويذهب في سكرة نظراتية استمتاعية بالصوت والصورة والحركات والأصوات المصاحبة ، مما ليس له علاقة بالفن ولا بالكلمات ولا الغناء ، فيدخل المطبخ على تلك العفيفة المجتهدة في مطبخها ويطلب منها أن تغني وترقص له ، كما تعمل المغنية في الفيديو كليب ، ولما لم تستجب له المسكينة افتعل معها خناقة تطورت للطلاق والشروع في القتل.
ينسى أولئك الأزواج مناظرهم وروائحهم وأشكالهم ، وأن نساءهم يتمنون أيضاً أن تكون أشكال أزواجهم أفضل ، كما الممثل الفلاني أو المغني الفلاني ، لكن يتعايشن بواقعية مع أزواجهن من دون استغراق في المقارنة غير المنطقية ، فتلك الممثلة أو المغنية اختيرت بعناية من بين مئات النساء ، وأنها خضعت لجراحات تجميلية متعددة جعلت منها هذا الشكل. في أميركا وقفت مغنية على المسرح وشكرت جمهورها وطالبتهم بالاستمرار في حضور حفلاتها ، لأن ذلك يساعدها على دفع تكاليف المزيد من الجراحات التجميلية ، وأشارت بيدها إلى صدرها بأنها ستدفع من عائدات الحفلة على جراحة قادمة تجميلية خاصة بمنطقة الصدر ، ثم إنها قبل أن تخرج على الشاشة تمر بجلسات ممتدة تصل لساعات على يدي أمهر محترفي المكياج والتسريحات والأزياء حتى تكون إطلالتها فاتنة ، ويلعب بعد ذلك المصور والمخرج لعبتهما في إظهار المحاسن وإخفاء العيوب ، ما يصور تلك الفنانة وكأنها حورية من الجنة نزلت للدنيا ، فأنى للمسكينة العفيفة التي تعمل في وظيفتها أو المربية وربة المنزل التي تقوم على أعباء البيت ، أن تعمل وتصنع في نفسها مثل تلك ، فهي مقارنة ظالمة غير منطقية ، والرجال يبحثون عن سراب ولو ارتبط أحدهم بتلك الفنانة أو الممثلة لما طاق المعيشة معها ، ولم تفلح أن تكون زوجة تقوم بخدمة الزوج ورعاية البيت وتربية الأولاد ، وهذا ما يفسر لنا كثرة الطلاق في وسط الفنانات ، كونهن لا يعشن زيجات طبيعية بل زيجات غير مستقرة موقتة تبنى على المصلحة والمنفعة العاجلة ثم يمضي كل واحد لسبيله.
يجب أن يأخذ الأزواج دروس توعية وتثقيف وأمصال مناعة تجعلهم يستخدمون عقولهم وبصيرتهم مع مناظر تلك الفاتنات ، والأفضل أن يغضوا أبصارهم كما أمرنا الله تعالى ، وقديما قال:
ولئن أنت أطلقت طرفك رائدا في كل المناظر أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قــــــادر عليه ولا عن بعضه أنت صابر
ولعل من المناسب أيضاً أن تقوم الزوجة بالواجب عليها من التزين والتجمل لزوجها ، لحفظه وإعفافه عن الحرام والنظرة الحرام ، وشغله بطريقة أو أخرى عن التطلع لتلك المناظر الفضائية باختيار القنوات الجيدة النقية التي تحفظ على الأسرة أمنها واستقرارها

