الخميس، مارس 29، 2007

صحفنا والبحث عن قارئ!

صحفنا والبحث عن قارئ

عبد المنعم الحسين الحياة - 26/03/07//

في تقرير صحافي نشر أخيراً بإحدى الصحف السعودية أشار إلى ضعف القراءة وانصراف الناس عنها إلى ملهيات كثيرة، منها الفضائيات والانترنت أخيراً، ما أدى إلى ازدياد أزمة القراءة في وطننا التقدمي والنهضوي، صاحب أقوى اقتصاد عربي وأعلى قوة شرائية في الشرق الأوسط، لكن تلك القوة الجبارة تصبح جبانة أمام مطلب القراءة، إذ لا تتجاوز قراءة الصحف نسبة 5 في المئة وهي نسبة ضعيفة جداً تجعل الصحف المحلية في حرج أمام لقب صاحبة الجلالة والسلطة الرابعة وألقاب لا تتجاوز فرحتها بنفسها، لكن لا تجد طريقها إلى الواقع المر الذي يصعب معه لأي جريدة عندنا أن تعلن رسمياً عن عدد طبعاتها أو النسخ المباعة والرجيع اليومي غير المعروفة أرقامه.
وفي ذات الوقت نجد أن الفرد الياباني يصل معدل قراءته للصحف إلى ثلاث صحف يومياً! وفي حين تأزمت أوضاع أكثر من صحيفة يومية وتفاقمت أزمتها المادية إلى مرحلة أكبر من الإفلاس، فتبقى أرقام الأرباح السنوية المعلنة لا يسيل لعاب المستثمرين، وتجعل من الصحف وإنشائها رغبة انتمائية أكثر منها تجارية، أدت بالتالي إلى ضعف المستوى الصحافي وقلة المحترفين، وضياع هوية الصحف، وكانت قاصمة الظهر ما أعلنته إحدى المنظمات العالمية في وضع الصحافة في السعودية في ذيل القائمة من حيث الحرية.
كان التحقيق الذي نُشر في «الحياة» يشير إلى أسلوب خاص بنا في قراءة الصحف ربما ننفرد به نحن من دون الشعوب وهو قراءة الصحف في أماكن العمل وخروج الموظفين في نهاية الدوام، خصوصاً المديرين وذوي المراتب الأعلى في الإدارات الحكومية، يتأبطون الصحف نحو منازلهم ولا ندري إن كانت هذه الطريقة التي اعتمدت لأجل نشر قراءة الصحف في المجتمع السعودي وتشجيع الصحف المحلية ودعم موازناتها، أم أنها أسهمت في التراجع والتأخر نظراً لكون الكثير من جمهور الصحافة صار يطالع الصحف في العمل مجاناً، ويقرأ الجريدة أكثر من شخص، للأسف حتى أماكن الانتظار مثل المستشفيات والمصارف البنكية وغيرها تخلو من الصحف اليومية، ما يوفر سوقاً أكبر للصحف ويرفع من مبيعاتها، فتجد الجريدة الواحدة يقرؤها أكثر من متصفح، ناهيك عن مشكلة القراءة المجانية أو السرقات العلنية التي تتعرض لها الصحف من القراءة المجانية التي تعودها بعض زوار المكتبات ومراكز التموين، ولا تفلح أبداً عبارات من مثل نرجو عدم قراءة الصحيفة أو ممنوع قراءة الصحف أو اللجوء إلى تدبيس أوراق الصحيفة أو تغليفها بغلاف بلاستيكي، فتجد لصوص القراءة لا يتورعون عن فك الدبابيس أو تمزيق الأغلفة البلاستيكية من أجل الحصول على بغيتهم بقراءة مجانية.
والعجيب أن بعض ممارسي هذا النوع من القراءة قد تظهر عليهم سمات الصلاح والتدين، ولا ندري هل هم يعملون بفتوى سرقة العلم أم أنهم يأخذون ببعض الفتاوى التي لا تجيز لهم دفع الأموال للصحيفة التي تنشر مواد أو صوراً نسائية كاشفة أو أي سبب آخر، كما حصل في معرض الكتاب حيث تم ضبط أحد الشباب وهو ينطلق بكتاب ولما قبض عليه قال استفسرت من أحد المشايخ وأفتاني بأخذ الكتاب من دون دفع الثمن!
مشكلة انتشار الصحافة ومبيعاتها قد تتأزم مع انطلاقة صحف جديدة أعلنت عنها وزارة الثقافة أخيراً (الوصي والأخ الأكبر للصحف)، حين أعلنت عن قرب صدور تصاريح طباعة لسبع صحف جديدة.
نحن نمر في صحافتنا بمرحلة صحوة أو شبه صحوة وانطلاقة جادة للبحث عن قارئ ورضا القارئ مع ما نشاهده من تحسن الورق أو انطلاقة نسخ الكترونية من الصحف، ودخول صحف دولية ميدان المحلية، ومع تعدد مراكز الطبعات (الدمام، الرياض، جدة) لكن تحتاج هذه الصحف إلى قيادات شابة جديدة تبعث الروح فيها، وتحرر صحافتنا من قيود في مشروع كبير يرفع معدل قراءة الصحف ويعيد لها سلطتها.

الجمعة، مارس 23، 2007

حوار السيقان

حوار السيقان

عبدالمنعم الحسين الحياة - 19/03/07//

أجرت إحدى القنوات الفضائية الأميركية استطلاعاً حول برنامج تقدمه مذيعة جميلة تُدعى «كيتي»، وعلى رغم الدعاوى والاتجاهات التي تصف مجتمع الأميركيين بالانفتاح والتطور، وعدم التجاوز الفكري، والنزول لمستويات تحت مكتب المذيعة مقدمة البرنامج، وأن مشاهد وصور النساء لابسات أو غير ذلك ليست قضية عندهم، وأن مجتمع المسلمين أو العربان هو الذي يعاني من أزمة النظرة الجنسية نحو المرأة فينصرفون عن الحديث وعن الأفكار وعن الجمل إلى تقويمهم للمذيعة التي تقدم البرنامج تقويماً حسياً، إلا أن ذلك الاستطلاع فضح المشاهدين الأميركيين الذين ذكروا في نتيجة الاستفتاء أن أكثر ما يشدهم في البرنامج هو منظر الساقين العاريتين الجميلتين، اللتين تركز عليهما الكاميرا أكثر من تركيزها على وجوه ضيوف البرنامج!
برنامج كيتي الحواري العجيب (أبو ساقين) حقق أعلى إيرادات إعلانات لبرنامج حواري في العام الماضي، إذ حصل على 600 مليون دولار، وأظن أنه أكثر من حصيلة إعلانات أقوى مجموعة قنوات فضائية عربية حالياً... وهذه النتيجة بينت كذب الدعاوى بأن المرأة والرجل من الممكن أن يتعايشا سلمياً بكثرة الاختلاط والتماس والتعود، إذ كان ينبغي أن تنتهي أو تقل عندهم «النظرة الحسية المشبوهة» من جانب كل منهما، خصوصاً في الأوساط الإعلامية التي يتطلب العمل فيها أحياناً ملابس غرف النوم أو أصواتها مثل الإعلانات والبرامج، أما أغاني الفيديو كليب، فتلك قصة أخرى كبيرة لا ندري أين تنتهي! أعود لمفاجأة برنامج كيتي، إذ إنها في برنامج إخباري وليست في برنامج ترفيهي، هذا التوجه نحو الأخبار والبرامج الحوارية التي تهتم بحوار السيقان أدى لابتكار قناة فضائية إخبارية أجنبية فكرة برنامج إخباري تقدمه مذيعتان تبدآن النشرة بكامل الملابس ثم تتناقص كمية الملابس إلى أن تقفا عاريتين تماماً في نهاية النشرة!
تذكرت في ثنايا حديثي مقالة قرأتها للكاتب المشاكس جعفر عباس، حين استضيف في إحدى القنوات الفضائية، وكانت المذيعة المحاورة من النوع ذاته الجميل التحفة لكن من دون ثقافة أو بثقافة جمالية فقط، فكانت توجه أسئلة سخيفة لا تتماشى مع روح البرنامج فما ملك إلا أن انفجر فيها غاضباً بكلماته اللاذعة.
سنعيد النظر بعد مثل هذا الاستطلاع في كل مدعي وزاعمي الثقافة ومتابعي نشرات الأخبار المتسمرين حول شاشات القنوات الفضائية، هل حقاً هم يتابعون الأخبار والحوارات؟ أم أنهم يتابعون بعيونهم مشاهد الحسناوات المقتصدات في الملابس، ويشبعون عيونهم بالنظر إليهن وتستمر أصابعهم على الريموت كنترول بحثاً عن وجه فضائي جديد يكون أجمل، بغض النظر عن المادة الحوارية التي تقدمها هذه المذيعة الحسناء أو تلك؟
ولقد هالني في سنوات البث الفضائي الأولى ما نقل لي من أمر مذيعة عربية اشتهرت بلازمة لفظية معينة وهي «بنحبكن» وفاجأها أحد المشاهدين المتابعين لبرنامجها المنوع المفيد في نشر الثقافة بطلب غريب، إذ طلب منها ألا تقابل الكاميرا بوجهها وتريهم القفا ففاجأت المشاهدين بتلبية رغبة هذا المشاهد المراهق وسط صياح وصفير وتصفيق على هاتف المتصل! ناهيك عن الأسئلة الماسخة والغزل العلني لخطب ود نظرات المشاهدين ورسائل SMS التي تثني على المذيعة وتتغزل فيها من دون حرج، وإرسال القبلات في الهواء عبر الأثير الفضائي، وكل هذا لتحقيق أعلى المكاسب الإعلانية، والأرباح مع برامج من نوع حوار السيقان الإخبارية والثقافية الأمل المنشود في نشر ثقافة الحوار والرأي والرأي الآخر في المجتمع.