السبت، سبتمبر 01، 2007

وفشلت «HI»
عبد المنعم الحسين نشرت في جريدة الحياة - 27/08/07//

مع أحداث 11 أيلول (سبتمبر) ولخبطة حسابات الساسة والاستخبارات والدراسات الأميركية، وقراءة الحدث بزوايا متعددة، وردود أفعال متوازية، كان من ضمن الأعمال التي توجهت بها الإدارة الأميركية إستراتيجية تقوم على فكرة لماذا يكرهون أميركا، ولماذا هوجمت أميركا، وماذا علينا أن نعمل لتصحيح النظرة المعادية وتحسين العلاقة بين أميركا والشعوب الناطقة بالعربية، خصوصاً جيل الشباب؟
وهكذا انطلقت فكرة علاج قضية العلاقة التي يراد تحسينها من زاوية إعلامية في خطاب موجه للشباب في الوطن العربي الكبير، ولمواجهة اللغة التحريضية التي تتحدث بها بعض القنوات الفضائية في المنطقة، فرصدت أميركا لذلك مشروعاً إعلامياً ضخماً يعمل في ثلاثة اتجاهات تخاطبية: مسموع، ومشاهد ومقروء، فكانت هناك قناة «سوا» المنوعة التي تبث الأخبار والمعلومات والأغاني العربية والأميركية جنباً إلى جنب في محاولة لنشر ثقافة الصداقة بين الشعب الأميركي والشعوب العربية، واجتذاب البصر، كما انطلق البث عبر موجات الأثير الإذاعي في عدد من الدول العربية لإثارة حاسة السمع.
وأخيراً استطعت أن ألتقط موجات راديو «سوا» في الشرقية، وبعد سنوات من البث تتمدد رقعة التغطية، لكن لا تزال الأذن العربية تحفظ الكثير من الولاء لمحطات إذاعية معينة من الصعب تحريكها نحو صوت أميركي جديد سواء من «سوا» أو غيرها.
وهناك - أيضاً - قناة «الحرة» الفضائية المرئية التي فشلت هي الأخرى في جذب المشاهد العربي ومتابعة ما تبثه من مواد وبرامج، مع أن القناة تبث بلسان عربي، ودفعت مبالغ طائلة لاستقطاب كفاءات إعلامية مميزة، إلا أن «الحرة» لا زالت تعمل بأداء أقل ما يوصف به أنه مخيب لآمال من أنشأوها، على رغم كل الأفكار والأعمال والتحسينات التي تقدم عليها، ولكنها - في الغالب - لم تلفت اهتمام المشاهد العربي، ربما لأسباب لا تحصى وتختلف من فئة لأخرى، على رغم إنفاق 200 مليون دولار لكي تنجح في مهمتها الإعلامية.
وبين المشاريع الإعلامية التي أطلقتها الإدارة الأميركية مجلة اسمها HI، وهى فاخرة الطباعة وتباع بثمن لا يكاد يذكر إذا ما قورن بكلفة تحريرها وطباعتها الفنية الراقية، فهى تنشر أخبار المجتمع الأميركي والحياة الأميركية والفن والفنانين والفنانات وغيرها من المواد الترفيهية التي تعمل على فك أزمة الانغلاق أو التوتر الذي يسود علاقة الشباب العربي مع أبناء مجتمع العم سام، فالمجلة لم تحقق الهدف المطلوب منها، واستمرت في تكرار نفسها حتى موقعها الالكتروني لم يفلح هو الآخر في جذب الزائرين المترامين على المواقع العربية والأجنبية الأخرى!
والسؤال هو: كيف تفشل مجلة بهذه المقومات وهذا الدعم، وما الذي ينشده المواطن العربي ولم تستطع أن تعطيه إياه هذه المجلة، وهل القرار الجريء الذي توقفت به المجلة بعد ملاحظة ضعف أدائها وعدم تحقيقها للمأمول منها، هل سيكون مقدمة وتوطئة وتمهيداً لتوقف المشروعين الآخرين «إذاعة سوا» و»قناة الحرة» خصوصاً أن مؤشرات الفشل لم تتغير نحو التحسن؟
إنّ مآل هاتين الوسيلتين الإعلاميتين سيكون قريباً من مآل ومصير المجلة (HI) لكن المسألة فقط مسألة وقت، خصوصاً أن المشاهد أخذ انطباعاً سلبياً عن القناة منذ لحظة ظهورها، ومن الصعب إقناع المشاهد الذي له مطلق الحرية في ما يشاهد أن ينتظر منه مرة أخرى العودة لمشاهدة «الحرة

».