الاثنين، مارس 05، 2007

رحلة منيرة إلى ماليزيا

رحلة منيرة إلى ماليزيا!

عبدالمنعم الحسين الحياة - 05/03/07//

إبان حوار ساخن وعاصف وقوي جداً يتفجر غضباً وتهكماً وسخطاً يبين لنا الأنموذج النشط من المرأة السعودية، الناظر بغضب للأوضاع والمتغيرات، ويطالب وبشدة بسرعة التحولات والإصلاحات خصوصاً في ما يخص جانب المرأة السعودية... كانت القاعة مليئة بالرجال المنصتين بكليتهم لزلزال المتحدثة منيرة الهادر، وهي تتحدث في اللقاء الأخير الذي عقدته وزارة التربية والتعليم (وكالة التخطيط والتطوير) ممثلة في مديري العموم مع من يقابلهم في الإدارات التعليمية على مستوى المملكة، المقام أخيراً في المدينة المنورة.
كانت منيرة تتحدث عادة بطريقة التحدي الكبير للرجل وهيمنته وسيطرته على المواقع والمراكز والوظائف، لكن منيرة تكلمت هذه المرة متهكمة على الزيارات والرحلات الاستكشافية التي نفذتها الوزارة أخيراً لمديري التعليم برحلات لعدد من الدول في الشرق والغرب والشمال والجنوب، للاطلاع على التجارب التربوية والإدارية للأنظمة التعليمية في تلك الدول... وتطالب منيرة بأن تكلف هي بالذهاب والزيارة لتلك الدول وليس مدير التعليم كما أنها تشكك في جدوى زيارات مديري التعليم، وأنها لا تحدث شيئاً من التغيير، أو التحسين، وإنما هي شكل من أشكال التسلية والترفيه والمكافأة !
مشكلة بحق، وهي أن الكل يطالب بتكافؤ الفرص، والكل يطالب بنصيب من الكعكة، ولم يعد أحد يطيق الانتظار أو الفرجة... مثل السابق وربما هم كما هم في السابق غير راضين وساخطين، لكن الذي جد هو أنهم مثل منيرة التي أخذت تمسك بالميكروفون وتتهكم على الوضع، ولم تعد كما هو معتاد في السابق، من أحاديث مكررة معروفة (شكراً وما قصرتم ولا أحسن من كذا)، ولم يعد أحد يعمل بالحكمة القديمة: (القناعة كنز لا يفنى)، فالمعلمة تطالب بفرصة، وبتكافؤ الفرص مع الأخت منيرة بأن تأخذ كل منهما فرصتها في تولي المواقع الإدارية والهروب من الحصص الدراسية - بنظرة المعلمة طبعاً -... والمشرفة الزميلة تطالب كذلك بفرصة المشاركة في مثل هذه اللقاءات، والفوز بقطعة من كعكة الاجتماعات الخارجية والانتدابات والتكاليف.
وربما تلك الأخرى القابعة في بيتها ولا تجد وظيفة ساخطة تمام السخط، وتطالب بتكافؤ الفرص بالحصول على وظيفة، وتقول يا جماعة أنتن أكلتن بما فيه الكفاية... اذهبن إلى بيوتكن، وتفرغن لأزواجكن وأولادكن واتركننا نأكل قليلاً، وقد تذكرت ذلك البيت القديم من الشعر:
كل من ألقاه يشكو حظه ... ليت شعري هذه الدنيا لمن؟
صوت المرأة السعودية بدأ يتجاوز السابق، بدأ يجلجل ويهز الأماكن.
والشاهد على ما أقوله هو تلك الروايات السعودية المؤلفة من السعوديات اللاتي فاجأن المجتمع السعودي، وبالذات المدرسة الدينية بمؤلفات هاجموها بالفاكسات والشكاوى التي وصلت حتى إلى المحاكم، ولو راقبت أحد البرامج التي تبث على الهواء وتطلب مشاركات من المشاهدين، للاحظت البون الشاسع بين عدد المتصلات والمتصلين، وكيف أن الكفة ترجح باتصالات النساء، اتصالات جريئة كما هي الاتصالات التي تتلقاها الدكتورة فوزية الدريع في برنامجها المخصص لمن هم فوق 18 سنة... والمرأة السعودية أصبحت تتجاوز الحواجز، وتخرج مغنية وممثلة، ومقدمة برامج بكل متطلبات الانفتاح الفضائي للمذيعات المتعارف عليها في قنوات فضائية غير سعودية أو هي سعودية التمويل فقط.
أكتب هذه الكلمات وأنا على مقاعد الانتظار في مكان عام، وصوت امرأة يملأ المكان، وهي تتحدث بكل أمورها العائلية في الجوال وتتحدث عن وجهتها لماليزيا... آسف أقصد لندن!